الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويتبين أيضا أن هذا العلم من أشرف العلوم الدينية والعربية إن لم يكن أشرفها جميعا وذلك لسمو موضوعه وعظم فائدته.
وسمي علم التفسير لما فيه من الكشف والتبيين واختص بهذا الاسم دون بقية العلوم مع أنها كلها مشتملة على الكشف والتبيين لأنه لجلالة قدره واحتياجه إلى زيادة الاستعداد وقصده إلى تبيين مراد الله من كلامه كان كأنه هو التفسير وحده دون ما عداه.
ب -
أقسام التفسير
ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن التفسير أربعة حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تفسره العرب بألسنتها وتفسير تفسره العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله اهـ.
قال الزركشي في البرهان ما ملخصه هذا تقسيم صحيح فأما الذي تعرفه العرب بألسنتها فهو ما يرجع إلى لسانهم من اللغة والإعراب فأما اللغة فعلى المفسر معرفة معانيها ومسميات أسمائها ولا يلزم ذلك القارئ ثم إن كان ما يتضمنه ألفاظها يوجب العمل دون العلم كفى فيه خبر الواحد والاثنين والاستشهاد بالبيت والبيتين وإن كان يوجب العلم أي الاعتقاد لم يكف ذلك بل لا بد أن يستفيض ذلك اللفظ وتكثر شواهده من الشعر وأما الإعراب فما كان اختلافه محيلا للمعنى وجب على المفسر والقارئ تعلمه ليوصل المفسر إلى معرفة الحكم ويسلم القارئ من اللحن وإن لم يكن محيلا للمعنى وجب تعلمه على القارئ ليسلم من اللحن ولا يجب على المفسر لوصوله إلى المقصود بدونه
وأما ما لا يعذر أحد بجهله فهو ما تبادر إلى الأفهام معرفة معناه من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليا يعلم
أنه مراد الله تعالى فهذا القسم لا يلتبس تأويله إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} أنه لا شريك له في الألوهية وإن لم يعلم أن لا موضوعة في اللغة للنفي وإلا موضوعة للإثبات وأن مقتضى هذه الكلمة الحصر ويعلم كل أحد بالضرورة أن مقتضى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ونحوه طلب إيجاب المأمور به وإن لم يعلم أن صيغة افعل للوجوب.
وأما ما لا يعلمه إلا الله تعالى فهو ما يجري مجرى الغيوب كالآيات التي تذكر فيها الساعة والروح والحروف المقطعة وكل متشابه في القرآن عند أهل الحق فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره ولا طريق إلى ذلك إلا بالتوقيف بنص من القرآن أو الحديث أو إجماع الأمة على تأويله.
وأما مما يعلمه العلماء ويرجع إلى اجتهادهم فهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل وذلك باستنباط الأحكام وبيان المجمل وتخصيص العموم وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه اعتمادا على الدلائل والشواهد دون مجرد الرأي اهـ المقصود منه لكنه لم يلتزم فيه ترتيب الأقسام على ما روي عن ابن عباس ولا ضير في ذلك ما دام أنه قد استوعب عدتها الأربعة كما رأيت.
وقسم بعضهم التفسير باعتبار آخر إلى ثلاثة أقسام: تفسير بالرواية ويسمى التفسير بالمأثور وتفسير بالدراية ويسمى التفسير بالرأي وتفسير بالإشارة ويسمى التفسير الإشاري وسنتحدث عن كل واحد منها إن شاء الله