الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الألفاظ التي ساقتها الرواية على أنها ترجمة للبسملة لم يؤت فيها بلفظ مقابل للفظ الرحمن وكأن ذلك لعجز اللغة الفارسية عن وجود نظير فيها لهذا الاسم الكريم. وهذا دليل مادي على أن المراد بالترجمة هنا الترجمةة اللغوية لا العرفية على فرض ثبوت الرواية خامسها أنه قد وقع اختلاف في لفظ هذا الخبر بالزيادة والنقص وذلك موجب لاضطرابه ورده والدليل على هذا الاضطراب أن النووي في المجموع نقله بلفظ آخر هذا نصه: "إن قوما من أهل فارس طلبوا من سلمان أن يكتب لهم شيئا من القرآن فكتب لهم الفاتحة بالفارسية".
وبين هذه الرواية وتلك مخالفة ظاهرة إذ إن هذه ذكرت الفاتحة وتلك ذكرت البسملة بل بعض البسملة ثم إنها لم تعرض لحكاية العرض على النبي صلى الله عليه وسلم أما تلك فعرضت له.
سادسها أن هذه الرواية على فرض صحتها معارضة للقاطع من الأدلة السابقة القائمة على استحالة الترجمة وحرمتها ومعارض القاطع ساقط.
حكم قراءة الترجمة والصلاة بها
تكاد كلمة الفقهاء تتفق على منع قراءة ترجمة القرآن بأي لغة كانت فارسية أو غيرها وسواء أكانت قراءة هذه الترجمة في صلاة أم في غير صلاة لولا خلاف واضطراب في بعض نقول الحنفية.
وإليك نبذا من أقوال الفقهاء على اختلاف مذاهبهم تتنور بها في ذلك.
مذهب الشافعية:
1 -
قال في المجموع "ص 389 ج 3": مذهبنا أي – الشافعية - أنه لا تجوز قراءة القرآن بغير لسان العرب سواء أمكنته العربية أم عجز عنها وسواء أكان في
الصلاة أم في غيرها فإن أتى بترجمته في صلاة بدلا عنها لم تصح صلاته سواء أحسن القراءة أم لا وبه قال جماهير العلماء منهم مالك وأحمد وأبو داود.
2 -
وقال الزركشي في البحر المحيط: لا تجوز ترجمة القرآن بالفارسية ولا بغيرها بل تجب قراءته على الهيئة التي يتعلق بها الإعجاز لتقصير الترجمة عنه ولتقصير غيره من الألسن عن البيان الذي خص به دون سائر الألسن.
3 -
وجاء في حاشية ترشيح المستفيدين "ص 52 ج 1": من جهل الفاتحة لا تجوز له أن يترجم عنها لقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} والعجمي ليس كذلك وللتعبد بألفاظ القرآن.
4 -
وجاء في الإتقان للسيوطي: لاتجوز قراءة القرآن بالمعنى لأن جبريل أداه باللفظ ولم يبح له إيحاؤه بالمعنى.
مذهب المالكية:
1 -
جاء في حاشية الدسوقي على شرح الدردير للمالكية "ص 232 – 236 ج 1" لا تجوز قراءة القرآن بغير العربية بل لا يجوز التكبير في الصلاة بغيرها ولا بمرادفه من العربية فإن عجز عن النطق بالفاتحة بالعربية وجب عليه أن يأتم بمن يحسنها فإن أمكنه الائتمام ولم يأتم بطلت صلاته وإن لم يجد إماما سقطت عنه الفاتحة وذكر الله تعالى وسبحه بالعربية وقالوا على كل مكلف أن يتعلم الفاتحة بالعربية وأن يبذل وسعه في ذلك ويجهد نفسه في تعلمها وما زاد عليها إلا أن يحول الموت دون ذلك وهو بحال الاجتهاد فيعذر.
2 -
وجاء في المدونة سألت ابن القاسم عمن افتتح الصلاة بالأعجمية وهو لا يعرف العربية ما قول مالك فيه فقال سئل مالك عن الرجل يحلف بالعجمية فكرة ذلك وقال أما يقرأ أما يصلي إنكار لذلك أي ليتكلم بالعربية
لا بالعجمية قال وما يدريه الذي قال أهو كما قال أي الذي حلف به أنه هو الله ما يدريه أنه هو أم لا قال مالك أكره أن يدعو الرجل بالعجمية في الصلاة ولقد رأيت مالكا يكره العجمي أن يحلف ويستثقله قال ابن القاسم وأخبرني مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى عن رطانة الأعاجم وقال إنها خب أي خبث وغش.
مذهب الحنابلة:
1 -
قال في المغني "ص 526 ج 1" ولا تجزئه القراءة بغير العربية ولا إبدال لفظ عربي سواء أحسن القراءة بالعربية أم لم يحسن ثم قال فإن لم يحسن القراءة بالعربية لزمه التعلم فإن لم يفعل مع القدرة عليه لم تصح صلاته.
2 -
وقال ابن حزم الحنبلي في كتابه المحلى "ص 254 ج 3" من قرأ أم القرآن أو شيئا مها أو شيئا من القرآن في صلاته مترجما بغير العربية أو بألفاظ عربية غير الألفاظ التي انزل الله تعالى عامدا لذلك أو قدم كلمة أو أخرها عامدا لذلك بطلت صلاته وهو فاسق لأن تعالى قال: {قُرْآناً عَرَبِيّاً} وغير العربي ليس عربيا فليس قرآنا وإحالة عربية القرآن تحريف لكلام الله وقد ذم الله تعالى من فعلوا ذلك فقال: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} .
ومن كان لا يحسن العربية فليذكر الله تعالى بلغته لقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} ولا يحل له أن يقرأ أم القرآن ولا شيئا من القرآن مترجما على أنه الذي افترض عليه أن يقرأه لأنه غير الذي افترض عليه كما ذكرنا فيكون مفتريا على الله.
مذهب الحنفية
اختلفت نقول الحنفية في هذا المقام واضطرب النقل بنوع خاص عن الإمام ونحن نختصر لك الطريق بإيراد كلمة فيها تلخيص للموضوع وتوفيق بين النقول اقتطفناها من
مجلة الأزهر "ص 32 و 33 و 66 و 67 من المجلد الثالث" بقلم عالم كبير من علماء الأحناف إذ جاء فيها باختصار وتصرف ما يلي:
أجمع الأئمة على أنه لا تجوز قراءة القرآن بغير العربية خارج الصلاة ويمنع فاعل ذلك أشد المنع لأن قراءته بغيرها من قبيل التصرف في قراءة القرآن بما يخرجه عن إعجازه بل بما يوجب الركاكة.
وأما القراءة في الصلاة بغير العربية فتحرم إجماعا للمعنى المتقدم لكن لو فرض وقرأ المصلي بغير العربية أتصح صلاته أم تفسد؟.
ذكر الحنفية في كتبهم أن الأمام أبا حنيفة كان يقول أولا إذا قرأ المصلي بغير العربية مع قدرته عليها اكتفى بتلك القراءة ثم رجع عن ذلك وقال متى كان قادرا على العربية ففرضه قراءة النظم العربي ولو قرأ بغيرها فسدت صلاته لخلوها من القراءة مع قدرته عليها والإتيان بما هو من جنس كلام الناس حيث لم يكن المقروء قرآنا ورواية رجوع الإمام هذه تعزى إلى الأقطاب في المذهب ومنهم نوح ابن مريم وهو من أصحاب أبي حنيفة ومنهم علي بن الجعد وهو من أصحاب أبي يوسف ومنهم أبو بكر الرازي وهو شيخ علماء الحنفية في عصره بالقرن الرابع.
ولا يخفى أن المجتهد إذا رجع عن قوله لا يعد ذلك المرجوع عنه قولا له لأنه لم يرجع عنه إلا بعد أن ظهر له أنه ليس بصواب وحينئذ لا يكون في مذهب الحنفية قول بكفاية القراءة بغير العربية في الصلاة للقادر عليها فلا يصخ التمسك به ولا النظر إليه لا سيما أن إجماع الأئمة ومنهم أبو حنيفة صريح في أن القرآن اسم للفظ المخصوص الدال على المعنى لا للمعنى وحده.
أما العاجز عن قراءة القرآن بالعربية فهو كالأمي في أنه لا قراءة عليه ولكن إذا فرض أنه خالف وأدى القرآن بلغة أخرى فإن كان ما يؤديه قصة أو أمرا أو نهيا فسدت