الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دفع الشبهات عن هذه الترجمة
الشبهة الأولى ودفعها:
يقولون إن المترجم للتفسير مضطر إلى الترجمة العرفية الممنوعة وهي ترجمة كل ما يسوقه في كل نوبة للتفسير من آية أو آيات لأن التفسير بيان فلا بد أن يعرف المبين أولا ثم يعرف البيان ولأنه إذا ترجم التفسير بدون الآية كانت الترجمة غير مؤدية للمطلوب لعدم التئامها مع ما قبلها.
ونجيب على هذا بأننا شرطنا ألا تكون ألفاظ الأصل ولا ترجمتها العرفية منبثة بين ثنايا التفسير بلغة أجنبية بل قلنا إن التفسير يجزأ أجزاء وتساق الآية أو الآيات في كل نوبة من نوبات هذه التجزئة باللفظ والرسم العربيين إن كنا نترجم هذه الترجمة لطائفة من إخواننا المسلمين ثم يشار إليها في تفسيرها فيقال معنى هذه الآية أو الآيات كذا.. أو يقال الآية المرقومة برقم كذا من سورة كذا معناها كذا وكذا.. بعبارة مجردة من ألفاظ الأصل وترجمتها ترجمة عرفية ويكفي في ارتباط المبين ببيانه أن يكون بأي وجه من وجوه الارتباط وهو هنا قد ذكر أولا بلفظه ورسمه العربيين ثم أشير إليه باسم إشارة أو ببيان رقمه من السورة واسم سورته من القرآن.
أما الالتئام فمن السهل رعاية الانسجام بين جمل التفسير بعضها مع بعض في كل نوبة في نوباته وأما انسجام هذه النوبات كلها بعضها ببعض بحيث يتألف منها كلام واحد مترابط كأنه سبيكة واحدة فشيء لم يشترطه أحد في التفسير ولا يضيرنا فقده شيئا ما دام التفسير كلاما منجما على نوبات متفرقة لا كلاما واحدا في نوبة واحدة وأما التئام الآيات بعضها ببعض فهو حاصل لا محالة ولكن ليس من الواجب أن يعرض له هذا التفسير ولا غيره من التفاسير.
الشبهة الثانية ودفعها:
يقولون إن تفسير القرآن يشتمل عادة على كيفية نطق ألفاظه ومدلولات مفرداته وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حال التركيب واختلاف المعاني عند الوقف على بعض الكلمات والابتداء بما بعدها وعند وصل الأولى بالثانية ويشتمل أيضا على معرفة السنة لأنها بيان للقرآن وعلى أقوال الصحابة والأئمة المجتهدين وغير ذلك وترجمة مثل هذا مع الاستيفاء أمر متعذر.
ونجيب على هذا بأن استيفاء الأمور المذكورة لم يشرطه أحد في أصل التفسير العربي فبدهي ألا يشترط ذلك في ترجمته وهي صورة له كيف وقد علمنا أن التفسير هو البيان ولو من وجه وكل ما على المفسر أن يكون حكيما يلاحظ حال من يفسر لهم على قدر طاقته فيضمن تفسيره ما يحتاجون إليه ويعفيهم مما لا تسعه عقولهم وإلا كان فتنة عليهم ولعل ذلك سر من أسرار تنوع التفاسير العربية التي بين أيدينا ما بين مختصر ومتوسط ومطول وما بين تفسير بالمأثور وتفسير بالمعقول وما بين تفسير معني بالناحية البلاغية وآخر معني بالناحية النحوية وثالث معني بالناحية الكلامية ورابع معني بالناحية الفقهية إلى غير ذلك.
وإذا كان هذا ماثلا أمام أعيننا في التفاسير العربية فكيف نذهب إلى إنكاره إذا وقع مثله في التفاسير بلغة أجنبية؟!.
الشبهة الثالثة ودفعها:
يقولون لا حاجة إلى هذا التفسير بلسان غير عربي ولا إلى ترجمة أي تفسير من التفاسير لإمكان الاستغناء عنهما بترجمة تعاليم الإسلام وهداياته.
والجواب أنا بينا وجه الحاجة إليه في الفوائد التي ذكرناها آنفا ثم إن ترجمة تفسير القرآن وتفسير القرآن بلغة أجنبية كلاهما مثل ترجمة تعاليم الإسلام وهداياته فكلها
معارف دينية وكلها من كلام البشر لا من كلام الله المعجز وقد جوزتم ترجمة تعاليم الإسلام وهداياته فلتجوزوا ترجمة التفسير بلغة أجنبية أيضا لأن ما جاز على أحد المثلين يجوز على الآخر قطعا.
ثم إن الرسائل المتحدثة عن الإسلام وتعاليمه بلغات أجنبية قد تكون ضرورية لابد منها في بعض الظروف والمناسبات ولكنها لا تغني عن هذا التفسير الذي نحن بصدده الآن للفوائد التي شرحناها قريبا فيه فوجوده شاهد من مشاهد الحق على بطلان ما جاء في تلك الترجمات الخاطئة ييسر على المنصفين وطلاب الحقائق أن يحاكموا تلك الترجمات إلى ما جاء في هذا التفسير خصوصا إذا صدر من هيئة إسلامية موثوق بها وعرض عند كل مناسبة كما قلنا لنقض الشبهات التي ضلت فيها الترجمات الزائغة.
يضاف إلى هذا أن المسلم الأعجمي يستعين بهذا التفسير على تدبر كتاب الله وتفهمه لأية آية من أية سورة يريد والرسائل المقترحة لا يمكن أن تفي بذلك كله.
وإن أبيت إلا مثلا مما قرره علماؤنا في ذلك فاستمع إلى جار الله الزمخشري عند تفسيره لقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} إذ يقول ما نصه فإن قلت لم يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العرب وحدهم وإنما بعث إلى الناس جميعا قل يا أيها الناس إني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم جميعا بل إلى الثقلين وهم على ألسنة مختلفة فإن لم تكن للعرب حجة فلغيرهم الحجة قلت لا يخلو إما أن ينزل بجميع الألسنة أو بواحد منها فلا حاجة إلى نزوله بجميع الألسنة لأن الترجمة تنوب عن ذلك وتكفي التطويل فبقي أن ينزل بلسان واحد فكان أولى الألسنة لسان قوم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم اقرب إليه وإذا فهموا عنه وبينوه وتنوقل عنهم وانتشر قامت التراجم كذا ببيانه وتفهيمه كما ترى الحال وتشاهدها من نيابة التراجم في كل أمة من أمم العجم مع ما في ذلك من اتفاق أهل البلاد المتباعدة والأقطار المتنازحة والأمم المختلفة والأجيال المتفاوتة على كتاب واحد