الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَعْنَى قَوْلِ اللهِ عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، وَهَلْ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ
(175)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ» .
(176)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«رَآهُ بِقَلْبِهِ» .
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ جَمِيعًا، عَنْ وَكِيعٍ. قَالَ الْأَشَجُّ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحُصَيْنِ أَبِي جَهْمَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} ، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}
قَالَ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ.»
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَهْمَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
(177)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: «كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ، ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، قَالَ: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْظِرِينِي وَلَا تَعْجَلِينِي، أَلَمْ يَقُلِ اللهُ عز وجل:{وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ} ، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، فَقَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ عز وجل
287 - قولها: (أعظم على الله الفرية) بكسر الفاء: الكذب والاختلاق، وقوله:(أنظريني) أي أمهليني، واعلم أن الروايات اختلفت عن الصحابة في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه سبحانه وتعالى، فجاء عن ابن عباس وغيره رضي الله عنهم أنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه بفؤاده مرتين، وجاء عن عائشة رضي الله عنها وغيرها نفي ذلك كما في هذه الرواية، واختلفت أقوال السلف أيضًا في ذلك، وعند تدقيق النظر نجد أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يسند ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بل استنبطه مما جاء في سورة النجم من الآيات، بينما عائشة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن تلك الآيات نفسها فأجابها بأنَّه رأى جبريل على صورته مرتين، فهذا مرفوع مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس مجرد استنباط منها رضي الله عنها وهو يعارض ما استنبطه ابن عباس معارضة واضحة ويعارضه أيضا آخر تلك الآيات وهو قوله تعالى:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] بدون واو العطف فإن هذه الآية بغير واو العطف تعد بيانًا وإيضاحًا لما سبق في قوله {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] وفي قوله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] أي إن المرئى كان من آيات ربه الكبرى لا الرب نفسه، فالذي روته عائشة وذهبت إليه هو الصواب إن شاء الله تعالى وهو أعلم بالصواب.
يَقُولُ: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ يَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} ؟ قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، وَاللهُ يَقُولُ:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ» الْفِرْيَةَ، وَاللهُ يَقُولُ:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللهُ} .
(000)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَزَادَ: قَالَتْ: «وَلَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم كَاتِمًا شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}»
(000)
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ
قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللهِ، لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي لِمَا قُلْتَ» ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، وَحَدِيثُ دَاوُدَ أَتَمُّ وَأَطْوَلُ.
(000)
وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعَائِشَةَ: فَأَيْنَ قَوْلُهُ: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} قَالَتْ: إِنَّمَا ذَاكَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَأْتِيهِ فِي
288 - قوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} هو زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي الذي كان يُدعى زيد بن محمد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد تبناه قبل النبوة {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} وهي زينب بنت جحش، ولم يكن بينها وين زيد توافق، فشاور زيد النبي صلى الله عليه وسلم في طلاقها فأشار عليه النبي صلى الله عليه وسلم بإمساكها وعدم طلاقها، وقد علم صلى الله عليه وسلم ببعض إشارات الوحي أن زيدًا لو طلقها فعسى أن يؤمر هو صلى الله عليه وسلم بنكاحها بعد انقضاء عدتها إبطالا لقاعدة التبني، وكان أهل الجاهلية يرون زوجة المتبنى مثل زوجة الابن الحقيقي في حرمتها على والد الابن، فخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن زيدًا إن طلقها ثم نكحها هو صلى الله عليه وسلم سوف تثور ضده دعايات عريضة واسعة، فالأحسن أن لا يطلقها زيد حتى لا تأتي هذه النوبة، فهذا الذي أخفاه في نفسه وعتب الله عليه.
289 -
قولها: (سبحان الله) معناه التعجب من خفاء هذا عليه (قف شعري) أي قام شعري من الفزع لكوني سمعت ما لا ينبغي أن يقال، والقف قيام الشعر مع قشعريرة الجلد.
290 -
قوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} دنا أي اقترب، والتدلي: الامتداد من العلو إلى جهة السفل. {قَابَ قَوْسَيْنِ} أي قدر قوسين {أَو أَدْنَى} أي أقرب من ذلك، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} أي أوحى الله إلى عبده ما أوحى بواسطة هذا المتدلي - وهو جبريل - أو أوحي هذا المتدلي إلى عبد الله تعالى ما أوحى.