الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَالرُّكُوعِ وَفِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ
(390)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ - وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى - قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ، وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ. وَلَا يَرْفَعُهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ» .
(000)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ لِلصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ. فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ فَعَلَ
مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَفْعَلُهُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ.»
21 - 26 - أحاديث الباب وكذا أحاديث أخرى كثيرة تقضي بسنية رفع اليدين قبل الركوع وبعده مثل سنيته عند افتتاح الصلاة، وقد واظب رسول الله صلى الله عليه وسلم على رفع اليدين في هذه المواضع، إذ روى ذلك عنه من تأخر إسلامه ووفد عليه صلى الله عليه وسلم في أواخر عمره، مثل مالك بن الحويرث ووائل بن حجر، وكذلك من لزمه وصلى خلفه طول حياته، مثل أبي بكر وعمر وعلي والعشرة المبشرة وابن عمر وأبي حميد الساعدي في عشرة من الصحابة وغيرهم، فلو ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع اليدين لعلموه ورووه، إذ هؤلاء من الملازمين له صلى الله عليه وسلم طول حياته، قلما كانوا يغيبون عنه في صلاة، وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم رفع اليدين في هذه المواضع عدد كبير من الصحابة. قال الحافظ ابن حجر: ذكر شيخنا أبو الفضل الحافظ أنه تتبع من رواه من الصحابة فبلغوا خمسين رجلًا. وقال الشافعي: روى الرفع جمع من الصحابة، لعله لم يُرو قط حديث بعدد أكثر منهم. وذكر السيوطي في الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة: أن حديث الرفع متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال البيهقي: وقد روينا الرفع في الصلاة من حديث أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عمر ومالك بن الحويرث ووائل بن حجر وأبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد صحيحة يحتج بها. قال: وسمعت أبا عبد الله الحافظ يقول: لا يعلم سنة اتفق على روايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة، ثم العشرة فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرقهم في البلاد الشاسعة غير هذه السنة. اهـ. وقال محمد معين السندي في دراساته (ص 176): وردت في معناه أربعمائة حديث بين أثر ومرفوع. اهـ. وقد عمل به الصحابة بعده صلى الله عليه وسلم، ولم يصح عن أحد منهم أنه تركها. قال البخاري في جزء رفع اليدين: قال الحسن وحميد بن هلال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أيديهم في الصلاة - وروى ابن عبد البر بسنده عن الحسن البصري قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أيديهم في الصلاة إذا ركعوا وإذا رفعوا كأنها المراوح. وروى البخاري عن حميد بن هلال قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما أيديهم المراوح يرفعونها إذا ركعوا وإذا رفعوا رؤوسهم. قال البخاري: ولم يستثن الحسن أحدًا منهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دون أحد، ولم يثبت عند أهل العلم عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم =
(000)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا حُجَيْنٌ - وَهُوَ ابْنُ الْمُثَنَّى -، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ (ح) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُهْزَاذَ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، كَمَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ لِلصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ» .
(391)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ «أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ إِذَا صَلَّى كَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ. وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ هَكَذَا» .
(000)
حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ» .
= أنه لم يرفع يديه، وقد عمل بهذه السنة بعد الصحابة التابعون ثم من بعدهم بالإجماع، ولم يشذ عنه إلا طائفة من أهل الكوفة. قال محمد بن نصر المروزي: أجمع علماء الأمصار على مشروعية ذلك إلا أهل الكوفة. اهـ
وقد اضطربت أقوال هؤلاء - الحنفية - وآراءهم في دفع هذه السنة الصحيحة المتواترة، فمنهم من قال بعدم جواز رفع اليدين في غير التحريمة حتى قال بعضهم بفساد الصلاة برفع اليدين في غير التحريمة، وذهب بعضهم إلى جواز الرفع في غير التحريمة، لكن الأولى عنده ترك الرفع، وذهب بعضهم إلى تساوى الأمرين الرفع والترك، وذهب جماعة منهم إلى ترجيح الرفع على الترك، وهذا الاختلاف دليل على تخبطهم في دفع هذه السنة الصحيحة ومحاولة التفصي منها، وقد استدلوا على ترك رفع اليدين ببعض الأحاديث والآثار كلها واهية ضعيفة حتى إن بعضها موضوع. وأحسنها حديث عبد الله بن مسعود، وهو أيضًا ضعيف، ولفظه عن ابن مسعود قال: ألا أصلي بكلم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فصلى ولم يرفع يديه إلا في أول مرة، أخرجه الترمذي وأبو داود وغيره، قال الحافظ في التلخيص: هذا الحديث حسنه الترمذي وصححه ابن حزم، وقال ابن المبارك: لم يثبت عندي، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: هذا خطأ. وقال أحمد بن حنبل وشيخه يحيى بن آدم: هو ضعيف، - نقله البخاري عنهما وتابعهما على ذلك - وقال أبو داود: ليس هو بصحيح. وقال الدارقطني: لم يثبت. وقال ابن حبان في الصلاة: هذا أحسن خبر روى لأهل الكوفة في نفي رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه، وهو في الحقيقة أضعف شىء يعول عليه لأن له عللًا تبطله. انتهى. وقال البزار: لا يثبت ولا يحتج بمثله. وقال ابن عبد البر: هو من آثار معلولة ضعيفة عند أهل العلم. وقال النووي في الخلاصة: اتفقوا على تضعيف هذا الحديث. وقال البيهقي في السنن الكبرى: لم يثبت عندي حديث ابن مسعود.
أقول: فأين يقع تحسين الترمذي مع ما فيه من التساهل، وتصحيح ابن حزم، من طعن أولئك الأئمة الحفاظ النقاد القائمين بمعرفة فن المعلول؟ ولو سلمنا ثبوت هذا الحديث فإنه لا يدل على أزيد من أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الرفع أحيانًا لبيان الجواز. واستدل الحنفية أيضًا بحديث البراء بن عازب مرفوعًا بلفظ: كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود، أخرجه أبو داود وغيره. وفيه أنه من رواية يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، كبر فتغير فصار يتلقن، واتفق الحفاظ على أن قوله:"ثم لا يعود" مدرج في الخبر من قول يزيد بن أبي زياد هذا، وقد ضعفه البخاري وأحمد بن حنبل وأبو داود ويحيى والدارمي والحميدي، وقال الحميدي: إنما روى هذه الزيادة يزيد، ويزيد يزيد، وقال يحيى بن محمد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا حديث واهٍ، قد كان يزيد يحدث به برهة من دهره لا يقول=