المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع: الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم - منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر

[على عبد الباسط مزيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد

- ‌الفصل الأول: منكرو السنة والرد عليهم

- ‌المبحث الأول: مزاعم منكري السنة قديما، والرد عليها

- ‌المبحث الثاني: منكرو السُّنَّة حديثًا، وتفنيد مزاعمهم

- ‌الفصل الثاني: مكانة السُّنَّة في التشريع الإسلامي

- ‌الباب الأول: مناهج المحدثين في القرن الأول الهجري

- ‌الفصل الأول: مظاهر اهتمام الصحابة بالسنة

- ‌الفصل الثاني: كتابة السُّنَّة في العهد النبوي

- ‌الفصل الثالث: أشهر الصحف والكتابات في العهد النبوي

- ‌الفصل الرابع: الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم

- ‌الفصل الخامس: بواعث كتابة الحديث في القرن الأول الهجري

- ‌الفصل السادس: مظاهر احتياط الصحابة في قبول الحديث الشريف

- ‌الفصل السابع: منهج الصحابة في رواية الحديث الشريف

- ‌الفصل الثامن: الصحابة المكثرون لرواية الحديث الشريف

- ‌أبو هريرة راوية الإسلام

- ‌ عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌ أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌ عائشة رضي الله عنها

- ‌ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

- ‌ جابر بن عبد الله

- ‌ أبو سعيد الخدري

- ‌الفصل التاسع: أسباب تفاوت الصحابة في رواية الحديث الشريف

- ‌الفصل العاشر: دور أمهات المؤمنين في خدمة الحديث الشريف

- ‌مدخل

- ‌دور أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في رواية الحديث:

- ‌دور أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها في رواية الحديث:

- ‌دور أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها في رواية الحديث:

- ‌دور أم المؤمنين حبيبة رضي الله عنها

- ‌دور أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها:

- ‌دور أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها:

- ‌دور أم المؤمنين صفية رضي الله عنها:

- ‌دور أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها:

- ‌دور أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي الله عنها:

- ‌الفصل الحادى عشر: أسباب تفاوت أمهات المؤمنين رضي الله عنها في الرواية

- ‌الباب الثاني: مناهج المحدثين في القرن الثاني الهجري

- ‌الفصل الأول: المستجدات في هذا العصر

- ‌الفصل الثاني: التدوين الشامل للسنة في هذا العصر ومنهج العلماء في التصنيف

- ‌الفصل الثالث: جهود التابعين في توثيق السُّنَّة وحفظها وتدوينها في النصف الأول من القرن الثاني الهجري

- ‌الفصل الرابع: أشهر الصحف والكتابات في القرن الثاني الهجري

- ‌الفصل الخامس: ضوابط الرواية عند التابعين

- ‌الفصل السادس: التصنيف في القرن الثاني وبداية الثالث الهجريين

- ‌الفصل السابع: الأئمة الأربعة، وأثرهم في الحديث وعلومه

- ‌مدخل

- ‌الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو الأصبحي

- ‌الإمام الشافعي "150-204ه

- ‌الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أبو عبد الله المروزي ثم البغدادي "164-241ه

- ‌الباب الثالث: منهاج المحدثين في القرن الثالث الهجري وحتى عصرنا الحاضر

- ‌الفصل الأول: مناهج المحدثين في القرن الثالث الهجري

- ‌المبحث الأول: أهم المشكلات التى واجهت المحدثين في القرن الثالث الهجري

- ‌المبحث الثاني: تدوين الحديث وعلومه في القرن الثالث الهجري

- ‌المبحث الثالث: مناهج العلماء في تدوين الحديث في القرن الثالث الهجري

- ‌المبحث الرابع: أئمة القرن الثالث الهجري ومناهجهم

- ‌أولًا: الإمام البخاري "194-256ه

- ‌مقارنة بين الصحيحين:

- ‌ثالثًا: أبو داود السجستاني "202-275ه

- ‌خامسًا: أحمد بن شعيب النسائي "215-303ه

- ‌سادسًا: ابن ماجه "209-273ه

- ‌سابعًا: الإمام أحمد بن محمد بن حنبل "164-241ه

- ‌الفصل الثاني: مناهج المحدثين في القرن الرابع الهجري

- ‌ابن خزيمة

- ‌الطحاوي:

- ‌الدارقطني:

- ‌الطبراني:

- ‌ابن حبان:

- ‌ابن السكن:

- ‌الحاكم النيسابوري "321-405ه

- ‌الفصل الثالث: منهج التصنيف في القرن الخامس إلى السقوط الخلافة العباسية [من عام "400هـ" حتى عام "656ه

- ‌الجمع بين الصحيحين

- ‌ الجمع بين الكتب الستة

- ‌ الجمع بين أحاديث من كتب مختلفة:

- ‌ كتب منتقاة في أحاديث الأحكام والمواعظ، ومنها:

- ‌ كتب الأطراف:

- ‌الفصل الرابع: منهج التصنيف من سقوط الخلافة العباسية إلى عصرنا الحاضر

- ‌المبحث الأول: السنة من عام 656هـ حتى عام 911 ه

- ‌مدخل

- ‌أولًا: منهج العلماء في خدمة السُّنَّة في هذه الفترة:

- ‌ثانيًا: طريقة العلماء في خدمة الحديث الشريف في هذه الفترة

- ‌المبحث الثاني: دور العلماء في خدمة السُّنَّة بعد عام "911هـ" حتى آخر القرن الرابع عشر الهجري

- ‌المبحث الثالث: دور أشهر الممالك التي كان لها أثر ملموس في خدمة السُّنَّة في هذا العصر

- ‌ دور مصر في العناية بالسُّنَّة وعلومها:

- ‌ دور علماء الهند في العناية بالسُّنَّة:

- ‌ دور المملكة العربية السعودية في خدمة السُّنَّة:

- ‌المبحث الرابع: جهود علماء المسلمين في خدمة السُّنَّة في العصر الحاضر

- ‌قائمة بأسماء المصادر والمراجع:

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌الفصل الرابع: الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم

‌الفصل الرابع: الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم

روى الحاكم والبيهقي وغيرهما من طريق ابن إسحاق، وحبيب بن أبي حبيب، عن عمرو بن هرم أن أبا الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري حدثه أن عمر بن عبد العزيز حين استُخلف أرسل إلى المدينة يلتمس عهد النبي صلى الله عليه وسلم وسره في الصدقات، فوجد عند آل عمر بن الخطاب كتاب عمر إلى عماله في الصدقات بمثل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم، فأمر عمر بن عبد العزيز عماله على الصدقات أن يأخذوا بما في ذينك1 الكتابين، فكان فيهما صدقة الإبل ما زادت على التسعين واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على العشرين ومائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومائة، فإذا كانت الإبل أكثر من ذلك فليس فيها ما لا تبلغ العشرة منها شيء حتى تبلغ العشرة2.

قال الحاكم: وأما كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، فإن إسناده من شرط هذا الكتاب؛ ولذلك ذكرت السياقة بطولها.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ببغداد، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي، عن عبد الله ومحمد ابني أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيهما، عن جدهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، فإذا بلغ قيمة الذهب مائتي درهم، ففي كل أربعين درهمًا درهم.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وهو دليل على الكتاب المشروح المفسر3.

1 اسم إشارة بمعنى "هذين".

2 المستدرك للحاكم "1/ 394، 395" كتاب الزكاة، السنن الكبرى للبيهقي "4/ 91، 92" كتاب الزكاة.

3 المستدرك للحاكم "1/ 395" ووافقه الذهبي في تصحيح الحديث.

ص: 51

أخبرناه أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارَى، ثنا صالح بن عبد الله بن محمد بن حبيب الحافظ، ثنا الحكم بن موسى.

وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي، ثنا أبو صالح الحكم بن موسى القنطري، ثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات، وبعث مع عمرو بن حزم فقُرئت على أهل اليمن، وهذه نسختها:

"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد النبي إلى شرحبيل بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال ونعيم بن كلال، قيل: ذي رعين ومعافر وهمدان، أما بعد..

فقد رجع رسولكم وأعطيتم من المغانم خُمس الله، وما كتب الله على المؤمنين من العشر في العقار ما سقت السماء أو كانت سحاء أو كان بعلاء ففيه العشر إذا بلغت خمسة أوسق1، وما سُقي بالرشاء والدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق، وفي كل خمس من الإبل السائمة2 شاة إلى أن تبلغ أربعًا وعشرين، فإذا زادت واحدة على أربع وعشرين ففيها ابنة مخاض3، فإن لم توجد فابن لبون4 ذكر إلى أن تبلغ خمسة وثلاثين، فإذا زادت على خمسة وثلاثين واحدة ففيها ابنة لبون إلى أن تبلغ خمسة وأربعين، فإن زادت واحدة على خمسة وأربعين ففيها حِقَّة5 طروقة الفحل إلى أن تبلغ ستين، فإن زادت على ستين واحدة ففيها

1 الوسق: ستون صاعًا.

2 السائمة: التي ترعى.

3 ابنة المخاض: هي التي أتى عليها حول ودخلت في السنة الثانية وحملت فصارت من المخاض، وهي الحوامل، والمخاض: اسم جماعة للنوق الحوامل.

4 ابن اللبون: الذي أتى عليه حولان ودخل في السنة الثالثة، فصارت أمه لبونًا بوضع الحمل؛ أي: ذات لبن.

5 حِقَّة: هي التي أتى عليها ثلاث سنين، ودخلت في السنة الرابعة، فاستحقت الحمل والضراب.

ص: 52

جَذَعَة1 إلى أن تبلغ خمسة وسبعين، فإن زادت واحدة على خمسة وسبعين ففيها ابنة لبون إلى أن تبلغ تسعين، فإن زادت واحدة على تسعين ففيها حقتان طروقتا الجمل إلى أن تبلغ عشرين ومائة، فما زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون، وفي كل خمسين حقة طروقة الجمل، وفي كل ثلاثين باقورة تبيع جذع2، وفي كل أربعين باقورة بقرة، وفي كل أربعين شاة سائمة شاة إلى أن تبلغ عشرين ومائة، فإن زادت على عشرين ومائة واحدة ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين، فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى أن تبلغ ثلاثمائة، فإن زادت فما زاد ففي كل مائة شاةٍ شاةٌ، ولا يوجد في الصدقة هرمة ولا عجفاء ولا ذات عوار ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصَّدق، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خيفة الصدقة3، وما أخذ من الخليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، وفي كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم وما زاد ففي كل أربعين درهمًا درهم وليس فيما دون خمس أواق شيء، وفي كل أربعين دينارًا دينار.

إن الصدقة لا تحل لمحمد، ولا لأهل بيت محمد، إنما هي الزكاة تزكى بها أنفسهم ولفقراء المؤمنين وفي سبيل الله وابن السبيل، وليس في رقيق ولا في مزرعة ولا عمالها شيء إذا كانت تؤدى صدقتها من العشر، وأنه ليس في عبد مسلم ولا في فرسه شيء".

قال: وكان في الكتاب: "إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة: الإشراك بالله، وقتل النفس المؤمنة بغير حق، والفرار في سبيل الله يوم

1 جذعة: هي التي تمت لها أربع سنين ودخلت في الخامسة.

2 التبيع: هو ما دخل في الثانية، وسُمي تبيعًا لأنه فُطم عن أمه فهو يتبعها.

3 إنما يقع هذا في زكاة الخلطاء، وفيه إثبات الخلطة في المواشي، قال الإمام مالك: وتفسير قوله: "لا يجمع بين مفترق" أن يكون النفر الثلاثة الذين يكون لكل واحد منهم أربعون شاة، قد وجبت على كل واحد منهم في غنمه الصدقة، فإذا أظلهم المصدق جمعوها؛ لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة، فنهوا عن ذلك، وتفسير قوله:"ولا يفرق بين مجتمع" أن الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما، فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة واحدة، فنُهي عن ذلك "الموطأ 17" كتاب الزكاة "13" باب صدقة الخلطاء - رقم "25". وأظلهم: أي أشرف عليهم، والمصدق: أي آخذ الصدقة.

ص: 53

الزحف، وعقوق الوالدين، ورمي المحصنة، وتعلم السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وأن العمرة الحج الأصغر، ولا يمس القرآن إلا طاهر، ولا طلاق قبل إملاك، ولا عتق حتى يبتاع، ولا يصلين أحد منكم في ثوب واحد وشقه باد1، ولا يصلين أحد منكم عاقص2 شعره، ولا يصلين أحد منكم في ثوب واحد ليس على منكبه شيء".

وكان في الكتاب أن من اعتبط3 مؤمنًا قتلًا عن بينة فله قود إلا أن يرضى أولياء المقتول، وأن في النفس الدية مائة من الإبل، وفي الأنف الذي جدعه4 الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية، وفي الرِّجْل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة5 ثلث الدية، وفي الجائفة6 ثلث الدية، وفي الْمُنَقَّلة7 خمس عشرة من الإبل، وفي كل إصبع من الأصابع من اليد والرِّجْل عشر من الإبل، وفي السن خمس من الإبل، وفي الموضَّحة8 خمس من الإبل، وأن الرجل يُقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار.

هذا حديث كبير مفسر في هذا الباب، يشهد له أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، وأقام العلماء في عصره محمد بن مسلم الزهري بالصحة، كما تقدم ذكرى له، وسليمان بن داود الدمشقي الخولاني معروف بالزهري، وإن كان يحيى بن معين غمزه، فقد عدله غيره كما أخبرنيه أبو أحمد الحسين بن علي ثنا

1 باد: ظاهر.

2 عاقص شعره: عقص الشعر: ضفره وليُّه على الرأس.

3 اعتبطه: أي ذبحه.

4 جدعه: قطعه.

5 المأمومة: الشجة تبلغ أم الدماغ "أو أم الرأس".

6 الجائفة: الطعنة التي تبلغ الجوف والتي تخالط الجوف.

7 المنقلة: الشجة التي تنقل العظم -أي: تكسره- حتى يخرج منها فراش العظام، "وفراش العظام: القشور التي تكون على العظم، وقيل: العظام التي تخرج من رأس الإنسان إذا شج وكسر".

8 الموضَّحة: الشجة التي تُبدي وضح العظم.

ص: 54

عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت أبي وسئل عن حديث عمرو بن حزم في كتاب رسول الله الذي كتبه له في الصدقات، فقال لسليمان بن داود الخولاني: عندنا ممن لا بأس به قال أبو محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول ذلك.

قال الحاكم: قد بذلت ما أدى إليه الاجتهاد في إخراج هذه الأحاديث المفسرة الملخصة في الزكاة ولا يستغنى هذا الكتاب عن شرحها، واستدللت على صحتها بالأسانيد الصحيحة عن الخلفاء والتابعين بقبولها واستعمالها بما فيه غنية لمن أناطها1، وقد كان إمامنا شعبة يقول في حديث عقبة بن عامر الجهني في الوضوء: لأن يصح لي مثل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إلَيَّ من نفسي ومالي وأهلي، وذاك حديث في صلاة التطوع، فكيف بهذه السنن التي هي قواعد الإسلام! والله الموفق، وهو حسبي ونعم الوكيل2.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في التلخيص الحبير: "قوله: روي عن

1 أناطها: أناط الشيء بغيره أي علقه.

2 المستدرك "1/ 395-397"، وقال الذهبي معقبًا: سليمان بن داود الدمشقي الخولاني معروف بالزهري، وإن كان ابن معين قد غمزه، فقد عدله غيره، قال أبو حاتم: عندي لا بأس به، وكذا قال أبو زرعة، وهذا الحديث بطوله رواه البيهقي في سننه الكبرى "4/ 89، 90"، والنسائي في سننه "8/ 57" "45" كتاب القسامة - حديث "4853". وقال البيهقي: وقد أخرج أحمد هذا الحديث في مسنده عن الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، ورواه النسائي في سننه "8/ 57-60""45" كتاب القسامة "47، 46"، ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول واختلاف الناقلين له من طريق سليمان بن أرقم، عن الزهري به "4854"، ومن طريق ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: قرأت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب لعمرو بن حزم حين بعثه على نجران، وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا بيان من الله ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}

" وكتب الآيات - الحديث رقم "4855". ومن طريق سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري قال: جاءني أبو بكر بن حزم بكتاب من أدَم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا بيان من الله ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}

" وتلا منها آيات - الحديث "4856". ومن طريق مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه قال: الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول - الحديث "4857".

ورواه أيضًا ابن حبان في صحيحه "14/ 501-515 إحسان""60" كتاب البيوع "7" باب كتب المصطفى صلى الله عليه وسلم ذكر كتبة المصطفى صلى الله عليه وسلم كتابه إلى اليمن - حديث "6559". وذكر الزيلعي في نصب الراية "2/ 339-344"، وابن عبد البر في جامع بيان العلم "1/ 71"، والطبري في تاريخه "1/ 1727"، وابن هشام في سيرته "961"، وانظر أيضًا: كتاب الأموال "362-368"، تقييد العلم "72".

ص: 55

عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتابه إلى أهل اليمن: "إن الذكر يقتل بالأنثى"، هذا طرف من كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو مشهور، قد رواه مالك والشافعي عنه، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول، ووصله نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن معمر عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن جده، وجده محمد بن عمرو بن حزم ولد في عهد النبي ولكن لم يسمع منه، وكذا أخرجه عبد الرزاق عن معمر، ومن طريقه الدارقطني، ورواه أبو داود والنسائي من طريق ابن وهب عن يونس عن الزهري مرسلًا، ورواه أبو داود في المراسيل عن ابن شهاب قال: قرأت في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران، وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم، ورواه النسائي وابن حبان والحاكم والبيهقي موصولًا مطولًا، من حديث الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود: حدثني الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، وفرقه الدارمي في مسنده عن الحكم مقطعًا.

وقد اختلف أهل الحديث في صحة هذا الحديث، فقال أبو داود في المراسيل: قد أُسند هذا الحديث ولا يصح، والذي في إسناده سليمان بن داود وهم؛ وإنما هو سليمان بن أرقم، وقال في موضع آخر: لا أحدث به، وقد وهم الحكم بن موسى في قوله: سليمان بن داود، وقد حدثني محمد بن الوليد الدمشقي أنه قرأه في أصل يحيى بن حمزة: سليمان بن أرقم، وهكذا قال أبو زرعة الدمشقي: إنه الصواب، وتبعه صالح بن محمد جزرة، وأبو الحسن الهروي وغيرهما، وقال جزرة: نا دُحَيم قال: قرأت في كتاب يحيى بن حمزة حديث عمرو بن حزم، فإذا هو عن سليمان بن أرقم، قال صالح: كتب هذه الحكاية عني مسلم بن الحجاج، قلت: ويؤكد هذا ما رواه النسائي عن الهيثم بن مروان عن محمد بن بكار، عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم عن الزهري، وقال: هذا أشبه بالصواب،

ص: 56

وقال ابن حزم: صحيفة عمرو بن حزم منقطة لا تقوم بها حجة، وسليمان بن داود متفق على تركه، وقال عبد الحق: سليمان بن داود هذا الذي يروي هذه النسخة عن الزهري ضعيف، ويقال: إنه سليمان بن أرقم، وتعقبه ابن عدي فقال: هذا خطأ إنما هو سليمان بن داود وقد جوَّده الحكم بن موسى. انتهى.

وقال أبو زرعة: عرضته على أحمد، فقال: سليمان بن داود هذا ليس بشيء، وقال ابن حبان: سليمان بن داود اليمامي ضعيف، وسليمان بن داود الخولاني ثقة، وكلاهما يروي عن الزهري، والذي روى حديث الصدقات هو الخولاني، فمن ضعفه فإنما ظن أن الراوي له هو اليمامي، قلت: ولولا ما تقدم من أن الحكم بن موسى وهم في قوله: سليمان بن داود، وإنما هو سليمان بن أرقم لكان لكلام ابن حبان وجه، وصححه الحاكم وابن حبان كما تقدم والبيهقي، ونُقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: أرجو أن يكون صحيحًا، قال: وقد أثنى على سليمان بن داود الخولاني هذا أبو زرعة وأبو حاتم وعثمان بن سعيد وجماعة من الحفاظ، قال الحاكم: وحدثني أبو أحمد الحسين بن علي عن ابن أبي حاتم عن أبيه أنه سئل عن حديث عمرو بن حزم، فقال: سليمان بن داود عندنا ممن لا بأس به.

وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة، لا من حيث الإسناد؛ بل من حيث الشهرة، فقال الشافعي في رسالته: لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عبد البر: هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف بما فيه عند أهل العلم معرفة يُستغنى بشهرتها عن الإسناد؛ لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة، قال: ويدل على شهرته ما رواه ابن وهب عن مالك عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: وُجد كتاب عند آل حزم يذكرون أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال العقيلي: هذا حديث ثابت محفوظ، إلا أنا نرى أنه كتاب غير مسموع عمن فوق الزهري، وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في جميع الكتب

ص: 57

المنقولة كتابًا أصح من كتاب عمرو بن حزم هذا، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم، وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد عبد العزيز، وإمام عصره الزهري، لهذا الكتاب بالصحة، ثم ساق ذلك بسنده إليهما1.

1 التلخيص الحبير "4/ 17، 18" رقم "1688".

ص: 58