الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دور أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها في رواية الحديث:
بعد أم المؤمنين أم سلمة التي تحتل المرتبة الثانية من حيث كثرة الرواية بين كل الروايات عمومًا وبين أمهات المؤمنين خصوصًا، تأتي أم المؤمنين ميمونة، وأم المؤمنين أم حبيبة، وأم المؤمنين حفصة، في الدرجة الثالثة، وقد صنفهن بقي بن مخلد في أصحاب العشرات بهذا الترتيب1.
- ترجمتها وفضلها رضي الله عنها:
هي ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن روبية بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية2، وهي أخت أم الفضل زوجة العباس، وخالة خالد بن الوليد وابن عباس.
تزوجها أولًا مسعود بن عمر الثقفي قبيل الإسلام، ففارقها، وتزوجها أبو رهم بن عبد العزى فمات عنها، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في وقت فراغه من عمرة القضاء سنة "7هـ" في ذي القعدة، وبَنَى بها بسَرِف3.
كانت ميمونة رضي الله عنها من سادات النساء، وخير شهادة على ذلك ما ذكرته عنها ضرتها عائشة لابن أختها يزيد بن الأصم، وقد أقبلت تلومه في أمر؛ حيث يقول:".... ثم وعظتني موعظة بليغة، ثم قالت: أما علمت أن الله ساقك حتى جعلك في بيت نبيه، ذهبت والله ميمونة، ورمَى بحبلك على غاربك، أما إنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم"4.
1 تلقيح الفهوم، ابن الجوزي "365"، وبقي بن مخلد هو شيخ الإسلام أبو عبد الله عبد الرحمن الأندلسي القرطبي، الحافظ، صاحب "التفسير"، "المسند"، وهو أول من كثر الحديث ونشره بالأندلس، توفي سنة 273هـ. انظر: طبقات الحفاظ، السيوطي "ص277".
2 لها ترجمة في الإصابة، ابن حجر "4/ 397"، طبقات ابن سعد "8/ 132"، السير "2/ 238- 246" وغيره.
3 سَرِف: بفتح أوله وكسر ثانيه وآخره فاء، وهو موضع على ستة أميال من مكة. انظر: معجم البلدان، ياقوت الحموي، دار صادر بيروت "3/ 212".
4 أخرجه ابن سعد في الطبقات "8/ 138"، والحاكم في المستدرك "4/ 31".
وفي هذا الخبر ما يفيد أن ميمونة ماتت قبل عائشة، فقد ذكر خليفة بن خياط موتها سنة "51هـ"1.
وقد دفنت في الظلة التي بَنَى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف2.
- تلاميذها ومروياتها رضي الله عنها:
روت أم المؤمنين ميمونة ستة وسبعين حديثًا "76"3، وبالتالي تأتي مباشرة بعد أم المؤمنين أم سلمة في الترتيب حسب كثرة الرواية، وعدد أحاديثها في الكتب الستة واحد وثلاثون حديثًا "31"4، ورُوي لها في الصحيحين سبعة أحاديث، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بخمسة أحاديث5.
وقد روى عنها: ابن عباس ابن أختها، وابن أختها الثاني عبد الله بن شداد بن الهاد، وابن اختها الثالث عبد الرحمن بن السائب، وابن أختها الرابع يزيد بن الأصم، وعبيد بن السباق، وكريب مولى ابن عباس -وكان يدخل على أمهات المؤمنين- ومولاها سليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، وعمران بن حذيفة، ومولاتها ندبة، والعالية بنت سُبَيْع، وأم منبوذ.
- محتوى مروياتها:
يلاحظ أن مروياتها توزعت على هؤلاء الرواة السابق ذكرهم، وأغلبهم من محارمها وفيهم الحبر ابن عباس، إضافة إلى أن مروياتها غلبت عليها الصفة العملية؛ أي: أنها تصف فعل النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ومع أهله.
فقد رُوي عنها في أبواب الطهارة: في كيفية الغسل من الجنابة، وفي
1 تاريخ خليفة، تحقيق أكرم ضياء العمري، دار طيبة، ط1، 1985م "ص218".
2 انظر: ابن سعد في الطبقات "8/ 139"، والحاكم في المستدرك "4/ 31".
3 تلقيح الفهوم، ابن الجوزي "ص365".
4 العدد مأخوذ من تحفة الأشراف "13/ 484- 498".
5 سير أعلام النبلاء "2/ 245".
وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بفضل غسل نسائه، ومباشرة الحائض وهي مؤتزرة، وقراءة القرآن في حجر الحائض، والصلاة بعد الأكل بدون وضوء، وهي كلها أفعال نبوية. وفي أبواب الصلاة: رُوي عنها في فضل الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وفي سجود النبي صلى الله عليه وسلم
…
، وفي الجنائز: في الميت يصلي عليه أمة من الناس
…
، وروت في الصيام: في صيام النبي صلى الله عليه وسلم في عرفة.
ورُوي عنها في الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة، وفي رقية النبي صلى الله عليه وسلم كما رُوي عنها في العتق، ولعل أبرز حكم ارتبط باسم ميمونة رضي الله عنها هو تزويج المحرم، فقد تضاربت الروايات في قصة تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، هل كان حلالًا أم محرما؟
وقد عاشت أم المؤمنين ميمونة في البيت النبوي ثلاث سنوات، وبقيت بعده إلى سنة "51هـ"، فثلاث سنوات وإن كانت مدة قصيرة إلا أنها سمحت لها بأن تنقل عنه صلى الله عليه وسلم مجموعة لا بأس بها من الأحاديث -كما رأينا- ساهمت في إعطاء نظرة مفصلة عن حياته صلى الله عليه وسلم في بيته، وكفى بها شرفًا أن قصة زواجها منه صلى الله عليه وسلم فرع من الفروع المهمة في الفقه الإسلامي، الذي كثرت حوله الآراء.
ومما ساعد على كثرة مروياتها -مقارنة بغيرها من أمهات المؤمنين، رغم كونها آخر مَن تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم من نسائه- أمران؛ هما:
- تأخر وفاتها رضي الله عنها "51هـ".
- كون أحد المكثرين من الرواية من محارمها وهو ابن عباس، ولا شك أن هذا يسهل عليه الدخول عليها وسؤالها في القضايا المختلفة؛ إذ إن أمهات المؤمنين كانت لهن حرمة خاصة.