الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس: ضوابط الرواية عند التابعين
وضع التابعون ضوابط وأسسًا لضمان صحة النقل وتجنب التحريف والتبديل، وفي سبيل أن يكون تدوينهم عن الصحابة تدوينًا أمينًا لا يعتريه الشك أو الخطأ أو التحريف التزموا بهذه الضوابط والأسس الهامة، والتي منها ما يأتي:
1-
التثبت في السماع والأداء:
قال أبو العالية التابعي الكبير: كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نرضَ حتى ركبنا إلى المدينة فسمعناها من أفواههم.
وقال غيره: إني كنت لأركب إلى مصر من الأمصار في الحديث الواحد لأسمعه1.
وكانوا يتركون الرواية عن غير المتثبتين حتى وإن كانوا عدولًا. قال أبو الزناد: أدركت بالمدينة مائة أو قريبًا من المائة ما يؤخذ عن أحد منهم، وهم ثقات يقال: ليس من أهله2.
2-
معارضة كتبهم ومقابلتها:
قال هشام بن عروة: قال لي أبي: أكتبتَ؟ قلت: نعم، قال: عارضتَ؟ قلت: لا، قال: لم تكتب.
ويقول يحيى بن أبي كثير: من كتب ولم يعارض كان كمن خرج من المخرج ولم يستنج3.
ومن أمثلة العرض على الشيخ: قيل لنافع مولى عبد الله بن عمر: إنهم قد كتبوا حديثك، قال: فليأتوني حتى أقيمه لهم4.
1 سنن الدارمي "1/ 140".
2 المحدث الفاضل "ص407".
3 المحدث الفاصل "ص44".
4 أدب الإملاء والاستملاء، للسمعاني "ص78" طبع ليدن.
3-
حفظ كتبهم وصحائفهم في أماكن أمينة:
مع معاودة النظر فيها ومراجعتها من حين لآخر: فحفظ الحسن بن علي صحيفة أبيه في صومعة لا يخرجها منها إلا عند الحاجة إليها1.
وكان خالد بن معدان يتخذ لكتابه عرًى وأزرارًا حفظًا له2. وكان قد لقي سبعين صحابيًّا.
وكان قتادة يحفظ صحيفة جابر بن عبد الله حفظًا جيدًا3، وقال الحسن البصري: إن لنا كتبًا نتعاهدها4.
4-
ومن الضوابط:
أنهم كانوا لا يجيزون القراءة في كتاب يجدونه إلا إذا راجعوا هذا الكتاب بالسماع أو القراءة على الشيخ تجنبًا للتحريف، قيل لابن سيرين: ما تقول في رجل يجد الكتاب يقرؤه أو ينظر فيه؟ قال: لا حتى يسمعه من ثقة5.
فعرف عنهم الاهتمام بما يُسمى بالسماع أو العرض. وأما طريق الوجادة فلم يكونوا يعتمدون عليها كثيرًا.
1 العلل ومعرفة الرجال "1/ 104".
2 تذكرة الحفاظ "1/ 93".
3 الطبقات الكبرى "7/ 2/ 2".
4 تقييد العلم "ص100"، كتابة العلم "ص125".
5 الكفاية "ص53".