المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ عائشة رضي الله عنها - منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر

[على عبد الباسط مزيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد

- ‌الفصل الأول: منكرو السنة والرد عليهم

- ‌المبحث الأول: مزاعم منكري السنة قديما، والرد عليها

- ‌المبحث الثاني: منكرو السُّنَّة حديثًا، وتفنيد مزاعمهم

- ‌الفصل الثاني: مكانة السُّنَّة في التشريع الإسلامي

- ‌الباب الأول: مناهج المحدثين في القرن الأول الهجري

- ‌الفصل الأول: مظاهر اهتمام الصحابة بالسنة

- ‌الفصل الثاني: كتابة السُّنَّة في العهد النبوي

- ‌الفصل الثالث: أشهر الصحف والكتابات في العهد النبوي

- ‌الفصل الرابع: الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم

- ‌الفصل الخامس: بواعث كتابة الحديث في القرن الأول الهجري

- ‌الفصل السادس: مظاهر احتياط الصحابة في قبول الحديث الشريف

- ‌الفصل السابع: منهج الصحابة في رواية الحديث الشريف

- ‌الفصل الثامن: الصحابة المكثرون لرواية الحديث الشريف

- ‌أبو هريرة راوية الإسلام

- ‌ عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌ أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌ عائشة رضي الله عنها

- ‌ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

- ‌ جابر بن عبد الله

- ‌ أبو سعيد الخدري

- ‌الفصل التاسع: أسباب تفاوت الصحابة في رواية الحديث الشريف

- ‌الفصل العاشر: دور أمهات المؤمنين في خدمة الحديث الشريف

- ‌مدخل

- ‌دور أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في رواية الحديث:

- ‌دور أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها في رواية الحديث:

- ‌دور أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها في رواية الحديث:

- ‌دور أم المؤمنين حبيبة رضي الله عنها

- ‌دور أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها:

- ‌دور أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها:

- ‌دور أم المؤمنين صفية رضي الله عنها:

- ‌دور أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها:

- ‌دور أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي الله عنها:

- ‌الفصل الحادى عشر: أسباب تفاوت أمهات المؤمنين رضي الله عنها في الرواية

- ‌الباب الثاني: مناهج المحدثين في القرن الثاني الهجري

- ‌الفصل الأول: المستجدات في هذا العصر

- ‌الفصل الثاني: التدوين الشامل للسنة في هذا العصر ومنهج العلماء في التصنيف

- ‌الفصل الثالث: جهود التابعين في توثيق السُّنَّة وحفظها وتدوينها في النصف الأول من القرن الثاني الهجري

- ‌الفصل الرابع: أشهر الصحف والكتابات في القرن الثاني الهجري

- ‌الفصل الخامس: ضوابط الرواية عند التابعين

- ‌الفصل السادس: التصنيف في القرن الثاني وبداية الثالث الهجريين

- ‌الفصل السابع: الأئمة الأربعة، وأثرهم في الحديث وعلومه

- ‌مدخل

- ‌الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو الأصبحي

- ‌الإمام الشافعي "150-204ه

- ‌الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أبو عبد الله المروزي ثم البغدادي "164-241ه

- ‌الباب الثالث: منهاج المحدثين في القرن الثالث الهجري وحتى عصرنا الحاضر

- ‌الفصل الأول: مناهج المحدثين في القرن الثالث الهجري

- ‌المبحث الأول: أهم المشكلات التى واجهت المحدثين في القرن الثالث الهجري

- ‌المبحث الثاني: تدوين الحديث وعلومه في القرن الثالث الهجري

- ‌المبحث الثالث: مناهج العلماء في تدوين الحديث في القرن الثالث الهجري

- ‌المبحث الرابع: أئمة القرن الثالث الهجري ومناهجهم

- ‌أولًا: الإمام البخاري "194-256ه

- ‌مقارنة بين الصحيحين:

- ‌ثالثًا: أبو داود السجستاني "202-275ه

- ‌خامسًا: أحمد بن شعيب النسائي "215-303ه

- ‌سادسًا: ابن ماجه "209-273ه

- ‌سابعًا: الإمام أحمد بن محمد بن حنبل "164-241ه

- ‌الفصل الثاني: مناهج المحدثين في القرن الرابع الهجري

- ‌ابن خزيمة

- ‌الطحاوي:

- ‌الدارقطني:

- ‌الطبراني:

- ‌ابن حبان:

- ‌ابن السكن:

- ‌الحاكم النيسابوري "321-405ه

- ‌الفصل الثالث: منهج التصنيف في القرن الخامس إلى السقوط الخلافة العباسية [من عام "400هـ" حتى عام "656ه

- ‌الجمع بين الصحيحين

- ‌ الجمع بين الكتب الستة

- ‌ الجمع بين أحاديث من كتب مختلفة:

- ‌ كتب منتقاة في أحاديث الأحكام والمواعظ، ومنها:

- ‌ كتب الأطراف:

- ‌الفصل الرابع: منهج التصنيف من سقوط الخلافة العباسية إلى عصرنا الحاضر

- ‌المبحث الأول: السنة من عام 656هـ حتى عام 911 ه

- ‌مدخل

- ‌أولًا: منهج العلماء في خدمة السُّنَّة في هذه الفترة:

- ‌ثانيًا: طريقة العلماء في خدمة الحديث الشريف في هذه الفترة

- ‌المبحث الثاني: دور العلماء في خدمة السُّنَّة بعد عام "911هـ" حتى آخر القرن الرابع عشر الهجري

- ‌المبحث الثالث: دور أشهر الممالك التي كان لها أثر ملموس في خدمة السُّنَّة في هذا العصر

- ‌ دور مصر في العناية بالسُّنَّة وعلومها:

- ‌ دور علماء الهند في العناية بالسُّنَّة:

- ‌ دور المملكة العربية السعودية في خدمة السُّنَّة:

- ‌المبحث الرابع: جهود علماء المسلمين في خدمة السُّنَّة في العصر الحاضر

- ‌قائمة بأسماء المصادر والمراجع:

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌ عائشة رضي الله عنها

4-

عائشة رضي الله عنه ا 1:

- نسبها وكنيتها ومولدها:

عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة الصديق الأكبر، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن غالب، أم المؤمنين، أفقه النساء مطلقًا، وأفضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلا خديجة، ففيها خلاف شهير كما قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب.

- كنيتها:

أم عبد الله، فكناها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قالت له: إن النساء قد اكتنين، فكنني، فكناها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم عبد الله؛ يعني: ابن الزبير؛ لأنها قد حنكته لما وُلد بتمرة، وتُسمى أيضًا الحميراء لغلبة البياض على لونها.

- وأمها:

أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس.

ولدت‌

‌ عائشة رضي الله عنها

- بمكة في السنة الثامنة أو نحوها قبل الهجرة، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل: قبل الهجرة بسنتين، وقيل: بسنة ونصف، أو نحو ذلك، وهي بنت ست سنين، وبَنَى بها بالمدينة بعد منصرفه من غزوة بدر في شوال سنة اثنتين من الهجرة وهي ابنة تسع سنين، وقيل: بَنَى بها في شوال على رأس ثمانية عشر شهرًا من مهاجره إلى المدينة.

وكانت رضي الله عنها كثيرة التعبد والتهجد والصوم، وكانت تؤم النساء في الصلاة المكتوبة، وكانت شديدة الحياء حتى أنها كانت تدخل البيت الذي دُفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهي واضعة ثوبها وتقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دُفن عمر بن الخطاب لم تكن تدخله إلا مشدودة عليها ثيابها حياء من عمر.

1 راجع ترجمة السيدة عائشة رضي الله عنها في: أعلام النساء لعمر رضا كحالة "3/ 9/ 131" وفيه مصادر ترجمتها "ص130، 131". وانظر: تهذيب الكمال "35/ 227-236"، ولها ترجمة مستفيضة في سير أعلام النبلاء "2/ 135-201"، وطبقات ابن سعد "8/ 58-81"، وانظر: المستدرك للحاكم "4/ 4-14"، الاستيعاب "4/ 1881"، أسد الغابة "7/ 188"، البداية والنهاية "8/ 91-94"، مجمع الزوائد "9/ 225-244"، تهذيب التهذيب "12/ 433- 436"، الإصابة "13/ 38"، شذرات الذهب "1/ 9 و61 - 63"، صفة الصفوة "2/ 16"، هداية العارفين للبغدادي "ص233"، جوامع السيرة لابن حزم "ص275 - 315"، وغيرها.

ص: 137

ولم تكذب أبدًا، فكان ابن الزبير إذا حدَّث عن عائشة قال: والله لا تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدًا، وكانت كثيرة الصدقات والعطايا حتى قال عبد الله بن الزبير في عطاء أعطته عائشة: والله لتَنْتَهيَنَّ عائشة أو لأحجرَنَّ عليها، فقالت عائشة: هو قال هذا؟ قالوا: نعم، قالت: فلله عليَّ نذر ألا أكلم ابن الزبير أبدًا، فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة، فقالت: والله لا أشفع فيه أبدًا. فلما طال ذلك على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وهما من بني زهرة فقال: أنشدكما بالله أن تدخلاني على عائشة، فإنه لا يحل لها أن تنذر قطيعتي، فأقبل المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة فقالا: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا، قالوا: أكلنا؟ قالت: نعم ادخلوا كلكم -ولا تعلم أن معهما ابن الزبير- فلما دخلوا، دخل ابن الزبير الحجاب فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا كلمته وقبلت منه ويقولان: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عما عملت من الهجر، وإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فلما أكثروا على عائشة طفقت تبكي وتقول: إني نذرت والنذر شديد، فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تذكر نذرها بعد ذلك وتبكي حتى تبل دموعُها خمارَها.

- دورها في الجهاد:

استأذنت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال: "جهادُكن الحج"، ولما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولقد رأى أنس عائشة وأم سليم، وإنهما لمشمرتان تنقلان القِرَب على متنيهما، ثم تفرغانها في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان، فتفرغانها في أفواه القوم.

ص: 138

- مكانتها العلمية والأدبية:

لقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها حاملة لواء العلم في عصرها، ونبراسًا منيرًا لمريدي العلم وطلابه، وقد حسمت كثيرًا من الخلاف الفقهي، وكانت دقيقة في استنباط الحكم من العلة وجمع أطراف الحديث.

قال أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه: ما أُشكل علينا -أصحابَ محمد- حديث قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا. وقال مسروق: لقد رأيت أصحاب محمد الأكابر يسألونها عن الفرائض.

وتُعد عائشة من أبرع الناس في القرآن والحديث والفقه والشعر وأحاديث العرب وأخبارهم وأيامهم وأنسابهم. قال عروة بن الزبير: ما رأيت أحدًا أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة. وقال أيضًا: ما رأيت أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة. قال أبو عمر بن عبد البر: إن عائشة كانت وحدية بعصرها في ثلاثة علوم: علم الفقه وعلم الطب وعلم الشعر.

وقال أبو الزناد: ما رأيت أحدًا أروى لشعر من عروة، فقلت له: ما أرواك يا أبا عبد الله! قال: وما روايتي في رواية عائشة، ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرًا.

وكان عروة يقول لعائشة: يا أمتاه لا أعجب من فقهك، أقول: زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة أبي بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس، أقول: ابنة أبي بكر وكان أعلم أو من أعلم الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب، كيف هو؟ ومن أين هو؟ قال: فضربت عائشة على منكبه وقالت: أي عرية -تصغير عروة- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره، وكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجهة فتنعت له الأنعات، وكنت أعالجها فمن ثَمَّ.

قال الزهري: لو جُمِع علم عائشة بعلم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وجميع علم الناس لكان علم عائشة أكثر. وفي رواية: أفضل.

ص: 139

وقال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: يا زياد، أي الناس أعلم؟ قال زياد: أنت يا أمير المؤمنين، قال: أعزم عليك، قال: أما إذا عزمت عليَّ فعائشة. وقال محمد بن عمر: ربما روت عائشة القصيدة ستين بيتًا والمائة بيت.

وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيًا في العامة، وقال المقداد بن الأسود: ما كنت أعلم أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بشعر ولا فريضة من عائشة.

- شيوخها:

عُدَّ الذين حفظت عنهم الفتوى من الصحابة مائة ونيف وثلاثون نفسًا ما بين رجل وامرأة، كان المكثرون منهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو.

وقال أبو محمد بن حزم: ويمكن أن يجمع من فتوى كل واحد منهم سِفْرٌ ضخم، وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أمير المؤمنين المأمون فتيا عبد الله بن عباس في عشرين كتابًا، وفي شرح الزرقاني وفتح الباري: إن عائشة كانت فقيهة جدًّا حتى قيل: إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها.

وقال الذهبي في الكاشف: إن عائشة أفقه نساء الأمة، وكانت رضي الله عنها مرجع كبار الصحابة في العديد من المسائل، قال الزركشي في المعتبر: إن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب كانا يسألانها في مسائل فقهية عديدة.

- الذين رَوَوْا عنها:

روى عنها خَلْقٌ كثير؛ منهم: أخوها من الرضاعة عوف بن الحارث بن الطفيل، وأختها أم كلثوم بنت أبي بكر، وابنا أخيها القاسم وعبد الله ابنا محمد بن أبي بكر الصديق، وابنتا أخيها حفصة وأسماء ابنتا عبد الرحمن بن أبي بكر، وابنُ ابنِ أخيها عبد الله بن أبي عتيق، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وابنا

ص: 140

أختها عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام، وابن أختها أسماء وعباد بن حبيب بن عبد الله بن الزبير، وعباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، وابنته أختها عائشة بنت طلحة، أبو يونس وذكوان أبو عمر، وابن فروخ مولى عائشة.

وروى عنها من الصحابة:

عمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، وزيد بن خالد الجهني، وأبو هريرة، وعبد الله بن عباس، وربيعة بن عمرو الجرشي، والسائب بن يزيد1، والحارث بن عبد الله بن نوفل، وغيرهم.

وروى عنها من أكابر التابعين:

سعيد بن المسيب، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وعلقمة بن قيس، وعمرو بن ميمون، ومطرف بن عبد الله بن الشخير، وهمام بن الحارث، وأبو عطية الوادعي، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، ومسروق بن الأجدع، وعبد الله بن حكيم، وعبد الله بن شداد بن الهاد، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وابناه أبو بكر ومحمد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والأسود بن يزيد النخعي، وأيمن المكي، وثمامة بن حزن القشيري، والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وحمزة بن عبد الله بن عمر، وسعد بن هشام بن عامر، وسليمان بن يسار، وشريح بن هانئ، وزر بن حبيش، وأبو صالح السمان، وعامر بن سعد بن أبي وقاص، وطاوس، وعبد الله بن شقيق العقيلي، وعبد الله بن شهاب الخولاني، وابن أبي مليكة، وعبد الله البهي، وعبد الرحمن بن شماسة، وعبيد بن عمير الليثي، وعراك بن مالك، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار، وعكرمة، وعلقمة بن وقاص، وعلى بن الحسين بن علي، وعمران بن حطان، ومجاهد بن جبر، وكريب، ومالك بن أبي عامر الأصبحي، وفروة بن نوفل الأشجعي، ومحمد بن قيس بن مخرمة، ومحمد بن المنتشر، ونافع بن جبير بن مطعم، ويحيى بن يعمر، ونافع مولى ابن عمر، وأبو بردة بن أبي موسى، وأبو الجوزاء الربعي، وأبو الزبير المكي، وخيرة أم

1 تهذيب التهذيب، وفي شرح الزرقاني: السائب بن زيد.

ص: 141

الحسن، وصفية بنت أبي عبيد، وصفية بنت شيبة، وعمرة بنت عبد الرحمن، ومعاذة العدوية، وآخرون.

- استدراكاتها على الصحابة:

ألَّف بدر الدين الزركشي الشافعي كتابًا سماه: "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" وقال في مقدمته: "وبعد، فهذا كتاب أجمع فيه ما تفردت به الصديقة رضي الله عنها أو خالفت فيه سواها برأي منها، أو كان عندها فيه سُنة بينة، أو زيادة علم متقنة، أو أنكرت فيه على علماء زمانها، أو رجع فيه إليها أجلة من أعيان أوانها، أو حررته، أو اجتهدت فيه من رأي رأته أقوى".

ثم ذكر المؤلف ما استدركته على عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي هريرة، ومروان بن الحكم، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وزيد بن ثابت، وزينب بنت أرقم، والبراء بن عازب، وعبد الله بن الزبير، وعروة بن الزبير، وجابر، وعلي بن أبي طالب، وأبي الدرداء، وعبد الرحمن بن عوف، وفاطمة بنت قيس، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن عباس، وعمر بن الخطاب.

ومما استدركته عائشة رضي الله عنها على أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلين دخلا على عائشة فقالا: إن أبا هريرة يُحدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الطيرة في المرأة والدار والدابة" فطارت شفقًا ثم قالت: كذب والذي أنزل الفرقان على أبي القاسم مَن حدث بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أهل الجاهلية يقولون: الطيرة في الدابة والدار والمرأة، ثم قرأت:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ} الآية.

وكانت عائشة رضي الله عنها شديدة التمحيص والتنقيب، فقد ذكر المزي أنها كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه.

ص: 142

وقال عروة: سألت عائشة عن قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فوالله ما على أحد جناح ألا يطوف بين الصفا والمروة. قالت: بئس ما قلت يابن أخي، إن هذه لو كانت كما أولتها كانت لا جناح ألا يطوف بهما؛ ولكنها أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلَّل1، وكان من أهلَّ بها يتحرج أن يطوف بين الصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالوا: يا رسول الله، إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة؛ فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ

} الآية.

وقالت عائشة رضي الله عنها: وقد سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد يترك الطواف بينهما، فأخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إن هذا العلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالًا من أهل العلم يذكرون أن الناس -إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل لمناة- كانوا يطوفون كلهم بين الصفا والمروة، فلما ذكر الله تعالى الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا: يا رسول الله، كنا نطوف بالصفا والمروة؛ فأنزل الله عز وجل:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية، قال أبو بكر: فأحسب هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما، في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية في الصفا والمروة، والذين كانوا يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام2.

- فصاحتها وبلاغتها:

كانت عائشة رضي الله عنها فصيحة اللسان بليغة المقال، إذا خطبت ملكت على الناس مسامعهم وإذا تكلمت أخذت بمجامع قلوبهم. قال الأحنف بن قيس: سمعتُ

1 المشلل: جبل يهبط منه إلى قديد من ناحية البحر، وقديد وادٍ وموضع.

2 صحيح البخاري: "25" كتاب الحج "79" باب "وجوب الصفا والمروة وجُعل من شعائر الله" حديث "1643"، وأطرافه:"1790"، "4495"، "4861"، وصحيح مسلم:"15" كتاب الحج "43" باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به، حديث "1277".

ص: 143

خطبة أبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والخلفاء هلم جرًّا إلى يومي هذا فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه في عائشة.

وقال موسى بن طلحة: ما رأيت أحدًا أفصح من عائشة1، وقال معاوية: والله ما رأيت خطيبًا قد أبلغ ولا أفصح من عائشة2.

وقالت عائشة: قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضَها3، اشرأَبَّ النفاق بالمدينة وارتدت العرب، فوالله ما اختلف المسلمون في لفظة إلا طار أبي بحظها وغنائها في الإسلام، ومن رأى ابن الخطاب علم أنه خُلق غناءً للإسلام، كان والله أحوذيًّا نسيج وحده قد أعد للأمور أقرانها.

ودخلت عائشة رضي الله عنها على أبيها أبي بكر الصديق في مرضه الذي مات فيه فقالت: يا أبتِ، اعْهَد إلى خاصتك، وأنفذ رأيك في سامتك4، وانقل من دار جهازك إلى دار مقامك، وإنك محضور، ومتصل بقلبي لوعتك، وأرى تخاذل أطرافك وانتفاع لونك وإليَّ تعزيتي عنك، ولديه ثواب حزني عليك، أرقأ فلا أرقى5، وأبل فلا أنقى، وأشكو فلا أشكى. فرفع رأسه وقال: يا بنية، هذا يوم يجلى فيه عن غطائي وأعاين جزائي، إن فَرَح فدائم، وإن تَرَح6 فمقيم، إني اضطلعت بإمامة هؤلاء القوم حين كان النكوص إضاعة والحزم تفريطًا، فشهيدي الله ما كان هبلى إياه. تبلغت بصفحتهم وتعللت7 بدَرَّة لقحتهم وأقمت صلاتي

1 سنن الترمذي "5/ 663""50" كتاب المناقب "63" باب فضل عائشة رضي الله عنها حديث رقم "3884" وقال: حسن صحيح غريب، والمستدرك للحاكم "4/ 11" كتاب معرفة الصحابة.

2 المستدرك للحاكم والتذهيب للذهبي وأخرجه الترمذي وقال: حسن. كذا في هامش أعلام النساء لعمر رضا كحالة "3/ 112" مؤسسة الرسالة.

3 هاضها: أي كسرها وألانها.

4 السامة: الخاصة. يقال: السامة والعامة.

5 رَقَأ الدمع: سكن.

6 التَّرَح: ضد الفرح.

7 أي: تلهيت.

ص: 144

معهم لا مختالًا أَشِرًا ولا مكاثرًا بَطِرًا1، لم أعد سد الجوعة وروى العورة وقوامة القوام، حاضري الله من طوي ممعض2 تهفو منه الأحشاء وتجب له الأمعاء، واضطررت إلى ذلك اضطرار البرض3 إلى المتعتت الآجن4، فإذا أنا مت فردي إليهم صحفتهم، ولقحتهم، وعبدهم، ورحاهم، ووثارة ما فوقي اتقيت بها أذى البرد، ووثارة ما تحتي اتقيت بها نز الأرض5 كان حشوها قطع السعف المشع.

وقالت عائشة رضي الله عنها وأبوها يغمض:

وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه

ربيع اليتامى عصمة للأرامل

- وفاتها:

وتوفيت عائشة أم المؤمنين بالمدينة المنورة في "17" من رمضان سنة "57هـ" على الصحيح. وقيل: "58هـ"، وقيل:"56هـ"، وقيل:"59هـ" وهي ابنة ست وستين سنة، وأمرت أن تدفن من ليلتها، واجتمع الأنصار وحضروا فلم تُرَ ليلة أكثر ناسًا منها، فدفنت بعد الوتر بالبقيع وصلى عليها أبو هريرة، ونزل قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم وعبد الله ابنا أبي بكر الصديق، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.

- مروياتها:

كانت السيدة عائشة رضي الله عنها كبيرة محدثات عصرها بالإضافة إلى شهرتها بالذكاء والفصاحة والبلاغة، وكانت عاملًا كبيرًا ذا تأثير عميق في نشر تعاليم الإسلام ومبادئه.

1 الأشر والبطر: المغالاة في المرح والكبر، وأيضًا: الجحود والكفر.

2 أي: موجع.

3 بَرَضَ الماء: قل.

4 الماء الذي تغير طعمه ولونه ورائحته.

5 نز الأرض: ما تَحَلَّبَ من الأرض من الماء.

ص: 145

روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر بن الخطاب، وفاطمة الزهراء، وسعد بن أبي وقاص، وحمزة بن عمرو الأسلمي، وجذامة بنت وهب رضي الله عنهم.

وبلغ عدد أحاديثها:

"2210" حديثًا، أُخرج لها منه في الصحيحين "297" حديثًا، والمتفق عليه منها "174" حديثًا، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين حديثًا، ومسلم بتسعة وستين حديثًا.

ص: 146