الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثال الثاني: قال عبدالله - ابن أحمد بن حنبل -: حدثني أبي قال: حدثنا عفان قال أخبرنا حماد بن سلمة، قال أخبرنا عاصم بن بهدله، وحماد بن أبي سليمان، عن أبي وائل عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:((أَنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمَاً)) قال أبي: منصور والأعمش أثبت من حماد وعاصم (1).
قلتُ: والعلة التي أشار إليها الإمام أحمد في هذا الحديث: مخالفة حماد بن أبي سليمان لرواية منصور وهو ابن المعتمر، وقوله أثبت منه تدل على تقديم رواية منصور على حماد ابن أبي سليمان، وكذلك الأعمش وهو سليمان بن مهران الإمام على عاصم بن بهدله.
رابعاً: لفظة " وهو الأشبه بالصواب
".
أطلق الدارقطني هذه اللفظة على مرويَّات قليلة جداً في كتابه العلل، بلغت حوالي ثلاثة أحاديث، وقصد بها أنَّ الرواية المذكورة أقرب للصواب من غيرها، وتقرير احتمال خطأ الرواية الثانية بدون جزم بذلك، وسوف نذكر منها هذه الأمثلة لتوضيح ذلك:
المثال الأول: قال البرقاني في العلل: "وسئل - الدارقطني - عن حديث المحرر بن أبي هريرة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنهم:((أنَّه بعثه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَذَّنَ النَّاسَ بِالْحَجِ الأَكْبَرِ، فَقَالَ عَلِيٌ: ألَاّ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَاّ مُسْلِمٌ، وَمَنْ كَانَتْ بَينَهُ وَبَينَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مُدَّةٌ فَأَجَلُهُ إِلِى مُدَّتِهِ)) (2).
فقال - الدارقطني -: يرويه ابن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن علي وخالفه المضاء بن الجارود فرواه: عن هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن المحرر بن أبي هريرة، عن أبيه، عن علي. وكذلك رواه مغيرة، والشيباني، عن الشعبي، عن
(1) المصدر السابق، (ج3/ص 121)، مسألة رقم (4511، 4512).
(2)
أخرجه الإمام أحمد: في المسند (ج1/ص3)، برقم (4)، من طريق وكيع قال: قال إسرائيل قال: أبو إسحاق، عن زيد بن يثيع، عن أبي بكر نحواً منه، بإسناد ضعيف لضعف زيد بن يثيع.
المحرر، عن أبيه، عن علي. وهو الأشبه بالصواب " (1).
قلتُ: والعلة التي أشار إليها الإمام الدارقطني في هذا الحديث هي مخالفة ابن فضيل وهو محمد بن فضيل بن غزوان (2) لجمع من الرواة، فرواه عن إسماعيل بن أبي خالد، فأسقط من الإسناد المحرر بن أبي هريرة، وأبيه، وغيره رووه على الصواب كما يرجِّح الدارقطني رواية الجماعة بإثبات المحرر بن أبي هريرة، وأبيه.
المثال الثاني: قال البرقاني في العلل: "وسئل - الدارقطني - عن حديث عروة، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف وكيف صلاتهم؟.
فقال - الدارقطني -: اختلف فيه على عروة فرواه: محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة عن أبي هريرة، قاله يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير وخالفه أبو الأسود محمد بن عبدالرحمن فرواه، عن عروة، عن مروان بن الحكم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو الأشبه بالصواب " (3).
وقد استعمل النُّقاد المتقدمون لفظ " وهو الأشبه بالصواب " أو ما كان في معناه مثل " أرى كذا والله أعلم بالصواب " للدلالة على أنَّ الرواية المذكورة أقرب للصواب من غيرها، وتقرير احتمال خطأ الرواية الثانية بدون جزم لذلك، وقد أطلقوها على أحاديث قليلة جداً في مصنفاتهم، وسوف نأخذ مثلاً أبا حاتم في كتابه العلل:
المثال الثالث: قال عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: " وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: ((لَمَّا نَزَلَتْ {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ} اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:
(1) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج3/ص131)، سؤال رقم (318).
(2)
ابن فضيل بن غزوان الضبي (ت:295هـ)، أخرج له الستة، تهذيب التهذيب (ج9/ص359).
(3)
أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج9/ص52)، سؤال رقم (1637).