الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: الطريقة التي كان الدارقطني نادراً ما يسلكها في بيان العلة:
1 -
لا يذكر أسماء الرواة الذين اختلفوا في الحديث، أو سنده بل يقول: من روى هذا الحديث فقد وهم وقال ما لم يَقُلهُ أحد من أهل العلم، ومثال ذلك ما قاله في حديث:
" أنس عن عمر أنَّه سأل عن قوله تعالى: {وفاكهة وأبَّا} فما الأبّ؟ ثم قال هذا لعَمْرُ الله التكلف فخذوا أيها النَّاس بما تبين لكم فيه فما عرفتم فخذوا به وما لم تعرفوا فكِلُوا علمه إلى الله تعالى (1).
قال - الدارقطني -: من روى هذا الحديث فكِلُوه إلى خالقه فقد وهم، وقال ما لم يقله أحد من أهل العلم بالحديث، فإنه لا يعرف فيه إلا قوله فكِلُوه إلى عالمه، أوكِلوا علمه إلى الله عز وجل أو فدعوه " (2).
2 -
قد يجمل ذكر بعض الرواة بعبارة من العبارات التي تدل على الإجمال كأن يذكر بعض رواة أحد الأوجه ثم يعقب بقوله: " وغيرهم " أو " آخرين "، ومثال ذلك ما قاله في حديث: " عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن عثمان أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اجْتَنِبُوا أُمَّ الْخَبَائِثَ فِإنَّهُ كَانَ رَجُلٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
…
)) الحديث (3).
(1) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ
تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، (ج2/ص242)، برقم (2281)، بلفظ:" أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ: {فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا، وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (سورة عبس آيةرقم 31)، فكل هذا قد عرفنا فما الأبّ؟ ثم نفض ما كان في يده فقال: هذا لعمر الله التكلف اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب ".
(2)
أبو الحسن الدارقطني، كتاب العلل (ج2/ص120)، سؤال رقم (153).
(3)
أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، (ج5/ص10)، برقم (5586)، من طريق: عمر بن سعيد ابن سريح عن الزهري مرفوعاً، والموقوف أصح لأنَّ كبار الحفاظ عن الزهري قد أوقفه، أمثال: معمر بن راشد، ويونس الأيلي وهما أثبت الناس في الزُّهري، فالحديث بهذا الإسناد مُعَلٌّ بالوقف.
فقال - الدارقطني -: يرويه الزهري، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث، عن أبيه واختلف عنه فأسنده عمر بن سعيد بن سريح عن الزهري، ووقفه يونس ومعمر وشعيب ابن أبي حمزة وغيرهم، عن الزهري والموقوف هو الصواب، وروى هذا الحديث عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحسن بن عمارة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم " (1).
3 _
قد يذكر حديثاً ويسوق الاختلاف الذي حصل في إسناده، والحديث في أساسه لا يعتد به لأن متنه منكر فلا فائدة من معرفة نتيجة الاختلاف الذي حصل في الإسناد، ومثال ذلك: " حديث ابن المسيب عن أبي هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الرِّجْلُ جُبَارٌ)) (2).
فقال - الدارقطني -: يرويه الزهري واختلف عنه من رواية سفيان بن حسين عن الزُّهري عنه، فرواه محمد بن يزيد الواسطي وعباد بن العوام، عن سفيان بن حسين، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، ورواه أبو أمية الطرسوسي، عن بشر بن آدم عن عبَّاد بن العوام، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة جمع بينهما وليس أبو سلمة بمحفوظ في هذا الحديث، حدثنا عبدالله بن محمد البغوي، قال: ثنا داود بن رشيد ثنا عبَّاد بن العوام، ثنا سفيان بن حسين، عن الزُّهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الرِّجْلُ جُبَارٌ)) " (3).
قلتُ: وأصل العلة في هذا الحديث هي أن سفيان بن حسين (4) روى هذا الحديث من طريق الزهري وهو ضعيف فيه، ثقة فيما عداه، قال الحافظ ابن حجر في التهذيب (ج4/ص96):" قال ابن أبي خيثمة، عن يحيى: ثقة في غير الزُّهري ".
(1) أبو الحسن الدارقطني، كتاب العلل (ج3 / ص 41)، سؤال رقم (274).
(2)
أخرجه أبو داود في السنن، كتاب الديات، باب في الدابة تَنْفَحُ بِرِجْلِهَا (ج2/ ص606)، برقم (4592)، والحديث ضعيف للعلة التي أشرنا إليها، والرَّجْلُ: الدابة تَنْفَحُ بِرِجْلِهَا.
(3)
أبو الحسن الدارقطني، كتاب العلل (ج9 / ص 120 - 121)، سؤال رقم (1670).
(4)
هو سفيان بن حسين بن الحسن، أبو محمد، ويقال: أبو الحسن، الواسطي (ت:153هـ).