الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخَاتِمة
بعد هذا التطواف الواسع في جنبات هذا البحث، أقول أحسب: أنَّني بذلت كل وسعي واستفرغت الجهد في بيان منهج الدارقطني في نقد الحديث، ولقد توصلت إلى نتائج علمية وتوصيات أثناء الدراسة جديرة بالذكر، ومفيدة غاية الإفادة للباحث في مناهج المحدثين على العموم.
ولقد قمت بالرد على الدارقطني في بعض الأحاديث التي انتقدها على البخاري ومسلم برد علمي بحت، ولا ينقص ذلك من مكانة الدارقطني، لأنَّني أشعر أنَّ مثلي ومثل هؤلاء الكبار كما قال الخطيب البغدادي:" عن الأصمعي قال: قال أبو عمرو بن العلاء: " ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال " (1)، ولا أدعي أنَّني قد استوعبت جميع أوجه منهج الدارقطني في النقد، فإنَّما هو جهد الْمُقِل، فإنَّ فوق كل ذي علمٍ عليم والنقص من شيمة البشر، والله الموفق لا رب سواه.
النتائج الهامة في الدراسة:
- أنّ غالب الأحاديث التي انتقدها الدارقطني على البخاري ومسلم كان الصواب يحالف الشيخان في تصحيح تلك الأحاديث، وقد رد غالب التعليلات التي أعلّ بها الدارقطني الأحاديث الحافظ ابن حجر، وأبو مسعود الدمشقي والنووي، ورددتُ على بعض الأحاديث التي لم يردوا عليها في هذه الدراسة.
- أضفت بفضل الله إلى ما ذكره الحاكم في مبحث أجناس العلل، عشرين جنساً أخرى لم يذكرها الحاكم في مبحث أجناس العلل: عشرة أجناس من جهة الإسناد، وعشرة أجناس أخرى من جهة المتن.
- أنّ الدارقطني والنُّقاد المتقدمين كانوا يصححوا الحديث متى تأكدوا أنَّ راويه قد ضبطه ولم يخطئ فيه، سواء كان من الثقات أو الضعفاء غير المتروكين، وقد صحح البخاري ومسلم أحاديث قوم ضعفاء قد أصابوا في روياتهم عن شيوخهم وبرهان
(1) الخطيب البغدادي: موضح أوهام الجمع والتفريق (ج1/ص12 - 13).
ذلك أنهم أخرجوها في الصحاح، وقد جمع الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري أسماء الضعفاء والمتكلم فيهم الذين أخرج لهم الإمام البخاري وما صحح من أحاديثهم.
- أنَّ الدارقطني وغيره من النقاد المتقدمين كانوا يستخدمون العلل الظاهرة للإشارة إلى علل أخرى خفية قد تخفى على من ليس له خبرة ومعرفة بهذا العلم الشريف.
- أنَّ كتب النقاد المتقدمين قد احتوت الكثير من أمثلة نقد المتون، لا كما ادعى المستشرقون، وإنمَّا أتي ذلك من قبل جهلهم بمصنفات أهل الحديث.
- جمعت بفضل الله بعض قرائن التعليل والترجيح من مصنفات العلل بتنظيم وأسلوب جديد لم أسبق إليه فيما أعلم، ومثاله قرائن الترجيح بالتاريخ وتحديد الغزوات وغيرها، الله هو الموفق.
- أنَّ طريقة المتقدمين أدق وأوسع من طريقة المتأخرين في الترجيح بين المرويَّات التي طرأت عليها العلة، سواء وقع فيها: الخلاف، أو الخطأ في الرواية أو التفرد.
- أنَّ الدارقطني بنى كتابه العلل على عرض أوجه الخلاف على الراوي في الحديث ثم بيان الراجح في الخلاف، إما إشارة أو تصريحاً مما يجعل كتابه أفضل كتاب في بيان العلل الخفية.
- الترجيح بين المرويات المختلفة عند الدارقطني والنُّقاد يسير على نهج واحد وهو الترجيح بالأقوى، فإن استوى الرواة في ذلك بالأكثر عدداً، فإن استووا فبالقرائن التي قد تقوي بعض الرويات على بعض، كمراعاة الأثبت في الشيوخ من غيره، أو الأحفظ أو غيرها من القرائن، والله أعلم.