الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي إليه قال: " ويحك! هذا نصيحة، ليس هذا غيبة "(1).
أهمية بيان علة الأحاديث والأخبار:
إنَّ علم نقد الأخبار سنداً ومتناً يعتبر من أهم العلوم التي ساهمت في تقويم تاريخ الإسلام، والبحث في أوجه نقد الأحاديث وتعليلها من أهم المعارف والمباحث التي تُدرس في علم نقد الأخبار والمرويَّات، حيث أنها تكسب الباحث الخبرة والمعرفة، للتمييز بين الصحيح والضعيف، والتي تُؤهِّلهُ للحكم عليها ومدى صلاحيتها للاستشهاد بها في الأقوال والأعمال والأحكام الشرعية، ولخفاء علل الأحاديث على كثير من الناس إلا حذاق هذا الفن، حتى صار من أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله فهما وإطلاعا وإدراكا لمراتب الرواة ومعرفة ثاقبة لاختلاف المرويَّات، لذا قام جهابذة النقاد من المحدثين ببيان علل الأحاديث من اضطراب، أو تصحيف، أو إدارج، أو نكارة أو شذوذ وغيرها، ليسُدُّوا هذه الثغرة عن الأمة، وقد يكون الحديث مروياً بالمعنى الخطأ عن الثقات - الذين عليهم العمدة في المرويَّات مما يوهم صحته - فيُحكم به، ويعتبر دليلاً لحكم شرعي وليس هو بصحيح بل هو ضعيف معلول.
فعلى سبيل المثال:
قال عبدالله بن أحمد بن حنبل: " سألتُ أبي عن حديث عبدالرحمن بن مهدي عن زائدة عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبدالله قال: ((دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ أَخْبِرِيني بِمَرَضِ رسُول اللهِ صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فوصفت له حتى بلغت أنَّ رسول الله صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ خِفْةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَينَ رَجُلَينِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَصَلَّى النَّبي صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ أَبي بَكْرٍ قَاعِدَاً وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي)) فقال أبي: " أخطأ عبدالرحمن في هذا الموضع، أو يكون زائدة أخطأ لعبدالرحمن، حدثني أبي قال: حدثنا عبدالصمد بن عبدالوارث، ومعاوية بن عمرو وخالفا عبدالرحمن
(1) ابن رجب الحنبلي، شرح علل الترمذي (ص 88).
والصواب ما قال عبدالصمد ومعاوية " (1).
قلتُ: ووجه ما أشار إليه الإمام أحمد من الخطأ: أن وكيعاً أو زائدة جعل النَّبي صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يصلي خلف أبي بكر والصواب أنه صلى إلى جنبه، وائتمَّ أبو بكر رضى الله عنه بالنَّبي صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، والنَّاس يأتمون بأبي بكر وقد رجح الإمام أحمد رواية عبدالصمد بن عبدالوارث ورواية معاوية بن عمرو على رواية عبدالرحمن بن مهدي عن زائدة. وقد أخرجه على الصواب الإمام البخاري في صحيحه قال: حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زائدة عن موسى بن أبي عائشة عن عبدالله بن عتبة قال: ((دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: أَخْبِرِيني بِمَرَضِ رسُول اللهِ صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
…
فَأجْلَسَاهُ إِلِي جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَجَعَلَ أَبَو بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُو يَاتَمُ بِصَلاةِ النَّبي صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاس بِصَلاّةِ أَبِي بَكْرٍ وَالنَّبي صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَاعِدَاً)) (2). وأسند فيها روايتي عبدالصمد بن عبدالوارث ومعاوية بن عمرو ، وهو الصحيح الراجح.
ومثال آخر: قال الإمام الترمذي في العلل الكبير: " حدثنا محمود بن غيلان، ومحمد ابن رافع، قالا: حدثنا عبدالرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ)). سألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال: " هو غير محفوظ، وسألت إسحاق بن منصور عنه فأبى أن يحدث به عن عبدالرزاق، وقال: هو غلط، قلت له: ما علته؟ قال: روى عنه هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبدالله بن قارظ، عن السائب بن يزيد، عن رافع ابن خديج، عن النبَّي صلى الله عليه وسلم قال: ((كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ
(1) أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال، أبو عبدالله (ت:241هـ)، كتاب العلل ومعرفة الرجال طبعة المكتب الإسلامي، بيروت، ودار الخاني، الرياض، سنة 1407هـ، تحقيق وتخريج: الدكتور وصي الله بن محمد عباس، (ج3 /ص304).
(2)
البخاري: محمد بن إسماعيل، الجامع الصحيح (مع الفتح)، كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام لِيُؤْتَمَّ بِهِ، برقم (687)، وبرقم (5384)، وبرقم (5385).
البَغِي خَبِيثٌ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ)) (1)
قلتُ: ووجه علة هذا الحديث أنهم اختلفوا على إسناده، فأدخل بعضهم حديث:((كسب الحجام خبيث، ومهر البغي خبيث، وثمن الكلب خبيث)) في حديث ((أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ))، وكان الوهم فيه من معمر بن راشد، وهو ثقة ثبت حيث خالف فيه جمع من الثقات.
قال الحافظ البيهقي في السنن: " وخالفهم معمر بن راشد فرواه عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبدالله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج قال: قال رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ)) (2).
فظهر الوهم في هذا السند إلا أن الحديث ثابت من أوجه وأسانيد أخرى لم تسلم من العلة فقد أعلّوهُ بالإرسال كما أشار إليه الحافظ البيهقي (3)، حيث رواه بعضهم مرسلاً وبعضهم موصولاً.
ومثال آخر: قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في النكت: " ومن الأحاديث التى رواها بعض الرواة بالمعنى الذى وقع له، وحصل من ذلك الغلط لبعض الفقهاء بسببه: ما رواه العلاء بن عبدالرحمن] بن يعقوب الحرقى [، عن أبيه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأمِّ الْكِتَابِ فَهِىَ خِدَاجٌ
…
))، ورواه عنه سفيان بن عيينه ، وإسماعيل بن جعفر ، وروح بن القاسم ، وعبدالعزيز الدراوردي ، وطائفة من أصحابه ، وهكذا رواه عنه شعبة في رواية من حفاظ أصحابه وجمهورهم، وانفرد وهب بن جرير عن شعبة بلفظ: ((لا
(1) الترمذي: محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي، أبو عيسى (ت: 279 هـ) علل الترمذي الكبير، رتبه أبي طالب القاضي، طبعة عالم الكتب، بيروت، سنة 1409هـ، تحقيق: السيد صبحي البدري السامرائي ومن معه، (ج1/ص 45 - 46).
(2)
البيهقي: أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، أبو بكر (ت:458 هـ)، السنن الكبرى طبعة مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، سنة 1414 هـ، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، (ج4/ص265).
(3)
المصدر السابق (ج4/ ص 266 - 267).
تُجْزِئُ صَلَاة لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)) (1)،
حتى زعم بعضهم أن الرواية مفسرة للخداج الذي في الحديث وأنه عدم الإجزاء، وهذا لا يتأتًّى إلا لو كان مخرج الحديث مختلفاً، فأما والسند واحد متحد فلا ريب في أنَّه حديث واحد اختلف لفظه، فتكون رواية وهب بن جرير شاذة بالنسبة إلى ألفاظ بقية الرواة، لاتفاقهم دونه على اللفظ الأول ولأنَّه يبعد كلَّ البعد أن يكون أبو هريرة رضي الله عنه سمعه باللفظين، ثم نقل عنه ذلك، فلم يذكره العلاء لأحد من رواته _ على كثرتهم _ إلا لشعبة، ثمَّ لم يذكره شعبة لأحدٍ من رواته _ على كثرتهم _ إلا لوهب بن جرير " (2).
قلتُ: ذكر الحافظ البيهقي في السنن الكبري (3)، وتبعه الحافظ في النكت (4)
…
بلفظ: ((كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأمِّ الْكِتَابِ فَهِىَ خِدَاجٌ))، وعزوا الحديث للإمام مسلم
…
في صحيحه، وهو وهم منهما رحمهما الله، ولكن ورد هذا اللفظ عند الإمام أحمد في المسند (5)، وكذلك في السنن لابن ماجة (6) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ولكن الحديث عند الإمام مسلم بلفظ:((مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَا فِيهَا بِأُمِّ القُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ))، من حديث سفيان بن عيينة
(1) ابن خزيمة: محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري، أبو بكر، (ت:311هـ) صحيح ابن خزيمة، طبعة المكتب الإسلامي، بيروت، سنة 1390هـ، كتاب الصلاة، باب ذكر الدليل على أن الخداج الذي أعلم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر هو النقص
…
، (ج1/ ص248) حديث رقم (490) ..
(2)
ابن حجر: أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني، أبو الفضل، شهاب الدين (ت:852 هـ)، النكت على ابن الصلاح، طبعة دار الراية، الرياض، (ج2/ ص806 - 808).
(3)
البيهقي: أحمد بن الحسين بن علي، السنن الكبري (ج2/ ص38).
(4)
ابن حجر: أحمد بن علي، الحافظ أبو الفضل العسقلاني، النكت (ج2/ ص806 - 808).
(5)
أحمد بن حنبل، المسند، دارالبشير، عمان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط (ج2/ 457)(برقم9900).
(6)
ابن ماجه: محمد بن يزيد الربعي القزويني، أبو عبد الله، (ت:273هـ)، السنن طبعة دار الفكر، بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها برقم (832).
عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة (1)
ومعلوم أن ترجمة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فيها كلام من أهل العلم، فقد ذكر خلاصة ذلك العلامة أحمد شاكر كلاماً غاية في التحقيق والإتقان فقال:" فقد اختلف كثيراً في الاحتجاج برواية عمرو عن أبيه عن جده أما عمرو فإنه ثقة من غير خلاف، ولكن أعلَّ بعضهم روايته عن أبيه عن جده بأن الظاهر أن المراد جد عمرو وهو محمد بن عبدالله بن عمرو فتكون أحاديثه مرسلة، ولذلك ذهب الدارقطني إلى التفصيل، ففرق بين أن يفصح بجده أنَّه " عبدالله " فيحتج به، أو لا يفصح فلا يحتج به، وكذلك إن قال: " عن أبيه عن جده سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم " أو نحو هذا مما يدل على أن المراد الصحابي فيحتج به وإلا فلا ".
وذهب ابن حبان إلى تفصيل آخر: وهو أنه إن استوعب ذكر آبائه في الرواية احتج به وإن اقتصر على قوله: " عن أبيه عن جده " لم يحتج به. وقد أخرج في صحيحه حديثاً واحداً هكذا: " عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن محمد بن عبدالله بن عمرو عن أبيه مرفوعاً: ((ألَا أُحَدِثُكُمْ بِأَحَبكُمْ إلىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسَاً يَوْمَ القِيَامَةِ)) (2)، الحديث. قال الحافظ العلائي: " ما جاء فيه التصريح برواية محمد عن أبيه في السند فهو شاذ نادر، وقال ابن حبان في الاحتجاج لرأيه برد رواية عمرو عن أبيه عن جده: إن أراد جده عبدالله فشعيب لم يلقه، فيكون منقطعاً، وإن أراد محمداً فلا صحبة له فيكون مرسلاً.
…
قال الذهبي في الميزان: " هذا لا شئ، لأن شعيباً ثبت سماعه من عبدالله، وهو الذي رباه حتى قيل: إن محمداً مات في حياة أبيه عبدالله، وكفل شعيباً جده عبدالله، إذا قال عن أبيه عن جده، فإنما يريد بالضمير فيه " جده " إنه عائد إلى شعيب، وصح أيضاً أن شعيب سمع من معاوية وقد مات معاوية قبل عبدالله بن عمرو بسنوات، فلا ينكر له السماع من جده سيما وهو الذي رباه وكفله "، والتحقيق أن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من أصح الأسانيد كما قلنا آنفاً، قال البخاري: " رأيت أحمد بن حنبل
(1) مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم (بشرح النووي)، (ج2/ ص336) برقم (395) ..
(2)
الترمذي: محمد بن عيسى بن سورة، السنن، (ج4/ ص370) برقم (2018).
وعلي بن المديني وإسحاق بن رَاهَويه وأبا عبيد وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما تركه أحدٌ من المسلمين. قال البخاري: " من الناس بعدهم؟!. وروى الحسن بن سفيان عن إسحاق بن رَاهَويَهْ قال: " إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثقة، فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر".
قال النَّووي: " وهذا التشبيه نهاية في الجلالة من مثل إسحاق "(1).
مما سبق يتبين لنا أن لنقد الأحاديث أهمية كبرى لمعرفة الغث من الثمين منها، وتمييز الصحيح الراجح من الأحكام الشرعية التي عليها مدار الدين، وإحقاق الحق وإبطال الباطل، وثمة فرق شاسع، وبون عظيم، بين نقد علماء الحديث للأخبار والمرويَّات، وبين أولئك المستشرقين الذين لم يكن لهم هم إلا الطعن في هذه الأخبار والآثار، لتأسيس منهج جديد مخالف لأصول أهل العلم وجهابذة هذا الفن ليكون ذريعة لمن في قلوبهم مرض ليسيروا خلفهم، وينتهجوا مناهجهم، للتشكيك في دين الله، وضرب المصدر الثاني في الإسلام، وفي هذا ما فيه من تنكب الأفهام، والانتكاس عن الجادة، والتسور على الكبار، لكن هيهات هيهات، وشتان بين الثرى والثريا، فإن الله عز وجل حفظ الدين بقوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (2)، والقرآن ذكرٌ قد دلت عليه آيات كثيرة منها قوله:{وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} (3) والسنة والأحاديث النبوية الشريفة ذكر كذلك فقد قال الله عز وجل: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (4)، فحفظ الله القرآن والسنة معاً إلى قيام الساعة، ولن ينال هؤلاء من القُرآنِ ولا من السُّنةِ الشريفةِ أبداً، والله سبحانه وتعالى الموفق، فله الحمد والمنَّة.
(1) أحمد محمد شاكر من آل أبي العلياء، أبو الأشبال (ت: 1377 هـ)، الباعث الحثيث شرح مختصر علوم الحديث، مكتبة السُّنة، القاهرة 1415 هـ، (ص 284).
(2)
سورة الحجر آية (9).
(3)
سورة الأنبياء آية (50).
(4)
سورة النحل آية (44).