المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: قرائن الترجيح بالأحفظ: - منهج الإمام الدارقطني في نقد الحديث في كتاب العلل

[يوسف بن جودة الداودي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌مقدمة

- ‌أهداف البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌خطة البحث:

- ‌عقبات البحث:

- ‌تمهيد

- ‌ تعريف العلة لغةً واصطلاحاً

- ‌العلة في اللغة:

- ‌العلة في الاصطلاح:

- ‌ملخص الخلاف في تعريف العلة في الاصطلاح:

- ‌العلاقة بين المدلول اللغوي والاصطلاحي:

- ‌أهمية بيان علة الأحاديث والأخبار:

- ‌الباب الأولالإمام الدارقطني وكتابه العلل

- ‌الفصل الأولترجمة موجزة للإمام الدَّارَقُطْني رحمه الله

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده

- ‌المبحث الثاني: نشأته وبداية طلبه للعلم

- ‌المبحث الثالث: رحلاته العلمية و‌‌شيوخهوتلامذته

- ‌شيوخه

- ‌تلامذته:

- ‌المبحث الرابع: منزلته العلمية

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الخامس: وفاته

- ‌المبحث السادس: آثاره العلمية

- ‌أولاً المخطوطات:

- ‌ثانياً المطبوعات:

- ‌المبحث السابع: دراسات علمية حول بعض مؤلفاته

- ‌الفصل الثانيالتعريف بكتاب العلل للإمام الدَّارَقُطْني

- ‌المبحث الأول:‌‌ اسم الكتابومؤلفه:

- ‌ اسم الكتاب

- ‌مؤلف الكتاب:

- ‌المبحث الثاني: قيمة الكتاب العلمية:

- ‌المبحث الثالث: محتوى الكتاب:

- ‌المبحث الرابع: مصادر الإمام الدارقطني في الكلام على العلل والرواة:

- ‌أولاً: المصادر التي صرح بها الدارقطني في كتابه:

- ‌ثانياً: المصادر التي لم يصرح بها الدارقطني في كتابه:

- ‌المبحث الخامس: الطريقة التي كان يسلكها الدارقطني في بيان العلل:

- ‌أولاً: الطريقة التي كان يسلكها الدارقطني غالباً في بيان العلة:

- ‌ثانياً: الطريقة التي كان الدارقطني أحياناً ما يسلكها في بيان العلة:

- ‌ثالثاً: الطريقة التي كان الدارقطني نادراً ما يسلكها في بيان العلة:

- ‌المبحث السادس: الأحاديث التي انتقدها الدارقطني في العلل على أحد الصحيحين:

- ‌أولا: الأحاديث التي انتقدها في كتاب العلل وقد أخرجها البخاري في أصل صحيحه:

- ‌ثانياً: الأحاديث التي انتقدها في كتاب العلل وقد أخرجها مسلم في أصل صحيحهٍ:

- ‌الباب الثانيالعلة وأجناسها عند الإمام الدارقطني

- ‌الفصل الأولمفهوم العلة عند الإمام الدارقطني

- ‌المبحث الأول: مفهوم العلة من جهة الإسناد

- ‌المبحث الثاني: مفهوم العلة من جهة المتن

- ‌أمثلة نقد الدارقطني لمتون الأحاديث:

- ‌نتائج هامة:

- ‌الفصل الثانيأجناس العلل الخفية والظاهرة في الإسناد والمتون

- ‌المبحث الأول: أجناس العلل التي ذكرها الحاكم وأمثلتها عند الدارقطني:

- ‌الأجناس التي ذكرها الحاكم وأمثلتها عند الدارقطني في كتاب العلل

- ‌المبحث الثاني: الأجناس التي لم يذكرها الحاكم وأمثلتها عند الدارقطني في كتاب العلل

- ‌المبحث الثالث: أجناس العلل الخفية في المتون:

- ‌المبحث الرابع: أجناس العلل الظاهرة

- ‌الباب الثالثألفاظ التعليل ومدلولاتها عند الإمام الدارقطني

- ‌الفصل الأولالألفاظ الدالة على ضعف الخبر أو عدم ثبوته

- ‌المبحث الأول: ألفاظ التضعيف ومدلولاتها عند الإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف‌‌ الضعف لغةًواصطلاحاً

- ‌ الضعف لغةً

- ‌الضعيف في الاصطلاح:

- ‌علاقة الحديث الضعيف بالحديث المعلول:

- ‌المطلب الثاني: أهمية كتابة الحديث الضعيف

- ‌المطلب الثالث: ألفاظ التضعيف عند الدارقطني في العلل

- ‌المبحث الثاني: ألفاظ الوضع والبطلان ومدلولاتهما عند الإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف الوضع والبطلان لغة واصطلاحاً

- ‌أولاً: تعريف الوضع لغةً:

- ‌ثانياً: تعريف الموضوع في الاصطلاح:

- ‌ثالثاً: تعريف البطلان لغةً:

- ‌رابعاً: تعريف الباطل في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثاني: ألفاظ الوضع والبطلان عند الإمام الدارقطني

- ‌أولاً: لفظة: " كان يضع أو يكذب

- ‌ثانياً: لفظة: " قال ما لم يقله أحد من أهل العلم

- ‌ثالثاً: لفظة: " ليس هذا بشيء

- ‌رابعاً: لفظة: " وهذا الحديث باطل بهذا الإسناد

- ‌خامساً: لفظة: " هذا باطل عن فلان

- ‌سادساً: لفظة: " وكلها باطلة

- ‌ويتضح مما سبق:

- ‌نستنج أنَّ:

- ‌الفصل الثانيالألفاظ الدالة على الخطأ والوهم والاختلاف

- ‌المبحث الأول: ألفاظ الخطأ والوهم ومدلولهما عند الإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف الخطأ والوهم لغةً

- ‌أولاً: تعريف الخطأ لغةً

- ‌ثانياً: تعريف الوهم لغةً

- ‌المطلب الثاني: ألفاظ الخطأ والوهم عند الدارقطني في العلل

- ‌أولاً: لفظتا " الخطأ والوهم مجتمعة

- ‌ثانياً: لفظة " الخطأ

- ‌ثالثاً: لفظة " الوهم

- ‌المبحث الثاني: ألفاظ المخالفة والنَّكارة ومدلولهما عند المحدثين والإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف المخالفة لغة

- ‌المطلب الثاني: مفهوم المخالفة عند المحدثين والإمام الدارقطني

- ‌المطلب الثالث: ألفاظ المخالفة التي استعملها الإمام الدارقطني لبيان العلل

- ‌أولاً: لفظة " خالفه الثقات الحفاظ في إسناده

- ‌ثانياً: لفظة " خالفه فأدرج في متن الحديث

- ‌ثالثاً: لفظة " اختلف عنه: ووهم في ذلك إنَّما أراد كذا، بدل كذا

- ‌رابعاً: لفظة " خالفه فزاد زيادة الثقة

- ‌المطلب الرابع: تعريف النَّكارة لغة

- ‌المطلب الخامس: مفهوم النَّكارة وألفاظها عند المحدثين والإمام الدارقطني

- ‌الفصل الثالثالألفاظ الدالة على الغرابة والتفرد والترجيح

- ‌المبحث الأول: الغرابة والتفرد ومدلولهما عند النُّقاد والإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف الغرابة والتفرد لغةً

- ‌أولاً: تعريف الغرابة لغةً

- ‌ثانياً: تعريف التفرد لغةً

- ‌المطلب الثاني: لفظا الغرابة والتفرد عند النُّقاد والدارقطني في العلل

- ‌أولا: لفظة " تفرد به فلان

- ‌ثانيا: لفظة " غريب

- ‌المبحث الثاني: ألفاظ الترجيح ومدلولاتها عند النُّقاد والإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف الترجيح لغةً

- ‌المطلب الثاني: ألفاظ الترجيح عند النُّقاد والدارقطني في العلل

- ‌أولاً: ألفاظ: "وهو الصحيح" أو "والصحيح من ذلك " أو"والصحيح قول فلان

- ‌ثانياً: لفظة " وهو الصواب

- ‌ثالثاً: لفظة " فلان أثبت من فلان

- ‌رابعاً: لفظة " وهو الأشبه بالصواب

- ‌خامساً: لفظة " أحسنها إسناداً

- ‌الباب الرابعقرائن التعليل والترجيح عند الإمام الدارقطني

- ‌الفصل الأولقرائن التعليل عند الإمام الدارقطني

- ‌تمهيد: أهمية معرفة قرائن التعليل

- ‌المبحث الأول: دلائل العلة

- ‌المطلب الأول: التفرد ودلالته كقرينة عند النُّقاد والدارقطني

- ‌المطلب الثاني: المخالفة ودلالتها كقرينة عند النُّقاد والدارقطني

- ‌المبحث الثاني: قرائن التعليل الإسنادية

- ‌المطلب الأول: قرينة ضعف الثقة في بعض شيوخه الثقات

- ‌المطلب الثاني: قرينة ضعف الثقة في بعض البلدان

- ‌المطلب الثالث: قرينة ضعف الثقة في بعض الأحوال

- ‌المبحث الثالث: قرائن التعليل المتنية

- ‌المطلب الأول: قرينة مخالفة الحديث للسُنّة الثابتة المشهورة

- ‌المطلب الثاني: قرينة أنَّ الحديثَ لا يشبه كلام النبوة

- ‌المطلب الثالث: قرينة أنَّ الحديثَ لا يشبه حديث فلان

- ‌الفصل الثانيالمتابعات والقرائن وأثرهما في الترجيح عند الإمام الدارقطني

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: المتابعات وأثرها في الترجيح

- ‌المطلب الأول: تعريف المتابعات لغةً واصطلاحاً وحكمها:

- ‌أولاً: تعريف المتابعة لغة:

- ‌ثانياً: تعريف المتابعة اصطلاحاً وحكمها:

- ‌المطلب الثاني: أثر المتابعات في الترجيح عند النُّقاد والإمام الدرقطني:

- ‌المبحث الثاني: القرائن وأثرها في الترجيح

- ‌المطلب الأول: قرائن الترجيح بالأحفظ:

- ‌المطلب الثاني: قرينة الترجيح بالأقوى والأثبت في الشيوخ:

- ‌المطلب الثالث: قرائن الترجيح بتحديد التاريخ:

- ‌الخَاتِمة

- ‌النتائج الهامة في الدراسة:

- ‌التوصيات والمقترحات الهامة في الدراسة:

- ‌الفَهَارِسُ العِلْميَةُ

- ‌ثبَتُ المصَادر والمرَاجِع

الفصل: ‌المطلب الأول: قرائن الترجيح بالأحفظ:

‌المبحث الثاني: القرائن وأثرها في الترجيح

.

‌المطلب الأول: قرائن الترجيح بالأحفظ:

سبق وأن ذكرنا أنَّ منهج الدارقطني والنُّقاد في ترجيح المرويَّات قد يكون بقرينة الأحفظ للرواية والمتقن لها، وتعد هذه القرينة من أشهر القرائن التي كان يستعملها النُّقاد للدلالة على صحة الرواية، أو إعلال وجه من الوجوه، أو ترجيح زيادة على نقصان أو العكس وغيرها، والجدير بالذكر أنَّ هذه القرائن متعددة وكلها تدل على أنَّ الراوي قد حفظ الحديث وضبطه، فمثلاً كونه أعلم الناس بحديث فلان، أو أنَّ في حديثه قصة يسردها قبل المتن كسبب رواية الحديث وهكذا، فإنَّ هناك عدة قرائن تدل دلالة واضحة وقوية على أنَّ الراوي قد حفظ ذلك المروي، وضبطه ضبطاً لا شك فيه، وسنعرض هنا بعض النماذج التي توضح كيفية استعمال الدارقطني والنُّقاد لهذه القرينة في الترجيح:

المثال الأول: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني -: " عن حديث المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَحُدَّهَا وَلَا يُعَيِّرْهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدَهَا، ثُمَّ لِيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ "(1).

فقال - الدارقطني -: يرويه عبيدالله بن عمر، واختلف عنه، فرواه معتمر بن سليمان، وأبو أسامة، وعبدالله بن نمير عن عبيدالله عن سعيد عن أبي هريرة. واختلف عن محمد بن عبيد الطنافسي، فرواه عنه جماعة، فقالوا: عن عبيدالله عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة بمتابعة الأموي، ورواه آخرون بمتابعة معتمر ومن وافقه، لم يذكروا فيه

أبا سعيد المقبري. وكذلك رواه عبدالعزيز بن جريج، وأيوب بن موسى، وإسماعيل بن أمية، وأسامة بن زيد،

(1) متفق عليه: أخرجه البخاري على الوجه الصحيح في الجامع الصحيح (مع الفتح)، كتاب البيوع، باب بيع العبد الزاني (ج4/ص425)، برقم (2152)، ومسلم في الجامع الصحيح (بشرح النووي)، كتاب الحدود، باب رجم اليهود، وأهل الذمة في الزنا، (ج6/ص226)، برقم (1703)، كلاهما عن اللَّيْثُ بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة نحواً منه.

ص: 362

وعبدالرحمن بن إسحاق، وابن أبي ذئب، ومحمد بن عجلان، وعبدالله بن عمر العمري وأبو معشر. وخالفهم اللَّيْثُ بن سعد وهو أحفظ الجماعة عن المقبري.

ورواه عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة، وهو المحفوظ؛ لأنَّ الليث بن سعد ضبط عن المقبري ما رواه عن أبي هريرة، وما رواه عن أبيه عن أبي هريرة " (1).

قلتُ: هذا الحديث مداره على سعيد بن أبي سعيد المقبري كيسان، واختلف عليه علي وجهين:

1.

رواه عنه جماعة ثقات أثبات منهم ابن جريج، وإسماعيل بن أمية (2)، وابن أبي ذئب وغيرهم، فقالوا: عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة مرفوعاً، لم يذكروا فيه أبا سعيد المقبري.

2.

وخالفهم اللَّيْثُ بن سعد (3) فرواه عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً.

ثُمَّ رَجَّح الدارقطني الوجه الثاني، حيث إنَّ اللَّيْثُ بن سعد أحفظ الناس بحديث سعيد ابن أبي سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة، وقد ضبط ما رواه سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، وما رواه عن أبيه عن أبي هريرة، وهذه قرينة الأحفظ للحديث، فعلى الرغم من أنَّ جمعاً من ثقات قد خالفوه، كانت روايةُ اللَّيْثِ بن سعد هي الصواب ورواية غيره خطأ، مما يظهر أمانة ودقة الدارقطني في ترجيحه بين المرويَّات، ومن هنا يُعلم سر إخراج البخاري ومسلم للحديث من طريق اللَّيْثِ بن سعد، وليس من طريق غيره بسبب العلة التي ذكرها

(1) أبو الحسن الدارقطني: العلل، (ج10/ص378)، سؤال رقم (2063).

(2)

إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي (ت: 144 هـ)، ثقة ثبت، من الطبقة السادسة، أخرج له الستة، تهذيب التهذيب (ج1/ص 247).

(3)

اللَّيْثُ بن سعد بن عبدالرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري (ت: 175 هـ)، ثقة ثبت فقيه إمام، من الطبقة السابعة، أخرج له الستة، تهذيب التهذيب (ج8/ص 412).

ص: 363

الدارقطني هنا في بقية الأوجه الأخرى، وهو الخطأ الذي طرأ على الإسناد فيها بإسقاط أبي سعيد المقبري من الإسناد، والله هو الهادي إلى سواء السبيل.

المثال الثاني: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني -: " عن حديث الأحنف بن قيس عن أبي بكرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا)) (1).

فقال - يعني الدارقطني -: يرويه الحسن البصري عن الأحنف واختلف عنه فرواه أيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وهشام بن حسان، ومعلى بن زياد عن الحسن عنه واختلف عن يونس وهشام فروي، عن حماد بن زيد عنهما، عن الحسن عن الأحنف، وخالفه أبو خلف عبدالله بن عيسى ومحبوب بن الحسن فرواه عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة، وخالفه أيضا في روايته عن هشام الثوري وزائدة، فروياه عن هشام عن الحسن عن أبي بكرة، وكذلك قال أبو الربيع الزهراني، عن حماد بن زيد عن هشام.

ولعل حماد إنَّما جمع بين أيوب وهشام ويونس في الإسناد على حديثيهما على إسناد حديث أيوب فذكر فيه الأحنف وهما لا يذكرانه، ورواه قتادة ومعروف الأعور، وجسر ابن فرقد عن الحسن عن أبي بكرة. ولم يذكروا فيه الأحنف، والصحيح حديث أيوب حدث به عنه حماد بن زيد ومعمر " (2).

قلتُ: ومن القرائن التي جعلت حديث أيوب الذي حدث به حماد بن زيد، ومعمر بن راشد راجحاً ومحفوظاً أنَّ حديث أيوب فيه قصة سؤال الأحنف بن قيس أبي بكرة رضى الله عنه، وهي

(1) أخرجه البخاري على الوجه الصحيح: في الجامع الصحيح (مع الفتح)، كتاب الديات، باب قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا

(ج12/ص226)، رقم (6875)، بلفظ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ قَالَ ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ)).

(2)

أبو الحسن الدارقطني: العلل، (ج7 / ص 162 - 164)، سؤال رقم (1276).

(2)

ابن حجر العسقلاني: هدي الساري (مقدمة فتح الباري)، (ص 490).

ص: 364

دليل على أنَّ صاحب الرواية قد حفظ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل:" إذا كان في الحديث قصة دل على أن راويه حفظه، والله أعلم "(1).

لقد رجَّح النُّقاد المتقدمون بهذه القرائن عدة أحاديث نذكر منها نموذجاً علي سبيل المثال:

قال ابن أبي حاتم في العلل: " سألتُ أبي وأبا زُرْعَةَ، عن حديثٍ، رواه يحيى بن آدم عن الحسن بن عياش، عن ابن أَبْجَر عن الأسود عن عمر:((أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيهِ فِي أَوْلِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ لَا يَعُودُ))، هل هو صحيح؟ أو يَرْفَعُهُ حديث الثوري عن الزبير بن عدي عن إِبراهيم عن الأسود عن عمر:((أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيهِ فِي افْتِتَاحِ الْصَّلَاةِ حَتَى تَبْلغُا مِنْكَبَيهِ)) فقط؟،

فقالا سفيان أحفظ، وقال أبو زُرْعَةَ هذا أصح، يعنى حديث سفيان عن الزبير ابن عدي عن إِبراهيم عن الأسود عن عمر " (2).

قلتُ: والعلة التي أشار إليها ابن أبي حاتم هنا هي الأثر ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من طريق الحسن بن عياش (3) وهو ثقة بلفظ: " أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيهِ فِي أَوْلِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ لَا يَعُودُ "، وهذا مخالف الأحاديث الصحيحة الواردة في رفع اليدين عند الركوع وبعده.

وقال الزيلعي في نصب الراية بعد ذكر الرواية: " قَالَ الطَّحَاوِيُّ: فهذا عمر لم يكن يرفع يَدَيْهِ أَيْضًا إلَا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ، فَإِنَّ مَدَارَهُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَهُوَ ثقة حجة ذكر ذلك يحيى بن معين عنه انتهى، وَاعْتَرَضَهُ الْحَاكِمُ: بِأَنَّ هذه رواية شاذة لا يقوم بها حجة ولا تعارض بها الأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَنْ طَاوُسٍ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ

(1)

(2)

ابن أبي حاتم: كتاب العلل، (ص 354 - 355)، مسالة رقم (256).

(3)

الحسن بن عياش بن سالم الأسدي مولاهم الكوفي (ت: 172 هـ)(أخو أبى بكر بن عياش)، صدوق، من الطبقة الثامنة، من الوسطى من أتباع التابعين، أخرج له: مسلم والترمذي والنَّسائي، تهذيب التهذيب (ج2/ص 270).

ص: 365