الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُزِنَ وفُسِل " (1).
وقد ورد لفظ " معلول " على ألسنة كثير من المحدثين المتقدمين كالبخاري والترمذي والحاكم والدراقطني وابن عدي وابن عبد البر والبيهقي وغيرهم (2)، واستعمله المتأخرون كذلك مثل الحافظ ابن حجر وسمى كتاباً له:"الزهر المطلول في الخبر المعلول" وهو من الكتب المفقودة كما ذكره العلامة أحمد شاكر (3)، واستعمله السخاوي أيضاً وغيرهم (4).
قلتُ: فخلاصة الأمر أن لفظة " معلول " صحيحة في اللغة ولاسيما أنَّ لها أصل، ولا شك أن المحدثين كانوا أيضاً مُتَمرِّسين في اللغة، فهم أولى الناس باستعمال الصحيح من اللغة، واستعمالهم هذه اللفظة في الحكم على الحديث الذي طرأت عليه العلة دليل صحة هذا اللفظ عندهم والله أعلم.
العلة في الاصطلاح:
قال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري: " وإنِّما يُعلَّلُ الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل، إنَّ حديث المجروح ساقط واهٍ، وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات أن يحدثوا بحديث له علةٌ فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلولاً "(5).
وتابعه على ذلك الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في مقدمته فقال: " فالحديث المعلَّل هو: الحديث الذي أُطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن الظاهر السلامة منها، ويتطرق ذلك
(1) ابن سِيدَه: علي بن إسماعيل، المعروف بابن سِيدَه الأندلسي، أبو الحسن (ت: 458 هـ)، المحكم والمحيط الأعظم في اللغة، طبع معهد المخطوطات العربية، القاهرة 1999م (ج1/ص 64).
(2)
العراقي، التقيد والإيضاح، طبعة دار الفكر، بيروت، سنة 1969 م (ص117 - 118).
(3)
أحمد بن محمد شاكر، أبو الأشبال (ت: 1377 هـ)، الباعث الحثيث، طبع مكتبة السنة سنة 1415 هـ (ص 91).
(4)
السخاوي: محمد بن عبد الرحمن السخاوي، فتح المغيث (ج1/ ص260).
(5)
ابن البيع النيسابوري: محمد بن عبد الله بن حمدويه بن نعيم النيسابوري، الشهير بالحاكم، ويعرف بابن البيع، أبو عبد الله (ت: 405)، معرفة علوم الحديث، دار الكتب العلمية، المدينة المنورة، الطبعة الثانية 1397هـ (ص 112).
إلى الإسناد الذي رجاله ثقات، الجامع شرط الصحة من حيث الظاهر " (1).
وقد انتقد غير واحد تعريف ابن الصلاح، ومنهم الدكتور عبدالله بن محمد دمفو فقال:" لكن تعريفه هذا لم يُدخل العلل التي قد تطرأ على متن الحديث دون إسناده "(2).
قلتُ: وليس هذا بصحيح حيث إن لفظ ابن الصلاح: " أُطلع فيه على علة " تشمل علة الإسناد والمتن معاً، وأما قوله:" ويتطرق ذلك إلى الإسناد "، فهو توضيح لقوله:" مع أنَّ الظاهر السلامة منها "، ولذا لا يوجد في تعريف ابن الصلاح أي ملحظ، فهو في نظري مستقيم.
وذكر العلامة الشيخ زكريا الأنصاري تعريف العلة عن الحافظ ابن حجر العسقلاني فقال: " هو خبر ظاهره السلامة أُطلع فيه بعد التفتيش على قادح "(3)، وتابعه الحافظ السخاوي على ذلك (4).
وقد توسع بعض المحدثين في تعريف العلة في الاصطلاح على غير ذلك فأدخل بعضهم العلل الظاهرة ولم يشترطوا أن تكون العلة خفية، كالانقطاع في الإسناد، والإرسال، والإعضال والتدليس والاضطراب، كل ذلك يُعد عندهم علة كابن وضاح، وابن حزم، وابن العربي، وأبي علي الصدفي وأبي علي الغساني، وأبي محمد الرشاطي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن القطان الفاسي وغيرهم (5).
(1) العراقي، التقيد والإيضاح (ص116).
(2)
عبدالله بن محمد دمفو، مرويات الإمام الزهري المعلة في علل الدارقطني رسالة دكتوراه، مطبوعة بمكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى سنة 1419 هـ (ج1/ ص91).
(3)
السنيكي: زكريا بن محمد الأنصاري المصري أبو يحيي (ت: 926 هـ)، فتح الباقي على ألفية العراقي، دار الكتب العلمية، بيروت، (ج1/ ص 228).
(4)
السخاوي: محمد بن عبد الرحمن، فتح المغيث (ج1/ ص260).
(5)
أبو بكر بن الطيب كافي، منهج الإمام أحمد في التعليل من خلال كتابه العلل، دار ابن حزم بيروت، سنة 1426 هـ، (ص 155 - 156).