الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: منزلته العلمية
.
كان الإمام الدَّارَقُطْني من بحور العلم ومن أئمة الدنيا، اهتم بدراسة علم القراءات، والحديث، واللغة، والفقه، وقد جُمع له الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله، مع التقدم في القراءات وطرقها، وهو أول من صنف في علم القراءات، وله فهم ثاقب في الفقه، والاختلاف، والمغازي، وأيام الناس، وغير ذلك، ولقد أثنى عليه كثير من العلماء بما لا يدع مجالاً لأحد للثناء عليه بعدهم، وقد أوردت بعض النصوص بإيجاز غير مخل طلباً للاختصار.
ثناء العلماء عليه:
قال الحافظ ابن عساكر: " قال أبو عبدالله الحاكم: الحافظ الدَّارَقُطْني رضي الله عنه صار واحد عصره في الحفظ والفهم والورع وإماماً في القُرَّاءِ والنحويين، أول ما دخلت بغداد كان يحضر المجالس وسِنَّه دون الناس وكان أحد الحفاظ، ثم صَحِبنا في رحلتي الثانية وقد زاد على ما كنت شاهدته، وحج شيخنا أبو عبدالله بن أبي ذهل سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وانصرف فكان يصف حفظه وتفرده بالتقدم حتى استنكرت وصفه إلى أن حججت سنة سبع وستين، فلما انصرفت إلى بغداد أقمت بها زيادة على أربعة شهر وكثر اجتماعنا بالليالي والنهار، فصادفته فوق ما كان وصفه الشيخ أبو عبدالله وسألته عن العلل والشيوخ ودونت أجوبته عن سؤالاتي وقد سمعها مني أصحابي "(1).
…
.
فتعقبه الحافظ الذهبي فقال: " وهم الحاكم، فإن الحاكم إنما دخل بغداد سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، وسن أبي الحسن خمس وثلاثون سنة "(2).
وقال الحافظ الذهبي: " صنف التصانيف: وسار ذكره في الدنيا، وهو أول من صنف في القراءات، وعقد لها أبواباً قبل فرش الحروف، تلا على أبي الحسين أحمد بن بويان، وأبي بكر
(1) ابن عساكر، تاريخ دمشق طبعة دار الفكر بيروت 1419 هـ، (ج 43/ص 97)، والذهبي تذكرة الحفاظ مختصراً (ج3/ 991 - 992).
(2)
الذهبي، سير أعلام النبلاء (ج16/ 450 - 452).
النقاش، وأحمد بن محمد الديباجي، وعلي بن ذؤابة القزاز وغيرهم، وسمع حروف السبعة من أبي بكر بن مجاهد، وتصدر في آخر أيامه للإقراء.
وقال الخطيب البغدادي: كان الدَّارَقُطْني فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده وإمام وقته، انتهى إليه العلو في الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال، مع الصدق والثقة، وصحة الاعتقاد، والاضطلاع من علوم سوى الحديث، منها القراءات، فإنه له فيها كتاب مختصر، جمع الأصول في أبواب في أول الكتاب، وسمعت من يعتني بالقراءات يقول: لم يُسبق أبو الحسن إلى طريقته في هذا وصار القراء بعده يسلكون ذلك، قال: ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء، فإن كتابه " السنن " يدل على ذلك، وبلغني أنه درس فقه الشافعي على أبي سعيد الإصطخري، وقيل على غيره ومنها المعرفة بالأدب والشعر" (1).
وقال الحافظ ابن كثير: " قال أبو عبدالله الحاكم: لم ير الدارقطني مثل نفسه "(2).
قال الحافظ الذهبي: " وقال الخطيب: قال لي أبو القاسم الأزهري: " كان الدارقطني ذكياً إذا ذوكر شيئا من العلم - أي نوع كان - وُجِد عنده منه نصيب وافر " (3).
وقال ابن خلكان: " الدارقطني الحافظ المشهور، كان عالماً حافظاً فقيهاً على مذهب الإمام الشافعي أخذ الفقه عن أبي سعيد الإصطخري الفقيه الشافعي ".
…
.
وقال أيضا: " انفرد بالإمامة في علم الحديث في دهره، ولم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه، وتصدر في آخر أيامه للإقراء ببغداد، وكان عارفاً باختلاف الفقهاء ويحفظ كثيراً من دواوين العرب "(4).
(1) المصدر السابق.
(2)
ابن كثير، البداية والنهاية، (ج11/ 362).
(3)
الذهبي، تذكرة الحفَّاظ (ج3 / ص 993).
(4)
ابن خلكان، وفيات الأعيان (ج3 / ص 297).