المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أمثلة نقد الدارقطني لمتون الأحاديث: - منهج الإمام الدارقطني في نقد الحديث في كتاب العلل

[يوسف بن جودة الداودي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌مقدمة

- ‌أهداف البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌خطة البحث:

- ‌عقبات البحث:

- ‌تمهيد

- ‌ تعريف العلة لغةً واصطلاحاً

- ‌العلة في اللغة:

- ‌العلة في الاصطلاح:

- ‌ملخص الخلاف في تعريف العلة في الاصطلاح:

- ‌العلاقة بين المدلول اللغوي والاصطلاحي:

- ‌أهمية بيان علة الأحاديث والأخبار:

- ‌الباب الأولالإمام الدارقطني وكتابه العلل

- ‌الفصل الأولترجمة موجزة للإمام الدَّارَقُطْني رحمه الله

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده

- ‌المبحث الثاني: نشأته وبداية طلبه للعلم

- ‌المبحث الثالث: رحلاته العلمية و‌‌شيوخهوتلامذته

- ‌شيوخه

- ‌تلامذته:

- ‌المبحث الرابع: منزلته العلمية

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الخامس: وفاته

- ‌المبحث السادس: آثاره العلمية

- ‌أولاً المخطوطات:

- ‌ثانياً المطبوعات:

- ‌المبحث السابع: دراسات علمية حول بعض مؤلفاته

- ‌الفصل الثانيالتعريف بكتاب العلل للإمام الدَّارَقُطْني

- ‌المبحث الأول:‌‌ اسم الكتابومؤلفه:

- ‌ اسم الكتاب

- ‌مؤلف الكتاب:

- ‌المبحث الثاني: قيمة الكتاب العلمية:

- ‌المبحث الثالث: محتوى الكتاب:

- ‌المبحث الرابع: مصادر الإمام الدارقطني في الكلام على العلل والرواة:

- ‌أولاً: المصادر التي صرح بها الدارقطني في كتابه:

- ‌ثانياً: المصادر التي لم يصرح بها الدارقطني في كتابه:

- ‌المبحث الخامس: الطريقة التي كان يسلكها الدارقطني في بيان العلل:

- ‌أولاً: الطريقة التي كان يسلكها الدارقطني غالباً في بيان العلة:

- ‌ثانياً: الطريقة التي كان الدارقطني أحياناً ما يسلكها في بيان العلة:

- ‌ثالثاً: الطريقة التي كان الدارقطني نادراً ما يسلكها في بيان العلة:

- ‌المبحث السادس: الأحاديث التي انتقدها الدارقطني في العلل على أحد الصحيحين:

- ‌أولا: الأحاديث التي انتقدها في كتاب العلل وقد أخرجها البخاري في أصل صحيحه:

- ‌ثانياً: الأحاديث التي انتقدها في كتاب العلل وقد أخرجها مسلم في أصل صحيحهٍ:

- ‌الباب الثانيالعلة وأجناسها عند الإمام الدارقطني

- ‌الفصل الأولمفهوم العلة عند الإمام الدارقطني

- ‌المبحث الأول: مفهوم العلة من جهة الإسناد

- ‌المبحث الثاني: مفهوم العلة من جهة المتن

- ‌أمثلة نقد الدارقطني لمتون الأحاديث:

- ‌نتائج هامة:

- ‌الفصل الثانيأجناس العلل الخفية والظاهرة في الإسناد والمتون

- ‌المبحث الأول: أجناس العلل التي ذكرها الحاكم وأمثلتها عند الدارقطني:

- ‌الأجناس التي ذكرها الحاكم وأمثلتها عند الدارقطني في كتاب العلل

- ‌المبحث الثاني: الأجناس التي لم يذكرها الحاكم وأمثلتها عند الدارقطني في كتاب العلل

- ‌المبحث الثالث: أجناس العلل الخفية في المتون:

- ‌المبحث الرابع: أجناس العلل الظاهرة

- ‌الباب الثالثألفاظ التعليل ومدلولاتها عند الإمام الدارقطني

- ‌الفصل الأولالألفاظ الدالة على ضعف الخبر أو عدم ثبوته

- ‌المبحث الأول: ألفاظ التضعيف ومدلولاتها عند الإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف‌‌ الضعف لغةًواصطلاحاً

- ‌ الضعف لغةً

- ‌الضعيف في الاصطلاح:

- ‌علاقة الحديث الضعيف بالحديث المعلول:

- ‌المطلب الثاني: أهمية كتابة الحديث الضعيف

- ‌المطلب الثالث: ألفاظ التضعيف عند الدارقطني في العلل

- ‌المبحث الثاني: ألفاظ الوضع والبطلان ومدلولاتهما عند الإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف الوضع والبطلان لغة واصطلاحاً

- ‌أولاً: تعريف الوضع لغةً:

- ‌ثانياً: تعريف الموضوع في الاصطلاح:

- ‌ثالثاً: تعريف البطلان لغةً:

- ‌رابعاً: تعريف الباطل في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثاني: ألفاظ الوضع والبطلان عند الإمام الدارقطني

- ‌أولاً: لفظة: " كان يضع أو يكذب

- ‌ثانياً: لفظة: " قال ما لم يقله أحد من أهل العلم

- ‌ثالثاً: لفظة: " ليس هذا بشيء

- ‌رابعاً: لفظة: " وهذا الحديث باطل بهذا الإسناد

- ‌خامساً: لفظة: " هذا باطل عن فلان

- ‌سادساً: لفظة: " وكلها باطلة

- ‌ويتضح مما سبق:

- ‌نستنج أنَّ:

- ‌الفصل الثانيالألفاظ الدالة على الخطأ والوهم والاختلاف

- ‌المبحث الأول: ألفاظ الخطأ والوهم ومدلولهما عند الإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف الخطأ والوهم لغةً

- ‌أولاً: تعريف الخطأ لغةً

- ‌ثانياً: تعريف الوهم لغةً

- ‌المطلب الثاني: ألفاظ الخطأ والوهم عند الدارقطني في العلل

- ‌أولاً: لفظتا " الخطأ والوهم مجتمعة

- ‌ثانياً: لفظة " الخطأ

- ‌ثالثاً: لفظة " الوهم

- ‌المبحث الثاني: ألفاظ المخالفة والنَّكارة ومدلولهما عند المحدثين والإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف المخالفة لغة

- ‌المطلب الثاني: مفهوم المخالفة عند المحدثين والإمام الدارقطني

- ‌المطلب الثالث: ألفاظ المخالفة التي استعملها الإمام الدارقطني لبيان العلل

- ‌أولاً: لفظة " خالفه الثقات الحفاظ في إسناده

- ‌ثانياً: لفظة " خالفه فأدرج في متن الحديث

- ‌ثالثاً: لفظة " اختلف عنه: ووهم في ذلك إنَّما أراد كذا، بدل كذا

- ‌رابعاً: لفظة " خالفه فزاد زيادة الثقة

- ‌المطلب الرابع: تعريف النَّكارة لغة

- ‌المطلب الخامس: مفهوم النَّكارة وألفاظها عند المحدثين والإمام الدارقطني

- ‌الفصل الثالثالألفاظ الدالة على الغرابة والتفرد والترجيح

- ‌المبحث الأول: الغرابة والتفرد ومدلولهما عند النُّقاد والإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف الغرابة والتفرد لغةً

- ‌أولاً: تعريف الغرابة لغةً

- ‌ثانياً: تعريف التفرد لغةً

- ‌المطلب الثاني: لفظا الغرابة والتفرد عند النُّقاد والدارقطني في العلل

- ‌أولا: لفظة " تفرد به فلان

- ‌ثانيا: لفظة " غريب

- ‌المبحث الثاني: ألفاظ الترجيح ومدلولاتها عند النُّقاد والإمام الدارقطني

- ‌المطلب الأول: تعريف الترجيح لغةً

- ‌المطلب الثاني: ألفاظ الترجيح عند النُّقاد والدارقطني في العلل

- ‌أولاً: ألفاظ: "وهو الصحيح" أو "والصحيح من ذلك " أو"والصحيح قول فلان

- ‌ثانياً: لفظة " وهو الصواب

- ‌ثالثاً: لفظة " فلان أثبت من فلان

- ‌رابعاً: لفظة " وهو الأشبه بالصواب

- ‌خامساً: لفظة " أحسنها إسناداً

- ‌الباب الرابعقرائن التعليل والترجيح عند الإمام الدارقطني

- ‌الفصل الأولقرائن التعليل عند الإمام الدارقطني

- ‌تمهيد: أهمية معرفة قرائن التعليل

- ‌المبحث الأول: دلائل العلة

- ‌المطلب الأول: التفرد ودلالته كقرينة عند النُّقاد والدارقطني

- ‌المطلب الثاني: المخالفة ودلالتها كقرينة عند النُّقاد والدارقطني

- ‌المبحث الثاني: قرائن التعليل الإسنادية

- ‌المطلب الأول: قرينة ضعف الثقة في بعض شيوخه الثقات

- ‌المطلب الثاني: قرينة ضعف الثقة في بعض البلدان

- ‌المطلب الثالث: قرينة ضعف الثقة في بعض الأحوال

- ‌المبحث الثالث: قرائن التعليل المتنية

- ‌المطلب الأول: قرينة مخالفة الحديث للسُنّة الثابتة المشهورة

- ‌المطلب الثاني: قرينة أنَّ الحديثَ لا يشبه كلام النبوة

- ‌المطلب الثالث: قرينة أنَّ الحديثَ لا يشبه حديث فلان

- ‌الفصل الثانيالمتابعات والقرائن وأثرهما في الترجيح عند الإمام الدارقطني

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: المتابعات وأثرها في الترجيح

- ‌المطلب الأول: تعريف المتابعات لغةً واصطلاحاً وحكمها:

- ‌أولاً: تعريف المتابعة لغة:

- ‌ثانياً: تعريف المتابعة اصطلاحاً وحكمها:

- ‌المطلب الثاني: أثر المتابعات في الترجيح عند النُّقاد والإمام الدرقطني:

- ‌المبحث الثاني: القرائن وأثرها في الترجيح

- ‌المطلب الأول: قرائن الترجيح بالأحفظ:

- ‌المطلب الثاني: قرينة الترجيح بالأقوى والأثبت في الشيوخ:

- ‌المطلب الثالث: قرائن الترجيح بتحديد التاريخ:

- ‌الخَاتِمة

- ‌النتائج الهامة في الدراسة:

- ‌التوصيات والمقترحات الهامة في الدراسة:

- ‌الفَهَارِسُ العِلْميَةُ

- ‌ثبَتُ المصَادر والمرَاجِع

الفصل: ‌أمثلة نقد الدارقطني لمتون الأحاديث:

ذلك، فيحكم به أو يتردد فيتوقف فيه، وكل ذلك مانع من الحكم بصحة ما وجد ذلك فيه" (1).

قلتُ: ويتضح من النصوص سالفة الذكر مدى اهتمام النُّقاد ببيان الطرق التي أوصلتهم للحكم على الأحاديث بأنها معلولة، ولم يكن مجرد هاجس عقل أو هوى، وقد أفرد النقاد المتقدّمون مصنفات في نقد المتون، منها على سبيل المثال: عَقَدَ الإمامُ مسلم في كتابه التمييز أبواباً لنقد المتون، وإصلاح غلط المحدثين للإمام الخطابي (ت:388هـ) وللخطيب البغدادي (ت:436هـ): الفصل للوصل المدرج في النقل وغيرهم، ويتجلى ذلك بضرب بعض الأمثلة في طريقة القوم ومناهجهم، وكيف كانوا يكتشفون الخطأ أو الوهم في الرواية؟، ويمكن تحديد المحاور التي كان يُدندن حولها النقاد كالآتي:

- معرفة مدى التفرد في الرواية، وترجيح الصحيح منها.

- معرفة المخالفة في الرواية، وترجيح الثابت منها.

- سبر المتابعات والشواهد والقرائن التي تؤيد ترجيح رواية على أخرى.

‌أمثلة نقد الدارقطني لمتون الأحاديث:

المثال الأول: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني - عن حديث أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:((مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ)) (2).

(1) العراقي: التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح، (ص116).

(2)

أخرجه على الوجه الصحيح: البخاري في الجامع الصحيح (مع الفتح)، كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، (ج2 / ص68)، برقم (580)، ومسلم في الجامع الصحيح (مع شرح النووي)، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ، (ج3 / ص112)، برقم (607)، كلاهما من طريق مَالِك، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وأخرجه غيرهما من هذا الوجه، وأخرجه على الوجه المعلول النَّسائي في السنن، كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة (ج3 / ص125) برقم (1424)، من طريق سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أي أنَّه نفس مخرج الحديث، وبهذا ظهر تقدم الشيخين على غيرهما من أهل الحديث.

ص: 119

فقال - الدارقطني - اختلف فيه على الزهري، فرواه يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبيد الله بن عمر ومالك بن أنس، واختلف عنه: فقال خالد بن خداش عن مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:((مَنْ أَدْرَكَ مِنَ العَصْرِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ)).

وفي هذا الحديث وهم في المتن والإسناد، فأما الإسناد فإنمَّا رواه خالد بن خداش، عن

حماد بن زيد، عن مالك بموافقة أصحاب الموطأ، وكذلك رواه ابن عيينة، وابن جُرَيج والوليد بن كثير، وشعيب بن أبي حمزة، وسعيد بن عبد العزيز، وإبراهيم بن أبي عبلة، وثابت بن ثوبان، وأيوب بن عتبة.

واختلف عن الأوزاعي: فرواه الحفاظ عنه، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم:((مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصَلَاةِ رَكْعَةً))، وقال محمد بن عبدالله بن ميمون الأسكندراني، عن الوليد عنه:((مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً)) ووهم في هذا القول، وقال أبو المغيرة، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، ووهم في ذكر سعيد.

واختلف عن يونس، فرواه ابن المبارك (1)، وعبدلله بن رجاء، وابن وهب، والليث ابن سعد، وعثمان بن عمر، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة على الصواب. وخالفهم عمر بن حبيب، فقال عن يونس بهذا الاسناد:((مَنْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ))، فقال ذلك محمد بن ميمون الخياط عنه، ووهم في ذلك والصواب، ((مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاةِ

)).

ورواه بقية بن الوليد، عن يونس، فوهم في إسناده ومتنه، فقال عن الزهري، عن سالم، عن أبيه:((مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً))، والصحيح قول ابن المبارك ومن تابعه.

(1) هو عبدالله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي مولاهم أبو عبد الرحمن المروزي، (ت:181 هـ) أحد الأئمة الأثبات، قال ابن عيينة: نظرت في أمر الصحابة فما رأيت لهم فضلا على ابن المبارك إلا بصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم، وغزوهم معه، وقال أبو حاتم: عن إسحاق بن محمد بن ابراهيم المروزي نعى ابن المبارك إلى سفيان بن عيينة، فقال:" لقد كان فقيها عالماً عابداً زاهداً شيخاً شجاعاً شاعراً "، قلتُ: أخرج له أصحاب الكتب الستة، وغيرهم، تهذيب التهذيب (ج5 / ص344 - 338).

ص: 120

واختلف عن معمر فرواه ابن المبارك عن جماعة فيهم معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: ((مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ

)).

وتابعه عبد الرزاق، عن معمر، وخالفهما وهيب بن خالد في الإسناد دون المتن، فقال عن معمر، عن الزهري، واختلف عن يزيد بن الهاد في إسناده. فرواه: حيوة بن شريح، عن ابن الهاد، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ

)).

وتابعه الليث، عن ابن الهاد من رواية يونس المؤدب عنه، وقال ابن بكير، عن الليث عن ابن الهاد، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه قرة بن عبدالرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه وزاد فيه:((قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الإمَامُ صُلْبَهُ)).

ورواه ياسين بن معاذ الزيات، واختلف عنه فقيل عن وكيع، عن ياسين، عن الزهري، عن سعيد، وأبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً))، وقيل عن وكيع أيضاً، عن سعيد أو أبي سلمة بالشك.

وكذلك رواه أسيد بن عاصم، عن بكر بن بكار، وقال الزعفراني، عن بكر، عن ياسين، عن الزهري، عن سعيد وحده بلا شك. وكذلك قال يوسف بن أسباط، عن ياسين وقال الأبيض بن الأغر، عن ياسين، عن الزهري، عن أبي سلمة وحده.

ولم يختلف عن ياسين أنه قال من أدرك من الجمعة، وروي عن الزبيدي، وأسامة بن زيد، وصالح بن أبي الأخضر، وعمر بن قيس عن الزهري، عن أبي سلمة وحده، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً

)).

وخالفهم الحجاج بن أرطاة في الإسناد دون المتن، وعبدالرزاق بن عمر، ويحيى بن أبي أنيسة، وسليمان بن أبي داود، فقالوا عن الزهري، عن سعيد وحده، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ

)).

ص: 121

وكذلك قال نوح بن أبي مريم، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، إلا إنَّه أتى بلفظ آخر، فقال:((مَنْ أَدْرَكَ الإمَامَ جَالِسَاً قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ أَدْرَكَ أَي الصَّلاةَ وَفَضْلَهَا))، ونوح متروك، ورواه عمر بن حبيب، عن الزهري، عن سعيد " الجمعة ".

والصحيح قول عبيدالله بن عمر، ويحيى الأنصاري، ومالك ومن تابعهم على الإسناد والمتن، وحدث معمر بهذا الحديث أيضا، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَمِنَ العَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا))

" (1).

قلتُ: والعلة التي في هذا المثال هي: الوهم في السند والمتن معاً، فأما العلة التي في المتن فهي الاضطراب في لفظ الحديث، فقد رواه جماعة بلفظ:" مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ "، وآخرون بلفظ " مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً "، وآخرون بلفظ " مَنْ أَدْرَكَ الإمَامَ جَالِسَاً قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ أَدْرَكَ "، وقد تعذر الجمع بين الألفاظ.

وقد رجح الإمام الدارقطني اللفظ الصحيح المحفوظ من طريق ابن المبارك، وعبدالله بن رجاء، وابن وهب، والليث بن سعد، وعثمان بن عمر، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: " ((مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَةً

))، على الألفاظ الأخرى، وذلك لعدة أدلة وقرائن منها:

الأول: أنَّ مدار الحديث على الزهري فرواه عبدالله بن المبارك على الوجه المحفوظ، وتابعه جمع من طريق معمر بن راشد عن الزهري، وتابع معمر الإمام مالك بن أنس، وهما من أثبت الناس في الزهري (2)، كما أخرج الشيخان الحديث من طريق مالك عن الزهري، ثم إنَّ الذين خالفهم، قد اشتهر عنهم الخطأ والوهم في الرواية.

(1) أبو الحسن الدارقطني: كتاب العلل (ج9 / ص 213 - 222)، سؤال رقم (1730).

(2)

ابن رجب: شرح علل الترمذي، (ص 346).

ص: 122

الثاني: أنَّ عدد من تابع ابن المبارك من طريق معمر، ومالك، عن الزهري، أكثر ممن خَالَفُهم، فظهر بذلك مدى دقة نقد الدارقطني، وهو يشير إلى علة متن الحديث، ويذكر الأدلة والقرائن بالأسانيد على ما ذهب إليه من الترجيح.

المثال الثاني: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني - عن حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كَانَ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ إبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ: حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ)).

فقال - الدارقطني -: يرويه أبو حصين واختلف عنه فرواه: سلام بن سليمان، عن

إسرائيل، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وخالفه أبو بكر بن عياش فرواه: عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن ابن عباس وهو الصحيح.

وقال أبو حاتم الرازي: عن أبي غسان، عن إسرائيل، عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن ابن عباس. ورواه أبو جعفر الرازي: عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ آخر، وهو: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَمَا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمَ فِي النَّارِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّكَ فِي السَّمَاءِ وَاحِدٌ، وَأَنَا فِي الأَرْضِ وَاحِدٌ أَعْبُدكَ))، والصحيح حديث أبي الضحى، عن ابن عباس (1).

قلتُ: والذي أشار إليه الإمام الدارقطني في نقد هذا المتن أنَّ الصحيح ما رواه أبي حصين، عن أبي الضحى، عن ابن عباس موقوفاً، بلفظ " (({حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ})) (2)، والألفاظ الأخرى مرفوعة، ولكنها معلولة كما هو واضح من النَّص ونرى أن ما ذهب إليه الدارقطني لم يتفرد به، بل

(1) أبو الحسن الدارقطني: كتاب العلل (ج10 / ص 98 - 100)، سؤال رقم (1893).

(2)

أخرجه على الوجه الصحيح: البخاري في الجامع الصحيح (مع الفتح)، كتاب التفسير القرآن باب {الذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} الآية (ج8 / ص264)، برقم (4563).

ص: 123

سبقه إليه البخاري حيث لم يخرج إلا الموقوف وترك المرفوع، على الرغم أن أصل كتابه في المرفوع، والله أعلم.

المثال الثالث: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني - عن حديث بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "((مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصَاً لَهُ مِنْ عَبْدٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي ثَمَنٍ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ)) (1).

فقال - الدارقطني -: يرويه قتادة، واختلف عنه في إسناده ومتنه.

فأما الخلاف في إسناده فإنَّ سعيد بن أبي عَرُوبة، وحجاج بن حجاج، وجرير بن حازم وأبان العطار وهماما، وشعبة رووه: عن قتادة عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وخالفهم الحجاج بن أرطاة، رواه عن قتادة، عن موسى بن أنس مكان النضر بن أنس

ووهم، وأما هشام الدستوائي فرواه: عن قتادة، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، ولم يذكر بينهما أحدا، وأما الخلاف في متنه: فإنَّ سعيد بن أبي عروبة وحجاج بن حجاج وأبان العطار، وجرير بن حازم، وحجاج بن أرطاة اتفقوا في متنه، وجعلوا الاستسعاء مدرجاً في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأما شعبة وهشام فلم يذكرا فيه الاستسعاء بوجه.

وأما همام فتابع شعبة وهشاما على متنه، وجعل الاستسعاء من قول قتادة، وفصل بين كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

ويشبه أن يكون همام قد حفظه قال ذلك أبو عبدالرحمن المقرئ، وهو من الثقات عن همام.

ورواه محمد بن كثير وعمرو بن عاصم عن همام فتابعه شعبة على إسناده ومتنه، ولم يذكر فيه الاستسعاء بوجه. " (2).

(1) أخرجه على الوجه الصحيح: مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم (مع شرح النووي)، كتاب الأيمان باب من أعتق شركاً له في عبد حديث رقم (1504)(ج6/ ص 153).

(2)

أبو الحسن الدارقطني: كتاب العلل (ج10/ ص313 - 317)، سؤال رقم (2031).

ص: 124