الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى ذلك هو اعتقادهم بأن خلافة محمد [صلى الله عليه وسلم] تكون شرعية فقط فى نسل ابنته فاطمة فحسب وليس فى نسل عمه عباس.
المصادر:
(1)
ابن حزم: فصل، القاهرة جزء 4، ص 183 - 184. (ترجمة انجليزية I. Friedlander تحت عنوان: The Heterodoxies of the Shiites according to ibn Hazm
(2)
البغدادى: الفَرق بين الفِرق، القاهرة، ص 237 - 238.
(3)
أبو المعالى: بيان الأديان، طبعة C. Schefer، جزء 2، باريس 1885، ص 158.
(4)
الخوارزمى: مفاتيح العلوم، القاهرة 1342، ص 22.
بهجت عبد الفتاح [جولدتسهير I. Goldziher]
غرناطة
1 - المدينة:
أسست غرناطة فى موضع مدينة رومانية صغيرة تعرف باسم اليبيرى Illiberis بُنيت فى الموضع الذى بُنى فيه فى القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) مقر بنى زيرى المعروف بالقصبة القديمة.
وعلى الرغم من أنه قد اكتشفت بضعة آثار ترجع إلى عصور الرومان والقوط والغربيين إلا أن تاريخ آثار غرناطة لا يمكن أن يكتب إلا بدءًا من العصر الإسلامى فصاعدا.
هذا ولم تكن غرناطة فى البداية مدينة هامة فى الإقليم [أى كورة ألبيرة] حيث كانت مدينة ألبيرة الواقعة على سفح جبل يحمل نفس الاسم [هو المعروف الآن بجبل سيرا البيرة] وهى حاضرة الكورة وقد اكتشفت بها بقايا آثار ترجع إلى عصر الخلافة [الأموية بالأندلس] وتمتاز بأنها ذات زخارف محفورة وملونة ومع ذلك فإن آثار غرناطة ستصبح منذ القرن 4 هـ/
10 م وماتلاه ذات أهمية كبيرة فقد بنيت وفق الأساليب السائدة فى أسبانيا [أى الأندلس] خلال عصر الخلافة، فالمئذنة المستخدمة الآن كقاعدة لبرج أجراس كنيسة سان خوسى تشبه كل مآذن ذلك العصر، كذلك لا يزال جزء من سور هذه المدينة باقيا بحالة جيدة فضلا عن قنطرة نهر شنيل ولذلك يمكن القول: بأن الفن الاسبانى المغربى الذى غرس فى قرطبة قد ازدهر فى غرناطة فى القرن الرابع الهجرى -[العاشر الميلادى] مما يثبت أنها قد اكتسبت وقتئذ أهمية وثراءً.
هذا ويرجع الفضل إلى بنى زيرى خلال عصر ملوك الطوائف أن أصبحت غرناطة مدينة زاهية، فقد قام الأميران حبوس (409 - 429 هـ/ 1019 - 1038 م) وباديس (429 - 465 هـ/ 1038 - 1073 م) بتحصين عاصمتها [أى غرناطة] بسور منيع يحيط بها ما زال باقيا داخل المدينة فيما بين باب ألبيرة والباب الجديد، وهو سور عال من الحجارة القوية المتماسكة تتخلله أبراج كثيرة الأضلاع غير منتظمة الشكل أو أبراج نصف دائرية.
ويوجد فى هذا الجزء من السور بابان يعرف أحدهما بباب موناييتا [باب البنيدر قديما] والآخر بالباب الجديد أو عقد لاس بيساس [عقد الموازين وكان اسمه قديما باب قشتر أو باب سيدة]. وقد بنيت عقود هذين البابين بالحجر أو الآجر وتعلو هذه العقود أعتاب من الآجر وعقود عاتقة [لتخفيف الحمل] وتضم هذه الأبواب وبخاصة باب موناييتا دهاليز منكسرة مقبية [الباشورة] تعد أقدم النماذج الباقية المعروفة فى أسبانيا.
ولم يعد الآن وجود لبابين من أبواب المدينة هما باب الرملة وباب مورور، كما أنه لم يتبق من ذلك العصر أيضًا سوى بقايا عقد كانت تقوم عليه قنطرة نهر حدرة [وهى تعريب للكلمة الأسبانية دى أورو أى الذهبى] التى تعرف اليوم بقنطرة القاضى، ويقوم بجوار هذا العقد برج سداسى الشكل، والواقع أن هذا العقد [وهو مزود بشق مزدوج] كان يؤلف مغلاق النطاق المسور للمدينة عبر النهر مع شبكة ترتفع فى حالة الفيضان [ومنها اشتق
اسم باب الشبكة المفتوح فى الكتف المقابل للعقد، وهو الذى يفضى بالمرء إلى المدينة] وقد اندثر قصر بنى زيرى الذى كان يشغل الجزء العلوى للقصبة القديمة [وكان يعرف ببيت الديك] ولم يبق منه سوى صهريج ذى أربعة أروقة قصبية وأجزاء كثيرة من السور أعيد أستخدامها فى مبان تالية.
ومن الآثار الباقية بالمدينة نفسها حمام واحد هو المعروف بالحمام الصغير وهو يتكون من حجرة للاستراحة وخلع الملابس [تعرف عادة بالمسلخ أو المشلح] ويتوسط هذه الحجرة حوض [فسقية] ويلى هذه الحجرة ثلاث حجرات مقبية موازية لبعضها:
الأولى هى الحجرة الباردة، والثانية الحجرة الدافئة، والحجرة الساخنة. وقد بنيت جدران الحمام من الحجارة القوية الشديدة الصلابة، أما العقود والأقبية فمن الآجر.
والحق أن هذا الحمام يعد النموذج المتكامل للحمامات الأسبانية المغربية وقد ظل تخطيطه مثالا نسج على منواله فى القرون التالية، كما عثر فى غرناطة على أجزاء قليلة من الزخارف فضلا عن بعض تيجان الأعمدة.
ويحتفظ معهد "فالنسيا دون خوان" بمدريد بقطعة فريدة من الرخام المنحوت تشبه صينية التوابل، وقد قسمت إلى عدة أقسام مزخرفة بالكتابات الكوفية.
ولم يطرأ تغيير كبير على غرناطة خلال عصرى المرابطين والموحدين، ومن الممكن القول بأن التحصينات القائمة فى غرب الحمراء والتى تعرف الآن بأبراج البرميخاس ترجع إلى القرن الخامس الهجرى (11 م)، ويحتفظ المتحف الأثرى بمدريد ببضعة قطع من أعمال الخشب ذى الزخارف المحفورة وأجزاء من أعمال الجص من مورور ويمكن إرجاعها إلى عصر المرابطين وقد صنعت بدقة فائقة. هذا وقد أصبحت غرناطة منذ أن استقر بها محمد بن الأحمر سنة 635 هـ/ 1238 م عاصمة آخر الدول الإسلامية الحاكمة فى أسبانيا، وقد ظلت كذلك حتى سقطت تلك الدولة على يد الملكين
الكاثوليكيين سنة 897 هـ/ 1492 م.
وقد تعرض بنو نصر لعدة مؤثرات فنية سواء إسلامية أو مسيحية، وهو الأمر الذى كان من نتيجته أن أصبح فنهم يمثل المرحلة الأخيرة التى بلغ فيها الفن الإسلامى فى أسبانيا ذروة الازدهار.
وقد نشطت حركة البناء والتعمير فى غرناطة فى نهاية القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) وكذلك القرن التالى له (8 هـ/ 14 م) سواء فى العمارة أو الزخرفة، بينما ندرت إقامة أمثال هذه العمائر الهامة فى القرن 9 هـ/ 15 م وفقدت زخارف الآثار المختلفة ذاتيتها ودقتها الفائقة.
وبالنسبة لسور المدينة فقد امتد إلى الشمال ليشمل حى البيازين، وما يزال جزء منه باقيا بأبراجه المستطيلة المتعددة الأضلاع، وكذلك أبراجه البرانية. أما العمائر الدينية فقد زالت ولم يبق أى أثر لها فى غرناطة فأصبح موضع جامع البيازين الآن كنيسة سان سلفادور والتى تحتفظ ببعض بقايا من صحن الجامع.
ونحن نعرف من وصف قديم [أى لأحد المؤرخين أو الرحالة] أن الحرم [أى مقدم الجامع] كان رائعا ويشتمل على تسعة أروقة [بلاطات] ترتكز عقود بائكاتها على ستة وثمانين عمودا رخاميا.
وقد استخدمت مئذنة مسجد آخر يرجع إلى القرن 7 هـ/ 13 م كبرج أجراس فى كنيسة "سان خوان دى لوس ريس" وهى عبارة عن برج مربع يشبه فى طرازه المعمارى وزخارفه مآذن المرينيين فى فاس، إلا أنه يخلو من التكسيات الخزفية [الزليج أو القاشانى].
أما مدارس غرناطة فلم يبق منها سوى إيوان القبلة فى مدرسة يرجع تاريخ بنائها إلى عام 750 هـ/ 1349 م وبعض بقايا الواجهة التى نقلت إلى المتحف.
وأخيرا يوجد خارج المدينة القديمة دير سان سبستيان وكان يشغل موضعه فى الأصل مبنى إسلامى صغير، من المحتمل أنه مبنى جنائزى، وهو مربع الشكل تعلوه قبة تكسوها
تضليعات كثيرة رائعة. أما بالنسبة للعمائر المدنية فلم يتبق من حمامات غرناطة الكثيرة سوى حمام واحد يقع فى شارع كاليه ريال وهو مصمم وفق الطراز التقليدى حيث يشتمل على حجرة الاستراحة وخلع الملابس، تتلوها ثلاث حجرات مقبية موازية لبعضها. ويعلو حجرة خلع الملابس صالة [قاعة] فى الطابق الأول.
وقد خُرِّب البيمارستان بيد أنه احتفظ بتخطيطه وهو عبارة عن فناء أوسط تحيط به أروقة من بائكات ذات عقود مدببة فى الطابق الأرضى وأعتاب خشبية فى الطابق الأول، وكانت حجراته تفتح على الممرات التى تتقدمها. كذلك امتازت واجهته بالتماثل والانسجام سواء من حيث زخارفها الفنية أو من حيث اشتمالها على النص التأسيسى للبيمارستان، ويوجد فى الطابق الأول نوافذ مفردة أو مزدوجة.
ولم يتبق من فنادق غرناطة المتعددة سوى فندق واحد هو المعروف بفندق أو مخزن الفحم، وهو عبارة عن فناء يشبه فى نظامه مثيله فى البيمارستان حيث تحيط به البائكات فى طابقين. وعلى وجه العموم فإن عمارة هذا الفندق تشبه ما نراه فى فنادق المرينيين فى فاس سواء من حيث مدخله التذكارى ذى الزخارف الفنية أو فى عقوده ونوافذه المزدوجه. وأعتابه وأسقفه أو غير ذلك.
وعلى الرغم من اختفاء كل المبانى العامة التى كانت بغرناطة تقريبًا إلا أنه ما يزال باقيا أجزاء من خمسة دور رائعة امتدت يد الترميم إلى بعضها ومنها الدير المعروف بدير "سانتا إيسابيلا" الملكى وكان يشغل موضعه فى الأصل دار الحرة وهى عبارة عن فناء تتكون جوانبه القصيرة من ثلاثة عقود فى كل من الطابقين الأرضى والأول، فضلا عن قاعات كبيرة مزودة بدخلات مجوفة فى نهايتها. ويمكن أن