الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغزنويون
اسم يُطلق على الأسرة الحاكمة ذات الأصول التركية التى أسَّسها سَبُكْتَكين، وقد استمر حكم الغزنويين من عاصمتهم غَزْنة أكثر من مائتي عام من 397 هـ إلى 583 هـ (977 - 1187 م) وكان سلطانها يشمل شرق إيران وما يُعرف الآن بأفغانستان ثم فى أجزاء من البنجاب، وظل حكامها لفترة طويلة يُلقّب الواحد منهم بلقب أمير رغم أن المؤرخين يطلقون عليهم سلاطين منذ كانت لهم دولة، ومن خلال العملات المسكوكة نعرف أن إبراهيم وهو الحاكم الغزنوى الثانى عشر كان أول من اتخذ لقب سلطان.
ومنذ الوقت الذى دعَّم فيه البتكين مركزه فى غزنة (344 هـ/ 955 - 956 م) وحقق لنفسه قدرا كبيرا من الاستقلال عن السامانيين، ظلت المناطق المحيطة بهذه المدينة (غزنة) فى أيدى الحكام الترك. وفى سنة 397 هـ/ 977 - 978 م استحوذ سبكتكين على السلطة وظل يحكم حتى وافته منيته سنة 387 هـ/ 997 م وكان سبكتكين معترفا بالسيادة السامانية كما تشير لذلك العملات العائدة لهذا العصر، ووجه سبكتكين وجهه شطر الأباطرة الهنادكة فى البنجاب خاصة أسرة شاهو الحاكمة التى كان على رأسها جيبال وألحق به الهزيمة سنة 979 و 988. وكانت امبراطورية سبكتكين تضم بالإضافة لذلك بالوشستان الشمالية وغور وزابولستان وتوخارستان (باكتريا) وهكذا استطاع سبكتكين الحاكم القوى الطموح الذى يعتنق المذهب السنّى أن يضع أدسس امبراطورية -دامت فيما بعد- فى المناطق الهندية الأفغانية.
واستطاع محمود الغزنوى -الذى اختلف مع أبيه فترة ثم تضامن معه فى أخريات حياته- أن يفتح البنجاب ففتح بذلك للإسلام مجالا رحبا فى الهند مما أدى إلى إنشاء دولة باكستان بعد ذلك، وكان محمود قد استطاع تنحية أخيه إسماعيل عن الحكم رغم أن أباه كان قد عيَّنه كخلف له. وليس من شك فى أن محمود الغزنوى هو أكثر الحكام الغزنويين أهمية. وكانت الثقافة
الغزنوية تنحو بشدة نحوًا فارسيا، أما من الناحية السياسية فقد كان وضع محمود الغزنوى جيدا منذ توليه الحكم فقد كان السامانيون قد فقدوا نفوذهم وبالتالى فقد كان محمود قادرًا على الاتفاق مع القرخانيين المنتصرين على أن يكون نهر جيحون هو الحد الفاصل بين المملكتين وكان محمود الغزنوى سنّيا كأبيه فاستبدل بالارتباطات بالسامانيين ولاء للخليفة العباسى القادر، وكان هذا الولاء شكليا أو اسميا بطبيعة الحال، وبالإضافة لتوسعات محمود فى البنجاب فقد توسع أيضا على حساب بنى بويه وأقصى نفوذهم عن خوارزم. وكانت امبراطوريته عند وفاته فى 23 ربيع الثانى 421 هـ (30 ابريل 1030) تضم البنجاب وأجزاء من السند (بالإضافة إلى سلسلة الدول الهندوكية فى وادى الجانج التى اعترفت بسيادته).
وبلوشستان الشمالية (حول قصدار) وأفغانستان بما فيها غزنة وكذلك جرشستان وغور وسيستان وخراسان وبلاد فارس حتى حبال وتوخارستان وبعض المناطق الحدودية على نهر جيحون. وخلف محمد أباه لكن أخاه "مسعود" كان يحظى بتأييد الجيش فسرعان ما اعتلى سُدَّة الحكم وكان مقاتلا شديد البأس وإن كانت تنقصه حنكة أبيه السياسية، وقد واصل مسعود فتوحات أبيه فى الهند، واستعاد كرمان من بنى بويه لفترة قصيرة (424 هـ/ 1035 م).
وكان موقف مسعود العسكرى أضعف من موقف أبيه ففى الوقت الذى تولى فيه الحكم كان السلاجقة قد بدأوا يعبرون نهر جيحون وشيئا فشيئا استولوا على خراسان، ولم تجد مقاومة مسعود كثيرا فقد كان جانب كبير من جيشه مشغولًا فى البنجاب وكانت قواته مؤلفة من عناصر متباينة: فُرس من أعراق مختلفة وهنود، ولم يكن الترك وهم رجاله المخلصون ممثلين فى قواته كثيرا. وفى 8 رمضان 431 هـ/ 23 مايو 1040 م ألحق السلاجقة بقوات مسعود هزيمة ساحقة فى سهوب دندان قان ففقد إثر هذه الهزيمة ممتلكاته الفارسية. وتعرض مسعود
لمؤامرة أثناء مسيره للهند ولاقى حتفه مقتولا فى السجن فى سنة 433 هـ/ 1041 م. ونجح مودود بن مسعود أن يصل سريعا من بلخ -حيث كان أبوه قد عينه قائدا لمواجهة السلاجقة- إلى كابل وبذلك أحبط محاولة أخيه محمد للاستيلاء على الحكم وقتله، وظل مودود يواصل جهوده غير المثمرة لوقف تقدم السلاجقة فى فارس الذين هددوا غزنة صسها سنة 436 - 437 هـ/ 1044 - 1046 م. لكن القائد الغزنوى باسيتيكن نجح فى إبعادهم فساعد بذلك فى إنقاذ موطن الغزنويين. وكان مودود على وشك أن يخوض معركة بنفسه ضد السلاجقة لاستعادة سيستان لكن المنيّة عاجلته فى 20 رجب 440 هـ/ 18 ديسمبر 1048 م بعد مرض قصير فى غزنة. لقد فقد الغزنويون الآن بشكل نهائى جانبا من فارس ومما ساعد فى إضعافهم ذلك الصراع الشديد على خلافة مودود، وولت الحاشية والوزراء مسعودًا الثانى ابن مودود الحكم وهو طفل فى السادسة من عمره، وخلفه فى أول شعبان 440 هـ/ 9 يونيو 1049 أخو مودود وهو على بن مسعود الأول إلّا أن عبد الرشيد بن محمود أطاح به فى العام نفسه، ومع أن عبد الرشيد استطاع أن يعيش فى سلام مع جيرانه إلّا أنه فشل فى تحقيق الاستقرار الداخلى، فقد اتخذ أصحاب المقام الرفيع فى دولته موقفا من علاقته الخاصة مع المملوك تومان الذى كان يتصرف بعنجهية وكأنه عبد الرشيد نفسه، فقام طغرل -وكان مملوكا لمسعود الأول- باغتيال عبد الرشيد ونحّى السلالة الغزنوية عن الحكم، لكنه قتل بدوره فى 17 ذى القعدة 433 هـ/ 21 مارس 1052 م.
وبتولى فرُّوخُزاد بن مسعود الأول عادت السلالة السلطانية إلى توارث الحكم، واستطاع فرّوخزاد أن يتمرد على السلاجقة الذين كانوا -فى الوقت نفسه- يتقدمون فى اتجاه بغداد والأناضول. وتوفى فرُّوخزاد بالكوليرا فى صفر 451 هـ/ مارس 1059 م وعقد خليفته إبراهيم بن مسعود الأول معاهدة صداقة مع السلاجقة فتخلى لهم عن خطّلان وشاغانيان وقباديان،
على أن يكفوا عن التوسع شرقا وهكذا أثبت إبراهيم أنه حاكم دبلوماسى إذ أتاح لنفسه فرصة التوسع فى الهند (465 - 468 هـ/ 1072 - 1076 م) فأكد السيطرة الغزنوية فى البنجاب واتخذ لقب سلطان على مسكوكاته وعهد بمهمة مواصلة الفتوح لابنه سيف الدولة محمود وعينه حاكما على لاهور فاستولى على أجرا Agra وحصون قوية أخرى إلا أن الابن حاول الاستيلاء على الحكم من أبيه فسجنه مع أعوانه سنة 481 هـ/ 1088 م، وتوفى إبراهيم فى 5 شوال سنة 2 أغسطس 1099 م بعد أن استمر فى الحكم أربعين عاما وهى أطول فترة حكم بالنسبة لكل من حكم فى هذه الأسرة.
وخلفه مسعود الثالث الذى شرع مباشرة فى مهاجمة كاناوح Kanawdj فرضخ له الحكام الهنادكة واحضرهم إلى غزنة مكبلين فى الأغلال وواصل سياسة توثيق الأواصر مع السلاجقة إلى أن توفى فى السادسة والخمسين من عمره فى شوال 508 هـ 1 فبراير - مارس سنة 1115 م.
وبموته نشبت الحرب بين الإخوة وانتهى الأمر بتولى ثلاثة من أبنائه العرش على التوالى: شيرزاد الذى اضطر للهرب إلى طبرستان أمام قوات أخيه، ومالك أرسلان الذى فشل فى إحكام السيطرة على غزنة، ثم بهران شاه الذى أجبر مالك أرسلان على الهرب إلى الهند، واعترف بهرام شاه بسيادة السلاجقة وتجلى ذلك فى الإتاوة الكبيرة التى كان يدفعها لهم، وساعد السلاجقة بهرام شاه فى صد هجوم قام به من الهند أخوه مالك أرسلان وفشل الهجوم وتم القبض على أرسلان الذى تم إعدامه فى جمادى الآخرة 512 هـ/ سبتمبر - أكتوبر 1118 م لكن أخا بهرام شاه واسمه علاء الدين حسين دخل فى نزاع معه وأجبره على الفرار إلى الهند، وقبض السلاجقة على علاء الدين، ووافت المنية بهرام شاه فى غزنة بعد عودته من الهند سنة 552 هـ/ فبراير - مارس 1157 م. لقد تقلص ملك الغزنويين الآن ففى عهد خسرو شاه ابن بهرام شاه لم يكن ملكهم يتعدى غزنة وكابل وزابولستان بصرف النظر عن البنجاب.