الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العددية؛ تبرز جميعها باعتبارها أكثر منجزات علم الفلك روعة عند المسلمين.
محمد غريب جودة [د. بنجرى D. Pingree]
العلوية
والمقصود بهم الأشراف العلويون فى المغرب الأقصى، وقبل أن ينجح هؤلاء الأشراف العلويون فى بسط سيطرتهم على المغرب كانت البلاد تعانى من أزمات خطيرة سياسية واجتماعية ودينية. فقد تعاون نمو الصوفية والشريفية وتطور الجماعات الدينية لتمهيد الطريق لحركة المرابطين العظيمة وكذلك كراهية الأجانب التى تجلَّت بوضوح خلال القرن التاسع الهجرى (15 م) وهى الفترة التى اتخذ فيها غزو السواحل المغربية من قبل البرتغاليين والأسبان المسيحيين شكلًا جديدًا.
وأوشك مرابطو "الدلاء" على تأسيس منطقة صنهاجة وذلك بمساعدة البربر سكان جبال أطلس الذين بدأ بعضهم فى النزوح إلى سهول الأطلنطى.
وكانت المغرب فى أمسِّ الحاجة إلى الهدوء وإعادة التعمير والتنظيم وذلك بعد أعمال الفوضى التى سادَتْه.
وإذا كان العلويون لم يواجهوا الأسرة الحاكمة السابقة (أى الأشراف السعديين) إلا أنهم واجهوا الكثير من المشاكل المعتدة فى كافة الجوانب.
-
تأسيس الأسرة:
قدم العلويون وهم من سلالة الحسن بن على بن أبى طالب من الجزيرة العربية (وبالتحديد من ينبع النخل) إلى تافيللت (أو تافلالت) فى أواخر القرن السابع الهجرى (13 م) وعاشوا فترة طويلة بعيدين عن التدخل فى الأمور السياسية، ولكن بعد فترة الاضطرابات التى عمت البلاد عقب سقوط الأسرة السعدية قام أهل تافيللت نتيجة لتهديدات كل من أبى الحسن السملالى ومرابطى الدلاء (أصحاب زاوية الدلاء) بتنصيب مولاى الشريف زعيمًا لهم.
وقد خلفه أثناء حياته وبالتحديد فى سنة 1045 هـ/ 1635 - 1636 م ابنه مولاى محمد الذى ظل يحارب لمدة
عشرين عامًا لكى يؤسس إمارة صغيرة فى شرق المغرب. وقد أكمل هذه المهمة من بعده أخوه وخليفته مولاى الرشيد الذى كان أكثر بصيرة وإصرارا، وكانت الفرصة مواتية له بسبب ما كانت تعانيه البلاد من فوضى فضلًا عن أن جماعة المرابطين الكبيرة كانت قد بدأت فى الاضمحلال.
وبدأ مولاى الشريف (بعد وفاة والده فى سنة 1069 هـ/ 1659 م وحتى هربه من أخيه مولاى محمد) يجرب حظه حيث استطاع أن يجمع جيشًا صغيرًا ونجح فى تأسيس دولة له فى شرق المغرب بمساندة عرب المعقل وبربر بنى يزناس ثم شرع فى توسيع أرجاء مملكته بالتدريج واتخذ من "تازا" حاضرة له. واستولى على فاس فى سنة 1076 هـ/ 1666 م ونصَّب نفسه سلطانًا وكرّس كل جهوده لإخضاع قوات المرابطين التى اقتسمت فيما بينها شواطى الأطلنطى بالمغرب وقد قام أولا بغزو شمال المغرب وبعد ذلك هزم الدلائيين ثم دخل مراكش فى سنة 1079 هـ/ 1669 م واحتل السوس لكن وافته منيته فى مراكش سنة 1082 هـ/ 1672 م دون أن يدعم ما حققه من إنجازات.
وهكذا تمكن الشريف الفلالى من الوصول إلى السلطة كنتيجة لمغامرة شخصية تأرجحت لفترة طويلة ما بين أعمال العصابات والحرب وبلغت ذروتها بغزو المغرب بسهوله وواحاته.
وقد نجح مولاى الرشيد نجاحًا يُعزى إلى المعاونة الصادقة التى قدمتها له بعض القبائل العربية ولسبب ما كانت تمر به البلاد من الضعف وفشل جماعة المرابطين الكبيرة فى إعادة النظام وسن القوانين ولكن البلاد كانت ما تزال فى حاجة إلى أن يوضع كل شئ فى مكانه.
وعلى الرغم من أن أزمة المرابطين قد انتهت فجأة إلا أن مشكلة العرب التى كانت دائمًا خطيرة ظهرت على قدم المساواة مع مشكلة البربر، وهو الأمر الذى كان سببًا رئيسيًا فى دفع صنهاجة أطلس إلى الشمال والغرب، كما أن مسألة تنظيم الجيش وإصلاح الحكومة وكذلك تثبيت مكانة المغرب على مسرح البحر المتوسط ظلت باقية.