المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

التى كانت تعيش فيها أميرات ساحرات. أما قصر جنة التعريف فيقع - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٢٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌علم الكلام

- ‌(1) تعريف:

- ‌(2) المدارس الكبرى:

- ‌أ- النزاعات الأولى:

- ‌ب- مذاهب المعتزلة:

- ‌جـ - رد فعل الأشعريين:

- ‌د- النزعات الحنفية الماتريدية:

- ‌هـ - العصر الحديث:

- ‌(3) المنهج والإشكالية:

- ‌أ- المحاجاة وأساليب الاستدلال العقلى:

- ‌ب- صوغ المسائل:

- ‌(4) مكانة علم الكلام فى الفكر الإسلامى:

- ‌أ - ثلاثة آراء:

- ‌ب- المعارضة:

- ‌(أ) المعارضة الحنبلية:

- ‌(ب) النزاع على "التهافت

- ‌(جـ) علم الكلام والمذاهب الفقهية:

- ‌(د) الموقف اليوم:

- ‌علم الهيئة

- ‌الترجمة من السنسكريتية:

- ‌الترجمة من البهلوية:

- ‌الترجمة من اليونانية والسريانية:

- ‌التراث البطلميوسى:

- ‌تراث السندهند:

- ‌مدرسة مراغة:

- ‌المراصد المتأخرة:

- ‌العلوية

- ‌ تأسيس الأسرة:

- ‌ مولاى إسماعيل (1082 - 1139 هـ/ 1672 - 1727 م) وتقوية نفوذ الأسرة:

- ‌ عصر الفوضى والانحلال (1139 - 1170 هـ/ 1727 - 1757 م):

- ‌ إعادة التعمير فى عهد محمد بن عبد اللَّه (1170 - 1204 هـ/ 1757 - 1790 م):

- ‌ السياسة المتحفظة للعلويين والتى مهدت الطريق للأزمة المغربية (1204 - 1311 هـ/ 1790 - 1894 م):

- ‌ الأزمة المغربية وإعلان الحماية الفرنسية (1311 - 1330 هـ/ 1894 - 1912 م):

- ‌على بن أبى طالب

- ‌المصادر:

- ‌على باشا داماد

- ‌المصادر:

- ‌على الرضا

- ‌على بن عيسى الجراح

- ‌المصادر:

- ‌علىّ بن عيسى الكحال

- ‌المصادر:

- ‌على بك الكبير

- ‌المصادر:

- ‌على مبارك

- ‌المصادر:

- ‌على بن محمد الزنجى

- ‌المصادر:

- ‌على بن ميمون الإدريسى

- ‌على بن يوسف بن تاشفين

- ‌المصادر:

- ‌عماد الدولة، بن بويه

- ‌عماد الدين بن محمد

- ‌العمارة

- ‌العمارة الإسلامية المبكرة

- ‌1 - العمارة فى عصر الرسول [صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - العمارة فى العصر الراشدى والأموى:

- ‌قبة الصخرة فى القدس الشريف:

- ‌الجامع الأموى بدمشق:

- ‌ومن القصور الأموية الباقية كل من:

- ‌ قصر المشتى:

- ‌3 - العمارة فى العصر العباسى:

- ‌المسجد الأقصى بالقدس الشريف:

- ‌صهريج الرملة بفلسطين:

- ‌ جامع عمرو بن العاص فى الفسطاط:

- ‌مدينة سامرا بالعراق:

- ‌جامع سامرا

- ‌جامع أبى دلف:

- ‌العمارة فى عهد الدويلات المستقلة عن الخلافة العباسية:

- ‌العمارة فى عهد الأغالبة بتونس:

- ‌1 - جامع القيروان

- ‌2 - جامع سوسة:

- ‌عمران

- ‌المصادر:

- ‌عمر بن الخطاب

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌عمر بن عبد العزيز

- ‌المصادر:

- ‌عمرو بن العاص

- ‌المصادر:

- ‌عمار بن ياسر

- ‌المصادر:

- ‌عمان

- ‌المصادر:

- ‌عمود

- ‌عنترة

- ‌المصادر:

- ‌العواصم

- ‌المصادر:

- ‌عيد

- ‌المصادر:

- ‌عيد الأضحى

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عيد الفطر (العيد الصغير)

- ‌عيدروس

- ‌المصادر:

- ‌عيذاب

- ‌المصادر:

- ‌عيسى عليه السلام

- ‌أصل كلمة عيسى:

- ‌أسماء المسيح فى القرآن الكريم:

- ‌البشارة والحمل والميلاد:

- ‌رسالة المسيح:

- ‌يسوع المسيح:

- ‌المسيحُ عبدُ اللَّه:

- ‌المسيح عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌المسيح وكلمة اللَّه:

- ‌المسيح وروح اللَّه:

- ‌المسيح وعقيدة التثليث:

- ‌المسيح ومسألة الصَّلْب:

- ‌عودة المسيح:

- ‌المسيح ويوم الحساب:

- ‌المسيح والمتصوَّفة:

- ‌الجدل الإسلامى المسيحى حول المسيح:

- ‌ المصادر

- ‌عين

- ‌المراجع

- ‌عين (بالمعنى الطبى)

- ‌المراجع:

- ‌غ

- ‌غائب

- ‌المصادر:

- ‌غات

- ‌المصادر:

- ‌الغاضرى

- ‌المصادر:

- ‌الغافقى

- ‌المصادر:

- ‌غالب بن صعصعة

- ‌المصادر:

- ‌غامد

- ‌المصادر:

- ‌غانا

- ‌المصادر:

- ‌غانة

- ‌المصادر:

- ‌غانية، بنو

- ‌المصادر:

- ‌غديرخم

- ‌مصادر:

- ‌الغذاء

- ‌المصادر:

- ‌غراب

- ‌المصادر:

- ‌الغرابية

- ‌المصادر:

- ‌غرناطة

- ‌1 - المدينة:

- ‌2 - الحمراء

- ‌ الحمراء قبل القرن 7 هـ - 13 م:

- ‌الحصن

- ‌القصور

- ‌المصادر:

- ‌غرناطة

- ‌المصادر:

- ‌غريب

- ‌المصادر:

- ‌الغريض

- ‌المصادر:

- ‌الغزال

- ‌المصادر:

- ‌الغزالى

- ‌حياته:

- ‌أعماله واتجاهاته الفكرية:

- ‌أ - يواجه الباحث فى فكر الغزالى صعوبة بالغة

- ‌ب- الجانب الشخصى:

- ‌جـ- الفقه:

- ‌د- الفلسفة والمنطق:

- ‌هـ - علم الكلام:

- ‌و- الممارسة الصوفية:

- ‌ى- النظرة الصوفية:

- ‌أثر الغزالى:

- ‌المصادر:

- ‌الغزل

- ‌الغزل فى الشعر العربى:

- ‌المصادر:

- ‌الغزل فى الأدب الفارسى

- ‌المصادر:

- ‌الغزنويون

- ‌المصادر:

- ‌الفنون فى العهد الغزنوى وآثاره الباقية:

- ‌المصادر:

- ‌غزة

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌غزولى

- ‌المصادر:

- ‌غسان (غساسنة)

- ‌المصادر:

- ‌غسل

- ‌المصادر:

- ‌غطفان

- ‌المصادر:

- ‌غفارى

- ‌المصادر:

- ‌غفران

- ‌غلاة

- ‌المصادر:

- ‌غلزى

- ‌المصادر:

- ‌غناء

- ‌المصادر:

- ‌الغوريون

- ‌تحت حكم الغزنويين والسلاجقة:

- ‌الغوريون قوة استعمارية:

- ‌نهاية الغوريين:

- ‌الثقافة الغورية:

- ‌المصادر:

- ‌الغول

- ‌المصادر:

- ‌غياث الدين طغلق الأول (غازى ملك)

- ‌المصادر:

- ‌الغيب

- ‌المصادر:

- ‌ف

- ‌الفأل

- ‌المصادر:

الفصل: التى كانت تعيش فيها أميرات ساحرات. أما قصر جنة التعريف فيقع

التى كانت تعيش فيها أميرات ساحرات.

أما قصر جنة التعريف فيقع فى شمال شرقى قصر الحمراء فوق ربوة مستقلة، وهو يشرف على الحمراء وتدخل إليه من مدخل بسيط يؤدى إلى ساحة كبيرة فى صدرها مدخل ذو ثلاثة عقود عربية جميلة الزخارف، أما الطابق العلوى فقد أمرت بإنشائه الملكة إيزابيلا، وهو يتكون من رواقين طويلين ومن جناحين متقابلين فى الشمال والجنوب ذات سقوف مضلعة ويضم الجناح الشمالى متحفًا يحوى عدة صور تاريخية لبعض ملوك قشتالة والملكين الكاثوليكَّيينْ فرديناند وإيزابيلا.

ويزدان قصر جنة التعريف بالعديد من الزخارف النباتية والهندسية فضلا عن النقوش الكتابية.

ويبدو أن قصر جنة التعريف كان مصيفا أو متنزها لسلاطين بنى نصر يقصدونه للاستجمام والاستمتاع بجمال موقعه، ويلجأون إليه لتمضية أوقات الفراغ والمتعة.

إن آية فن الحدائق عند المسلمين هى حدائق جنة التعريف فهى شئ رائع من أشجار الحور والأزهار والورود من كل صنف ولون وشجر الريحان، ووسط هذا وذاك تقوم برك الماء والفوارات.

وختاما فإن قصر الحمراء يمثل درة الفن فى أسبانيا الإسلامية فى مرحلة أزدهاره الأخيرة.

‌المصادر:

(1)

H. Terrasse: Islam l'Espagne، Paris، 1958، 202 - 32

(2)

K.A.C. Creswell: A bibliography of the architecture، arts and crafts of Islam، London 1961، 351 - 63

د. محمد حمزة [هنرى تيراس H. Tarrasse]

‌غرناطة

هى عاصمة مملكة غرناطة ولم تدخل دائرة الشهرة فى التاريخ الأسبانى إلا فى مستهل القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) حين أدرك فرع من بنى زيرى الصنهاجيين (أصحاب قلعة بنى حمود فيما بعد) أن قوتهم موشكة على الانهيار، ومن ثم

ص: 7584

أعلنوا تأييدهم لعبد الملك المظفر بن منصور بن أبى عامر أول وزير لهشام الثانى فوجدوا الترحيب الكبير فركبوا البحر مع طائفة كبيرة من عشيرتهم وأنصارهم وعلى رأسهم زاوى بن زيرى وسرعان ما أصبحوا أهم كتائب الجيش البربرى الذى جمعه العامريون، فلما مات عبد الرحمن شانجول نقلوا ولاءهم لزعيم حزب البربر فى الأندلس وهو "سليمان المستعين"، فكان لهذا التأييد الفضل الأكبر فى اعتلائه كرسى الخلافة، فلما أخذ سليمان فى مكافأة أتباعه أقطع هؤلاء إقليم ألبيرة وأعنى بذلك أراضى سهل "شينيل" الفتية مع نواح أخرى، وكانت عاصمتها مدينة "ألفيرا" القديمة التى ما لبثت غرناطة أن حلت محلها، وكانت غرناطة مجاورة لها وكان أغلب سكانها من اليهود.

ويجمع جغرافيو الأندلس ومؤرخوها على جمال غرناطة وخصب تربة سهولها ولعل مرآها الجميل أثار فى نفوس الزيريين ما يترجم عنه آخر أمير منهم وهو عبد اللَّه الذى أثنى على واديها الجميل فقد أعجبته قنواته المائية وأشجاره وتلاله، وهذا هو الذى جعل بنى زيرى يجمعون العزم على إقامة مدينة لهم هناك فبادر كل أندلسى وبربرى إلى تشييد دار له بها، وسرعان ما أصبحت "ألفيرا" خرابا.

وليس من شك فى أنه خلال العصر الرومانى وفى زمن الإمبراطور "أوجستوس" كانت كورة "ألفيرا" تقوم على سلسلة الجبال المسماة بهذا الاسم أيضا، وقد تم العثور إلى جوارها على أطلال رومانية ومسيحية بل وعربية، وليس بين أيدينا تفاصيل عن فتح البربر لها فى القرن الخامس، أو عما حدث من تدمير فى إقليم غرناطة حين اقتحمها "ليوفيلد و" على رأس جيشه. لكن لما جاء المسلمون ترك موسى بن نصير لولده عبد العزيز مهمة إخضاع شرقى الأندلس والاقليم الساحلى المطل على البحر المتوسط، واستطاع فى أثناء زحفه أن يحتل مالقة وألبيرة، كما أن أبا الخطار الحسام بن ضرار -حين صارت إليه الولاية سنة (135 هـ = 743 م) - عهد باقليم ألبيرة غرناطة إلى جند دمشق الذين ساعد شيوخهم

ص: 7585

الأمويون الأمير عبد الرحمن الداخل على النزول إلى الساحل، ولقد شهدت كورة ألبيرة (أيام الأمير عبد اللَّه) سلسلة من الصراعات الدامية بين المولدين الموالين للحكومة المركزية من جانب وبين العرب الذين كانوا بقيادة سوار بن حمدون من جانب آخر، والذين استطاعوا التخلص مما هم فيه من محاصرة، وأرغموا الأندلسيين على الفرار فى الواقعة المعروفة بوقعة المدينة، فانخرط المهزومون فى خدمة ابن حفصون الذى تقدم شطر ألبيرة ليتابع القتال فى سهل شينيل، فأصبح يستولى على البيرة تارة ويفقدها تارة أخرى حتى ضاعت منه نهائيا أثناء حكم عبد الرحمن الثالث.

وكان إقليم كورة ألبيرة يتبع من الناحيتين الإدارية والحربية -خلال العصور الوسطى- ولاية غرناطة الحالية، وكانت توجد قبل دخول الإسلام أسقفية البيرة التى عقد فيها مجمع دينى بين عامى 309 - 312 هـ. فلما جاء المسلمون الأوائل اتخذوا بيوتهم فى "اللبيريس" التى صحَّفوها إلى "ألبيرة" وآثر الولاة الإقليميون الصغار الانتقال إلى الناحية الجديدة التى أسسوها إلى جوار العاصمة القديمة، وهكذا استحدثت عاصمة جديدة. لكن الإقليم ما زال يعرف بكورة "ألبيرة" وانتشر هذا الاسم وحل محل كلمة "كاستيلا" شأنه فى ذلك شأن حلول كلمة غرناطة محل "الليبيريس" ولم تكن غرناطة هذه تعدو فى القرن الثالث أن تكون قرية كبيرة مسورة على الشاطئ الأيمن لنهر "دارو" عند التقائه بشينيل، وكانت تعيش فى هذه الناحية أقلية إسلامية، تليها فى الكثرة جالية مسيحية، أما الأغلبية فكانت من اليهود حتى لقد كانت غرناطة تعرف فى بعض الأحيان بغرناطة اليهود.

وكان يوجد فى مواجهة هذا المكان سور صخرى يشرف على شاطئ "دارو" الأيسر وبه قلعة قديمة تعرف بالحمراء لغلبة اللون الأحمر عليها، وكانت "الهمبرا" ذات الشهرة التاريخية مركز ملوك بنى نصر.

ص: 7586

ويمكن تلخيص الأحداث الرئيسية التى أثرت تأثيرا مباشرا على مدينة غرناطة زمن أسرة بنى زيرى فى أن حصارها على يد الخليفة المرتضى (بتحريض من الفتى المنذر والفتى خيران) إلا أنهما غدرا به وحاولا طرد الزيريين مما اضطره للفرار مهزوما هزيمة نكراء، وحدث بعد ذلك قيام الأسرة أيام الأميرين حبوس وباديس وبالمعونة الفعالة من جانب الوزيرين اليهوديين صمويل وولده يوسف بن نجرلو أن أصبحت غرناطة مسرحا لمذبحة مستنكرة كان من ضحاياها الوزير يوسف وعدد كبير من أبناء ملته، مما حدى بالأمير باديس (وقد هرم وأحس بالخطر يهدد حكمه) إلى بذل الأموال الطائلة لتحصين غرناطة القصبة القديمة حتى تصير مكانا لا يمكن اقتحامه أبدا، ناظرا إلى أنه لو حدث أن الولايات المجاورة له أو حتى رعاياه الثائرون اضطروه للفرار فإنه يستطيع حينذاك الاعتصام بغرناطة هذه فيفعل ما فعله من قبل جده زاوى من الإبحار إلى افريقية. ولا نملك إلا أن نشير إلى أن آخر أمير زيرى -وهو عبد اللَّه حفيد باديس الذى ولى الحكم وهو لا يزال طفلا- قاسى حياة مريرة مليئة بالمؤامرات والثورات والحروب مع جيرانه المسلمين والنصارى على السواء، ثم ابتلى أخيرا بعداوة المرابطين فاستعد لمقاومتهم حربيا بتقوية القلاع وتموينها بالسلاح وربط القصبة بالأسوار المتصل بعضها ببعض، وعلى الرغم من ذلك كله فإنه ما كاد يوسف ابن تاشفين -أمير المرابطين- يقف أمام غرناطة حتى خف إليه أبو عبد اللَّه (لما طبع عليه من الجُبن ونزولا على مشورة أصه ووزرائه) وفتح له أبواب البلد وأسلمه كل ما فى قصره من الثروة والمال. وهكذا انتقلت غرناطة إلى حكم الولاة المرابطين سنة 483 هـ/ 1090 م حتى سنة 551 هـ = 1166 م أى إلى أن آلت إلى الموحدين، فكان أول وال مرابطى عليها هو أبو محمد عبد العزيز

ص: 7587

وتلاه الأمير يحيى بن واسينو قريب يوسف الذى عاد إلى شبه الجزيرة لآخر مرة سنة 496 هـ/ 1103 م للحفاظ على مركز ابنه علىّ الذى كان قد نودى به واليا على مراكش قبل عام من هذا التاريخ، وسار إلى الساحل عبر غرناطة (وواليها وقتئذ هو أبو الحسن بن الحجاج) فهاجمه، "أدفونش السادس" فى مدينة سالم فرد عليه بهجمة من طليطلة وطلبيرة، ولكنه هزم وقتل فى المعركة.

أما الوالى الذى خلفه فهو محمد بن الحجاج الذى جاء على رأس قوات غرناطة لمساعدة الأمير "سير" وإلى أشبيلية الذى كانت بلاده تواجه تهديدات الفونسو السادس، لكنه اضطر للارتداد عند "المقاطع" المجاورة لاشبيلية متكبدا كثيرا من الخسائر الفادحة، فلما كان العام التالى (499 هـ = 1105 م) نجد أن الحاكم هو أبو بكر بن إبراهيم اللمتونى الذى وقف فى وجه المناداة بعلى بن يوسف عند وفاة يوسف بن تاشفين (500 هـ = 1106 م)، لكن انصراف الغرناطيين عن مساعدته أفضى إلى أسره وإرساله إلى مراكش، وحينذاك مضى على بن يوسف بصحبة أخيه الأكبر طاهر بن تميم إلى الأندلس مباشرة للقضاء على الفتن المضطرمة فى قرطبة، وتولى تميم حكومة غرناطة فبادر فى الحال إلى الخروج على رأس عسكره والتحم فى قتال مع شانجة الصغير بن الفونسو السادس الذى لقى مصرعه فى هذه المعركة، لكن لم يكن معنى ذلك صفاء الأمور لتميم فقد تم خلعه فى هذه السنة ذاتها كما انتصر الأمير "مزدلى ابن سلنكان" ابن أخى على بن يوسف على عبد اللَّه بن فاطمة والى غرناطة، واستطاع رغم تقهقره سنة 506 هـ = 1112 م أن يستولى فى السنة التالية على بعض الأماكن وامتدت يده بالتخريب إلى بعض المواقع مثل "بجيناس" و"كابيتياس ومجان" وتغلب على القائد "رودريجو انزارس"، لكن لم يقدر لنجاحه هذا أن يستمر طويلا فقد دارت الدائرة فى شوال

ص: 7588

508 هـ على "علىّ" حليف يوسف بن تاشفين وخليفته وقتل، فنهض ابنه بحكم غرناطة، وبينما كان تميم فى غرناطة مرة أخرى قام ألفونس الأول المعروف بالمقاتل بحملة عبر بها بلاد الأندلس وظهر أمام غرناطة مرتين دون أن يحاول محاصرتها لكنه استطاع أن ينزل الهزيمة بتميم فى "أرانزويل" وانتهى الأمر بخلعه وتولية "أبى عمر" حفيد يوسف بن تاشفين والى فاس من قبل فالتحم بألفونسو أثناء ارتداده، ثم صدرت الأوامر إلى ولاة اشبيلية وغرناطة وقرطبة وألمرية لترميم أسوار مدنهم وقلاعهم، وبذل "اينالو" والى غرناطة الجديد جهودا مضنية لتنفيذ هذه المشورة رغم الثورة فى جبيل واستيلاء الثوار على مواد بنائه التى كانت حول باب الرملة وباب ألبيرة وهلاك أرواح كثيرة، فخلعه على فى جمادى 522 هـ (مايو 1128 م) وأمره بالذهاب إلى مراكش لمواجهة ما رمى به من التهم النكراء من علوج غرناطة، وحوكم عليه بالسجن تكفيرا عن أخطائه. وتدلنا هذه الحادثة على أن جميع المولدين قد أرغموا على الهجرة إلى مراكش.

واستولى الحاكم الجديد أبو حفص ابن يوسف على إحدى القلاع، ولكنه خلع بعد أربعة أشهر، وحل محله أحد أبناء على وهو المعروف بتاشفين، وكان سئ الطالع فقد ظل يحارب القشتاليين عشر سنوات حروبا عنيفة لم يقدر له فيها النجاح، ولما ولى حكومة قرطبة سنة 526 هـ (1132 م) أناب عنه فى ولاية غرناطة أبا محمد الزبير بن عمر المعروف فى الحوليات النصرانية باسم Azuel الذى انتهت حملاته البطولية نهاية مأساوية سنة 538 هـ (1143 م) فقد تمت هزيمته ومقتله على يد القائد الطليطلى "مينيو الفونسو".

لقد كان على بن أبى بكر بن على بن فاطمة آخر حكام مراكش فقد مات فى ثورة "ابن أضحى" الذى سلم غرناطة لسيف الدولة المعروف فى المراجع النصرانية باسم Zafadola وهو آخر سلالة بنى هود أصحاب سرقسطة والذى استسلم لألفونسو السابع.

ص: 7589

ولقد تحصن المرابطون فى "القصبة" القديمة واستبسلوا فى صد هجمات سيف الدولة وأرغموه على الارتداد بعد أن قتلوا ابنه عماد الدولة إذ باغتوه بالهجوم، ولما أخرج الغرناطيون عليا بن أضحى الذى ارتد إلى حصن المنكب اعترفوا بسيادة مرابطى القصبة عليهم، ولقد ظلوا محافظين على مكانتهم حتى سنة 551 هـ (= 1156 م) بقيادة ميمون بن بدر قائد ابن غانية، إلا أن أعمال حكام قرطبة واشبيلية الموحدين زادت من إحساسهم بعزلتهم وتضاؤل عددهم فكاتبوا مراكش فى طلب الصلح فأجيبوا إليه، وجاءت الأوامر إلى عبد اللَّه بن سليمان قائد اسطول سبتة إلى العدوتين وهو السيد أبو عثمان بالابحار إلى الجزيرة الخضراء ومنها إلى غرناطة فأسلم "ميمون بن بدر" المدينة وانتقل بجميع مرابطى غرناطة إلى مراكش وسكنوها.

واستعد حاكم غرناطة الجديد للرسو برا على ساحل المرية التى كانت فى يد القشتاليين، على حين قام أسطول "سبتة" بمحاصرتها بحرا، ونجح فى احتلالها مرة ثانية، وحينذاك أسرع الفونسو السابع وحليفه "ابن مردنيش" لمعاونتها ولكنهما لم يستطيعا الاحاطة بها، ومن ثم حاول مباغته غرناطة التى كانت حاميتها غائبة عنها فى المرية، غير أن الوزير أبا جعفر أحمد بن عطية والسيد يوسف بن عبد المؤمن (وقد توقعا استسلام المرية) استطاعا أن يسبقاه إلى غرناطة ونجحا فى الدفاع عنها مما أدى إلى إنقاذ بعض النواحى. ومات الفونسو السابع يوم 21 اغسطس 1157 وحينذاك نعمت غرناطة بفترة من السلام لمدة خمس سنوات إذ قام "ابن همشكا" سنة 557 هـ (1162 م) بالهجوم عليها لغضبه لضياع قرمونة من يده، وعاونه فى هذا الهجوم سكانها اليهود والمولدون، فتحصنت حامية القصبة القديمة، وطلبت نجدات من "ابن مردنيش" فجاءها بمن معه من الجند والمرتزقة النصارى بقيادة "ألفا روديز" حفيد "ألفار فانييز". وكان صاحب غرناطة السيد أبو عثمان غائبا حينذاك فى مراكش فأسرع لنجدة البلد، ولما صار فى سهل غرناطة استصحب معه

ص: 7590

قوات من اشبيلية إلا أنه منى بالهزيمة فى موضع يسمونه "مرج الرقد" الذى يبعد عن المدينة بأربعة أميال ففر إلى مالقه، فعاد عبد المؤمن مع طائفة من المحاربين وجعل عليهم فى الظاهر ولده ووريثه "يوسف". أما القيادة فكانت فى الواقع فى يد "يوسف بن سليمان" البطل المحارب الذى تسلق بالليل مكانا صخريا مشرفا على "شينيل" وباغت عسكر العدو فى الفجر وانتصر نصرا عظيما وفك حصار حاميتها، ودان له جميع سكان الوادى الذين كانوا قد أعلنوا خضوعهم لابن همشكا. فلما كانت سنة 563 هـ (1168 م) وفى اللحظة التى اعترف فيها الغرناطيون بيوسف الأول "أميرا للمؤمنين" قام واليها فهزم بقربها كتيبة من المرتزقة النصارى الذين كانوا فى خدمة ابن مردنيش، وكانت هذه الكتيبة قد توغلت فى الداخل حتى بلغت "رندة" فلما عاد يوسف من حملته الفاشلة فى خريف 568 هـ (1172 م) مر بغرناطة وولى عليها أخاه أبا سعيد عثمان الذى كان يصحبه فى هذه الحملة، ولم يحدث شئ هام أيام حكم الأمراء الموحدين التالين حتى زمن عبد المؤمن الذى أعلن وهو فى اشبيلية قبل سفره إلى مراكش أنه مهاجم محمد بن يوسف بن هود الجذامى الممثل لثورة المسلمين الأسبان. ولقد تمكن ابن هود (أثناء غياب المأمون) من السيطرة على معظم الأندلس كما اعترف بالخليفة العباسى المستنصر الذى جاء رسوله سنة 632 هـ (1233 م) إليه فرحب به أعظم ترحيب، وخلع على ابن هود لقب "أمير الأندلس" كلها، غير أن ابن هود لقى مصرعه اغتيالا فى ألمرية سنة 535 هـ (1237 م) فقام خصمه ابن الأحمر فى ارغونة واستولى على غرناطة سنة 636 هـ (1238 م) وأقام دوله بنى نصر. وكانت إحدى مهامه الأولى النظر الدقيق فى أمر المدينة فوضع أساس "القصر" وجهز آلات الحفر ووضع الأساس، ولم يمر العام حتى كان قد تم إنشاء كثير من التحصينات، وأجرى المياه من النهر، وأقام السدود، ولكنه

ص: 7591