المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - جامع سوسة: - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٢٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌علم الكلام

- ‌(1) تعريف:

- ‌(2) المدارس الكبرى:

- ‌أ- النزاعات الأولى:

- ‌ب- مذاهب المعتزلة:

- ‌جـ - رد فعل الأشعريين:

- ‌د- النزعات الحنفية الماتريدية:

- ‌هـ - العصر الحديث:

- ‌(3) المنهج والإشكالية:

- ‌أ- المحاجاة وأساليب الاستدلال العقلى:

- ‌ب- صوغ المسائل:

- ‌(4) مكانة علم الكلام فى الفكر الإسلامى:

- ‌أ - ثلاثة آراء:

- ‌ب- المعارضة:

- ‌(أ) المعارضة الحنبلية:

- ‌(ب) النزاع على "التهافت

- ‌(جـ) علم الكلام والمذاهب الفقهية:

- ‌(د) الموقف اليوم:

- ‌علم الهيئة

- ‌الترجمة من السنسكريتية:

- ‌الترجمة من البهلوية:

- ‌الترجمة من اليونانية والسريانية:

- ‌التراث البطلميوسى:

- ‌تراث السندهند:

- ‌مدرسة مراغة:

- ‌المراصد المتأخرة:

- ‌العلوية

- ‌ تأسيس الأسرة:

- ‌ مولاى إسماعيل (1082 - 1139 هـ/ 1672 - 1727 م) وتقوية نفوذ الأسرة:

- ‌ عصر الفوضى والانحلال (1139 - 1170 هـ/ 1727 - 1757 م):

- ‌ إعادة التعمير فى عهد محمد بن عبد اللَّه (1170 - 1204 هـ/ 1757 - 1790 م):

- ‌ السياسة المتحفظة للعلويين والتى مهدت الطريق للأزمة المغربية (1204 - 1311 هـ/ 1790 - 1894 م):

- ‌ الأزمة المغربية وإعلان الحماية الفرنسية (1311 - 1330 هـ/ 1894 - 1912 م):

- ‌على بن أبى طالب

- ‌المصادر:

- ‌على باشا داماد

- ‌المصادر:

- ‌على الرضا

- ‌على بن عيسى الجراح

- ‌المصادر:

- ‌علىّ بن عيسى الكحال

- ‌المصادر:

- ‌على بك الكبير

- ‌المصادر:

- ‌على مبارك

- ‌المصادر:

- ‌على بن محمد الزنجى

- ‌المصادر:

- ‌على بن ميمون الإدريسى

- ‌على بن يوسف بن تاشفين

- ‌المصادر:

- ‌عماد الدولة، بن بويه

- ‌عماد الدين بن محمد

- ‌العمارة

- ‌العمارة الإسلامية المبكرة

- ‌1 - العمارة فى عصر الرسول [صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - العمارة فى العصر الراشدى والأموى:

- ‌قبة الصخرة فى القدس الشريف:

- ‌الجامع الأموى بدمشق:

- ‌ومن القصور الأموية الباقية كل من:

- ‌ قصر المشتى:

- ‌3 - العمارة فى العصر العباسى:

- ‌المسجد الأقصى بالقدس الشريف:

- ‌صهريج الرملة بفلسطين:

- ‌ جامع عمرو بن العاص فى الفسطاط:

- ‌مدينة سامرا بالعراق:

- ‌جامع سامرا

- ‌جامع أبى دلف:

- ‌العمارة فى عهد الدويلات المستقلة عن الخلافة العباسية:

- ‌العمارة فى عهد الأغالبة بتونس:

- ‌1 - جامع القيروان

- ‌2 - جامع سوسة:

- ‌عمران

- ‌المصادر:

- ‌عمر بن الخطاب

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌عمر بن عبد العزيز

- ‌المصادر:

- ‌عمرو بن العاص

- ‌المصادر:

- ‌عمار بن ياسر

- ‌المصادر:

- ‌عمان

- ‌المصادر:

- ‌عمود

- ‌عنترة

- ‌المصادر:

- ‌العواصم

- ‌المصادر:

- ‌عيد

- ‌المصادر:

- ‌عيد الأضحى

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عيد الفطر (العيد الصغير)

- ‌عيدروس

- ‌المصادر:

- ‌عيذاب

- ‌المصادر:

- ‌عيسى عليه السلام

- ‌أصل كلمة عيسى:

- ‌أسماء المسيح فى القرآن الكريم:

- ‌البشارة والحمل والميلاد:

- ‌رسالة المسيح:

- ‌يسوع المسيح:

- ‌المسيحُ عبدُ اللَّه:

- ‌المسيح عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌المسيح وكلمة اللَّه:

- ‌المسيح وروح اللَّه:

- ‌المسيح وعقيدة التثليث:

- ‌المسيح ومسألة الصَّلْب:

- ‌عودة المسيح:

- ‌المسيح ويوم الحساب:

- ‌المسيح والمتصوَّفة:

- ‌الجدل الإسلامى المسيحى حول المسيح:

- ‌ المصادر

- ‌عين

- ‌المراجع

- ‌عين (بالمعنى الطبى)

- ‌المراجع:

- ‌غ

- ‌غائب

- ‌المصادر:

- ‌غات

- ‌المصادر:

- ‌الغاضرى

- ‌المصادر:

- ‌الغافقى

- ‌المصادر:

- ‌غالب بن صعصعة

- ‌المصادر:

- ‌غامد

- ‌المصادر:

- ‌غانا

- ‌المصادر:

- ‌غانة

- ‌المصادر:

- ‌غانية، بنو

- ‌المصادر:

- ‌غديرخم

- ‌مصادر:

- ‌الغذاء

- ‌المصادر:

- ‌غراب

- ‌المصادر:

- ‌الغرابية

- ‌المصادر:

- ‌غرناطة

- ‌1 - المدينة:

- ‌2 - الحمراء

- ‌ الحمراء قبل القرن 7 هـ - 13 م:

- ‌الحصن

- ‌القصور

- ‌المصادر:

- ‌غرناطة

- ‌المصادر:

- ‌غريب

- ‌المصادر:

- ‌الغريض

- ‌المصادر:

- ‌الغزال

- ‌المصادر:

- ‌الغزالى

- ‌حياته:

- ‌أعماله واتجاهاته الفكرية:

- ‌أ - يواجه الباحث فى فكر الغزالى صعوبة بالغة

- ‌ب- الجانب الشخصى:

- ‌جـ- الفقه:

- ‌د- الفلسفة والمنطق:

- ‌هـ - علم الكلام:

- ‌و- الممارسة الصوفية:

- ‌ى- النظرة الصوفية:

- ‌أثر الغزالى:

- ‌المصادر:

- ‌الغزل

- ‌الغزل فى الشعر العربى:

- ‌المصادر:

- ‌الغزل فى الأدب الفارسى

- ‌المصادر:

- ‌الغزنويون

- ‌المصادر:

- ‌الفنون فى العهد الغزنوى وآثاره الباقية:

- ‌المصادر:

- ‌غزة

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌غزولى

- ‌المصادر:

- ‌غسان (غساسنة)

- ‌المصادر:

- ‌غسل

- ‌المصادر:

- ‌غطفان

- ‌المصادر:

- ‌غفارى

- ‌المصادر:

- ‌غفران

- ‌غلاة

- ‌المصادر:

- ‌غلزى

- ‌المصادر:

- ‌غناء

- ‌المصادر:

- ‌الغوريون

- ‌تحت حكم الغزنويين والسلاجقة:

- ‌الغوريون قوة استعمارية:

- ‌نهاية الغوريين:

- ‌الثقافة الغورية:

- ‌المصادر:

- ‌الغول

- ‌المصادر:

- ‌غياث الدين طغلق الأول (غازى ملك)

- ‌المصادر:

- ‌الغيب

- ‌المصادر:

- ‌ف

- ‌الفأل

- ‌المصادر:

الفصل: ‌2 - جامع سوسة:

هذا ولم يكن الصحن محاطا بالأروقة فى جوانبه الثلاثة -أى المؤخر والمجنبتان- حتى عهد إبراهيم الثالث وذلك فى عام 261 هـ/ 875 م.

وقد بنيت الجدران الخارجية بالحجارة ودعمت بدعامات ساندة وضعت على مسافات غير متساوية الأبعاد.

‌2 - جامع سوسة:

(شكل 27)

بنى هذا الجامع فى عام 236 هـ/ 850 - 851 م ويتكون تخطيط الجامع، بدون الزيادتين، من مساحة مستطيلة منتظمة تمامًا، وقد بنيت بالحجارة على هيئة مداميك يبلغ ارتفاع كل منها نصف متر، ويبلغ طول الجامع من الداخل 49.39 م بينما يبلغ عرضه 57.16 م، ويتوسط الجامع صحن تبلغ مساحته 22.25 × 41 م، وتطل على هذا الصحن واجهات الأروقة الأربعة المحيطة به، وهذه الواجهات ذات بائكات متخصصة عقودها قريبة من شكل حدوة الفرس وترتكز هذه العقود على دعامات على شكل حرف T، ويبلغ عدد العقود المشرفة على الصحن فى كل من الجهتين الشمالية والجنوبية أحد عشر عقدًا بينما يبلغ عدد العقود فى كل من الجهتين الشرقية والغربية ستة عقود فقط. ويبلغ ارتفاع الواجهة حوالى 61.50 م وهى فى غاية البساطة باستثناء إزار زخرفى ممتد به زخرفة قالبية ويعلوه مباشرة إفريز كتابى رائع

(شكل 26) مسقط أفقى لجامع القيروان بتونس.

ص: 7488

منفذ بالخط الكوفى البسيط غير المزخرف ويبلغ أقصى ارتفاع له 28 سم وهذا الشريط الكتابى محفور بشكل مقوس قليلا من الأمام ليعوض قصر الحروف وذلك كى يساعد المشاهد على قراءته له من مستوى أرض الجامع، ويعد هذا الشريط هو النموذج الأول المعروف لمثل هذه المعالجة، ثم لم يلبث أن انتقل إلى مصر مع الفاطميين وظهر أول ما ظهر بجامع الحاكم بالقاهرة 380 - 403 هـ/ 990 - 1013 م.

ويختلف عمق الأروقة الثلاثة المحيطة بالصحن (أى المؤخر والمجنبتان) إذ يتراوح ما بين 4.08 م و 4.27 م، ويسقف كل رواق منها أقبية برميلية.

أما الحرم (أى مقدم الجامع) فهو يتكون من اثنتى عشرة بائكة تحصر فيما بينها ثلاثة عشر رواقا (بلاطة) وتتكون كل بائكة من ستة عقود تتجه عمودية على جدار القبلة، كذلك توجد عقود أخرى (تبلغ 13 عقدًا) تتجه من الغرب إلى الشرق (أى موازية لجدار القبلة) وهو الأمر الذى نتج عنه تقسيم كل رواق إلى ست مساحات صغيرة (مستطيلة غالبًا أو مربعة أحيانًا) وجميع العقود المرتكزة على دعامات متقاطعة من نوع العقود حدوة الفرس، ويسقف الأروقة الثلاثة الأولى من جهة الصحن أقبية برميلية مع استثناء واحد يتمثل فى أن المساحة التى تتقدم المحراب فى الرواق الأوسط مغطاة بقبة قائمة على رقبة مثمنة ذات أوجه مقوسة قليلا.

أما الأروقة الثلاثة الأخرى المتجهة إلى الجنوب فيسقفها أقبية متقاطعة أكثر ارتفاعًا قليلًا من الأقبية البرميلية المشار إليها. ويتكرر هنا أيضًا ما سبق أن شاهدناه فى الأروقة الثلاثة الأولى حيث يغطى المساحة التى تتقدم المحراب فى الرواق الأوسط، وعلى محور القبة السابقة، قبة قائمة على حنايا ركنية (إسكونشات). ومن الواضح أن حرم الجامع قد توسع جهة الجنوب وأن الأروقة الثلاثة الأولى من جهة الصحن هى الجزء الأصلى للجامع، وأن القبة

ص: 7489

الأولى تحدد المساحة التى تتقدم المحراب الأصلى للجامع.

وقد هدم الاثنان (أى جدار القبلة والمحراب الأصلى) وأضيفت مساحة جديدة ناحية الجنوب، وكان عمق الجامع قبل هذه الزيادة 44 م. هذا ويؤرخ الجزء الأصلى للجامع شريط كتابى كبير منفذ بالخط الكوفى وينتهى هذا الشريط بتاريخ البناء وهو عام 236 هـ/ 850 - 851 م.

ب- العمارة فى عهد أحمد بن طولون بمصر: - الجامع الطولونى (شكل 28).

فى عام 263 هـ/ 876 م قرر أحمد ابن طولون أن يبنى جامعا على (نشوز) صخرى يسمى جبل يشكر. ويمكن أن نتعرف على تخطيط الجامع من خلال مسقطه الأفقى (شكل 12). ومن خلال المنظر العام المأخوذ من مئذنة المدرسة الصرغتمشيه. وعلى ضوء هذا وذاك يتضح أنه يتكون من مساحة مستطيلة كبيرة تبلغ 112.26 و 140.33 م ويعلو جدران هذه المساحة شرافات فريدة ويتوسط هذه المساحة صحن مربع يبلغ طول ضلعه حوالى 92 م 2 وتحيط بهذا

(شكل 12) مسقط أفقى لجامع سوسة.

ص: 7490

الصحن الأروقة بواقع خمسة أروقة فى جهة القبلة (أى المقدم) ورواقان فى كل جهة من الجهات الثلاث الأخرى (أى المؤخر والمجنبتين).

هذا وتحيط بالجامع من جهاته الثلاث، البحرية والغربية والشرقية، زيادة عدا جهة القبلة حيث كانت توجد دار الإمارة، ويبلغ عرض هذه الزيادة 19 م تقريبًا.

وجدران الزيادة أقل ارتفاعًا من جدران الجامع نفسه، ويشكل الجميع المساحة الكلية للجامع وهو أقرب إلى المربع منه إلى المستطيل إذ تبلغ مساحته 162 م طولًا، و 162.46 م عرضًا، وقد بنيت جدران الجامع بالآجر الأحمر، الذى تتراوح مقاساته ما بين 18 × 8 × 4 سم، المغطى بطبقة سميكة جدًا من الجص حتى يمكن حفر الزخارف عليها بسهولة، كذلك يلاحظ أن الأربطة الخشبية لم تستخدم فى أى مكان بالجامع باستثناء قمم الدعامات.

هذا وقد وجدت أن وحدة القياسات المستعملة فى الجامع هى ذراع مقياس النيل الذى يقدَّر بنحو 54.04 سم لأن الأبعاد الأساسية تعد تقريبًا مضاعفات صحيحة له.

وبالنسبة إلى مخطط واجهة الجامع نفسه يبدو أن المهندس قد وضع تصميمه على أساس شطر الواجهة إلى شطرين بالنسبة لارتفاعها ثم اتخذ بعد ذلك خط الوسط كمستوى لأعتاب النوافذ.

وعلى ضوء ذلك نجد أن الجزء السفلى للواجهة بسيط لم تفتح به سوى سبعة أبواب مستطيلة أما الجزء العلوى فقد فتحت به إحدى وثلاثون نافذة معقودة بعقود مدببة يتراوح ارتفاع أعتابها ما بين 70، 25، 5.86 م من مستوى أرضية الجامع.

وترتكز عقود النوافذ على أعمدة قصيرة مدمجة من الآجر تشبه تمامًا مثيلتها بجامع عمرو فى الجزء الذى يؤرخ بعام 212 هـ/ 827 م. ويبلغ ارتفاع الجدران حتى مستوى السقف نحو 10.03 م، ويلى ذلك صف من الدوائر المفرغة داخل مربعات ويعلو ذلك شرافات مفرغة فريدة فى نوعها

ص: 7491

(شكل 28) مسقط أفقى لجامع أحمد بن طولون

وبها يصل الارتفاع الكلى للجدران من مستوى أعتاب الأبواب إلى 13.03 م.

ويلاحظ أن جميع أعتاب الأبواب فى غاية البساطة باستثناء أربعة أعتاب خشبية أصلية باقية يزخرف باطنها زخارف محفورة.

وبالإضافة إلى السبعة عشر بابًا الكبيرة والبابين الصغيرين التى تؤدى

ص: 7492

إلى داخل الجامع من الزيادة، توجد أربعة أبواب فى جدار القبلة يؤدى أحدها إلى حجرة خلف المحراب، وهذا هو الباب الذى ذكره المقريزى عند حديثه عن دار الإمارة فقال:"ولها باب من جدار الجامع يخرج منه إلى المقصورة بجوار المحراب والمنبر. .".

وكان هذا هو النظام المتبع خلال القرون الثلاثة الأولى للهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام.

ويتوسط الجامع صحن مربع يبلغ طول ضلعه حوالى 92 م 2 يحيط به من كل جانب ثلاثة عشر عقدًا مدببًا، ويشغل الضلع القبلى للصحن الحرم (أى مقدم الجامع) وهو يتكون من خمس بائكات بكل منها سبعة عشر عقدًا. أما الرواق المقابل (أى رواق المؤخر فى الضلع البحرى للصحن) فيتكون من بائكتين وكذلك يتكون كل من الرواقين الجانبيين (أى المجنبتان بالضلعين الغربى والشرقى للصحن) من بائكتين أيضًا، وبكل بائكة ثلاثة عشر عقدًا فقط.

وترتكز جميع هذه العقود على دعامات يبلغ عرضها 2.46 م وطولها 1.27 م، وقد وضعت فى أركانها الأربعة أعمدة مدمجة من الآجر. كذلك يلاحظ أنه وضعت ألواح خشبية معشقة حول قمم هذه الدعامات لتقويتها.

وقد اشتقت التيجان من التيجان الكورنثية المتأخرة إلا أنه قد حلت محل صفين من أوراق الاكانتس أوراق العنب المحورة وفق طراز سامرا، وبالنسبة لزخارف بواطن العقود فقوامها أشرطة جصية بقى منها بحالة جيدة حوالى عشرة أشرطة وتتكون زخارف جميع هذه الأشرطة من شريط أوسط عريض محصور بين إطارات ضيقة مزدوجة، وقوام زخرفة الشريط الأوسط فى كل مرة عبارة عن إطار هندسى مملوء بعناصر ورسوم متنوعة رائعة تنتمى فى أسلوبها إلى طراز سامرا الثانى (B). شكل (39). وبالإضافة إلى ذلك يوجد شريط زخرفى مستمر يبلغ عرضه 46 سم، ويلتف هذا الشريط حول العقود من كلا وجهيها الداخلى والخارجى ثم يدور حول الزوايا القائمة لأرجل العقود ثم يجرى أعلى الدعامات ثم يدور بعد ذلك فى زوايا قائمة مرة ثانية ليلتف حول العقد التالى. . وهكذا.

ص: 7493

ويعلو هذا الشريط الزخرفى الذى يلتف حول العقود إفريز زخرفى آخر فى الجص، ويجرى فوق هذا الإفريز الزخرفى بحوالى 20 سم الشريط الكتانى الشهير المنفذ بالخط الكوفى المحفور فى الخشب أسفل السقف بحوالى 30 سم ولا تزال أجزاء كثيرة منه باقية بحالة جيدة، وقد ثبت بالحسابات الدقيقة لهذا الشريط الكتانى الذى يمتد مسافة 2 كم أنه كان يشتمل على جزء من سبعة عشر من القرآن الكريم. (أى مكتوبا عليه)

وتبدو النوافذ التى تشغل أعلى الجدران الأربعة خلف أروقة الجامع والسماء من ورائها مثل المخرمات (الدانتيلا) الدقيقة ولذلك فهى تعد واحدة من أجمل سمات الجامع. ويبلغ عددها 128 نافذة (والصواب 129) ويتكون كل منها من عقد مدبب ترتكز أرجله على زوج من الأعمدة القصيرة المدمجة ويتوج هذه الأعمدة تيجان جصية، ويلتف حول هذه العقود إطار من الزخارف الجصية ويدور هذا الإطار حول الزوايا القائمة لأرجل العقود ثم يمتد أفقيا ثم يلتف حول عقد النافذة التالية وهكذا، إلا أنه لسوء الحظ لم يبق من النوافذ ذات الزخارف المفرغة الأصلية سوى ثلاث أو أربع على الأكثر.

(شكل 29) تفريغ لزخارف بواطن العقود

ص: 7494

وقد نفذت هذه الزخارف بصفة أساسية باستعمال الفرجار، وتتكون هذه الزخارف من دوائر متداخلة وقطاعات من دوائر، ونفذت زخارف نافذتين منهما بطريقة مشابهة لإحدى النوافذ الرخامية المفرغة بالجامع الأموى بدمشق أما الثالثة فقوامها شبكة من المثلثات المتساوية الأضلاع (شكل 30).

ومنطقة انتقال القبة الخشبية التى تعلو المنطقة المربعة التى تتقدم المحراب ترجع بلا شك إلى أعمال السلطان لاجين 696 هـ/ 1296 م، أما القبة نفسها فترجع إلى فترة متأخرة. وأنا أشك بدرجة كبيرة فى أنه لم تكن توجد فى هذا المكان قبة أصلا [ويقصد فى العصر الطولونى].

وترجع المئذنة الحالية إلى أعمال لاجين أيضًا، ومن المحتمل أن المئذنة

(شكل 30) تفريغ للزخارف المفرغة بإحدى نوافذ (قمريات) الجامع الأصلية

ص: 7495

الأصلية التى شاهدها المقدسى (فى الربع الأخير من القرن 4 هـ/ 10 م) كانت نسخة طبق الأصل من ملوية سامرا.

ويذكر كل من ابن دقماق والمقريزى نقلًا عن القضاعى أن جامع ابن طولون بنى على طراز (على بناء) جامع سامرا، وهذا القول ليس صحيحًا بالتأكيد لأن تخطيطه على الأقل لا يشبه أى من جامعى سامرا باستثناء أن الجوامع الثلاثة محاطة بزيادة.

ويختلف الجامع الطولونى عن جامع سامرا فى عدد أروقته 5 - 2 - 2 - 2 بدلًا من 9 - 4 - 4 - 3، أما جامع أبى دلف بسامرا فأروقته تجرى عمودية على جدار القبلة بدلًا من موازاتها له. ويختلف الجامع الطولونى عن جامع سامرا أيضًا فى أن سقفه يرتكز على عقود بدلًا من ارتكازها مباشرة على الدعامات دون وساطة العقود فى جامع سامرا، وهذه الدعامات هى التى تذكرنا فقط بمثيلتها فى جامع سامرا ولكن دعامات سامرا مربعة وفى أركانها الأربعة أعمدة رخامية مدمجة أما دعامات ابن طولون فمستطيلة وأعمدة الأركان الأربعة من الآجر.

كذلك فإن واجهة الجامع لا تذكرنا بمثيلتها فى كل من جامعى سامرا حيث أنها غير محصنة مثلهما، والسمة الوحيدة فى واجهة جامع ابن طولون التى تذكرنا بسامرا هى صف الدوائر داخل مربعات أسفل الشرافات المتوجه للواجهة.

ونوافذ الجامع الطولونى لا تشبه مثيلتها بجامع سامرا فهذه الأخيرة -أى نوافذ جامع سامرا- أقل عددًا وذات عقود مفصصة من الداخل وتشبه المزاغل (فتحات مرامى السهام) من الخارج.

أما نوافذ الجامع الطولونى فتشبه مثيلتها بجامع عمرو 212 هـ/ 827 م باستثناء عدم وجود الطبالى الخشبية العرضية والإفريز الخشبى ذى الزخارف المحفورة، وبتعبير آخر فإن واجهة الجامع الطولونى مشتقة من واجهة جامع عمرو 212 هـ/ 827 م وتعتبر مصرية الطراز حيث لا توجد واجهة مثلها معروفة فى أى مكان آخر.

وبالنسبة للزخارف فإن هناك إجماعًا الآن على أنها مشتقة من زخارف سامرا، ولكن بينما استخدمت فى سامرا الطرز الثلاثة (A-B-C) كل طراز منها على حدة، نجد أنها فى جامع ابن طولون متحدة وممتزجة مع بعضها.

وبعد فإن زخارف الجامع الطولونى والمظاهر الأخرى المحددة تجعلنا نعتبره بناءً

ص: 7496

أجنبيًّا -أى عراقيا- غرس فى التربة المصرية ولا بد أن يكون قد استخدم فيه عدد كبير من الصناع العراقيين لعمل زخارفه فى الخشب والجص.

وتمثل زخارف الجامع الطولونى وكذلك زخارف دير السريان فى وادى النطرون أقصى مثالين باتجاه الغرب لفن الإمبراطورية العباسية.

وختامًا فإنه يمكن القول إنه خلال العصر العباسى حلت التأثيرات الساسانية الفارسية محل التأثيرات الهيلنستية فى الشام وقد أصابها تحوير شديد فى الفن والعمارة مما أدى إلى ميلاد فن جديد عرف بفن سامرا، وقد انتقل هذا التأثير إلى مصر فى عهد ابن طولون.

ويوجد اختلاف كبير فى عمارة القصور بين القصور الأموية والعباسية ويرجع جزء من هذه الاختلافات إلى تبين العباسيين للأفكار الفارسية فى الحكم والتى تؤله الملوك إلى حد بعيد، ولذلك تضمنت عمارة القصور العباسية قاعات العرش المتقنة المغطاة غالبا بالقباب والمخصصة للاستقبالات الخاصة والتى يتقدمها إيوان مقبى أو أربعة إيوانات متقابلة للاستقبالات العامة. والبيوت كانت مختلفة أيضًا لأنها تتبع طراز قصر شيرين وليس الطراز الشامى كما هو الحال فى المشتى وقصر الطوبة.

ومن السمات الميزة لذلك القصور المساحة الضخمة والتخطيط المحورى وقد بنيت كل هذه القصور بالآجر وبنى جزء كبير منها بالطوب اللبن المغطى بطبقة سميكة من الجص.

وظهر خلال ذلك العصر نوع جديد من العقود المدببة هو العقد المدبب ذو الأربعة مراكز، كذلك فإن أقدم أمثلة الحنايا الركنية (الاسكونشات) الباقية فى العمارة الإسلامية ترجع إلى هذا العصر أيضًا.

ومن الابتكارات المهمة التى استخدمت خلال ذلك العصر البلاطات الخزفية ذات البريق المعدنى، وقد أحضرت أقدم نماذجها من الطرق المؤدية إلى القيروان فى عام 248 هـ/ 862 م.

وغالبًا ما كانت الأشرطة الكتابية تنقش على أرضية زرقاء لإبرازها.

ولكن تأثير الفن العباسى الواسع الانتشار لم يصل إلى أسبانيا حيث كان الفن الأموى الذى أحضره إلى هناك اللاجئون الشاميون لا يزال حيًا.

المصادر: وردت فى صلب المادة.

د. محمد حمزة [كرسويل K.A.C.Creswel]

ص: 7497