الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كامل الروعة إذ تطل جميعًا على نهر حدره عند التقائه بنهر شنيل [وهو أحد روافد الوادى الكبير] وتل السبيكة وعند هذا النشز الرائع تنتهى جبال سيرانفادا [وتعنى جبال الجليد أو الثلج]، وهى عبارة عن هضبة ضيقة تمتد أربعمائة وسبعين متر، طولًا، ومائتين وعشرين عرضًا كما ذكر تورس بلباس.
بدأ العمل ببناء قنطرة لنقل الماء من الجبال وكانت المياه متوافرة فى كل مكان بالمدينة وفى قصور بنى نصر، ومن المحتمل أن المساحة الخارجية المسورة والقصور الأولى لم ينته العمل بها حتى عهد محمد الثانى 671 - 701 هـ/ 1273 - 1302 م ومنذ ذلك الوقت أصبحت قاعدة بنى نصر-[أى حتى سقطت دولتهم فى - 897 هـ/ 1492 م].
وتعتبر الحمراء قبل أى شئ حصْنا منيعا وتحوطها الأسوار العالية المدعمة بأبراج قوية، وهى تعد من أجمل وأروع ما عرف فى العمارة الحربية، والحمراء كحصن يستحق العناية والدراسة، والفناء الكبير الذى تضمه الساحة فى الداخل والذى ينحدر على كلا الجانبين كان مقسما إلى ثلاثة أجزاء: فإلى الغرب يقع مُجمع من التحصينات المترابطة المتماسكة وأعنى بذلك القصبة، كما تقع فى أعلى جزء منه القصور الرئيسية، أما المدينة نفسها فتقع على السفوح المنحدرة التى تمتد جهة الشرق.
الحصن
فى نهاية التل المواجه لفحص غرناطة تقع القصبة مكونة نوعا من النطاق المحصن المستقل تماما عن بقية الحمراء.
وهى تشتمل على مساحة كبيرة للاستعراضات أقيمت فيها بعد ذلك دور صغيرة ويحيط بهذه المساحة سور منيع مثلث الشكل له جدران عالية تكتنفها الأبراج وتدعمها ثلاثة أبراج
مقبية منيعة [ربما يقصد بذلك ما يعرف فى مصطلح الغرب الإسلامى بالأبراج البرانية]، وإلى الشرق منها يوجد سور خارجى آخر، ولهذا الحصين بوابته الخاصة التى تفضى إلى الخارج. ويتكون السور الذى يحيط بالحمراء والذى تكمله القصبة فى جهة الغرب من جدار واحد بنى بالحجارة القوية المتماسكة وهذا السور فى غاية الارتفاع ويدعمه ثلاثة وعشرون برجا كبيرا عاليا وتضم الطوابق العليا لبعض الأبراج قاعات أو بيوتا صغيرة ملحقة بالقصور.
وقد بنى هذا السور بأمر كل من محمد الأول ومحمد الثانى.
وبنيت فى القرن 8 هـ/ 14 م خلال عهد يوسف الأول (733 - 755 هـ/ 1333 - 1354 م) أبراج ممارش ونتشوكة [المطرقة] والقنديل والأبواب التذكارية الثلاثة الكبيرة، وهى باب العدل [باب الشريعة] وباب الطباق السبع وباب السلاح، أما برج المتزين فقد كمل بناؤه فى عهد السلطان محمد الخامس ولذلك فإن هذا السور قد اكتسب مظهره الحالى بعد منتصف القرن 8 هـ/ 18 م بقليل، وقد اكتفى سلاطين بنى نصر المتأخرون أمام تهديدات الملوك المسيحين ببناء قواعد [منصات] المدافع عند أسفل البوابات الثلاثة الكبيرة.
هذا وتفتح ثلاثة من أبواب الحمراء وهى: العدل [الشريعة] والطباق السبع والشرفات [الآسنة أو القمم المسننة] على الخارج أما باب السلاح الذى يحيط بالقصبة فهو وحده الذى يصل الحمراء بالمدينة، وتشكل أبواب الحمراء ذات النسب المعمارية الضخمة كتلا عميقة من المبانى تضم مدخلين أو ثلاثة من المداخل المنكسرة [الباشورة] المقبية وغالبا ما تتقاطع عبر رحبة مفتوحة، وقد بنيت هذه الأبواب بالحجارة القوية المتماسكة وواجهاتها وعقودها من
الآجر وأحيانا تزخرف بالقاشانى [البلاطات الخزفية وتعرف فى الغرب الإسلامى بالزليج]، ونظرًا لأهميتها فهى تعد من أروع نماذج العمارة الحربية.
ورغم أن باب الشارع خال من الأبراج إلا أنه يشكل فى حد ذاته برجا عاليا، فتح به عقد، ويتميز هذا الباب بمظهره القوى الرائع.
أما الأبواب الأخرى فلا تختلف كثيرا عن الأبواب الكبيرة للموحدين والمرينيين فى مراكش وبصفة خاصة عندما تكون محاطة ببرجين.
وللأسوار الشاهقة الارتفاع والعلو ممشى للحرس له دروة متوجة بالشرافات الهرمية الشكل، ولا يخفى أن توزيع الأبراج فى الأسوار غير متساوٍ تماما فهى مقامة على مسافات مختلفة إذ تبلغ المسافة بين البرج والآخر قرابة خمسين مترًا. وغالبا ما تكون الأبراج العالية للسور كبيرة لتضم فى قمتها أحد قاعات القصر أو بيتًا صغيرًا مزودًا بصحن [فناء]، ومن ذلك قاعة العرش أو قاعة السفراء التى تشغل الطابق العلوى لبرج مربع ضخم.
هذا وتشرف كل هذه القاعات والمنازل السكنية من خاول نوافذ عديدة على المنظر الجميل لكل من المدينة [أى غرناطة] وفحصها.
والمعروف أن تلك المجموعة الرائعة من التحصينات التى بناها سلاطين بنى نصر لم تهاجم على الإطلاق، فقد كانت الغارات المسيحية المتعددة التى تصل إلى غرناطة تقف أمام أسوارها دون أن تتعرض للهجمات العنيفة أو للحصار القوى حتى الحصار الأخير الذى أدى إلى سقوط غرناطة وتسليمها إلى الملكين الكاثوليكيين فى غرة ربيع الأول 897 هـ/ الموافق 3 يناير 1492 م، وفى أعقاب التسليم دخل فرديناند وإيزابيللا إلى الحمراء فى السادس من يناير [أى بعد أربعة أيام].