الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فضلا عن النوافذ المفرغة ورؤوس آدمية وفتيات يرقصن، وقد أعيد تجميع هذه الزخارف مرة ثانية وعُرِضَت فى المتحف الفلسطينى بالقدس. ويضم كل قصر من القصور الثلاثة السابقة ساحة مسورة، والتى تقدر فى قصر الحير الشرقى بحوالى 1.5 كم عرضا و 7 كم طولا، ذات جدران مبنية من الحجارة حتى ارتفاع 1.5 م ثم بالطوب اللبن بارتفاع 2 م على الأقل. ويدعم الأسوار دعامات ساندة نصف دائرية على مسافات منتظمة، وتوجد آثار لأسوار مماثلة فى خربة المفجر.
وكان يطلق على مثل هذه الساحات المسورة اسم الحير، ويثبت ذلك قول اليعقوبى (البلدان - ص 32 - 33) وهو يصف تأسيس مدينة سامرا على يد الخليفة المعتصم فى عام 221 هـ/ 836 م ". . . وهذه الشوارع التى من الحير كما اجتمعت إلى اقطاعات لقوم هدم الحائط وبنى خلفه حائط غيره، وخلف الحائط الوحش من الظباء والحمير الوحش والأيائل والأرانب والنعام وعليها حائط يدور فى صحراء حسنة واسعة".
كما أن ابن مسكويه يذكر فى كتابه (تجارب الأمم -جـ 5 - ص 159) فيما يذكر ضمن أحداث عام 315 هـ/ 925 - 926 م ". . . وفيها [أى فى هذه السنة] شغب الفرسان برسم التفاريق وخرجوا إلى المصلى فنهبوا القصر المعروف بالثريا [أى فى بغداد] وذبحوا الوحش الذى فى الحاير. . .".
-
قصر المشتى:
يقع على بعد حوالى أربعة أميال من زيزا [محطة على خط سكة حديد الحجاز] وحوالى عشرين ميلا جنوب عمان بالأردن. (شكل 11).
وهو يعد أكبر القصور الأموية إذ تبلغ مساحته حوالى 145 م 2 إلا أن بناءه لم يكتمل، وقد بنيت جدرانه الخارجية بما فيها من أبراج نصف دائرية بالحجر الجيرى المصقول، أما جدرانه الداخلية فقد بنيت كلها بالآجر الذى يرتفع فوق ثلاثة أو أربعة مداميك من الحجر المنحوت.
(شكل 11) مسقط أفقى لقصر المشتى
هذا وتتراوح مقاسات الآجر فيما بين 21 سم 2 و 28 سم 2، أما سمكه فيبلغ 6.5 سم.
ويتوسط المدخل الواجهة الجنوبية، وينقسم القصر من الداخل إلى ثلاثة أقسام رئيسية تتجه من الشمال إلى الجنوب يبلغ عرض القسم الأوسط منها 57 م وعرض كل من القسمين الجانبين 42 م، وكانت النية متجهة إلى تشييد بعض الأبنية فى هذين الجانبين إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل إن بعض أبنية القسم الأوسط الرئيسى لم يكتمل بناؤها.
ومن الواضح أن النية كانت متجهة إلى أن يكون الجزء الذى يلى المدخل مباشرة بمثابة صالة المدخل إذ يبلغ طولها 17.40 م، وتؤدى هذه الصالة إلى فناء عرضه 27.14 م وعمقه 23 م، ويحيط بكل من هذين [أى الصالة والفناء] حجرات وأفنية أخرى، ويمكن أن نطلق على هذا الجزء اسم مجموعة المدخل.
ويلى الفناء السابق ذكره فناء أوسط كبير تزيد مساحته عن 57 م 2 وهو خال من الأبنية، ويوجد فى الجانب الشمالى منه مدخل ذو ثلاثة عقود أوسطها أوسعها (العقود سقطت)(شكل 12).
(شكل 12) المدخل ذو العقود الثلاثة المؤدى إلى قاعة العرش
ويؤدى هذا المدخل إلى قاعة العرش وهى قاعة بازيليكية كبيرة يبلغ عمقها 21.60 بصدرها حنية كبيرة ثلاثية العقد [واحد فى المصدر واثنان جانبيان] ويكتنف هذه القاعة من جانبيها مجموعتان متماثلتان من الأبنية إذ يتوسط كل مجموعة فناء مستطيل عمودى على القاعة وفى كل من جانبى هذا الفناء يوجد فناء آخر عمودى عليه يحيط به من جانبيه أربع حجرات قصية بواقع حجرتان بكل جانب. وكانت النية متجهة إلى كسوة جدران هذه الحجرات بوزرة رخامية حيث توجد كتل كبيرة من الحجر الأخضر الجميل الذى يبدو وكأنه رخام إلا أنه فى الواقع حجر الشست وقد قطعت هذه الكتل بالفعل إلى ألواح يبلغ سمك اللوح فيها 3 سم ووضعت فى الجانب الشرقى.
والحق أن شهرة قصر المشتى ترجع إلى زخارفه البديعة المحفورة على واجهته الجنوبية على البرجين اللذين يكتنفان المدخل وهما نصفا مثمنين فضلا عن جزء من الحائطين المتصلين بهذين البرجين يمينا ويسارًا ويبلغ
طول الجزء الأيمن المزخرف 13.20 م والأيسر 13.50 م، حيث إن زخارف هذه الواجهة تشغل المسافة الممتدة فيما بين البرجين c - z فقط (شكل 9) وتبدأ من أسفل بسفل بارز خال من الزخرفة يبلغ ارتفاعه 47 سم تعلوه قاعدة مشحونة بالزخارف يبلغ ارتفاعها 1.25 م ثم إفريز زخرفى يبلغ ارتفاعه 1.25 م ثم تكنة يبلغ ارتفاعها 90.4 م وتتكون القاعدة من حلية بارزة مستديرة تحيط بها من أعلى وأسفل زخارف غائرة أما الحلية البارزة فمزخرفة بشبكة من محاليق العنب المتداخلة التى تشكل فيما بينها أشكال دوائر (حلقات) بكل منها زخرفة من أوراق العنب وعناقيده وقد قسم سطح الجدار إلى عشرين مثلثا معدولا ومثلها مقلوبا بواسطة كورنيش (طنف) على هيئة الحلية القالبية وتجرى هذه المثلثات فيما بين السفل والتكنة مرة لأعلى ومرة لأسفل على هيئة زجزاجية (أى على هيئة خط متصل متكسر أو متموج)، ويبلغ ارتفاع هذه المثلثات حوالى 2.85 م وعرضها عند القاعدة 2.50 م ويتوسط كل مثلث وريدة تأخذ شكل مفصص سداسى الأضلاع فى المثلثات المعدولة ومثمن مستقيم الأضلاع فى المثلثات المقلوبة، وبصفة عامة فإن زخارف كل الوريدات متنوعة.
وتزين أسطح المثلثات المعدولة زخارف غنية غاية فى الروعة منفذة بالحفر البارز قوامها محاليق العنب وعناقيده وأشكال الطيور التى تنقر ثمار الفاكهة وغير ذلك. وأسفل بعض المثلثات منظر كأس وعلى جانبيه حيوانان يشربان، وتخلو زخارف المثلثات فى الجانب الأيمن للواجهة من رسوم الطيور والحيوانات فضلا عن أن زخارف هذا الجانب نفذت بمقياس أصغر.
والحق أن هذه الاختلافات -أى بين زخارف الجانبين الأيمن والأيسر- كافية لكى تؤكد الرأى القائل بأنها نفذت من قبل صناع ينتمون إلى مدارس [أى أساليب فنية] مختلفة.
وبعد فإن آثار العمارة الأموية تعد بحق أبنية رائعة فهى من الحجر
المنحوت وذات بائكات محمولة على أعمدة رخامية وكسيت من داخلها بزخارف غنية جدا نفذت على الحشوات الرخامية والفسيفساء.
والمساجد غالبا ما سقفت بأسقف جمالونية، أما المآذن فعلى شكل أبراج مربعة مرتفعة مأخوذة من أبراج الكنائس الشامية فى عصر ما قبل الإسلام، كما أن الحرم [أى مقدم الجامع] ذا الأروقة الثلاثة يرجع إلى التأثير ذاته.
وتُظهر الآثار الأموية خليطا من التأثيرات تحتل سورية المقام الأول تليها بلاد فارس أما التأثير المصرى فقد ظهر بوضوح فى نهاية العصر كما هو الحال فى قصر المشتى. كذلك استخدمت العمارة الأموية الأساليب الإنشائية التالية:
العقد نصف الدائرى، والعقد حدوة الفرس، والعقد المدبب، والعقود المسطحة أو الأعتاب التى يعلوها عقد عاتق نصف دائرى، والصنجات [. . . . .](*) أو المعشقة، والأقبية البرميلية سواء كانت من الحجر أو الآجر، والقباب الخشبية والقباب الحجرية المقامة على منطقة انتقال من المثلثات الكروية الحقيقية، أما مناطق الانتقال المكونة من حنايا ركنية (اسكونشات) فلم تستخدم خلال ذلك العصر.
ونحن نعرف من خلال أوصاف المؤرخين الأوائل أنه قد ساد فى بلاد فارس والعراق نمط من المساجد يختلف تماما عن النمط الشامى حيث إنه كان ذا تخطيط مربع بنيت جدرانه بالآجر (وأحيانا بالطوب اللبن) وحملت أسقفه الخشبية المسطحة على الأعمدة مباشرة دون وساطة العقود.
وعلى ذلك فإن هذا النمط من المساجد متأثر بشكل مباشر بقاعات الاستقبال (الأبادانا) فى القصور الفارسية القديمة (أى التى ترجع إلى العصر الأخمينى) والرواق ذو السقف المسطح (تالار) فى القصور الفارسية المتأخرة أى التى ترجع إلى العصر الساسانى).
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: مسح بالمطبوع