الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين كانت غزة تنعم بحياة هادئة مما أثر فى ازدياد عدد السكان ففى لسنة 1882 كان عدد السكان 16.000 نسمة ارتفع سنة 1906 إلى 40.000 نسمة (منهم 750 مسيحيا ومائة وخمسون يهوديا) وعلى أية حال ففى لسنة 1932 انخفض عدد السكان إلى حوالى 17.000 منهم قلة قليلة من اليونان الأورثوذكس الذين يحتفظون بكنيسة ترجع للقرن الثانى عشر للميلاد بها قبر القديس بورفيرى أسقف غزة فى القرن الخامس للميلاد. ومنذ الحرب العالمية الأولى بدأ المسلمون يتجمعون للصلاة فى موضع بالقرب من أطلال المسجد العظيم -يبجلون أيضًا مقام نبى هاشم الذى يعود للقرن السادس الهجرى/ الثانى عشر للميلاد (1).
وأسلوب الحياة فى غزة قريب من أسلوب الحياة فى مصر.
المصادر:
(1)
البلاذرى: فتوح البلدان.
(2)
اليعقوبى: البلدان.
(3)
ابن حوقل: صورة الأرض.
(4)
كتابات المقدسى والإدريسى.
(5)
الهروى: كتاب الزيارات، دمشق، 1952.
[د. عبد الرحمن الشيخ]
+ غزة: مدينة تقع جنوب فلسطين وتبعد عن البحر بنحو أربعة كيلومترات وقد اشتهرت منذ القدم بأنها مركز زراعى ومحطة لالتقاء القوافل القادمة من بلاد العرب. ولما كانت غزة مدينة من مدن الحدود فكثيرا ما تناولها التغيير من حين إلى حين، فمن "عزة"(بالعين) التى كانت إحدى عواصم الفلسطينيين ثم صار اسمها "جزة" وهو اسم يونانى ثم صارت جزءا من أرض يهوذا فى العصر الرومانى ثم صارت فى العصر البيزنطى جزءا من الأراضى الفلسطينية الأصلية، ودخلتها المسيحية فى القرن الخامس وأصبحت
(1) لا شك أن هناك خطأ هنا فلم يظهر بين المسلمين نبى فى القرن السادس للهجرة، فالمسلمون يؤمنون جميعا أن محمدًا خاتم الأنبياء ولعل الإشارة هنا لقبر هاشم جد النبى الذى قيل أنه مدفون هناك، ومنه اتخذت مدينة غزة كنيتها فى بعض المراحل "مدينة هاشم". [المترجم].
مقر بطركية. ووصفت فى بداية القرن السابع بالبلد الغنى وملتقى الزوار الأجانب وقد اعتاد التجار المكيون زيارتها بانتظام حتى ليقال إن هاشمًا أحد أجداد الرسول [صلى الله عليه وسلم] مات بها فى إحدى زياراته التجارية لها ولذلك شرفت بتسميتها مدينة هاشما. وبجوار مدينة غزة مكان يسمى "بدائن" وأحيانا تادون ويقال إن جيش المسلمين الذى أرسله الخليفة أبو بكر ألحق الهزيمة بحاكم غزة الرومانى فى هذا الموضع، ولكن أصدق الروايات تؤكد أن الذى فتحها إنما هو عمرو بن العاص، ويندر ورود ذكر لمدينة غزة فى أى نصوص دونت فيما بين القرنين الأول والثالث الهجريين (السابع والتاسع الميلاديين) ولكن كل ما نعرفه عنها أنها كانت مرتعا لصراع دار بين القبائل العربية التى استقرت فى سوريا وفلسطين وذلك فى القرن الثانى الهجرى، ومن المعروف أيضا أن الفقيه الإمام الشافعى ولد هناك فى عام (= 150 هـ 767 م) وقد وصف الجغرافيون غزة وهى تحت حكم الفاطميين بأنها مدينة هامة بجامعها الكبير وتمتد حتى تصل إلى تخوم عبر الصحراء ثم تبعد عن البحر مسافة ميل واحد ويحيبابها البساتين الفسيحة والأشجار والكروم.
وكانت أطلالًا وقت أن احتلها الصليبيون الذين شرعوا فى إعادة بنائها عام 544 هـ/ 1149 م ولما تولى بالدوين الثالث حكم القدس منح القلعة الجديدة للداووية (فرسان الهيكل) وقد ساعد هذا المعقل الصليبيين فى الاستيلاء على عسقلان فى عام 548 هـ/ 1153 م، وبعد عدة سنوات أعنى عام 565 هـ (= 1170 م) هاجم صلاح الدين المدينة لكنه لم يفلح فى الاستيلاء على القلعة فاستولى على المدن الصغيرة المتناثرة حولها، ولكن كبير فرسان الداووية سلمها له أخيرا بعد سقوط بيت المقدس فى يد صلاح إلا أن ريتشارد قلب الأسد استعادها مرة أخرى وظلت المدينة موضع أخذ ورد أثناء المفاوضات التى جرت بين الصليبيين والمسلمين وأعيدت للمسلمين بمقتضى معاهدة عام 626 هـ/ 1229 م.
لكن سرعان ما صارت مسرحا هُزم فيه الصليبيون مرتين فى عامى 636 هـ، 642 هـ (= 1239، 1244 م)، ثم أصبحت قبل الغزو المغولى مجال تنازع بين الأيوبيين فى الشام والأيوبيين فى مصر قبل أن يتم لهولاكو احتلالها فكانت بذلك الاحتلال أَخر نقطة وصل إليها فى زحفه.
ولما جاء العصر المملوكى أصبحت غزة المدينة الكبرى لإقليم يتبع معظمه ولاية دمشق، وكانت البلدة حينذاك شديدة الثراء عظيمة الاتساع، وإن كانت فى بعض الأحيان مستقلة وإذا أخذنا بما يقوله الجغرافيون والرحالة المعاصرون فإنهم يجمعون على رخائها الاقتصادى الذى يعود بعضه إلى ثراء الإقليم المحيط بها لكثرة ريّه بالمياه الجوفية.
واشتهرت غزة فى عهد المماليك بالعنب والتين وعرف عنها الثراء وكان مجتمعها يتألف من ثلاث مجموعات هم التجار والفلاحون والمشتغلون بتربية الماشية والأغنام، وأدى وصول العثمانيين فى عام 922/ 1516 م إلى نكبة حلت بغزة إذ جاءها نبأ كاذب بنصر أحرزه المماليك فظنوا إذ ذاك أنهم قادرون على الفتك بالحامية العثمانية الجديدة فكان الانتقام منهم فظيعا ولقى الكثيرون منهم حتفهم قتلا.
وقد سكن غزة أغلبية من المسلمين والمسيحيين وأقلية من اليهود ومجموعة ضئيلة من السامريين وتمتعت غزة بفترة من الرخاء فى عهد عائلة تعرف بعائلة الباشاوات (1070 هـ/ 1660 م) نجحت فى الحد من غارات البدو المستمرة على المدينة وفى الحفاظ على العلاقات الطيبة مع المسيحيين والأوروبيين.
وكان القرن الثامن عشر قرن تمردات من جانب البدو الذين وجدت السلطات العثمانية بعض الصعوبة فى كبح جماحهم.
وفى القرن التاسع عشر سرى على غزة ما سرى على فلسطين حيث خضعت للسيطرة العثمانية بحكم صلتها بمصر، ثم أصبحت بعد حرب