المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ب- مذاهب المعتزلة: - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٢٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌علم الكلام

- ‌(1) تعريف:

- ‌(2) المدارس الكبرى:

- ‌أ- النزاعات الأولى:

- ‌ب- مذاهب المعتزلة:

- ‌جـ - رد فعل الأشعريين:

- ‌د- النزعات الحنفية الماتريدية:

- ‌هـ - العصر الحديث:

- ‌(3) المنهج والإشكالية:

- ‌أ- المحاجاة وأساليب الاستدلال العقلى:

- ‌ب- صوغ المسائل:

- ‌(4) مكانة علم الكلام فى الفكر الإسلامى:

- ‌أ - ثلاثة آراء:

- ‌ب- المعارضة:

- ‌(أ) المعارضة الحنبلية:

- ‌(ب) النزاع على "التهافت

- ‌(جـ) علم الكلام والمذاهب الفقهية:

- ‌(د) الموقف اليوم:

- ‌علم الهيئة

- ‌الترجمة من السنسكريتية:

- ‌الترجمة من البهلوية:

- ‌الترجمة من اليونانية والسريانية:

- ‌التراث البطلميوسى:

- ‌تراث السندهند:

- ‌مدرسة مراغة:

- ‌المراصد المتأخرة:

- ‌العلوية

- ‌ تأسيس الأسرة:

- ‌ مولاى إسماعيل (1082 - 1139 هـ/ 1672 - 1727 م) وتقوية نفوذ الأسرة:

- ‌ عصر الفوضى والانحلال (1139 - 1170 هـ/ 1727 - 1757 م):

- ‌ إعادة التعمير فى عهد محمد بن عبد اللَّه (1170 - 1204 هـ/ 1757 - 1790 م):

- ‌ السياسة المتحفظة للعلويين والتى مهدت الطريق للأزمة المغربية (1204 - 1311 هـ/ 1790 - 1894 م):

- ‌ الأزمة المغربية وإعلان الحماية الفرنسية (1311 - 1330 هـ/ 1894 - 1912 م):

- ‌على بن أبى طالب

- ‌المصادر:

- ‌على باشا داماد

- ‌المصادر:

- ‌على الرضا

- ‌على بن عيسى الجراح

- ‌المصادر:

- ‌علىّ بن عيسى الكحال

- ‌المصادر:

- ‌على بك الكبير

- ‌المصادر:

- ‌على مبارك

- ‌المصادر:

- ‌على بن محمد الزنجى

- ‌المصادر:

- ‌على بن ميمون الإدريسى

- ‌على بن يوسف بن تاشفين

- ‌المصادر:

- ‌عماد الدولة، بن بويه

- ‌عماد الدين بن محمد

- ‌العمارة

- ‌العمارة الإسلامية المبكرة

- ‌1 - العمارة فى عصر الرسول [صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - العمارة فى العصر الراشدى والأموى:

- ‌قبة الصخرة فى القدس الشريف:

- ‌الجامع الأموى بدمشق:

- ‌ومن القصور الأموية الباقية كل من:

- ‌ قصر المشتى:

- ‌3 - العمارة فى العصر العباسى:

- ‌المسجد الأقصى بالقدس الشريف:

- ‌صهريج الرملة بفلسطين:

- ‌ جامع عمرو بن العاص فى الفسطاط:

- ‌مدينة سامرا بالعراق:

- ‌جامع سامرا

- ‌جامع أبى دلف:

- ‌العمارة فى عهد الدويلات المستقلة عن الخلافة العباسية:

- ‌العمارة فى عهد الأغالبة بتونس:

- ‌1 - جامع القيروان

- ‌2 - جامع سوسة:

- ‌عمران

- ‌المصادر:

- ‌عمر بن الخطاب

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌عمر بن عبد العزيز

- ‌المصادر:

- ‌عمرو بن العاص

- ‌المصادر:

- ‌عمار بن ياسر

- ‌المصادر:

- ‌عمان

- ‌المصادر:

- ‌عمود

- ‌عنترة

- ‌المصادر:

- ‌العواصم

- ‌المصادر:

- ‌عيد

- ‌المصادر:

- ‌عيد الأضحى

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌عيد الفطر (العيد الصغير)

- ‌عيدروس

- ‌المصادر:

- ‌عيذاب

- ‌المصادر:

- ‌عيسى عليه السلام

- ‌أصل كلمة عيسى:

- ‌أسماء المسيح فى القرآن الكريم:

- ‌البشارة والحمل والميلاد:

- ‌رسالة المسيح:

- ‌يسوع المسيح:

- ‌المسيحُ عبدُ اللَّه:

- ‌المسيح عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌المسيح وكلمة اللَّه:

- ‌المسيح وروح اللَّه:

- ‌المسيح وعقيدة التثليث:

- ‌المسيح ومسألة الصَّلْب:

- ‌عودة المسيح:

- ‌المسيح ويوم الحساب:

- ‌المسيح والمتصوَّفة:

- ‌الجدل الإسلامى المسيحى حول المسيح:

- ‌ المصادر

- ‌عين

- ‌المراجع

- ‌عين (بالمعنى الطبى)

- ‌المراجع:

- ‌غ

- ‌غائب

- ‌المصادر:

- ‌غات

- ‌المصادر:

- ‌الغاضرى

- ‌المصادر:

- ‌الغافقى

- ‌المصادر:

- ‌غالب بن صعصعة

- ‌المصادر:

- ‌غامد

- ‌المصادر:

- ‌غانا

- ‌المصادر:

- ‌غانة

- ‌المصادر:

- ‌غانية، بنو

- ‌المصادر:

- ‌غديرخم

- ‌مصادر:

- ‌الغذاء

- ‌المصادر:

- ‌غراب

- ‌المصادر:

- ‌الغرابية

- ‌المصادر:

- ‌غرناطة

- ‌1 - المدينة:

- ‌2 - الحمراء

- ‌ الحمراء قبل القرن 7 هـ - 13 م:

- ‌الحصن

- ‌القصور

- ‌المصادر:

- ‌غرناطة

- ‌المصادر:

- ‌غريب

- ‌المصادر:

- ‌الغريض

- ‌المصادر:

- ‌الغزال

- ‌المصادر:

- ‌الغزالى

- ‌حياته:

- ‌أعماله واتجاهاته الفكرية:

- ‌أ - يواجه الباحث فى فكر الغزالى صعوبة بالغة

- ‌ب- الجانب الشخصى:

- ‌جـ- الفقه:

- ‌د- الفلسفة والمنطق:

- ‌هـ - علم الكلام:

- ‌و- الممارسة الصوفية:

- ‌ى- النظرة الصوفية:

- ‌أثر الغزالى:

- ‌المصادر:

- ‌الغزل

- ‌الغزل فى الشعر العربى:

- ‌المصادر:

- ‌الغزل فى الأدب الفارسى

- ‌المصادر:

- ‌الغزنويون

- ‌المصادر:

- ‌الفنون فى العهد الغزنوى وآثاره الباقية:

- ‌المصادر:

- ‌غزة

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌غزولى

- ‌المصادر:

- ‌غسان (غساسنة)

- ‌المصادر:

- ‌غسل

- ‌المصادر:

- ‌غطفان

- ‌المصادر:

- ‌غفارى

- ‌المصادر:

- ‌غفران

- ‌غلاة

- ‌المصادر:

- ‌غلزى

- ‌المصادر:

- ‌غناء

- ‌المصادر:

- ‌الغوريون

- ‌تحت حكم الغزنويين والسلاجقة:

- ‌الغوريون قوة استعمارية:

- ‌نهاية الغوريين:

- ‌الثقافة الغورية:

- ‌المصادر:

- ‌الغول

- ‌المصادر:

- ‌غياث الدين طغلق الأول (غازى ملك)

- ‌المصادر:

- ‌الغيب

- ‌المصادر:

- ‌ف

- ‌الفأل

- ‌المصادر:

الفصل: ‌ب- مذاهب المعتزلة:

كان من شأنها أن تتشعب فيما بعد وعلى ذلك فسوف نتناول أتباع -نحلة الجَهْمية الذين يعتبرون أن "جهم بن صفوان"(الذى أعلم عام 128 هـ/ 746 م) هو مؤسس تلك النحلة، والذين لم تعرف ماهية عقائدهم إلا من خلال مناقضات خصومهم. وقصارى القول فيهم أنهم فيما يتعلق بمسألة القدر يقفون فى صف الجبرية، وفيما يتعلق بمسألة الإيمان يقفون فى صف المرُجئة وفيما عدا ذلك فهم قد رفضوا الاعتراف بأى وجود مستقل للصفات الإلهية، يفصلها عن الذات الإلهية وهو ما عرف بـ "التعطيل"؛ مستهدفين من ذلك صون كمالها ووحدانيتها المطلقة وفى نهاية المطاف أيد الجهمية فكرة "مخلوقية القرآن الكريم" وقدموا تفسيرات مجازية للآيات الدالة على التجسيم (خلع صفات الجسم البشرى على الذات الإلهية). ومن ثم نشأ نوع من البلبلة بينهم وبين المعتزلة (كما هو الحال فى مسألة "ضرار بن عمرو" مثلا)، وناوأهم هؤلاء من جراء مغالاتهم فى التعطيل ومن جراء رفضهم لفكرة "الاختيار" أى حرية الإنسان فى التصرف.

‌ب- مذاهب المعتزلة:

(فيما يتعلق بأصل التسمية والتفاصيل الخاصة بالتطور التاريخى لذلك المذهب ومعتقداته) كان المعتزلة الأوائل معاصرين لمختلف النزعات والفئات التى استعرضناها أعلاه، مما يجعل من المتعذر أحيانا بل وربما من غير المجدى أن نميز بينهم وبين القدرية.

إلا أنه بعد عام 132 هـ/ 750 م -حين كان الحكم العباسى آخذا فى توطيد دعائمه فى بغداد- فقدت المناقشات الخاصة بصلاحية الإمامة موضوعيتها وحل محلها الدفاع عن العقائد الدينية بصفة عامة فى وجه هجمات الزنادقة من كل نوع.

وفى ذلك الوقت صارت المواقف العقائدية محددة ومنظمة إلى الحد الذى يمكننا معه الحديث عن مذهب منتظم (أو بالأحرى مذاهب منتظمة)، له مصطلحاته الخاصة وأساليبه فى المحاجاة التى تأثرت بالعلم والفلسفة اليونانيتين من جراء الترجمة عنهما.

وبعد المؤسسين "واصل بن عطاء" و"عمرو بن عبيد" والرائد "ضرار بن

ص: 7373

عمرو"، نجد أمامنا جماعتين من المعتزلة تتشكلان فى البصرة وبغداد فيما بين نهاية القرن الثانى هـ/ الثامن م وبداية القرن الرابع هـ/ العاشر م. وقد تبنت كل من الجماعتين نزعات متباينة، لكن تَصْدُق على كل منهما تسمية "مذهب".

ولعلنا نتفق مع "مونتجومرى وات W. Montgomery Watt" فيما ذهب إليه فى كتابه " Free will and Predestination in Early Islam" من أن "أبا الهُذيل العَلاف" - المتوفى حوالى عام 227 هـ/ 841 م- هو مؤسس مذهب البصرة، وأيضا (وإلى حد ما) مؤسس "المعتزلة العقائدية" ذاتها. ويتمثل أعلام هذا المذهب فى "معمر" و"النظّام" -وكلاهما لم يتورع عن انتقاد العلاف- وكذلك الكاتب المبرز "الجاحظ"، و"الجبائى" وابنه "أبو هاشم" المتوفى عام 321 هـ/ 933 م. وقد قام فقهاء البصرة -فى إطار معالجهتم لمستجدات مسائل العقيدة- بتقديم حلول إبداعية فى ميدان الفلسفة الطبيعية والعلوم العقلية مثل "نظرية الأجزاء" لأبى الهذيل و"مذهب الأحوال" شبه التصورى لأبى هاشم.

أما المذهب البغدادى فربما كان أقل بروزا من المذهب البصرى، وقد استمد أفكاره "بشر بن المعتمر"، المتوفى بين عامى 210 - 226 هـ/ 825 - 840 م. والذى تعرض للسجن لبعض الوقت بأمر هارون الرشيد؛ وكان بشر هدفا لانتقاد أبى الهذيل، وقد تأثر به "معمر" وقد حظيت المجموعة المنتمية لهذا المذهب ببعض الشهرة على أيدى رجال مثل "المُردار"، و"ثُمامة" و"الخياط"، و"الكعبى" المتوفى عام 319 هـ/ 931 م.

والمعتزلة كما قال عنهم "أحمد أمين" فى كتابه "ضحى الإسلام" كانوا رجال دين فى المقام الأول وفلاسفة فى المقام الثانى. والسمة المميزة للمتكلمين لا تتمثل فى نظرية الأجزاء (أو النظرية الذرية atomic theory) أو فى نظرية الأحوال؛ بل تتمثل فى اهتمامهم الأساسى بالضلوع فى النزاعات والمناظرات من أجل حماية العقيدة من زنادقة ذلك العصر، وهم مدّعو التحرر الفكرى الذين استمدوا أفكارهم من المزدكية أو المانوية، أو من العقلانية اليونانية فى فترة زمنية لاحقه. ومع أن الاختلافات العقائدية الطفيفة -والتى

ص: 7374

لها وجاهتها فى بعض الأحيان- قد فرًقت المعتزلة، فقد كانوا جميعا ينهلون من ذات معين الإلهام الواحد وهو "احترام العقل" فى مجال الدفاع عن العقائد الدينية (حتى أن العقل يصبح عندهم "ميزان القانون")، والاهتمام بتنزيه الذات الإلهية عن كل صور التعددية والتجسيد، والرغبة فى التأكيد على الكمال المطلق للذات الإلهية. وقد عرف المعتزلة أنفسهم بأنهم "أهل العدل والتوحيد".

ويمكننا أن نلحظ تأثير أفكار المعتزلة على الفكر اليهودى الناشئ فى البيئة العربية، إذ اشتمل بدوره على "الكلام" الذى نحا إلى معارضة فقهاء المسلمين كما اقتضت الضرورة ذلك، والذى استعار منهم وبصفة أساسية إشكالياته ومنهجه ونظم المناقشة الخاصة به. وكان أشهر المتكلمين اليهود "سَعديا جون" (أو: سعيد الفيومى).

والأصول أو المبادئ الخمسة التى قامت عليها إشكالية فكر المعتزلة هى: -

(1)

التوحيد: فصفات اللَّه تكون ذات معنى فقط حينما تؤخذ فى إطار من التنزيه التام؛ الأمر الذى سارع خصومهم باعتباره من قبيل التعطيل الجهمى؛ فالإله الخالق -ذلك الكائن الروحى المطلق- ليس من الممكن الوصول إليه ومن المحال رؤيته، سواء أكان ذلك فى الدنيا أم فى الآخرة.

(2)

العدل: فاللَّه يؤتى أفعاله عن قصد، والأشياء بطبيعتها تتضمن الخير والشر، لكن اللَّه لا يشاء إلا الخير، وهو قد تكفل بإيتاء الأصلح. . ومن ثم فهو لا يشاء الشر ولا يأمر به. أما الإنسان فهو مالك تصرفاته بما أودعه فيه اللَّه من قدرة، ومسئول عما يفعل! واللَّه قد تكفل بمثوبته أو عقابه بناء على ذلك.

(3)

الوعد والوعيد أو الأسماء والأحكام: الإيمان معناه الالتزام بالأفعال التى حض عليها القرآن الكريم، ومن يرتكب الكبيرة ولا يكفر عنها فمآله إلى جهنم.

والأحكام تصدر من أجل المؤمن وغير المؤمن معا. وهذا المبدأ يتعامل أيضا مع "الأخبار"؛ فهو على نقيض المبدأ المتعارف عليه لا يحتم أن يكون كل "الناقلين" من المؤمنين، ولا يتشبث

ص: 7375

بمقولة إن "الإجماع معصوم من الخطأ".

(4)

المنزلة بين المنزلتين: المنزلة الوسطى بين منزلتى المؤمن والكافر هى منزلة "الفاسق" أى المؤمن مرتكب الذنوب، وهذا المبدأ من خصائص فكر المعتزلة. فالمذنب ليس بمؤمن حقا ولا بكافر حقا؛ فهو قد فشل فى أن يعصم أطرافه عن ارتكاب الذنوب، لكن إيمانه باللَّه يبقيه داخل جماعة المسلمين. وهذا هو المدخل الذى نوقشت من خلاله شروط الإمامة ومن ثم كان استحقاق الخلفاء الراشدين للخلافة.

(5)

الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر: وهو مبدأ كانت له وجاهته أول الأمر، ثم فقد موضوعيته بعد ذلك؛ فالأمر بالمعروف فريضة على كل مسلم (على نقيض ما ذهب إليه الأصم البصرى)، وقد دعا المعتزلة -مخالفين فى ذلك وجهة النظر الأكثر كياسة وتبصرا التى قدر لها أن تنتصر آخر المطاف- إلى التدخل المباشر بالسيف إذا اقتضى الأمر هذا التدخل. فالمرء فى نظرهم يمكن له بل ويجب عليه) خلع أولى الأمر الفاسدين، والمرء يمكن له بل ويجب عليه إكراه خصومه -تحت طائلة العقاب بالموت- على الاعتراف بالعقيدة الحقه. كان هذا موقف المعتزلة فى أوج مجدهم فى عهد المأمون حينما كانوا يقتادون المنادين بعدم خلق القرآن الكريم إلى المحاكم.

ومع ذلك تظل الحقيقة أن كتابات أقطاب المعتزلة -بغض النظر عن رسالة "الانتصار" الجدلية التى وضعها الخياط دفاعا عن عقائد المعتزلة فى مواجهة "ابن الراوندى"- غير متاحة لنا إلا من خلال كتابات الآخرين عنها. وبعد أن ظل مذهب المعتزلة المذهب الرسمى للدولة لبعض الوقت؛ فإنه ما لبث أن تعرض بدوره للشجب وإهلاك معظم إنتاجه. وفى العصر الحديث فقط (حوالى عام 1958) برزت إلى دائرة الضوء فى اليمن -متأخرة لسوء الحظ- كتابات المعتزلى القاضى عبد الجبار المتوفى عام 415 هـ/ 1025 م)، حيث ظهر أولا "المغنى فى أبواب التوحيد والعدل" وهو بحث شامل حقا، ثم ظهر "كتاب

ص: 7376

المجموع فى المحيط بالتكليف". وإلى هذين العملين يمكن إضافة مؤلف "شرح الأصول الخمسة" الذى يحتمل أن يكون من تصنيف أحد المريدين الزيديين، ويمكننا الإشارة أيضا فى إطار تعاليم عبد الجبار إلى كتاب "المعتمد فى أصول الفقه" لتلميذه "أبى الحسين الطيب البصرى".

وتصدر عن عبد الجبار إشارات متكررة إلى أشياخ المعتزلة الأوائل وإلى مذهب البصرة؛ وبصفة خاصة إلى "الجبائى" و"أبى هاشم". ومن ثم فإننا نمتلك الآن قطوفا من كتابات أساتذة المعتزلة المبكرين وخلاصات لأفكارهم معروضة من وجهة النظر المعتزلية! الأمر الذى يكشف بصورة عارضة إلى أى حد كانت مقالات الأشعرى موضوعية (وينم عن أن الجزء الأول على الأقل من ذلك قد تم تأليفه إبان السنوات التى كان فيها المؤلف ملتزما بفكر المعتزلة). ومرة أخرى فى ذلك العصر المتأخر (حين كان عبد الجبار يلقى بتعاليمه)، فقد حثته تلك المقالات على شن الهجمات على الأشاعرة وإطلاق ردود المعتزلة على ما وجه لهم من هجمات.

واكتشاف تلك الأعمال فى اليمن هو دليل على أنه فى ظل التحدى الذى واجه المعتزلة فى القرن الخامس هـ (الحادى عشر م) امتد تأثير مذهبهم ليصبح مستشعرا فى الأوساط غير السنية.

وقبل أن نفرغ من المناخ الفكرى لأول المذاهب الكبرى لعلم الكلام؛ ربما تعنّ لنا الإشارة إلى ما يطلق عليه الأشعرى "أهل الإثبات" أو "المثبتة". وهؤلاء من غير الميسور ألبتة تعريفهم بدقة؛ فهم يشملون عددا من المفكرين منهم "ضرارب" و"النجار" و"محمد برغوث"، الذين سارع مؤرخو الملل والنِحل بتصنيفهم على أنهم معتزلة؛ إلا أنهم كانوا يلقون المعارضة من جانب العديد من أشياع مذهب البصرة (ومن ذلك أن النجار واجه معارضة "أبى الهذيل" و"النظام")، كما أن الأشعرى رأى فيهم رُوّادَه. ويقال إن أهل الإثبات قد نادوا ضمن أمور أخرى بأن اللَّه خالق أفعال البشر، وأنهم قد استبقوا

ص: 7377