الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى جبل غمارة ولكنه هجر هذا الموضع لأنه كان عاجزًا عن أن يمنع جماعته من شرب الخمر ويحرموه فيما بينهم. وفى سنة 901 هـ (= 1495 م) غادر مدينة فاس وزار كلا من دمشق ومكة وحلب وبروصة، ثم استقر به المقام أخيرًا فى دمشق ومات بها سنة 917 هـ (= 1511 م) وكان وسطًا فى تصوّفه وزهده. ونلاحظ أنه قد ندّد تنديدًا ثوريًا بالعيوب الدينية والاجتماعية التى لاحظها سائدة فى الشرق، وأوضح ذلك كله فى كتابه "بيان غربة الإسلام بواسطة صنفى الشام وما يليها من بلاد الأعجام". راجع عن ذلك Eyoldziher. ZDMG.، 1874، P. 293 fol وقد وضع ابن ميمون كتابه هذا حين تقدم به العمر إذ بدأه فى 19 محرم 916 هـ أما فيما يتعلق بمؤلفاته فى التصوف ومن بينها كتابه الذى يعتبر دفاعًا عن ابن عربى مما يستحق التنويه فانظر:
بروكلمان تاريخ آداب اللغة العربية جـ 2 ص 124 والملحق جـ 2 ص 152
وراجع أيضًا طاش كوبرى زاده: الشقائق النعمانية على هامش كتاب ابن خلكان. طبعة بولاق سنة 1399.
د. حسن حبشى [بروكلمان Brockelmann]
على بن يوسف بن تاشفين
من أمراء المرابطين وثانى حكام أسرة بنى تاشفين الذى ولى قسما كبيرا من المغرب وجنوب الأندلس وامتد حكمه من 500 - 537 هـ (1106 - 1143 م). وقد خلف على أباه يوسف ابن تاشفين فى اللحظة التى كانت قوة المرابطين قد بلغت فيها ذروتها على جانبى مضيق جبل طارق، وامتاز حكمه بسلسلة من الأحداث، وقد توفر لدينا اليوم كتابان هما نظم الجمان لابن القطان ومذكرات البيذق رفيق المهدى ابن تومرت عن تدهور قوة المرابطين قبل ظهور الموحدين. كما توجد من ناحية أخرى نتف لا زالت غير مطبوعة من كتاب البيان المغرب لابن عذارى تتعلق بعهد على بن يوسف وهى نتف مقتطفة إلى حد كبير من كتاب المؤرخ ابن الصيرفى الذى عاصر المرابطين. على أن الأخبار المستمدة من حوليات القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) تضيف جديدا، وإن كان يجب أخذ بعضها بشئ من الحذر بل
ورفضها أحيانا لعدم موضوعيتها ولتحيزها الشديد للموحدين، ويتمثل هذا بوضوح إزاء ما هو وارد فى "المعجب" لعبد الواحد المراكشى الذى يعتبر مصدرا رئيسيا لعصر المرابطين، ولكن يجب الاحتياط عند مطالعته رغم ما قد يكون فيه من تفاصيل حيَّة وبيانات دقيقة عن البلاط فى مراكش. ولقد استمر حكم على بن يوسف سبعا وثلاثين سنة رغم الصعاب التى اعترضت طريقه منذ البداية ولكنها تعتبر تافهة إذا ما قورنت بالخطر الناجم عن ثورة ابن تومرت فى الإقليم الجبلى المُطل على الأطلس، وكان هذا أول خطر حقيقى واجهه على منذ توليه الحكم واستمر فى السنوات التالية إلى جانب المنازعات التى كانت بين أفراد أسرته وبين زعماء حركة المرابطين الذين ينتمون إلى فرعين أحدهما لمتونة قبيلة الحاكم والآخر "المسوفة". وعرف يوسف بن تاشفين الخطر واضحا تماما فكان ماهرا فى أنه لم يختر له خليفة من أولاده من زوجته الصنهاجية، بل ولا حتى ابنه البكر وهو أبو الطاهر تميم من زوجته التى تزوجها فى غمات وكانت قد ماتت قبله بعشر سنوات ولكن وقع اختياره على علىّ المولود بسبتة من أميرة نصرانية أسبانية سنة 477 هـ (1084 م) أى قبل عامين من وقعة الزلاقة، ولم يصادف هذا الشاب علىّ ابن تاشفين البالغ من العمر ثلاث وعشرين سنة أى معارضة فى مراكش حين جلس على العرش عند موت والده أول المحرم 500 هـ (سبتمبر 1106 م) برضاء ظاهرى من أخيه تميم الذى يَكْبُرهُ سنًا، ولم يكن علىّ بن تاشفين باتا فى قراراته طول مدة حكمه اعتمادا منه فى ذلك على قرار مستشاريه الأندلسيين الذين كانوا من حاشية والده.
ومن ناحية أخرى فقد ابتسم الحظ كثيرا لعلى بن تاشفين فى حملات "جهاده" ضد نصارى أسبانيا سواء ما كان من هذه الحملات بقيادته أو بقيادة غيره من رجاله ذلك أن "أذفونش الرابع" العجوز ظل يتطلع للثأر لهزيمته فى الزلاقة.
ويشير جميع المؤرخين إلى حملات يوسف الأربع المتتالية التى عبر فيها إلى الأندلس فكانت الحملة الأولى سنة توليه الحكم ولكنه لم يجاوز فيها
"الجزيرة الخضراء Algeciras" وكانت الثانية حملة فى صيف 503 هـ (1109 م) التى أدت إلى احتلاله المؤقت لطلبيرة الواقعة على نهر تاجة، وكانت الثالثة حملة جهاد هى الأخرى أسفرت عن نجاح كان له دوى عظيم إذ استولى على قمبيرة فى صفر 511 هـ (1117 م) بعد حصار دام عشرين يوما أما حملته الرابعة سنة 515 هـ (1121 م) فلم يجاوز فيها ما وراء قرطبة.
لكن لم تنقطع أبدا عمليات القواد المرابطين الحربية ضد القوى النصرانية الإسبانية سواء ما كان منها فى أرغونة أو فى قشتالة الجديدة، وكان من أعظم الانتصارات الأخيرة البارزة انتصاره فى "فرجة" بإقليم "لاردة" فقد كان الفونس المحارب يحاصر هذه المدينة ثم استنقذها منه القائد المرابطى يحيى بن على بن الغانية الذى أنزل الهزيمة الساحقة بملك أرغونة يوم 23 رمضان 528 هـ (17 يوليو 1134 م) وعلى الرغم مما كان عليه علىّ بن تاشفين من بعض الصفات الطيبة التى لا يمكن انكارها إلا أنه كان أبعد ما يكون عما كان عليه أبوه يوسف من العظمة، ومع أنه قضى الشطر الأكبر من حكمه فى مراكش ذاتها إلا أنه يبدو أنه كان صارفا اهتمامه إلى أسبانيا، فقد أوقف معظم نشاطه الحربى لمجاهدة المسيحية ولم يستبق للحفاظ على أمن عاصمته وحراسة الإقليم المغربى الجبلى سوى قوات بسيطة يتألف معظمها من المرتزقة المسيحيين بقيادة القطلونى الذى تحول للإسلام "الروبرتاير". وقد أدت هذه السياسة إلى سقوط مملكته، فقد واكب قيام دولة على بن يوسف منذ اللحظة الأولى عودة ابن تومرت إلى المغرب وظهور دعوة الموحدين وهجمات زعمائهم الحربية الأولى فعاد ذلك بالخسارة عليه لعدم اتخاذه إجراءات فورية وحاسمة ضد الحركة العدوانية.
كذلك وجد علىّ نفسه مضطرا يوما بعد يوم لمواجهة الحقائق التالية وهى أنه أصبح عاجزا عجزًا تاما عن تقوية النظام الذى ورثه عن أبيه، بل كان هو ذاته سبب إحداث شروخ كبيرة فى هذا النظام الذى سرعان ما انهار، لكن ابن يوسف لم يقدر له الحياة ليشاهد هذه النكسة الفادحة فقد مات يوم 8 رجب