الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد اتجهت جهود مولاى الحسن مباشرة نحو فرض سيطرته على الأراضى الخاضعة له فضلًا عن إطالة عمر الاستقلال الذى كانت تحوطه الأخطار.
وما كان لهذا الوضع غير المستقر والمتناقض أن يدوم طالما ظلت الأسرة العلوية محافظة على سياستها الدبلوماسية.
-
الأزمة المغربية وإعلان الحماية الفرنسية (1311 - 1330 هـ/ 1894 - 1912 م):
ازداد التفكك الداخلى بالمغرب خلال السنوات الأولى من القرن 20 م وقد كان عبد العزيز فى الرابعة عشرة من عمره عندما عين خلفًا لوالده مولاى الحسن.
وكانت السلطة الفعلية حتى عام 1900 م فى يد الوزير (با أحمد) والذى استمر يتابع كافة مظاهر فترة الحكم السابقة. وبالرغم من كافة النوايا الطيبة للسلطان ومحاولته الإصلاح فقد تفككت بلاد المخزن كما قام أبو حمراء، الذى لا يمت للأسرة الحاكمة بصلة، بتنصيب نفسه فى تازايل وتحدى الجيوش الشريفية (أى الأسرة العلوية).
وهكذا وجدت المغرب نفسها وبشكل غير إرادى تدخل المرحلة الدبلوماسية، وقد بلغ الاضطراب مداه حين تجاهلت البلاد الاتفاقيات التى توصل إليهما رؤساء الوزراء الأوربيين لحفظ السلام.
هذا وترجع جذور الأحداث الرئيسية لتلك الأزمة إلى التحركات العسكرية من قِبَل ألمانيا والتى كانت حريصة على عدم توسع النفوذ الفرنسى فى المغرب.
وكان الفصل الأخير من تلك الأحداث هو عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء فى 4 نوفمبر 1911 م الذى أقر تسوية الخلافات واستقلال السلطان ووحدة دولته والمساواة الاقتصادية مع القوى الأوربية فضلًا عن تقرير بعض الامتيازات الخاصة بفرنسا.
وقد كان مقتل بعض المواطنين الفرنسيين والاضطرابات على الحدود الجزائرية هما الدافع وراء فرنسا لتهدئة الأمور فى منطقة "وجدة" وفى احتلال بعض المناطق الأخرى.
كذلك فقد انتهت أزمة دبلوماسية جديدة باتفاق فرنسى - ألمانى فى سنة 1909 م كما ازداد النشاط الفرنسى والأسبانى فى المغرب.
وخلال تلك الأحداث ظلت الأسرة العلوية بعيدة وغير مؤثرة وذلك بسبب انشغالها بالاضطرابات الداخلية من جهة وبالدفاع عن نفسها من جهة أخرى ومن ذلك أن مولاى عبد الحفيظ قد ثار ضد أخيه مولاى عبد العزيز فى مراكش وحل محله.
وأخيرًا فقد هددت أحداث أغادير، لفترة قصيرة، السلام فى أوربا وهو الأمر الذى أدى فى النهاية إلى عقد اتفاقية فرنسية - ألمانية جديدة حيث تم بمقتضاها تعويض الرايخ الألمانى بأراض فى إفريقية الاستوائية مما أدى إلى توقيع إعلان الحماية الفرنسية على المغرب (فى 11 ربيع الآخر 1330 هـ/ 30 مارس 1912 م).
وهكذا تسنى للأسرة العلوية التى كانت على وشك الانهيار أن تسترد مكانتها وتدخل مرحلة جديدة تحت الحماية الفرنسية.
وقد أظهر مولاى عبد الحفيظ تحفظه الشديد بشأن الإصلاحات التى وردت فى اتفاقية إعلان الحماية ولذلك عزل فى سنة 1913 م وحل محله أخيه مولاى يوسف الذى خلفه فى سنة 1926 م ابنه سيدى محمد الذى حل محله فى ذى الحجة 1372 هـ/ أغسطس 1953 م سيدى محمد بن مولاى عرفة ولم يلبث أن عاد السلطان سيدى محمد بن يوسف [محمد الخامس] من منفاه فى 16 نوفمبر 1955 م) بعد أن قبلت فرنسا شروطه الخاصة باستقلال المغرب. وفى 2 مارس 1956 م صدر بباريس تصريح فرنسى - مغربى مشترك اعترفت فيه الحكومة الفرنسية باستقلال المغرب وسيادته. وفى 7 أبريل 1956 م صدر تصريح مماثل فى مدريد ينهى الحماية الأسبانية فى المنطقة الخليفية ووقع وزير خارجية المغرب أحمد بلا فريج فى 28 مايو 1956 م ووزير خارجية فرنسا كرستيان بينو اتفاقًا يمنح المغرب كل حقوق التمثيل السياسى كدولة مستقلة ذات سيادة).
د. محمد حمزة [هنرى تيراس H. Terrasse]