الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"دوسكو ريدس" وأبو قراط وأوراسيوس وبولس الأسكندريين.
إن ضخامة المعلومات التى تضمنها كتابه هذا هى التى أدت إلى ما يتمتع به من شهرة فى هذا الفن، وقد استعمله من جاءوا بعده من الكحالين العرب استعمالًا كبيرًا فى المجالين النظرى والعملى على السواء واقتبسوا منه فصولًا كثيرة. ولقد ذكر خليفة بن أبى المحاسن فى مقدمته لكتابه عن طب العيون: إن دانيال بن شعيا كتب شرحًا لكتاب "التذكرة" وإن كان هذا الشرح يعتبر اليوم فى عداد الكتب المفقودة، على أن نسخًا كثيرة من مخطوطات "التذكرة" وصلت إلينا كما هى، هذا إلى جانب أنه ترجم مرة فى العصور الوسطى إلى العبرية ومرتين إلى اللاتينية بعنوان: Tractus de Oculis b Hali وطبع أكثر من مرة فى البندقية سنة (1497، 1499، 1500 م) ثم قام "بانسير" بنشره مع ترجمة ثانية له مرة أخرى واعتمد فيها على الترجمة العبرية وسماه:
Epistula thesu fillii Haly de Cognitione infirmitatum sive memeriale oculariorum quod compilavit ali b. Jssa
وقد طبعت هذه الترجمة فى باريس سنة 1903 م. أما السبب الأساسى فى عدم ذيوع وانتشار أهمية "التذكرة" فى تاريخ الطب فيرجع إلى الصورة الكريهة التى تمت بها ترجمته اللاتينية وسقوط جمل كثيرة كاملة منها حتى لم يعد هناك ترابط بين فقراته بعضها وبعض، وقد صدرت ترجمة ألمانية للكتاب معتمدة على المخطوطات العربية وتوجد هذه الترجمة فى الجزء الأول من Die arabischen Augenarzte. وقد قام بنشرها ثلاثة من المستشرقين الألمان هم هرشبرج وليبيرت وميتفوخ فى ليدن 1904 م.
المصادر:
وردت فى متن المادة
بدرية الدخاخنى [ميتفوخ E. Mittwoch]
على بك الكبير
ولد فى القوقاز وظل ما يقارب عشرين سنة الشخصية البارزة فى مصر التى جُلب إليها فى وقت مبكر وأهداه صاحبه إلى إبراهيم كَتْخُدا الذى كان الحاكم الفعلى للبلد من 1156 حتى 1168 هـ (1743 - 1754 م) ومنح قبل موته عليا هذا لقب البكوية
وجعله واحدا من أعضاء المجلس الأعلى، فتنامى نفوذه نظرا لما صار إليه الباشا المعين من قِبل الباب العالى من ضعف ومن غير حول ولا قوة.
ولقد التزم الوالى العثمانى بالحياد فى وجه الصراعات الدامية التى كانت بين البكوات والمماليك ولكنه كان حيادا سرعان ما يتخلى عنه إذا انتصر فريق على آخر فينضم إلى المنتصر ويُعِينه على خصمه. ولقد اشتهر على بك فى مستهل حياته بحمايته ركبا من الحجاج ضد جماعات من العرب، ولما أصبح "بيكا" انغمر فى جو التآمر حيث كان كل مشارك فى هذه المأساة مضطرا للجوء إلى اغتيال خصمه والاستعانة بالقتلة السفاحين ليجعلهم حاشيته وبطانته. ولقد اتسم موقفه فى بادئ الأمر بالترقب الحذر، وعمل جهده على تحسين صورته بكل الوسائل وبذلك أصبح قادرا على أن يضم إليه عددا كبيرا من المماليك، وقد أثمرت هذه السياسة ثمرتها المرجوة حين نادى به إخوانه قائدا لهم منذ سنة 1177 هـ (1763 م)، فلما كانت السنة التالية خلع هو لقب البكوية على مملوكه محمد أبى الذهب الذى شاءت الأقدار أن يكون سقوط على بك الكبير على يده. ولم يكن وصول على بك إلى الاستحواذ على السلطة خاليا من متاعب ومنازعات فقد اضطر للهروب إلى الشام حفاظا على نفسه حيث وطد علاقاته بوالى عكا عمر الضاهر الذى كان لمساعيه الحسنة الفضل فى عودة على بك إلى مصر وتأييد الباب العالى له فاسترد صلاحياته كشيخ للبلد لا يشاركه فى هذا أحد.
على أنه اضطر للهروب مرة ثانية بعد عامين إلّا أنه عاد إلى العاصمة على رأس قوة مسلحة سنة 1181 هـ (1767 م)، ولم يجد الوالى العثمانى الجديد بدا من إقراره شيخا للبلد. على أن خوف الوالى من نزعة على بك الاستقلالية دفعته إلى محاولة تأليب القلوب عليه ولكنه فشل فى هذه المحاولة فاضطر لترك وظيفته (1182 هـ = 1768 م) لم يعد على بك منذ هذه اللحظة يَخشى المجاهرة بمطامعه فكان يرفض قبول حضور أى مسئول ذى نفوذ، كما صرح بخصومته
للباب العالى وقلل من عدد إنكشاريته إلا أنه مع ذلك لم يخلع القناع عن وجهه تماما ولم يرفض رجاء السلطان له فى إرسال كتيبة لمحاربة روسيا. لكنه رُمِىَ عند الباب بالخيانة وبأنه يعبئ هذا العسكر لمساعدة الروس ومن ثم صدر فرمان الباب العالى بإعدامه فلما علم على بك الكبير بهذا الحكم رد عليه ردا فيه عجرفة اذ أعلن استقلاله وأصبح منذ هذه اللحظة متورطا فى أمور مكروهة ومضطرا لإبقاء قواته على الدوام فى حالة تأهب للحرب، فأخضع فى البداية قبائل عرب الصّعيد، ثم تدخل فى شئون مكة لتنصيب رجل ادعى أنه "شريف" والتمس هذا الرجل الدّعى تأييده فأرسل إليه على بك عسكرا بقيادة رجل يعتبر يده اليمنى هو "محمد بك أبو الدهب".
ولما أحس على بك بقوته سك عملة خاصة به وإن كانت لا تزال تحمل اسم السلطان، والحروف الأولى من اسم والى مصر وفوقها تاريخ ليس بتاريخ تولى السلطان السلطنة.
وتابع على بك سياسته هذه فأرسل جيشا ضخما بقيادة تابعه محمد أبو الدهب لغزو الشام، وكانت المفاوضات مع الروس لا تزال جارية ولكنها لم تسفر عن أى نتائج، وسرعان ما تم له فتح الشام كله، غير أن الأحداث جرت بما لم يكن فى الحسبان إذ قاد محمد بك أبو الدهب جيشه بعد دخوله دمشق منتصرا وعاد إلى مصر ليسلبها من يد مولاه على بك الكبير الذى قرر حينذاك الهروب من القاهرة فى محرم 1186 هـ (أبريل 1772 م) والتجأ مرة أخرى إلى باشا عكا وشرع فى تجهيز جيش جديد بمساعدةٍ روسية واستطاع بعد بضع مناوشات ناجحة أن يواجه خصمه فى الصالحية شرقى الدلتا إلا أن الدائرة دارت على جيشه وأصيب هو بجراحات قاتلة فى ساحة القتال مات بعدها بأيام قلائل يوم 15 صفر (8 مايو 1773 م). وإنه لمن الصعب تقدير فترة استقلاله الذاتى لأن شكل عملته كان غير مألوف رغم أنه كان قد أعلن أن تملك العثمانيين للبلاد كان بالقوة وبخيانة بعض الأهالى. ولدينا وثيقة مؤرخة بمستهل 1186 هـ (أعنى قبيل مغادرته النهائية للقاهرة) تبين لنا أنه لم يجرؤ على إعلان نفسه