الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم تكن لمحمد -مثل خلفائه أو أسلافه، المقدرة على إيجاد حلول جديدة أو على إعادة تنظيم البلاد كما فشل فى تسوية أى من المشاكل الرئيسية التى واجهته.
وقام محمد بنشر السلام والرفاهية على قدر ما سمحت به الامكانيات المحدودة المتاحة له. كما نظم جمع الضرائب وسك العملة وأسس جيشًا صغيرًا مما تبقى لديه من الجيش والعبيد وبعض العناصر من القبائل الموالية له.
وعلى الرغم من تحالف البربر معه إلا أنه لم يستطع أن يتبين تحركات قبائل صنهاجة فى السهول. ولذلك قطع الطريق بين فاس ومراكش.
ومن حسن حظه أنه قام باسترداد مزغن بعد إجلاء البرتغاليين عنها فى سنة 1182 هـ/ 1769 م.
وقام بعد هزيمته مرتين فى سبتة ومليلة بعقد معاهدة سلام مع أسبانيا، وقد أدرك أنه لا غنى للمغرب عن التجارة الخارجية ولو على نطاق ضيق ولذلك عوّل على عقد معاهدات تجارية وصداقة مع القوى الأوربية الرئيسية كما حاول -ولكن دون جدوى- أن يستقر أغلب التجار والقناصل الأوربيين فى مدينة موجادور (ثغر الصويرة) الجديدة التى قام بتصميمها المعماريون الأوربيون وكان قد شرع فى بنائها عام 1179 هـ/ 1765 م.
وانتهى حكم محمد بن عبد اللَّه على يد ابنه وولى عهده آل يزيد الذى أعلن التمرد (وسانده فى ذلك العبيد السود).
-
السياسة المتحفظة للعلويين والتى مهدت الطريق للأزمة المغربية (1204 - 1311 هـ/ 1790 - 1894 م):
اتسمت فترة حكم آل يزيد القصيرة (1204 - 1206 هـ/ 1790 - 1792 م) بالصراع مع أسبانيا من جهة، والثورات الخطيرة فى جنوب المغرب من جهة ثانية.
وعقب وفاة هذا السلطان المتعصب والمتعطش للدماء قام أخوه سليمان بالتخلص من اثنين من منافسيه وأتاح للمغرب أن تنعم لفترة قصيرة بالهدوء.
هذا ولم تعان المغرب حتى أواخر القرن 19 م من أى أزمات فيما يخص
مسألة اعتلاء العرش حيث كان ولى العهد الشرعى يعتلى العرش بدون أى صعوبة.
ومن السلاطين الموهوبين ذوى العقل الراجح الذين حكموا خلال هذه الفترة كل من: السلطان سليمان (1206 - 1238 هـ/ 1792 - 1882 م) والسلطان عبد الرحمن بن هشام (1238 - 1276 هـ/ 1822 - 1859 م) السلطان محمد بن عبد الرحمن (1276 - 1290 هـ/ 1859 - 1873 م) ومولاى الحسن (1290 - 1311 هـ/ 1873 - 1894 م) وعلى الرغم من أن سياستهم قد اتسمت بالمرونة إلا أنها لم تكن تقدمية.
وظلت المشاكل الداخلية، خلال هذه الفترة، باقية كما هى.
وكان الجيش ضعيفًا، وتم إخضاع العبيد ولكن الجيش، بالرغم من بلوغه مكان الصدارة، بقى غير منظم وغير ذى فائدة كما كانت القوات غير النظامية التى تشكلت من القبائل الموالية عشية الحملات تعد أفضل القوات وقتئذ.
وقد وجهت جهود السلاطين -وإن لم تكن ناجحة دائمًا- إلى فرض الضرائب على الأراضى الخاضعة لهم كما أنهم يئسوا من أى أمل فى تهدئة بلادهم التى اتسعت تدريجيًا.
وقد دأب سلاطين العلويين خلال القرن 19 م على قيادة الحملات من أجل إخماد الثورات المحلية وتأمين دفع الضرائب إلا أن تأثير ذلك كان محدودًا ومؤقتًا.
كما تم إحلال الطرق الدبلوماسية محل استخدام القوة وذلك لتأمين إخلاص القبائل التى كانت تعيش مستقلة بالفعل.
وقد حاول "المخزن" عن طريق كل هذه الوسائل أن يحفظ ماء وجهه وإن لم يكن ذلك داخليًا فعلى الأقل أمام أوربا.
وقد تحاشى الدخول فى أى مصادمات غير محمودة العواقب مع الجماعات القوية غير الخاضعة للسلطان والتى كانت بدورها غير قادرة على التواجد معًا ضد القوة المركزية.
ومع ذلك فإنه فى نهاية القرن 19 م استطاع مولاى الحسن أن يجتذب إليه
القواد الأقوياء الذين ثبَّتوا أنفسهم فى جنوب المغرب. وكانت جهود السلاطين فى كل من الناحيتين العسكرية والسياسية محدودة الأفق ومضنية. وعلى الرغم من حسن استغلال الموارد المالية إلا أنها ظلت غير كافية كما أن قلة المبالغ المتاحة للمخزن جعلت من العسير القيام بأى أعمال لها صفة البقاء.
وظلت المغرب متعلقة بما كان سائدًا خلال العصور الوسطى ولذلك أصبح التدخل الأوربى أمرًا لا مفر منه. والواقع أنه لم يقرر مصير المغرب، التى تعد آخر بلاد البحر المتوسط والتى ظلت بمعزل عن العالم الحديث، قبل ذلك بسبب الصراعات بين القوى المختلفة فضلًا عن رغبة فرنسا فى السلام، وقد ساعد ذلك كله على بقاء الأوضاع كما هى عليه.
هذا ولم تكن المغرب على حذر حين دخلت فى حربين مع القوات الأوربية فقد ساند السلطان عبد الرحمن عبد القادر بن محيى الدين (عبد القادر الجزائرى) فى صراعه مع فرنسا وهو الأمر الذى كان من نتيجته هزيمة القوات المغربية فى وادى إيسلى (28 جمادى الآخرة 1260 هـ/ 15 يولية 1844 م) وقام الأسطول الفرنسى بضرب كل من ميناءى طنجة وموجادور، ومن ثمّ عوّل السلطان على عقد معاهدة سلام مع الفرنسيين.
وعقب وفاته قام ابنه وخليفته المدعو "محمد" كنتيجة لأحداث الصراع على الحدود بإعلان الحرب على الأسبان، وبدأ الجيش الأسبانى زحفه من سبتة واحتل تطوان وتقدم نحو طنجة عندما بدأت تتدخل بريطانيا العظمى فى التفاوض حول السلام بين الفريقين.
هذا وقد دخلت الأسرة العلوية فى هاتين المغامرتين مدفوعة فى ذلك بعقدة كراهية الأجانب وتحمسها لفكرة الحرب المقدسة ولكنها خرجت منهما بدون أى إصابات.
وبالرغم من ذلك فقد ازداد التدخل الأوربى فى المغرب خلال عهد مولاى الحسن. وقد قرر مؤتمر مدريد الذى عقد فى عام 1297 هـ/ 1880 م قرارات خاصة بالتجارة والحماية كما اتسعت التجارة الأوربية بالموانى.