الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى هذه الفترة كانت الطائف المدينة الوحيدة المسورة فى الحجاز. وعندما هوجمت المدينة [أى يثرب] فى سنة 5 هـ/ 627 م لم تكن مسورة لذا أمر محمد [صلى الله عليه وسلم] بإشارة من سلمان الفارسى بحفر خندقا لحمايتها وقد أثار هذا دهشة كبيرة لأنه لم يسمع أحد بمثل ذلك من قبل. وكلمة خندق فارسية الأصل. وسورت المدينة لأول مرة فى سنة 63 هـ/ 683 م. (المسعودى - التنبيه والاشراف - 263).
2 - العمارة فى العصر الراشدى والأموى:
سرعان ما وجد الفاتحون العرب أنفسهم فى بيئتين حضاريتين تخالف كل منهما الأخرى تمام المخالفة فقد تأثرت إحداهما بالطابع الهيلنستى لمدة ألف عام أما الأخرى فكانت متأثرة بالطابع الفارسى لفترة أطول. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد فحسب، وإنما كانت الأوضاع المادية متباينة كذلك فالشام تتميز بوفرة مواد البناء الرائعة، ويعد الحجر الجيرى السورى من أحسن أنواع الحجر، كما أنه يقاوم العوامل الجوية ويكتسب لونا كهرمانيا جميلا عند تعرضه لها، كذلك فإن خشب الأرز متوفر بكثرة فى لبنان.
ولذلك فإن فاتحى القرن الأول الهجرى/ السابع الميلادى وجدوا أنفسهم فى قطر يتميز بمبانيه الرائعة وكنائسه المشيدة من الحجر المنحوت وبعضه -أى الحجر- مربع فى مداميك يبلغ ارتفاعها 90 سم، ذات بائكات من الأعمدة الرخامية، والأسقف الجمالونية المصنوعة من خشب الأرز، والأسطح الكبيرة المزخرفة بالفسيفساء الزجاجية الملونة على أرضية مذهّبة براقة. وفى البيئة الأخرى صادف الفاتحون العرب الأبنية الآجرية وأحيانا أبنية من الطوب اللبن، وأحيانا أخرى من قصب وأخرى ذات أسقف مسطحة من جذوع النخل وسعفه ومن الطين.
ولكن على أى طراز من الأبنية صممت المساجد الأولى فى المدن الإسلامية المبكرة؟
القائمة التالية عن تلك المساجد الأموية الجامعة، وقد تعرفنا على
خصائصها الجوهرية من المصادر التاريخية أو الأدلة الأثرية.
1 -
جامع البصرة: أعيد بناؤه عام 45 هـ/ 665 م.
2 -
جامع الكوفة: أعيد بناؤه عام 50 هـ/ 670 م.
3 -
جامع دمشق: بدأ بناؤه عام 87 هـ/ 706 م.
4 -
جامع المدينة: أعيد بناؤه فيما بين عامى 88 - 91 هـ/ 706 - 710 م.
5 -
المسجد الأقصى بالقدس: بنى فى عهد الوليد الأول 86 - 96 هـ/ 705 - 715 م.
6 -
جامع حلب: بنى فى عهد الوليد الأول أو سليمان أى فيما بين عامى 86 - 99 هـ/ 705 - 717 م.
7 -
جامع الفسطاط: أعيد بناؤه فيما بين 92 - 93 هـ/ 710 - 712 م.
8 -
جامع الرملة: أكمل بناؤه فيما بين 98 - 102 هـ/ 717 - 720 م.
9 -
جامع بصرى: بنى فى عام 102 هـ/ 720 - 721 م.
10 -
مسجد قصر الحير الشرقى (الذى أثبت سوفاجيه أنه الرصافة قصر هشام بن عبد الملك وقد بنى عام 110 هـ/ 728 م.
11 -
جامع حران: بنى فيما بين 126 - 132 هـ/ 744 - 750 م.
12 -
جامع حماة: أعيد بناؤه فى تاريخ غير محدد.
13 -
جامع درعة: وتاريخه غير محدد.
فى البصرة التى أسست عام 14 هـ/ 635 م نستمد مما أورده البلاذرى (فتوح - ق 2 - ص 430) أن أول مسجد اختط بها كان بسيطا وصلى الناس به دون أى بناء ثم لم يلبث أن أحيط بسياج من القصب. أما الكوفة التى أسست 17 هـ/ 638 م فكان مسجدها الأول على نفس الدرجة من البساطة إذ إن حدوه قد عينت بواسطة رجل "غلا -أى رمى- بسهم قبل مهب القبلة فأعلم على موقعه ثم غلا بسهم آخر قبل مهب الشمال وأعلم على موقعه ثم غلا بسهم قبل مهب الجنوب وأعلم على موقعه ثم غلا بسهم قبل مهب الصبا فأعلم على موقعه".
(البلاذرى - شرحه - ص 339، الطبرى: تاريخ الرسل - جـ 4 - ص 44).
وتكونت نتيجة لذلك مساحة مربعة طول كل ضلع من أضلاعها مرمى سهمين، ولم تحط هذه المساحة بأسوار وإنما أحيطت بخندق فقط، وكانت البائكة المسقوفة (الظلة) هى السمة المعمارية الوحيدة وطولها مائتا ذراع على امتداد الضلع الجنوبى.
وكانت الأعمدة من الرخام المجلوب من بعض أبنية الأمراء اللخميين فى الحيرة على بعد أربعة أميال تقريبًا. وكانت هذه الظلة مفتوحة من جميع الجوانب حتى أن المصلى -بداخلها- كان يستطيع أن يرى الدير المعروف بدير هند وباب المدينة المعروف بباب الجسر (الطبرى - جـ 4 - ص 47). وقد بنيت دار لأمير الجند سعد بن أبى وقاص خارج جدار القبلة يفصلها عن المسجد شارع ضيق.
- أما أول مسجد فى مصر وهو مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط فقد بُنى فى شتاء 21 هـ/ 641 م وكان على نفس الدرجة من البساطة إذ بلغت مساحته 50 × 30 ذراعا (أى 25 × 15 م)، وكان له بابان بكل جانب خلا الجانب القبلى، وسقفه كان منخفضا جدا. (المقريزى - الخطط - جـ 2 - ص 247) ومن المساجد الأولى التى تستحق أن تندرج تحت اسم العمارة كل من جامع البصرة الثانى 45 هـ/ 665 م وجامع الكوفة الثانى 50 هـ/ 670 م، أما فيما يتعلق بهذا الجامع الأخير على وجه الخصوص -أى الكوفة- فيذكر الطبرى "ولما أراد زياد بن أبيه بنيانه دعا بنّائين من بنائى الجاهلية -أى من غير المسلمين- فوصف لهم موضع المسجد وقدره وما يشتهى من طوله فى السماء وقال: أشتهى من ذلك شيئا لا أقع على صفته، فقال له بنّاء وكان بنّاء لكسرى: لا يجئ هذا إلا بأساطين من جبال أهواز تنقر ثم تثقب ثم تحشى بالرصاص وبسفافيد الحديد فتدفعه ثلاثين ذراعا فى السماء ثم تسقفه. . ." (الطبرى - جـ 2 - ص 46). وقد شاهد ابن جبير هذا الجامع ووصفه بقوله ". . . وهو جامع كبير: فى الجانب القبلى
منه خمسة أبلطة [أى أروقة] وفى سائر الجوانب بلاطات، وهذه البلاطات على أعمدة من السوارى الموضوعة من صم الحجارة المنحوتة قطعة على قطعة مفرغة بالرصاص ولا قسى (أى عقود) عليها. . . وهى فى نهاية الطول متصلة بسقف المسجد فتحار العيون فى تفاوت ارتفاعها فما أرى فى الأرض مسجدا أطول أعمدة منه ولا أعلى سقفا". شكل 2 (ابن جبير- الرحلة - ص 153).
(شكل 2) مسقط أفقى لجامع الكوفة.