الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الرضا
ويعرف بأبى الحسن بن موسى بن جعفر ثامن أئمة الشيعة الاثنى عشرية. ولد بالمدينة سنة 148 هـ (765 م) كما يقول الصفدى، وقال آخرون -ولعل قولهم أصح- إن مولده كان سنة 151 هـ (768 م) ولكن النوبختى وابن خلكان ومير خواند يذهبون للقول بأن مولده كان سنة 153 هـ (770 م). وتوفى بطوس سنة 203 هـ (818 م) وإذا كانت المصادر لا تتفق على سنة وفاته فإنها تختلف حول يوم وفاته والشهر الذى مات فيه، فهو نهاية صفر عند الطبرى والصفدى، وهو الحادى والعشرون من رمضان عند الصفدى أيضا، وهو الثالث عشر من ذى القعدة أو الخامس من ذى الحجة عند ابن خلكان.
وأبوه هو الإمام موسى الكاظم، وأما أمه فأم ولد نوبية يختلف الناس فى اسمها فهو "شهد" أو "نجية" عند النوبختى، وهى "سكينة" عند ابن خلكان، وهى خيزران عند ابن الجوزى.
ولم يعرف عن على الرضا أنه لعب دورا سياسيا بارزا فى معظم أيام حياته، بل اشتهر بالتقوى والعلم ورواية الأحاديث عن أبيه وعن عبد اللَّه بن أرطاة. وجلس للفتوى فى مسجد النبى [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة. أما أول ظهوره على مسرح الأحداث السياسية فكان سنة 201 هـ (816 م) حين استدعاه المأمون إلى "مرو" ولقّبه بالرضا. وتتفق المصادر على أن عليا الرضا لم يكترث بهذا اللقب وإنما قبله استجابة لإصرار الخليفة المأمون الذى أخذ البيعة لولى العهد الجديد من العباسيين والعلويين وكبار رجال الدولة، وفى طليعتهم العباس بن المأمون فلبس الرضا الخلعة الخضراء، كما أمر الخليفة يومذاك أن ترفع الرايات الخضر وأن يُلبس الخضار فى جميع أرجاء دولته بدلا من السواد الذى هو شعار العباسيين. وليس من المحتمل أن اللون الأخضر كان فى هذا التاريخ المبكر شعارا خاصا لبيت على، ولسنا نعرف على وجه الدقة أهمية تغيير اللون فذلك أمر غير ثابت. ويوجد لدينا
النص الأصلى لهذا التقليد عند القلقشندى فى صبح الأعشى (جـ 9، ص 362 - 366، وابن الجوزى: مرآة الزمان، مخطوط باريس رقم 5903)، ويتضح منه أن المأمون تجنب فى مهارة الإشارة إلى المشكلة الكبرى التى محورها دعاوى البيتين العباسى والعلوى، وإنما كان تعيينه عليا الرضا باعتباره أنسب الناس بناء على صفاته الشخصية، ولا تشير الوثيقة من قريب أو بعيد إلى من يخلف عليا الرضا.
ولقد أثار التعيين ردود فعل عنيفة متضاربة، فقد قام الولاة العباسيون المختلفون (باستثناء اسماعيل بن جعفر فى البصرة) بتنفيذ هذا القرار تنفيذا صادقا، وأخذوا يمين الطاعة لولى العهد الجديد وكان من الطبيعى أن يرحب الشيعة بهذا القرار الذى يقرر بصراحة ما يدَّعونه من حق فى الخلافة. أما فى العراق فقد ثار الأهالى حنقا على هذا القرار بالإضافة إلى انتقال العاصمة إلى مرو، وانضمت إليهم الحامية والأمراء العباسيون فاختاروا واحدا منهم خليفة بدلا من المأمون، وانصبَّت كراهية العراقيين على وجه الخصوص على أولاد سهل فنسبوا إليهم كل ما هم فيه من المصائب. والظاهر أن عليا الرضا العازف عن وضعه الجديد هو الذى بَيَّن للخليفة المعنى الحقيقى للثورة فى العراق، فلما أدرك المأمون أخيرا حقيقة الوضع أخذ يبدل شيئا فشيئًا فى سياسته، فخرج سنة 203 م (818 م) قاصدا بغداد وفى صحبته كل من الفضل بن سهل وعلى الرضا، فاغتيل الأول فى "سرخس" ومات الثانى فى طوس بعد قليل من مرض ألمَّ به وإن قال المؤرخون الشيعة إنّ عليا بن هشام دس له السم فى رمانة أكلها فمات (اليعقوبى جـ 2 ص 551) أو فى عصير رمان أعده له أحد سقاة القصر وناوله إياه الخليفة بنفسه وبيده كما جاء فى كتاب مقاتل الطالبيين، أما الطبرى فقد خلا تماما من كل ما يشير إلى أنه اغتيل، وقد أظهر المأمون حزنه عليه وصلى عليه، ودفن على الرضا إلى جوار ضريح هارون الرشيد وأطلق على المدينة التى بها قبره اسم "مشهد" بدلا من طوس، وتنسب المؤلفات الشيعية إلى على الرضا كثيرا من المعجزات.
د. حسن حبشى [ب. لويس B. Lewis]