الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا اللغز "ما عَدَمُ فى الحق، لكن ترى //منه وجودا حيثما استقبلك//. . فإن قطعنا رأسه فهو لك".
بينما يتميز "المُعَمَّى" عن اللغز بأن صياغته تخلو من السؤال، وإن كان المعنى العام قد استتر وتوارى باستخدام عدة طرق. فقد يصاغ ليدل على كلمة معينة أو عدة كلمات إذ يورد مفاتيح مختلفة تكشف عن الحروف التى تتكون منها هذه الكلمة أو الكلمات، أو تلمح لها: إما يذكر نطقها أو ترتيبها أو بقراءتها على غير حقيقتها، أو قلبها.
وينسب ابتكار "المعمى" إلى الخليل بن أحمد الذى أسس علم العروض، بينما الفرس ينسبونه إلى على بن أبى طالب. ومن أمثلته ذلك المعمى عن الاسم "أحمد": أوله ثالثُ تفاحاتٍ// ورابع التفاحِ ثانيه// وأولُ المسك له ثالثُ// وآخر الورد لبا. ولقد استخدم المعمى كثير من الشعراء وبالأخص أبو نواس.
أما الأُحجية فهى لعبة تخمين بسيطة (كأن تقول لأحدهم: خَمَّن ما بيدى) ولكنها قد تشكل نوعا من الألغاز يقترب من اللغز. مثال ذلك أحجية عن السلسبيل [سل- سبيل] أى الخمر: ما ردْف قول المحاجى// إن قال: اطلب (سل) طريقا (سبيلا).
المصادر:
(1)
طاهر بن صالح الجزائرى: تسهيل المجاز فى فن المعمار والألغاز بيروت 1308 هـ.
(2)
عبد الهادى نجا الأبيارى: سعود المطالع لسعود المطالع، بولاق 1283 هـ.
(3)
عبد القادر بن محمد الطبرى: عيون المسائل من زْيان المسائل، القاهرة 1316 هـ.
سعيد عبد المحسن [م. بن شنب M. Ben Cheneb]
لغة
لم ترد كلمة لغة فى القرآن الكريم، واستعيض عنها بكلمة لسان {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (سورة الشعراء آية 195)، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} (سورة إبراهيم آية 4). ويقول ج. فوك J. Fuck ونولدكه Noldeke إنه يبدو أن كلمة لغة لم ترد
فى الشعر البدوى القديم، ولكن هذا القول غير مؤكد لعدم وجود سجل شامل لمفردات هذا الشعر القديم. وحتى نهاية القرن الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى لم تكن كلمة (لغة) قد أخذت المعنى الذى نعرفه اليوم فسيبويه (ت 180 هـ/ 795 م) والمعاصرون له استخدموا الكلمة بمعنى التباين فى طريقة النطق أو طريقة الاستخدام فلغة الحجاز، ولغة هذيل. . الخ تعنى طريقة الحجازيين أو طريقة قبيلة هذيل. . الخ ومن هنا فليس ثمة ما يدعو للدهشة أن تكون الكلمة مشتقة من (ل غ و) والتى تعنى الانحراف عن الأصل.
ويؤكد العالم البارز ابن عربى هذا المفهوم حيث يذكر: أن معنى كلمة لغة هو (الانحراف)، وتستخدم كلمة أخرى هى (اللحن) للدلالة على الخروج عن أسلوب الكلام المعتاد. وبالتالى فهى تعنى "عدم الصحة" و"الخطأ النحوى".
ويصرح القالى فى كتابه "الأمالى" أن "كلمة لحن" تعنى أيضا "لغة" كما قال الأصمعى وهذا المعنى هو الذى قصده أمير المؤمنين عمر رضى اللَّه عنه فى قوله "تعلم اللحن كما تتعلم القرآن" ويستخدم ابن أبى داود (المتوفى عام 316 هـ/ 924 م) مؤلف كتاب المصاحف كلمة لحن بهذا المعنى فى باب "اختلاف ألحان العرب فى المصاحف" ويقول فى بداية هذا الباب إن الألحان (جمع لحن) هى اللغات، ولكننا نجد كلمة لغة بمعنى "أسلوب الكلام"، وقد كونت هذه التباينات والأساليب المختلفة فى نطق كلمات اللغة العربية المادة الأساسية التى اتجهت إليها دراسات النحويين فى فترة "الدراسات الميدانية" الكبرى التى قام بها اللغويون العرب خاصة فى القرنين الثانى والثالث الهجريين/ الثامن والتاسع الميلاديين. . ولقد كانت كلمة نحو التى صارت أخيرا تعنى "قواعد اللغة" والتى تقابل كلمة لغة بمعنى "المادة اللغوية"(كما تؤخذ من أفواه المتكلمين بالعربية)، تعنى فى البداية "نوعا من التعبير" (مثل: هذا النحو من الكلام). ومن هنا صار النحويون هم الذين درسوا الأنحاء (أو
نُحُوّ -بضم النون والحاء- جمع نَحْو). بغرض فحص القواعد فحصا شاملا وصياغتها. ومن الواضح أن معنى كلمة نحو فى هذه الاستخدامات لا تتضمن فكرة الانحراف التى تعتبر الطبيعة المميزة لكلمة لغة وكلمة لحن التى تحمل معنى أقوى بكثير والتى أخذت فى النهاية فى القرن الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى معنى "عدم الصحة" التى تفرضها وتمليها قواعد النطق الفيسيولوجية، وتسمى بدلًا للضرورة، والمسألة هنا مسألة صنعة، أى عملية منهجية تطبّق على عناصر اللغة. فإذا تعلق الأمر بنطق نص محفوظ (وبالذات القرآن والشعر) فإن هذه الاختلافات يسميهما النحويون وعلماء القراءات "وضوح القراءات أو الأداء". وفى زمان النحويين الأوائل، كانت كلمة لثغة تقابل كلمة لغة. وكلمة لثغة تعنى انحرافا فى نطق بعض الحروف (ليس حرف الغين فقط كما يظن الكثيرون)، وهى حالة انحراف فردية وليست جماعية.
لم يفهم بعض المؤلفين المعاصرين موقف أصحاب القواميس والنحويين العرب تجاه القضايا اللغوية، نتيجة عد فهم المدلول الاصطلاحى للكلمات.
فعندما تتفق الأغلبية العظمى من المتحدثين باللغة على قول، فإن سيبويه يطلق عليه "قول العامة"(الكتاب، الجزء 1 صفحة 263 والجزء الثانى صفحة 262 أو "قول عامة الناس" أو "قول عامة العرب"، واستخدم ابن جنى التعبير: "قول الكافة"، ويقول ابن جنى "يمكن اعتبار جميع اللغات حجة (من حيث القواعد)، وعندما يكون للغتين انتشار واحد وعلى درجة واحدة من القبول من حيث القياس فلا يجوز تفضيل إحداهما على الأخرى. ونلاحظ أن سيبويه يؤكد دائما على أهمية "السماع" وعلى قبول الحقائق المشهود بصحتها فقط، ويؤكد قبل كل شئ على قبول التعبيرات التى أقرها أهل اللغة العربية والتعامل معها كما تعاملوا هم معها، أو على حد قوله:"استحسن من هذا ما استحسن العرب" ويؤكد ابن جنى أيضا على أن السماع يلغى القياس. وأنه ليس من الضرورى أن كل ما يسمح به القياس يمكن تحقيقه.
ويمتلئ كتاب سيبويه بتعبيرات مثل "هذا عربى كثير". و"هذا أكثر"، و"هذا أكثر وأعرف"، وعند المقارنة بين لغتين أو أكثر، فقد توصف إحداهما بأنها "حسنة" أو "جيدة"، بينما توصف الأخرى بأنها "أحسن" أو "أجود" أو بأنها "قبيحة" أو "رديئة"، والحكم هنا ليس على قيمة التعبير أو الكلمة وإنما على مدى قبول التعبير أو الكلمة وعلى مدى انتشار الاستعمال، وتستعمل التعبيرات التالية للدلالة على مدى الانتشار الجغرافى للغة.
مطرد = متواتر أو عام (100 %) وغالب (86 %) وكثير = منتشر أو متكرر (65 %) وقليل = أقل انتشارا وتكرارا (13 %) ونادر (4 %)، وينطبق هذا المقياس أيضا على مدى تكرار كلمة أو تعبير فى فرع معين من فروع العلم، قارن مثلا بين التعبيرين "مطرد فى الاستعمال" و"مطرد فى القياس"، كما جاء فى الخصائص لابن جنى الجزء الأول صفحة 96 وما يليها.
على عكس كلمة نحو، فإن كلمة لغة تعنى -بالمعنى القاموسى- الكلام الذى لا يتقيد بقواعد اللغة، فهى أساسا بالسماع، وعلى هذا فإن كل ما نطق به المتكلمون بالعربية هو ما يطلق عليه اللغة (وتشتمل على جميع اللغات المتماثلة).
وصف ابن جنى طبيعة اللغة وصفا جيدا فى قوله: تشتمل لغة العرب على نوعين من الكلام. نوع يقبله الإنسان كما هو، على سبيل المثال لا الحصر: حجر ودار، والنوع الثانى يؤخذ بالقياس، فكلمة حجر يمكن تحليلها إلى جذر ح. ج. ر ونسق (فتحة وفتحة وسكون)، ولكن اتحاد هذه الوحدات لتكون كلمة حجر بالمعنى الذى نعرفه إنما هو بالسماع، وكل ما يمكننا عمله هو أن نحفظه. وقد ذهب ابن فارس (المتوفى عام 395/ 1004) المذهب نفسه.
صارت كلمة لغة، التى كانت تعنى فى البداية "الأسلوب المحلى فى التعبير"، تعنى الآن ما تتكلم به جماعة عرقية، ولها نفس معنى كلمة لسان، وهذا التطابق فى المعنى بين الكلمتين لم
يعرفه الجيل الأول من النحويين (حتى سيبويه).
وقد ظهرت كلمة لغة بشكل متقطع فى نهاية القرن الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى (ذكر الإمام الشافعى رحمه الله كلمة لغة بمعنى لسان مرة واحدة فى الرسالة واستعمل كلمة لسان فى باقى كلامه)، وربما ترجع بداية انتشار استخدامها إلى فترة المناقشات الكبيرة فى علم الكلام. وقد استخدم الجاحظ كلمة لغة بمعنى الكلام ولكنه وسع معناها لتشمل جميع اللهجات التى تتكلم بها جماعة عرقية. ومع ذلك فقد ظلت كلمة لغة بمعنى كلمة أو تعبير سائدة إلى وقت متأخر جدا.
تطور علم اللغة تطورا مذهلا نتيجة للأبحاث الكبيرة التى بدأها مؤسس هذا العلم أبو عمرو بن العلاء (154 هـ/ 770 م) وتابعه فيها تلاميذه الأصمعى (المتوفى عام 312 هـ/ 838 م) وأبو عبيدة (المتوفى عام 209 هـ/ 826 م) وأبو زيد الأنصارى (المتوفى عام 215 هـ/ 831 م)، وعلماء الكوفة المفضل الضبى وابن العربى وأبو عمرو الشيبانى. . . الخ وقد قام هؤلاء العلماء برحلات شاقة للبحث والدراسة عبر شبه الجزيرة العربية، وأثمرت هذه المجهودات الهائلة فى جمع المعلومات وتصنيفها. لقد قام هؤلاء العلماء بدراسات لا حصر لها للغات القبائل والأمثال والنوادر وأسماء الأماكن والنبات والحيوان وأصول الكلمات وأنواع الأفعال ومصادرها. . الخ. وأضيف إلى هذه الأبحاث ما جمع وصنف فى علوم قراءات القرآن الكريم. وتعتمد جميع معاجم اللغة العربية التى وضعت فى القرون التالية على هذه الدراسات.
تعتبر اللغة، بالنسبة للنحويين الأوائل والفلاسفة، نتيجة وضع أو عرف، وينطبق ذلك أيضا على قواعد اللغة نفسها لأنها تختلف من لغة لأخرى، فاللغة -إذن- عملية وضعية، وعند غالبية المعتزلة، تعنى كلمة "وضع" اصطلاحا إنسانيا "بحت" بينما تعنى عند مفكرين آخرين اصطلاحا
إلهيا، أو على الأقل إلهام من اللَّه للإنسان (توقيف)، ولكن لم يُذكر هذان المعنيان صراحة فى أعمال أغلب اللغويين والفلاسفة العرب -بل إن الأشعرى (المتوفى عام 324 هـ/ 935 م) الذى ينسب إليه مبدأ الإلهام الإلهى للغة، له موقف غير حاسم من هذا الموضوع كما نفهم من تلاميذه، ويقال نفس الشئ عن إمام الحرمين والإمام الغزالى، ويأخذ النحويان أبو على الفارسى وابن جنى (الذى تتلمذ على أبى الحسن الأخفش تلميذ سيبويه) نفس الموقف المتحفظ.
وقد أثار المعتزلة فى منتصف القرن الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى، قضية مهمة، وهى قضية الاختيارية المطلقة للرمز اللغوى بالمقارنة بالثبات المطلق للغة، وقد مثل الرأى الأول أبو الحسين الصالحى كما مثل الرأى الثانى عباد بن سليمان الصيمرى al-Saymari (250 هـ/ 854 م). ويبنى عباد رأيه على أنه "إذا لم تكن هناك علاقة معينة بين لفظ ومعناه، فإن تخصيص هذا اللفظ لهذا المعنى يمثل إمكانية التخصيص بدون أى مبرر، أو على حد قوله "ترجيح بدون مرجح"، وهذا مناف للعقل. ويعترض القاضى المعتزلى عبد الجبار (415 هـ/ 1025 م) على قول عباد فيقول "ليس من الضرورى أن تكون هناك علاقة بين العبارة والمعنى بالشكل الذى يجعل أحدهما ينعدم بدون الآخر. ويرى الصالحى أن هذه الاختيارية لا حدود لها فيقول "فى إمكاننا اليوم أن نغير الأسماء (أسماء الأشياء) واللغة كما نراها الآن". وقد أمكن بعد دلك التوفيق بين الرأيين. فقال القاضى عبد الجبار "أما هذه الأشياء التى صارت اصطلاحية، فمن المؤكد أنه كان من الممكن، وضعها طبقا لأى نظام آخر بنفس الدرجة من الصلاحية، ولكن فى اللحظة التى تتحدد فيها هذه المصطلحات طبقا لنظام اصطلاحى معين، فإن المتكلم يقبلها على أنها لا يمكن أن تكون إلا هكذا". وفى نفس الفترة، عبر ابن سيده عن هذا التوفيق بين الطرفين بقوله "اللغة