الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الامبراطورية، ولحاجة تلك الزراعات إلى كميات كبيرة من المياه. وكانت الحكومة توزع المياه بالعدل على مزارع الأرز التى انتشرت فى زراعته فى الأناضول والبلقان. وكانت هناك مزارع حكومية وأخرى خاصة يمتلكها الأفراد.
ومع ظهور طبقة الأعيان فى القرن الثامن عشر انتشرت مشروعات استصلاح الأراضى البور وزراعتها. وأنشأ العثمانيون مجلسا للشئون الزراعية والصناعية فى سنة 1245 هـ/ 1838 م كانت مهمته تطوير الزراعة وأساليب الرى والنهوض بهما فى مختلف أرجاء الدولة واهتمت الامبراطورية العثمانية بزراعة القطن، وذلك لسد حاجة المصانع الأوروبية بعد أن توقفت واردات القطن من أمريكا أثناء الحرب الأهلية. وتركزت زراعة القطن فى سواحل بحر أيجه ومقدونيا وكان ذلك على حساب زراعات الأرز.
واستخدم سكان الأناضول الدواليب لرفع الماء، وحفروا القنوات وبنوا السدود الصغيرة لتنظيم مشاريع الرى. واتبع العثمانيون أسلوبا محكما ودقيقا فى توفير مياه الشرب لسكان المدن الكبيرة وخاصة إستانبول والقدس ومكة. وكانت تكاليف تلك المشاريع تأتى من الأوقاف الفردية أو الجماعية. وكانت الأوقاف الحكومية تختص بشئون المياه اللازمة للمساجد والقصور. وكانت تخضع لرقابة صارمة من قبل موظفين خصوصين لذلك العمل وبالإضافة إلى تلك المشاريع كان هناك السقاءون الذين يبيعون المياه الذى يحملونه فى القرب سواء على ظهورهم أو على ظهور الدواب. واهتم العثمانيون بتوصيل مياه الشرب لسكان مكة وتطوير وسائل نقل وحفظ الماء فى هذه المدينة المقدسة، والتى كان قد نفذها العباسيون قبل ذلك.
الرى فى الهند الإسلامية قبل القرن العشرين
.
أدى قيام سلطنة دلهى فى بداية القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) إلى تقدم ملحوظ فى طرق ووسائل الرى فى الهند وذلك على يد خبراء فى هذا الفن استقدمهم الحكام المسلمون من وسط آسيا. فقد تم بناء الآبار ذات السواقى على النسق
الإيرانى. وحفرت قوات الرى الكبيرة باستخدام آلات ميكانيكية متقدمة وخبرة هندسية ومعمارية جيدة وذلك من خلال القرنين السابع والثامن الهجريين/ (الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين).
وقام الأتراك بتقسيم المياه فى مناطق دلتا البنغال الواسعة وشيدوا الحواجز الكبيرة وأنشأوا الطرقات وأقاموا الخزانات واستصلحوا بهذه الأعمال مناطق واسعة من أراضى البنغال الواطئة. ويقول الجوزجانى إنه بفضل الحواجز التى أنشأها الحكام المسلمون أصبح من اليسير أن يتنقل الناس ومواشيهم فى تلك المناطق خلال الفصول الممطرة. ولم يكن ذلك ميسورا من قبل وبفضل تلك الحواجز أمكن التحكم فى المياه الكثيرة والاستفادة منها وتحويلها إلى حقول الأرز الواسعة.
وأنشأ السلطان شمس الدين التتمش 607 - 633 هـ/ 1211 - 1236 م أول خزان لحفظ الماء خارج العاصمة دهلى وكان يعرف بحوض السلطان أو حوض الشمسى. وهو يمد العاصمة دهلى باحتياجاتها من ماء الشرب وغيره وكان كبير الحجم يبلغ طوله ميلين/ أما عرضه فميل واحد.
وذكر شيخ الرحالين العرب ابن بطوطة (725 - 779 هـ = 1325 - 1377 م) أن الفواكه الموسمية والخضروات كانت تزرع على جوانب حوض الشمسى. مما يعنى أن مياهه كانت وفيره ويستخدم جزء منها فى الرى. وكانت هناك ثلاثة مصادر تمد الحوض بالماء هى:
1 -
قناة تصله بنهر جامونا، 2 - ينبوع أو عين ماء تدعى عين الشمسى، ثم 3 - مياه الأمطار.
واهتم الحكام الذين أتوا بعد شمس الدين بالرى وتوفير مصادر المياه، وأنشأوا عددًا من الخزانات (الأحواض) والبحيرات وقنوات الرى فى منطقة دلهى مثل بحيرة الضابط مسعود بن أحمد خالجى فى سنة 629 هـ (= 1232 م).
ومن الذين اهتموا بالرى وتخزين المياه السلطان علاء الدين خالجى عندما آلت إليه مقاليد الأمور فى إقليم دلهى
فى سنة 695 هـ/ 1296 م. وفى تلك الفترة كان حوض الشمسى قد امتلأ بالطين والغرين فأمر علاء الدين بتنظيف ذلك الحوض وإصلاحه وإعادة إعماره وبناء ما تهدم من جدرانه، وأمر بانشاء حوض جديد أكبر من حوض الشمسى خارج العاصمة سيرى القريبة من دهلى. وعرف هذا الحوض باسم الحوض الخاص.
وأنشأ السلطان فيروز شاه (752 - 790 هـ/ 1351 - 1388 م) سدًا كبيرًا فى إقليم دهلى لحجز مياه الأمطار. وكان نتيجة إنشاء الخزانات والبحيرات والقنوات أن ارتفع منسوب الماء الجوفى فى المنطقة ومن ثم أصبح الحصول على الماء الجوفى أمرا ميسورا بحفر آبار غير عميقة تستخدم مياهها فى الشرب والرى وغيرهما.
وتميز عصر بنى طغلق بالاهتمام بمشروعات الرى والزراعة وتوفير المياه العذبة من خلال الخزانات والبحيرات ليس فى دهلى وحدها ولكن فى كل القرى والمدن المجاورة لها. وقد أنشأت البحيرات الصناعية فى بهار شريف أى ولاية بهار ومنطقة غازى آباد وشهربنور باسم فيروز صغر أو صقر.
ولا تزال آثار المنشآت الهندسية المائية الإسلامية الرائعة باقية حتى اليوم لتحكى قصة التاريخ الإسلامى فى الهند ومدى التقدم فى مجال الهندسة المدنية والمعمارية ونجاح السلاطين فى إنشاء مشاريع الرى والبحيرات الجميلة فى الهند المسلمة.
وفى القرن التاسع الهجرى/ (الخامس عشر الميلادى) كان حكام الأقاليم والمماليك الهندية التى قامت بعد غزو تيمورلنك للهند فى سنة 800 هـ/ 1398 م هم الذين يقيمون خزانات المياه ومشاريع الرى فى ممالكهم.
وفى القرن الثانى عشر الهجرى/ الثامن عشر الميلادى زاد اهتمام أمراء السند بمشروعات الرى وأقاموا صهاريج جديدة وأصلحوا الخزانات والأحواض القديمة وحفرت الآبار واستخدمت السواقى الإيرانية لاستخراج المياه والتى تديرها الحيوانات وشاع إستخدام هذه السواقى بعد ذلك فى شمال الهند.