المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عندئذ جسدا بغير روح. ولذلك كان لكل مركَب لون سواء - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٢٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌كنانة

- ‌تاريخ كنانة:

- ‌المصادر:

- ‌كناية

- ‌كندة

- ‌المصادر:

- ‌الكندى

- ‌المصادر:

- ‌الكندى (مؤرخ)

- ‌المصادر

- ‌الكنز، قبيلة

- ‌المصادر:

- ‌كوتاكوتا

- ‌كوتوكو

- ‌كوتونو

- ‌الكوثر

- ‌المصادر:

- ‌الكورانى

- ‌المصادر:

- ‌كوش

- ‌المصادر:

- ‌كوكبان

- ‌الكويت

- ‌1 - جغرافية واقتصاد

- ‌2 - التاريخ

- ‌المصادر:

- ‌كيقباد

- ‌كيقباد (سلطان دهلى)

- ‌الكيمياء

- ‌المصادر:

- ‌كينيا

- ‌المصادر:

- ‌الكيا

- ‌المصادر:

- ‌ل

- ‌لؤلؤ الجارحى

- ‌المصادر:

- ‌لؤلؤ (جوهر)

- ‌المصادر:

- ‌المنصور لاجين (لاشين)

- ‌المصادر:

- ‌لالى ديفرى

- ‌الاتجاه إلى الغرب:

- ‌سياسات التقدم والبناء والابتكار:

- ‌نهاية الاحتفالات:

- ‌المصادر:

- ‌لباس

- ‌ بلدان العالم العربى الوسطى والشرقية:

- ‌1 - ملابس العرب قبل الإسلام:

- ‌2 - عصر النبى محمد عليه الصلاة والسلام وفجر الإسلام:

- ‌3 - القوانين والأعراف المتعلقة بالملابس فى صدر الإسلام:

- ‌4 - الأمويون والعباسيون وأسلوب الطراز:

- ‌5 - الفاطميون:

- ‌6 - الجنيزا كمصدر للملابس الإسلامية فى العصور الوسطى:

- ‌7 - الدويلات التركية المبكرة: السلاجقة، الأيوبيون، المماليك

- ‌8 - العصر العثمانى إلى أوائل العصر الحديث:

- ‌9 - المائة سنة الأخيرة: تأثير الغرب على الملابس الشرق أوسطية

- ‌الغرب الإسلامى

- ‌1 - نشأة الأزياء المغربيّة فى فترة ما قبل الإسلام:

- ‌2 - الأزياء المغربية خلال العصور الوسطى المبكرة والمتأخرة:

- ‌3 - إمبراطوريات البربر وما تلاها من دويلات:

- ‌4 - من نهاية العصور الوسطى إلى العصر الحديث:

- ‌إيران

- ‌1 - العصران الأموى والعباسى:

- ‌2 - العصران الايلخانى والتيمورى:

- ‌3 - العصر الصّفوى

- ‌4 - العصر القاجارى:

- ‌5 - السنوات القليلة الماضية:

- ‌تركيا

- ‌1 - الأزياء التركية القديمة من القرن السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى إلى القرن الثالث عشر الهجرى/ التاسع عشر الميلادى

- ‌لباس الرأس:

- ‌أ- عمامات الرجال:

- ‌(ب) الـ كُولَاه (قبعة. طاقية)

- ‌(ج) القَلْبَك:

- ‌(د) أغطية الرأس الخاصة بالسيدات:

- ‌الملابس الفوقانية:

- ‌أما ألبسة الدراويش:

- ‌الملابس التحتانية:

- ‌الأحذية:

- ‌معدات الزينة:

- ‌2 - العصر الحديث

- ‌المصادر:

- ‌لبنان

- ‌المصادر:

- ‌لبيد بن ربيعة

- ‌المصادر:

- ‌لثام

- ‌المصادر:

- ‌لحن العامة

- ‌المصادر:

- ‌لحيان

- ‌لحيان فى العصر الإسلامى: تعتبر المصادر الإسلامية التاريخية وكتب الأنساب أن قبيلة لحيان العربية فرع من الهذليين، وينسبونها إلى لحيان بن

- ‌المصادر:

- ‌لخم

- ‌1 - التاريخ:

- ‌2 - الثقافة:

- ‌المصادر:

- ‌لطفى السيد

- ‌المصادر:

- ‌لعقة الدم

- ‌المصادر:

- ‌لغز

- ‌المصادر:

- ‌لغة

- ‌المصادر:

- ‌لقب

- ‌1 - الجاهلية والعصور الإسلامية الأولى

- ‌2 - عصر الخلفاء:

- ‌3 - الغرب الإسلامى:

- ‌4 - فترة ما بعد الخلافة

- ‌5 - فترة الإمبراطوريات العظمى:

- ‌المصادر:

- ‌لقيط الإيادى

- ‌المصادر:

- ‌لقيط بن زرارة

- ‌المصادر:

- ‌لواء

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌لوط

- ‌لون

- ‌دراسة صَرْفية لأسماء الألوان:

- ‌دراسة الدلالة:

- ‌الدرجات اللونية والنصاعة والتشبع:

- ‌اللون فى رأى المعتزلة:

- ‌اللون فى رأى الفلاسفة:

- ‌رؤية صوفية للون:

- ‌رمزية اللون:

- ‌المصادر:

- ‌ليبيا

- ‌النقوش - البربرية:

- ‌التاريخ الحديث:

- ‌الوضع الأثنوجرافى والديموجرافى

- ‌الليث بن سعد

- ‌المصادر:

- ‌الليث بن المظفر

- ‌المصادر:

- ‌ليلى الأخيلية

- ‌ المصادر

- ‌ليو الأفريقى

- ‌المصادر:

- ‌م

- ‌مأرب

- ‌المصادر:

- ‌المأمون

- ‌المصادر:

- ‌مؤنس المظفر

- ‌المصادر:

- ‌مؤيد الدولة

- ‌الماء

- ‌نظام الرى فى مصر قبل القرن العشرين

- ‌الآبار وآلات رفع الماء:

- ‌الرى فى شمال إفريقيا والأندلس

- ‌الرى فى الامبراطورية العثمانية

- ‌الرى فى الهند الإسلامية قبل القرن العشرين

- ‌الوجهة الاقتصادية للرى الحديث

- ‌الإبداعات المعمارية والزخرفية فى المنشأت المائية فى الهند الإسلامية

الفصل: عندئذ جسدا بغير روح. ولذلك كان لكل مركَب لون سواء

عندئذ جسدا بغير روح. ولذلك كان لكل مركَب لون سواء أكان هذا المركّب ينتمى إلى العالم الحسى أو عالم ما فوق الحسى. ولون العالم المعقول أبيض، أما لون عالم الروح فهو أصفر، ولون عالم النفس أخضر، وعالم الطبيعة احمر، وعالم المادة رمادى، والعالم الخيالى أخضر غامق، وعالم الجسم المادى أسود. وفى هذا السياق الروحى بوسعنا أن نتذكر الصيغة الشهيرة لنوفاليس:"اللون هو محاولة من المادة لكى تصبح نورا"، وكذلك قول رودلف شيتنر "ليس اللون كيفية من الكيفيات التى توضع على سطح الأشياء، بل هو نور يلمع منبثقا من روح الأشياء لتكشف عن نفسها لأرواحنا".

‌رمزية اللون:

للألوان قدرة على التأثير فى الكائن البشرى تأثيرا مستقلا عن ذلك الذى تمارسه على جهازه البصرى. كما أن الإحساس باللون هو -فى جوهره- إحساس فردى قبل أن يكون إحساسا جماعيا. وغنى عن البيان أن ثمة رابطة تربط بين الادراك الحسى لدى البشر والقدرة على الاستثارة والحياة النفسية. كذلك اعتاد الناس -منذ زمن سحيق- استخدام الألوان كمنظومة لتوصيل الفكر، وبوصفها "علامات" ورموز للأفكار المجردة. وعلى الرغم من أن كل لون لا يعد رمزا -مسلما به- لصفة تتسم بالعموم، إلا أنه أمكن عزل عدد من الثوابت بفضل الدراسة المقارنة. ولقد لعبت الألوان دورا مهما للغاية فى الطقوس والسحر والخرافة. كما أنه ليس بوسعنا تجاهل تأثيرات اللون النفسية والفسيولوجية والفيزيقية: إذ أن "لغة اللون" هذه -والتى تظهر فى الفن- تكشف عن دور -يصعب وصفه- تلعبه الدرجات اللونية، ولها قدرة على التفاعل لا غناء عنها لفن الرسم. وشاهد واحد من القرآن يكفى للتدليل على أن هذا هو الحال أيضا لدى العرب. فنحن نقرأ فى سورة النحل الآية 13 {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} . وقد سبق أن رأينا فى

ص: 8870

دراسة القيمة الدلالية لبعض الصفات اللونية وأنه كان بوسعهم أحيانا إدراج معنيين متضادين تماما تحت مسمى الصفة الواحدة. وهو ما لاحظناه بصفة خاصة فى اللونين الأبيض والأسود حيث نشتق منهما صفات مشتركة، واستخدم العرب عدة صفات للدلالة على الخمر، منها "الشراب الصافى" و"الشراب الذهبى". . إلخ. ويبدو أن هذا النهج من التفكير هو نفسه قد أدى بهم -نظرا لاعتقادهم فى الخرافات- إلى تجنب استخدام ألفاظ بعينها، ثم يستثيرونها فى الأذهان إما من خلال صورة بليغة أو باستخدام النقيض، وذلك فى الحالات التى يكون فيها السياق كفيلا بإيضاح المعنى دون لبس. ونحن نجد -حتى فى يومنا هذا- فى بعض أجزاء المشرق والمغرب من يتجنب نطق كلمة "أسود"(فهو لون ملعون) ويلجأ بدلا من ذلك إلى استخدام الصفة المضادة -وفى مراكش قد يكون المقصود بـ "الأبيض" القار والفحم أحيان. كما لوحظ أن نفس الصفة اللونية قد تصف لونين لتكشف لنا عن وجود صلة ما بينهما رغم اختلافهما. إذ يبدو -فى أعماق اللاوعى الجمعى حيث تمتد جذور البشرية- أن أسلافنا لم يشعروا بضرورة ماسة لإقامة تقسيم صارم بين الألوان التى تعد متقاربة لوجود أوجه تشابه فيما بينها من حيث السطوع مثل الأزرق والأخضر أو من حيث الشدة مثل الأصفر والأحمر. ويصدق هذا على العرب. فالقيمة الرمزية للأبيض عندهم لم تكن -فيما يبدو- تختلف كثيرا عما كان لهذا اللون من قيمة عند معظم الناس، فهناك من تداعيات المعانى ما هو كامن ولكنه عام وشائع -فاللون الذى يرمز إلى النصاعة والولاء والمَلكلية وهو الأبيض نجده -فى السيكولوجية الشعبية- يرمز فى غالب الأحيان للنقاء والبهجة والطهر والقدرية -والأبيض- وهو مزيج من كل الألوان -يعد بمثابة وحدة، بل صورة للألوهية. فجسد جبريل رئيس الملائكة أبيض كالثلج. والطائر الأبيض رسالة من السماء تحمل الأخبار الطيبة. والديك الأبيض يعد تجسيدا لمَلَك من الملائكة. ولقد أرسل اللَّه إلى آدم ديكا أبيض اللون ليدله على مواقيت الصلاة.

ص: 8871

وتعبير "يد بيضاء" -فى إشارة إلى سيدنا موسى حين أتى بالمعجزات التى عددها القرآن- هذا التعبير إنما يرمز إلى القدرة والقوة والسلطة. وكلمة "قلب أبيض" فى اللهجة العامية تعنى شخصا طيبا لطيف المعشر. و"الراية البيضاء" تعنى سمعة طيبة و"الأخبار البيضاء" تعنى رسالة مفرحة. وفى مصر يشبه اليوم الجميل باللبن أو الوردة البيضاء. ولكن قد يدل اللون الأبيض على الحزن والحداد كما هو الحال فى الشرق الأقصى، وفى أوربا لمدة طويلة، فالموت شاحب واللون الأبيض مضاد لحمرة الحياة. والكفن أبيض، والشعر الأبيض نذير الموت. وفى أسبانيا ومراكش وشرق فارس كان اللون الأبيض يعد أيضا لون حداد. لقد كان اللاوعى الشعبى مدركا أيضا للعلاقة التى تربط بين اللون الأبيض والموت. إذ يعبر عن نهاية الحياة بضروب من المجاز والاستعارة مثل "الموت الأبيض" موت مفاجئ وطبيعى، موت تقف المعرفة البشرية عاجزة إزاء مجهول لا سبيل إلى اكتناه سره. وكلمتا "أسود" و"سيد" يشكلان نموذجا لعلاقة قائمة على اشتقاق من أصل واحد للكلمتين، وهى علاقة مشحونة بالمعانى. فقد أدرك العرب أن اللون الأسود لون ذو هيمنة وله سحره الذى خلب لبّهم مع شعور بالخوف والخشية. فاللون الأسود والظلمة والليل والسر كل هذه أمور تقتضى منهم التوقير لها. وحجر الكعبة الأسود يعد من الأعمدة ذات الأثر الروحى. واللون الأسود هو رداء "الرحلة المجهولة". والحداد، وكل ضروب الحزن. وهو أيضا رمز مشترك للانتقام والتمرد (علم العباسيين الأسود). ويحتل اللون الأسود فى تاريخ الخرافة فى بلاد الإسلام مكانا متميزا. ويستخدم اللون الأسود كتميمة ضد "العين الشريرة". ويخلعون على القطة السوداء قوة سحرية هائلة، فهى من خلق الشيطان وأى شخص يأكل لحمها يتحصن ضد المرض، وإذا وضع طُحالها على جسد امرأة أوقف الطمث.

ص: 8872

والغراب الأسود عند المسلمين -وعند شعوب أخرى كثيرة- ذو تأثير مشئوم لأن الالتقاء بطائر نذير شؤم، فالطائر نذير الفراق. وسلاسل جهنم سوداء. والسحابة السوداء علامة على غضب اللَّه. وقابيل قتل هابيل بصخرة سوداء. و"السوداء" هى الصفراء مصدر الأسى والخوف. ويطلق على العدو لقب "الكبد الأسود". و"قلب أسود" تعنى شخصية فظة و"الأخبار السوداء" تعنى كارثة، و"حياة سوداء" تعنى حياة تعيسة و"وجه أسود" هو وجه الكذاب، و"الموت الأسود" وصف مقصور على الموت شنقا.

واللون الأزرق يقف على الطرف النقيض من اللون الأحمر، فهو لون بارد وزائل وعميق وروحى. فالسماء والبحر زرقاوان ومن ينغمس فيهما يضيع فى اللانهاية لأن عمقهما لا حدود له، والخوف الميتافيزيقى "خوف أزرق" وكان العرب يعدونه لونا سحريا مشئوما مزعجا ويدعو للقلق. والعيون الزرقاء مصدر الحظ التعس. ويوصف الكفار بأن لهم عيونا زرقاء. وفى مصر يعلقون قطع الشبة حول عنق الأطفال والكبار دفاعا ضد "العين الشريرة".

والحجر الأزرق يتمتع بقسط من القوة المقدسة لأن لونه سماوى. إن القوة السحرية للون الأزرق هى بمثابة المنفذ لأوامر القدر، والمدافع عن الإنسان ضده فى نفس الوقت. و"العدو الأزرق" هو العدو العنيد والقاتل وفى حديث السوريين حين يقولون عن شخص ما إن "عظامه زرقاء" فهذا يعنى أنه ماكر وحقود. واللون الأزرق لون شاحبى الوجه ومنهوكى القوى والخائفين. وتوجد آية وحيدة فى القرآن ذكر فيها الجذر ز - ر - ق وهى الآية 102 من سورة طه {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} وهى تصف حال المذنبين يوم القيامة. وهذا يفسر لماذا حرص العرب على تجنب ذكر هذا اللون كما هو شأنهم مع اللون الأسود. وفى بعض مناطق مصر يقولون "أخضر" بدلا من "أزرق" ويصفون اليوم النكد أو سيئ الطالع

ص: 8873

بأنه "يوم أسود" أو "يوم أزرق". ولنا أن نلاحظ أن لفظ "نيلة" فى اللغة السنسكريتية يستخدم بمعنى أزرق كما يستخدمونه بمعنى أسود، وكلا اللونين مشئومان. وفى مصر يستخدمون كلمة "نيلة" كعلامة على يوم النحس والفشل.

ويأتى اللون الأخضر فى منتصف المسافة بين الأحمر الملتهب والأزرق السماوى ليلعب دورا وسيطا، فهو شكل من أشكال الوسطية أو التوازن وهو أمر أثير لدى الإسلام، وهو يرمز -عند العرب وعند شعوب أخرى كثيرة- للحظ السعيد، والخصوبة الطبيعية، والحياة النباتية، والشباب. والراية الخضراء لرسول اللَّه [صلى الله عليه وسلم] ورداء سيدنا على الأخضر قد أصبحا عند المسلمين شعار الدين. وأصبح اللون الأخضر -بوصفه لونا خيرًا- جزء من روح العرب إلى حد أن لهجتهم العامية مليئة بالتعبيرات التى يرد فيها اسم هذا اللون كرمز للبهجة والمرح والنجاح -وتعبير "اليد الخضراء" يستخدم فى سوريا لوصف الشخص إذا كان سعيد الحظ، وإذا تمنى أحدهم لشخص ما عاما سعيدا فهو يستخدم تعبير "سنة خضراء". وحين ينتقل المرء ليقيم فى منزل جديد، يعلق أوراق البنجر الخضراء كرمز للحظ السعيد. [والعرب المحدثون يقولون قَدْم خضراء أى تجلب السعد]. والملاك جبريل له جناحان خضراوان. والعرش فى السموات العلى من جواهر خضراء اللون، ورداء سيدنا إبراهيم فى الجنة أخضر اللون. واللوح المحفوظ من الزمرد. وفى مجال الرمزية وعلوم السحر والتنجيم هم ينظرون إلى الزمردة -ذلك الحجر الكريم أخضر اللون- على أنها ذات دلالة لا يدركها سوى الخاصة وأن اللَّه قد منحها قوة مجددة. يقول السّمنانى "إن اللون الأخضر هو أليق الألوان بسر الأسرار" وفى علم الكون الإسلامى نجد أن "القاف" وهو الجبل المحيط بالعالم الأرضى مصنوع من الزمرد الذى تعكس لونه القبة السماوية. وصورة "الموت الأخضر" تشير إلى

ص: 8874

ارتداء المرء أسمالا بالية أو جلبابا مرقعا كالدراويش والصوفية. فهذا ألطف ضروب الموت يتقبله المرء طواعية ويكتسب قيمة روحية.

أما لون الذهب والشمس، لون الزبدة والعسل، لون الكبريت واللهب الذى يحرق، أى اللون الأصفر، فيمثل مجموعة كبيرة من التناقضات على المستوى الرمزى، وهذا الأمر لا يقتصر على العرب وحدهم. فقد يشير إلى الجبن أو الخيانة أو إلى السلطة الملكية ومجدها. ورؤية آدم لملاك الموت جعلته يتفصد عرقا "بلون الزعفران"، وعند هبوط المسيح فى يوم الحساب سيكون لأهل الجنة وجوه بيضاء، أما أهل النار فوجوههم سوداء. ولما كان الناس محكوم عليهم بعذاب القبر فإن وجوههم ستكون فى لون الزعفران. ومن الشائع فى السيكولوجيا الشعبية الربط بين اللون الأصفر الزاهى والشباب والحب والانتظار والفراق. وعند الشعراء الأندلسيين كان لون النرجس الأصفر هو رمز العاشق الولهان ويرمز اللون الأصفر إلى ألم الفراق والصفراء اسم لمادة يفرزها الكبد. وفى أحاديث المشارقة "ابتسامة صفراء" تعنى ابتسامة مليئة بالحسد. ومن جهة أخرى نلاحظ أن مسلمى المشرق قد أظهروا ولعا خاصا باللون الأصفر فى العصر العباسى، وحتى الطعام كان باللون الأصفر بوضع الزعفران عليه. والأحمر لون النار والدم والعاطفة، والنزوة والخطر. فهو مرتبط أساسا بالقوة الحيوية، وكل صفة حربية.

إنه لون متفجر، حار، على عكس الأزرق والأخضر. واسم أول إنسان وهو آدم يعنى "أحمر" فى العبرية. ورمزيته تنطوى على تناقض مثل الأصفر فهو البهى وجهنمى فى وقت واحد. والكبريت الأحمر عند أصحاب العلوم الخفية يعنى الإنسان العالمى. ويقال إن الملائكة التى نزلت لمساعدة المسلمين فى غزوتى بدر وحنين ضد الكفار كانوا يرتدون عمائم أو أحزمة حمراء. ولكن يقال من جهة أخرى أن اللَّه حين أراد تدمير سبا والسد أرسل فئرانا حمراء لتقويض صروحها. وفى

ص: 8875