الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكانت الحفلات الخاصة بزهرة التيوليب تقام ليلًا ونهارًا. يحضرها الشعراء والموسيقيون وأبناء الشعب، وتقام الموائد التى تقدم فيها أشهى الأطعمة والشراب. وبجانب حفلات التيوليب هذه كانت حفلات لا تنقطع ترتبط بختان وزواج الأمراء والأميرات وعددهم واحد وثلاثون -أبناء أحمد الثالث.
ومع مرور الوقت زاد الإسراف والبذخ -وامتلأ قصر السلطان بأزهار التيوليب والقرنفل، وأقفاص العصافير المغردة. وكانت المتعة والسرور غاية العيش وكتب السلطان والوزير، -وكلاهما شاعر وخطاط- قصائد حب كل فى الآخر. وبتأثير ما يحدث فى القصر تغيرت أخلاقيات الشعب. وأصبح حب الرفاهية والسعى إلى المتعة شيئا ملحوظا، مما جعل زوجة السفير البريطانى -التى جاء ذكرها من قبل- تقول إن المرأة التركية أكثر تحررًا من نظيراتها الإنجليزية- وشعر نديم ينبئ عن ذلك كثيرًا، ومضت الطبقة المتوسطة أيضًا فى مشروعات من الإسراف المتهور، مما قوض بيوتا كثيرة. وحتى يوقف هذا السرف أصدر الوزير الأكبر قانونًا ينظم ارتداء الملابس حسب الطبقة الاجتماعية وخصوصا بالنسبة للملابس المزخرفة التى ترتديها النساء. ولكن أساء الانحلال الأخلاقى إلى العامة -فكان السلطان قد أقام "مراجيح"(أراجيح - جمع أرجوحة) لتسلية الشعب وكان منظر النسوة اللاتى يركبنها والشباب يدفعهن، إهانة للرأى العام، بل إن الاتهامات كذلك وجهت إلى عدد من النبلاء إلى الوزير الأعظم نفسه.
نهاية الاحتفالات:
وقد أدى هذا كله إلى تزايد السخط بين الشعب وخصوصا من علماء الدين- فبالرغم من جهود الوزير الأعظم تجاه نشر الثقافة، إلا أنه لم يفعل شيئا لمواجهة تعصب العلماء وجهل الجماهير كما أن الإنكشارية -الجهلة المتعصبين- والذين كان دخلهم يعتمد على النهب والسلب فى أثناء الحرب، شعروا بان الإصلاحات العسكرية تهددهم. كما أن الوزير الأعظم فرض ضرائب جديدة على التجارة زادت من السخط بين الحرفيين وبين الإنكشارية كذلك، الذين
كانوا يشغلون أنفسهم فى وقت فراغهم بالتجارة على نطاق ضيق وأخذ العلماء على أنفسهم أن يثيروا هذه المظالم والآلام ومع ذلك فقد اندلعت الثورة لأسباب وعوامل سياسية.
لقد كانت السياسة الخارجية لإبراهيم باشا تقوم على أساس تجنب الحروب، ومع ذلك، فقد شهد عصر التيوليب امتدادا مؤقتا للسيادة العثمانية على حساب غزو الأفغان لإيران، ففى ظل حالات الفوضى التى سادت، ظهر تنافس جديد دفع بالأتراك والروس إلى المواجهة العسكرية فى أقاليم القوقاز ولكن وساطة السفير الفرنسى -"ماركيز دى يوناك"- أدت إلى تسوية النزاع وعقد معاهدة بين الروس والأتراك فى 23 يونيه 1724 م، قسمت بمقتضاها المغانم الإيرانية بين الجانبين فاحتل الأتراك تفليس و"ايريفان" و"تبريز" والأراضى التى تقع إلى الغرب من خط يصل بين "اردابيل" و"همدان". على حين استولى الروس على "ديربند" و"باكو" و"داغستان". وعادت الاحتفالات وتبودلت الهدايا بين الأتراك والروس والفرنسيين. وكانت مقاليد الأمور قد وضعت فى أيدى ولاة الأقاليم الحدودية. ولكن سرعان ما تطور الوضع فى إيران. فقد نجح "نادر شاه" فى الاستيلاء على السلطة بعد الإحاطة بالأسرة الأفغانية، وفى عام 1730 م أجبر الأتراك على إعادة الأراضى الإيرانية التى احتلوها. وسرت أنباء عن احتلال همدان وذبح حاميتها التركية. وحاول الوزير الأكبر أن يتكتم الأمر ولكن نادر شاه رفض التفاوض. ولكى يخمد القلق العام كان من الضرورى أن يعد حملة. وفى 17 يولية قام الجيش التركى باستعراض فى "اسكودار". ووصل السلطان وسار فى موكب مهيب وانتهى الأمر عند هذا الحد وعاد الجنود إلى بيوتهم بعد العرض. وفى الثانى عشر من أغسطس استولى الإيرانيون على تبريز وذبحوا بوحشية من كان فيها من الأتراك. وحاول إبراهيم باشا تكتم الأمر مرة ثانية ولكن الانكشارية العائدين من الحدود أذاعوا كل الأخبار. وزاد السخط وأثار العلماء والانكشارية تعصب الحرفيين. وفى تقرير للسفير الفرنسى "ماركيز