الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستدل من اسماء بعض ملوك لحيان على أن حكامهم كانوا إلى حد ما معاصرين للبطالسة فى مصر، ومن المحتمل أن تقدم النبطيين نحو الجنوب أدّى إلى سقوط مملكة اللحيانيين، ويؤكد هذا وجود ثلاثة نقوش نبطية قصيرة وجدت فى جنوب "تيماء" كتبها واحد اسمه "مسعودو" ويسمى نفسه بملك لحيان، على أنه يختلف اختلافا كبيرا بشأن تواريخ هذه النقوش، فيرى "يا وسِنْ" أنها ترجع إلى القرن الثانى قبل الميلاد، على حين يرى Allright 1953 م أنها تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد ولكنه يؤكد أنه لم يتم فتح ديدان "على يد النبطيين، أما كاسكل (فى سنة 1954) فيرى أنها ترجع إلى القرن الأول بعد الميلاد.
لم يكن اللحيانيون يقتصرون فى عبادتهم على "ذو غابت" بل كان من ألهتهم التى عبدوها "هَلّال" و"اللَّات" و"هان عُزى" و"هان عقتب" و"هان كوتباى" و"حُمام" و"هامحر" و"خَرج، و"سلمان" و"وَدْ".
وقد اكتشف ا. ياوسن و"سافيناك" موضع معبد قد ازدانت جدرانه الداخلية بالتماثيل الكبيرة وقد وجدت بعض بقايا هذه التماثيل ملقاة بين الأطلال والأنقاض، كما يوجد فى وسط المعبد حوض حجرى دائرى الشكل قطره أكثر من أربعة أمتار.
ولغة هذه النقوش اللحيانية هى الصورة الأولى للعربية، ومن اليسير ملاحظة بعض الاختلاف فيها عن العربية الكلاسيكية القديمة، وإن التحليل المنظم لهذه النقوش سوف يؤدى بلا شك إلى إظهار كثير من خصائص العربية اللحيانية.
وتوجد كثير من المصادر والمراجع التى تناولت هذا الموضوع باللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية منها ما يعود إلى سنة 1971.
مها سيد معبد [ا. ج. اندروس Andrews]
لحيان فى العصر الإسلامى: تعتبر المصادر الإسلامية التاريخية وكتب الأنساب أن قبيلة لحيان العربية فرع من الهذليين، وينسبونها إلى لحيان بن
هذيل بن مُدرك بن ألياس بن مضر، ومعنى هذا أن "لحيان" من عرب الشمال، أما متى وكيف صار "لحيان" إلى ما نعرفهم عليه فى القرن السادس للميلاد، حيث اعتبروا جزءًا من الهذليين واتخذوا موضعًا لهم يقع فى جنوب موطنهم الأصلى، أعنى ما يعرف الآن بالمنطقة الواقعة إلى الشمال الشرقى من مكة. . . أقول أما متى كان ذلك وكيف صار ذلك فأمر لا نستطيع معرفته نظرًا لعدم وجود الوثائق عن هذا الموضوع بين أيدينا. أما الأخبار الإسلامية فترجعهم إلى ثمود والى أنباط الحجر، وإن كان الطبرى (فى كلامه عن جُرْهم يوافق ابن الكلبى) وكذلك تاج العروس (يأخذ عن الهمدانى فى كتابه الأكليل) يردان اللحيانيين إلى "بقايا من جُرْهم" الذين صاروا بعدئذ جزءًا من هُذيل.
أما فى العصر السابق مباشرة لظهور الإسلام واللاحق مباشرة له أيضا فلم يكن اللحيانيون يُذكرون كجماعة مستقلة بل كانوا يذكرون حين ترد الإشارة إلى الهذليين، ويستدل على ذلك من إشارة "الحماسة" إلى مواقفهم مع الشاعر المحارب تأبط شّرا (انظر معجم البلدان لياقوت الحموى والحماسة للبحترى، وابن الجراح) كما يستدل على ذلك أيضا من معركتهم مع خزاعة. وقد جرت العادة أن ينسب إلى هذيل شعراء هذه القبيلة أمثال مالك بن خالد الخنَّاعى، والمُتَنخل الخناعى وغيرهما، كما نجد اللحيانيين وقت ظهور الدعوة الإسلامية يكون شأنهم فى المصادر العربية شأن بقية الهذليين يقفون إلى جانب قريش من الناحية السياسية، وهذا يبين موقعهم العدائى من محمد (صلى الله عليه وسلم) مما أدّى إلى مصرع كبيرهم سفيان بن خالد، فذبح على يد عبد اللَّه بن عُميس فى السرية التى بعث بها الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان الرّد على ذلك اغتيال الكثيرين من المسلمين فى اليوم الذى عرف بيوم الرجيع (فى السنة الرابعة للهجرة). أما عدم العثور على ما يشير إلى أى موقف عدائى لهم للرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك فالأرجح أن علة ذلك أن بنى لحيان كانوا قد خضعوا مثل خضوع الهذليين للإسلام.