الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقب
اللَّقب والنَّبْز اسم غير مُسَمَّى به والجمع ألقاب، وقد يعبر عن الإعجاب، وقد يكون محايدا ذا دلالة على صاحبه فحسب وقد يكون مخزيا وفى هذه الحال غالبا ما يسمى نَبْز، وقد استخدم فى التاريخ الإسلامى فى فترة متأخرة نسبيا لإضفاء التشريف على حامله.
1 - الجاهلية والعصور الإسلامية الأولى
نجد فى هذه الفترة أمثلة كثيرة لألقاب أطلقت على زعماء البدو والشعراء والخطباء. . . الخ مثل آكل المرار والأبرحى والمتلمس وعائد الكلب ومقبل الريح. . . إلخ. وفى العصر العباسى نجد ديك الجن وصريع الغوانى. . إلخ. وهذه الألقاب قد تعبر عن سمات بدنية أو عيوب قد تكون متصلة بأبيات لاذعة من الشعر أو أحداث فى حياة صاحب اللقب، ولكن غالبا ما تكون هذه الأحداث قد فقدت معناها على مر الزمن. وقد ذهب كتاب السير الأدبية فى تفسيرهم للألقاب الغريبة والشاذة مذاهب غاية فى الغرابة، انظر مثلا الأغانى طبعة بولاق الجزء 18 صفحة 209 فى أصل لقب تأبط شرا، كما يحتوى هذا الكتاب على قائمة مفيدة بهذه الألقاب وشرح لها من مصادر مختلفة.
من الواضح إذن أن إطلاق الألقاب كان منتشرا فى المجتمع العربى منذ الجاهلية، ومنه انتقل إلى الفرس والأتراك وباقى العالم الإسلامى. يقول الثعالبى، الذى خصص فصلين من فصول كتابه "لطائف المعارف" العشرة للحديث عن ألقاب الأدباء والشعراء المشهورين، نقلا عن العالم اللغوى المبرد إنه نادرا ما ترى رجلا لا يعبر لقبه عن شخصيته. وقد لاحظ الثعالبى أن أهل بغداد ونيسابور كانوا مشهورين بقدرتهم على صياغة الألقاب المناسبة وذكر أمثلة متعددة من كل مدينة، ولكنه مع الأسف أغفل ذكر أصل هذه الألقاب.
تطلق بعض هذه الألقاب تفاؤلا بمستقبل سعيد أو لدفع الضرر لهذا فإنه من المعتاد أن نرى أسماء وألقابا كئيبة ومتنافرة لدفع العين التى قد تصيب الشخص صحيح البدن فى حين تطلق أسماء جميلة وأنيقة مثل أسماء
الزهور والعطور والأحجار الكريمة. . . إلخ على العبيد والأشخاص قليلى الأهمية، ومن أمثلة ذلك ما ورد أن الخليفة المتوكل أطلق على أم ولده المعتز لقب "قبيحة" لأنها كانت مشهورة بجمالها، فى حين نجد الأناقة فى أسماء مثل ياقوت وجيجاك وهى بالتركية تشيشك وتعنى زهرة، وهو اسم أم الخليفة المكتفى وكانت أم ولده)، بينما نجد مثالا واضحا للأسماء التى تعنى عكس ما عليه المسمّى فى اسم كافور الإخشيدى (الكافور أبيض زكى الرائحة بينما كان كافور أسود، خصيا، يضرب به المثل فى الإيذاء كما كان كريه الرائحة). وقد سئل العتبى يومًا، لماذا يطلق العرب على أبنائهم أسماء مستشنعة، بينما يطلقون على عبيدهم وإمائهم أسماء مستحسنة؟ فأجاب بأن العرب يطلقون الأسماء على أبنائهم وهم يفكرون فى أعدائهم، فى حين يطلقون على عبيدهم وإمائهم ما يشاءون من الأسماء (يعنى بدون أى اعتبار آخر) ومن أمثلة الأسماء التى يطلقها العرب على أبنائهم "تفاؤلا على أعدائهم" غالب، ظالم، مقبل، ثابت. . . إلخ. وربما نكون قد تفرعنا إلى الحديث عن الأسماء وليس الألقاب، إلا أن الأسماء التى تطلق على العبيد والإماء يمكن أن تعتبر ألقابا تحل محل الأسماء الأصلية. وقد أدان القرآن الكريم ميل العرب -وبخاصة قريش لإطلاق ألقاب الازدراء فى سورة الحجرات آية: 11، {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} . وهذه السورة مدنية نزلت قبل وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام بعام أو عامين، ولم ينج الرسول نفسه من إطلاق الألقاب عليه مثل "الأبتر" أى الذى ليس له أبناء، وكان سبب نزول الآية المذكورة كما ذكر المفسرون، إهانة بعض النساء لأم المؤمنين صفية بنت حُيَىْ لأصلها اليهودى حيث كانت من بنى النضير.
وبمضى الزمن، بدأ اللقب يأخذ صورًا أرقى فى المجتمع الإسلامى، مع احتفاظه لبعض الوقت باتجاهاته الازدرائية والاستهزائية، فكان بعض المؤلفين والفنانين يتخذون ألقابا كأسماء مستعارة، وبالذات فى فارس وتركيا والدويلات الهندية الإسلامية