الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى العصر السلجوقى زاد عدد السدود ومشاريع الرى على نهر مغاب لكن دمر المغول كل هذه المشاريع أثناء غزواتهم وتحولت بساتين مرو الجميلة إلى أحراج ومستنقعات، وتم إعادة أو بناء العديد من السدود فى هذه المنطقة تحت حكم الايلخانات وكان من أهم إنجازات هذا العصر هو بناء السدود المقنطرة (ذات القناطر) وأشهرها سد كيفار الذى يقع إلى الجنوب من قمم بنحو 15 ميلا. ولجسم السد نواة من الحجارة والملاطة الهيدروليكية التى تتكون من الجير ورماد النباتات الصحراوية والتى تتصلب تحت الماء وتصبح شديدة الصلابة وعالية المتانة وتجعل جسم السد منيعا ولا يسمح بتسرب المياه وللسد مجموعة من الفتحات الرأسية المتصلة بالأنفاق التى تمر عبرها المياه.
وهناك سدان آخران من ذوى القناطر أقيما بالقرب من تاباس، وشاه عباس. وقد تم إصلاحهما فى العصر الصفوى تحت حكم شاه عباس الثانى بالإضافة إلى سد كوريت جنوب تاباس ويبلغ ارتفاع سد كوريت نحو 120 قدما.
واهتم الحكام الصفويون بتجديد وصيانة العديد من السدود القديمة ومشاريع الرى الملحقة بها إبان حكمهم.
الآبار وآلات رفع الماء:
استخدم سكان إيوان منذ زمن مبكر وسائل متعددة لرفع الماء من الأنهار والآبار، وكانت هذه الوسائل يدوية أو تديرها الحيوانات، وخاصة فى أقليم خوزستان وساحل الخليج الفارسى وفارس بالقرب من أصفهان.
وكانت الدواليب من أشهر وسائل رفع الماء من الآبار والأنهار وهى آلات تديرها العجول والبغال وأحيانا الجاموس، وتستخدم فيها الحبال والبكرات والقواديس المصنوعة من الجلد.
وشيدت الخزانات والأحواض بالحجارة والطوب لحفظ الماء فى المناطق الصحراوية ذات الأمطار الموسمية كما شيدت تلك الخزانات فى
نهاية القنوات. ووصل بعض هذه الخزانات إلى 100 ذراع طولًا و 50 ذراعًا عرض وكان الرى يتم إما بالغمر فى حالة بعض المحاصيل أو الرى على فترات متقطعة. وكانت المياه توزع على المزارعين بالعدل بحيث لا يجور أحد على حق غيره.
ويتم توزيع مياه السدود بين القرى المتجاورة من خلال قناطر معدة لهذا الغرض بحيث تحصل كل قرية على احتياجاتها من الماء دون أن يضار غيرها وذلك تبعا للشريعة الإسلامية التى تقضى بأن الماء حق للناس أجمعين كما ورد فى الحديث الشريف ومعناه أن الناس شركاء فى الماء والنار والكلأ. وعلى هذا الأساس فإن مياه الأنهار والقنوات والآبار متاحة لكل الناس حتى لو كانت مصادر المياه هذه موجودة فى أراض مملوكة لأفراد معينين. وكان كل شخص يمكن أن يشرب ويسقى حيواناته بشرط ألا يستهلك كل الماء ويترك غيره بدون ماء. وترى الشريعة الإسلامية أن قوانين المياه تدخل فى عداد المعاملات وليس فى عداد "العبادات" وتقوم على "العُرف" وفى الحديث أن المسلمين شركاء فى الماء والنار والعشب، كما أن الماء "مباح" للجميع إلا ما كان منه داخل الدور فى الأوعية، وعلى كل من يملك مصدرا للماء فى أرضه أن يقدم هذا الماء لمن يطلبه بدون مقابل كلما أمكن ذلك ما دام للشرب وسقى الحيوانات وليس للزراعة ولا يجوز لصاحب هذا الماء بيعه بدون إذن من الحكومة. إذ كان من حق كل إنسان أن يشرب من الماء ويسقى حيواناته فى أى موقع فى دار الإسلام.
وحسب فقه السنة فإن مياه الأنهار الكبيرة فى دار الإسلام هى ملك لكل المسلمين. ويرى فقهاء الشيعة أن تلك المياه هى ملك للإمام. ومن حق كل إنسان أن يستخدم مياه الأنهار فى الرى شريطة ألا يضر غيره. ومن حق كل فرد أن يشق قناة من النهر لرى زراعاته بشرط ألا يضر بغيره من المنتفعين بمياه ذلك النهر فالناس فى حق المياه سواء.
وإذا تعذر استخدام مياه النهر فى الرى بدون إقامة سدود فإن الأراضى العالية فى رأى كل من أئمة السنة والشيعة، تكون لها الأولوية فى السقاية بالنسبة إلى الأراضى الواطئة الواقعة قرب مصبه. أما أتباع الإمام أبى حنيفة فيرون أن الأراضى المنخفضة أولا ثم من بعدها الأراضى العالية. ويرى أتباع الإمام مالك أن الأراضى العالية (الواقعة على مستوى ماء النهر) لها أولوية الرى والسقاية فإذا كان هناك خطر يهدد المحاصيل والزراعات فى الأراضى المنخفضة كان لتلك الأراضى أولوية السقاية قبل الأراضى العالية.
وتتوقف كمية المياه التى تصرف لرى الزراعات على نوع تلك الزراعات وحاجتها للماء وطبيعة الأراضى ووقت بذر التقاوى وطبيعة فيضان الماء فى النهر بمعنى هل هو فيضان دائم أم متقطع. .
وإذا حفرت جماعة من الناس قناة فإن مياه تلك القناة تكون من حق كل أفراد هذه الجماعة، ولا يجوز لغيرهم استخدام مياه تلك القناة فى الرى بدون موافقة أصحابها.
وتتطلب إقامة مطاحن أو كبارى على المجارى المائية موافقة المنتفعين بمياه تلك المجارى المائية، فإذا أقيمت طاحونة فوق مجرى مائى بطريقة قانونية فليس من حق صاحب المجرى المائى منع الماء عن التدفق فى المجرى بدون موافقة صاحب المطحنة.
ولصاحب البئر أو حوض الماء حق استخدام مائه، وليس لغيره حق استخدام ذلك الماء إلا فى الشرب، ويقتصر استخدام مياه عين الماء على صاحب الأرض التى تنبع فيها تلك العيون.
ولا يوجد إجماع بين الفقهاء حول ملكية عيون الماء والآبار التى تحفر فى الأراضى الميتة والمراد استصلاحها، فبينما يرى البعض أن تلك العيون والآبار تكون من حق أصحاب الأراضى المستصلحة، يرى أخرون عكس ذلك، وهو أن حافرى هذه الآبار لا يملكونها ولكن من حقهم استخدام مياهها فقط
فى أغراضهم الخاصة (الشرب والرى. . .)
ويوافق معظم علماء الشريعة على نقل ملكية حق استخدام المياه ومصادرها من صاحبها إذا كانت فى أملاكه الخاصة غير أن نقل هذا الحق قد يوزع مصدر الماء على عدد كبير من الملاك بعد ذلك، ومن ثم كان أصحاب مثل هذه المصادر (قنوات، عيون ماء، آبار، جداول. . . الخ) يوقفونها لأعمال الخير، ومثال ذلك منطقة "يزد" والتى توجد فيها بعض القنوات، والتى تحولت إلى "وقف خيرى" وحال ذلك دون تقسيمها بين العديد من الملاك. .
واهتم المسلمون بإحياء الموات (أى الأراضى الميتة) وذلك باستصلاحها وحفر الآبار والعيون وقنوات الرى فيها أو بصرف الماء الزائد فيها من خلال حفر قنوات صرف. وأجازت الشريعة حق تملك الآبار والعيون التى تحفر فى الأراضى الميتة لغرض استصلاحها وزراعتها.
وعرف الإيرانيون منذ العصور السابقة للعصر الإسلامى نظام المشاركة فى زراعة الأرض والذى يعرف باسم المزارعة.
وتفاوتت الضرائب التى يدفعها المزارعون عن محاصيلهم وزراعاتهم بحسب أسلوب الرى المتبع فى رى تلك الزراعات.
ففى حالة الأراضى التى تروى ريا شاقا، بحمل الماء وجلبه من مناطق بعيدة أو برفعه من مصادره بوسائل رفع. . . الخ فإن أصحاب هذه الزراعات يدفعون ضريبة قليلة هى نصف العُشر (عُشر الإنتاج). فإذا رويت الزراعات ريا مريحا من مياه الأنهار أو القنوات أو مياه الأمطار وجب على أصحاب تلك الزراعات دفع عشر الانتاج كضريبة للدولة.
وكانت صيانة الأنهار ومصادر المياه الكبيرة من واجبات الحكومة وتنفق عليها من الميزانية العامة، أما صيانة مصادر المياه الصغيرة فكانت من واجبات أصحابها ومالكيها. وكانت مياه الشرب فى المدن الكبيرة تخضع لإدارة شخص يدعى المحتسب ومعاونوه