الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العربية. ومنذ العصر ما قبل الاخمينى ظلت معظم الملامح البارزة للأزياء الإيرانية ثابتة بشكل ملحوظ. فبينما تميزت الأزياء العربية بالثياب المستطيلة والعباءات الفضفاضة، فإن الملابس الإيرانية كانت مفصلة حسب المقاس الفردى وذات ملامح تقليدية ومن بينها المعطف ذو الأكمام الذى يتفاوت فى الطول والسعة (القَباء)، والبنطلونات الطويلة المستقيمة (الـ شَلْوَار)، أو الطوزلق (الـ باى تابه أو الـ رَان)، والأحذية ذات الرقبة المقفولة (الـ موزا، الكَفْش، الـ خفَاف أو الـ شّقْمَه)، وغطاء للرأس طويل أو متوسط الطول (كولاه أو قَلَنْسُوَه) وربما تكون القلنسوة مأخوذة فى الأصل عن الـ كيرباسيه القديمة. وهذا النوع من الملابس هو من النوع النمطى للشعوب من الفرسان راكبى الخيول التى هاجرت من المناطق الداخليه لآسيا مثل شعوب سكيثيا وأيضا شعوب فريجيا، وهذه الملابس تناسب مناخ بلادهم القاسى المتقلب وأيضا حياتهم الرعوية البسيطة. ويظهر فى هذا النوع من الملابس علاقة قوية بملابس الشعوب الهندو - آرية التى هاجرت إلى أقصى الغرب مثل الجنس الجرمانى. كما أن هذه الملابس تناسب ظروف الحياة العسكرية والحروب التى كانت تخوضها تلك الشعوب. ومن الملابس التى استخدمها الإيرانيون أيضا الأردية الفضفاضة المتهدلة ولكنها كانت قاصرة أساسا على الاحتفالات الملكية ورجال الدين. وارتدت النساء مثلهن مثل الرجال المعطف أو الـ جاكت (الـ قَبَاشا أو الـ نيم تَنَا) وارتدت البنطلون والجونله (الـ دامَن) مع قميص (بيراهَن) ورداء (جَامه ومرادفها فى العربية ثوب).
1 - العصران الأموى والعباسى:
خلال العصر الأموى تم تعريب بلاد العراق التى ظلت عدة قرون واقعه تحت تأثير الثقافة الفارسية. وقد بقيت طرز الأزياء التقليدية الإيرانية مستخدمة فى قلب إيران وبلاد ما وراء النهر. وبالرغم من الحقيقة المعروفة عن خلفاء الدولة الأموية من أنهم استخدموا عناصر من طرز الأزياء الإيرانية بأنفسهم ولرجال بلاطهم إلا أنهم لم يسمحوا على الإطلاق لرجال جيوشهم الذين
يحاربون على أرض فارس بارتداء الملابس الإيرانية. وكان يتم توقيع أقسى العقاب على الجنود العرب الذى يرتدون قميص الزرد الفارسى (الـ خَفْتَان)، أو الطوزلق (الـ رَان). ولكن فى أواخر عصر الدولة الأموية اندمج العرب الذين استقرت بهم الحياة فى خراسان فى عناصر الثقافة المحلية واستخدموا الكثير من طرز الملابس فى هذا الإقليم.
وبقيام الدولة العباسية وتأسيس مدينة بغداد وازدياد أهمية الموالى من جنس الفرس وتغلغلهم فى الحياة المدنية، أصبحت العراق منطقة انصهار الطرز الإيرانية والعربية الهيلِّينستية، ولهذا السبب حدث تداخل فى مصطلحات المفردات الخاصة بطرز الملابس العربية والفارسية، فعلى سبيل المثال تصبح الكلمة العربية لِبَاسْ مرادفة بشكل عام للمصطلح الفارسى بوشاق. وعلاوة على ذلك بقيت الطرز الإيرانية الوطنية متميزة جيدا فى العصر العباسى. ويذكر الجغرافى العربى المقدسى أن من بين طرز الملابس الإيرانية بصفة خاصة التى استخدمها العرب كانت الحذاء ذو الرقبة (الـ خِفَاف) وانتشر استخدام الطَيْلَسَان أو شال خاص بالرأس يُلبس عادة فوق العمامة بواسطة رجال الدين والأعيان فى المناطق الشمالية والشرقية من إيران. واستخدمه عامة الناس فى منطقة فَارْس.
وقد عرفت إيران خلال العصر العباسى، ومن قبله وبعده، بالأنواع الجيدة التى تنتجها من الأقمشة. وقد عرف عن إيران أيضا إنتاجها لأنواع متميزة من الملابس. واشتهرت منطقة آمول ومنطقة قوميس بإنتاج الطيلسان الصوف المشهور، كما اشتهرت منطقة جورجان والرى أيضا بإنتاج أنواع رائعة من المعاطف الصوفية الفضفاضة الناعمة. التى تعرف باسم نَرْمَق وهى كلمة مشتقة من الكلمة الفارسية نَرْم وتعنى "ناعم". أما منطقة بام فكانت مشهورة بإنتاج المناديل الرقيقه وقماش العمائم (دستَار بَامى) وهى ترادف حُدُود العَالَم. وكانت اذربيجان، وارمينيا، وأران مشهورة بإنتاج
القيطان الممتاز للبنطلونات (شَلَوارْ باند)(حُدُود العَالَمْ). أما مدينة كَاثْ عاصمة خوارزم فكانت تشتهر بإنتاج أنواع من الجاكت المحشو بالقطن تعرف باسم قَظَاجَند.
ومن واقع الأدلة الأثرية يوجد عمل فنى يرجع إلى الفترة من القرنين الخامس إلى السابع الهجريين/ الحادى عشر إلى الثالث عشر الميلاديين مصور عليه رجال ونساء يرتدون القباء ذو الأكمام، وعلى الأذرع أشرطة تسمى بالفارسية بَازُ باند، وهذه الأشرطة على بعضها كتابة بأسلوب الطراز. وعلى لوحة من الجص ترجع إلى القرن السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى من منطقة الرى بإيران مصور عليها بالحفر البارز منظرًا ملكيًا لنساء ترتدى كل منهن معطفا مُوَشى يسمى بالفارسيه قَبَاى ديبَا وله حاشية مزخرفة حَاشيَه دار. وكل سيدة تعصب رأسها بعصابَة شبكية بيشَانى باند وفى وسط كل عصابة ريشة للرأس. ومعظم السيدات المصورات فى هذه اللوحة ترتدى كل منهن قرطا فى أذنيها جوشوَارَهَا، وقلادة جَرْدَنْ بَنْد. وهذه اللوحة منشوره فى "موسوعة الفن الفارسى Survey of Persian Art، V 05 التى نشرها U. Pope.
وإذا انتقلنا إلى العصر السلجوقى فإننا نجد أنه لم يحدت فى إيران أى تجديد أو تحديث فى طرز الأزياء كما حدث فى المشرق العربى. حيث أن السلاجقة أنفسهم كانوا تحت تأثير الثقافات الفارسية. ونجد بالرغم من ذلك أن بعض الطرز الجديدة للملابس قد دخلت فى هذه الفترة إلى إيران وخاصة فى أغطية الرأس، فنجد على الأقل ثلاثة أنواع متميزة من أغطية الرأس طها مجلوبة من مناطق آسيا الداخلية الخاصة بالأتراك ومنها على سبيل المثال القبعات السلجوقية. وكان رجال الطبقة الراقية يلبسون قبعة تشبه التاج حافتها العليا مدببة وتسمى دُوشَاخْ. أما ما يسمى التاج السلجوقى (تَاجْ أو تاجْ كُلاه أو أفْسَرْ) والذى يبدو أن له علاقة بالقبعات المغولية وبالتاج الساسانى القديم فقد بقى لعدة قرون هو غطاء الرأس المفضل لدى الحكام والأمراء الذين رأيناهم فى التصاوير الفارسية.