الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دراسة الدلالة:
وكلمة لون عند العرب تعنى أيضا "درجة" و"جانب أو بُعد" و"نوع" و"طبق (من الطعام) ". . إلخ. وبالإضافة إلى هذا المصطلح العام، لدينا أيضا هذه الكلمات:"بَوْص"(تؤكد على فكرة النصاعة وصفاء اللون)[بوّص أى صفا لونه]، صبيب (لون سائل أو صبغة، كما تطلق على الشئ الذى يلونه هذا السائل أو تلك الصبغة)، سحنة (تطلق على لون البشرة)، لَيْط، نَجرْ، خطبة (تطلق على اللون غير النقى أى تطلق على مزيج أو خليط من لونين)، خَرَجْ، خَصَفْ، نصيف (وهذه المفردات الثلاث تشير إلى خليط أو مزيج للونين يعدان أحيانا من الأضداد).
ويبدو من المفيد أن نكشف عن كيفية إدراك العرب لألوان قوس قزح، وبالتالى كيفية ترجمتهم لهذا الإدراك فى رمز أو كلمة حتى يتسنى لنا دراسة أسمائها من حيث الدلالة. فمن خلال هذه الظاهرة يتبدى طيف تتعدد ألوانه وتتنوع تنوعا شديدا، لذلك كان من الأهمية بمكان عند كل جماعة من الناس أن نحدد الأسماء التى يطلقونها على ما يرون. ونحن نعلم أن اليونان والرومان قد نسبوا إلى قوس قزح ثلاثة ألوان. فارسطو يذكر فى كتابه "الآثار العلوية" قائمة تضم الأحمر، البنى، الأخضر، والأرجوانى حيث يرى أن ثمة خفوتا متدرجا للضوء. أما أفلاطون -فى طيماوس- فيرى أنه بوسعنا إعادة تركيب كل الدرجات اللونية باستخدام أربعة ألوان أولية: أسود وأزرق وأحمر ولون الضوء. والدراسة المقارنة للغات التى تنتمى لمناطق ذات ثقافات جد متنوعة تكشف عن أن تقسيمات الطيف لدى هذه اللغات أبعد ما تكون عن التطابق مع بعضها البعض. فهى تقسيمات عشوائية وتختلف باختلاف المواقف والموارد اللغوية المتاحة. فالقواميس والموسوعات الكبرى العربية الفصحى تكاد تجمع على إيراد الشرح التالى لمعنى قوس قزح: "يتكون قوس قزح من شرائط على شكل قوس بألوان أصفر وأحمر وأخضر"، لقد حل
الأخضر محل الأزرق -لأنهما عرضة للخلط بينهما فى كثير من الأحيان. فنحن هنا نجد أيضا فكرة الألوان الثلاثة الأولية.
وكلمة أبيض لها نفس الجذر مع كلمة "بيضة". كما أن الأبيض يعنى لعاب، سيف، مال، كما أنه يعنى فى أفريقيا -ويا لها من مفارقة- الفحم. وفى القرآن تظهر كلمتا "أبيض وأسود" متتابعتين للتعبير عن التضاد بين النور والظلمة لا التضاد بين اللونين الأبيض والأسود. وثمة كلمات أخرى عديدة تعنى أبيض، آدم، ثاغِم، جَوْن (التى تعنى أبيض كما تعنى غامق)، أشيب، صقْلب، ظَلْم، أغَرّ، فَقِيع (تعنى أبيض ناصعا كما تعنى أحمرا صارخا)، أحْمر، قُهابِى، حَضِّى، أحَمَ (تعنى نفس ما تعنيه كلمة جون)، حَوَارى، خالص، أزْهر، لَهَق، أَمْره، ناصع (نصاعة الأبيض والأصفر والأحمر) يَقَقْ. . . إلخ.
وكلمة أسود لها جذر [لغوى] ينطوى على فكرة السلطة والقوة. وأسود نقيض أبيض. وكثيرا ما يوصف بها المعتم أو الغامق لا الأسود نفسه (سورة البقرة آية 187، سورة آل عمران 106). وكلمة الأسود قد تشير إلى أشياء ومخلوقات عديدة مثل الحية، العقرب، البلح. . . إلخ. والمصدر "سواد" يشير -بصورة خاصة- إلى منطقة فى العراق عرفت بكثرة نخيلها وبساتينها. وهناك مجموعة كبيرة جدا من الكلمات المستخدمة للدلالة على ما هو أسود، نذكر منها: بَغْس، مُتَحَّم، جَوْن، أحْتم، حُنْبُوب، حنْدَس، حُلّبة، حالك، أَحَم (أى أبيض أَو أسود أو أحمر غاَمق)، أَحْوز، أَحْوى، أَدْيَس (غامق)، أَدْجَن، أَدْعَج، أَدْكن، أَدْلَم، أَدْهَم، أَسْحم، أَسْفع، مُظْلم، غُدَاف، غِرْبِيب (ومن الشائع جدا الربط بين الغراب واللون الأسود، ولنا أن نتذكر أن الجذر ع - ر - ب يعنى أسود فى العبرية والآرامية) أَفْحم، قاتم، قاتن، قاحم، أكحل. . إلخ.
والرمادى -أى المزج بين الأسود والأبيض- ليس له لون محدد، وليس له لفظ أساسى فى العربية. ويمكننا أن نشير إلى شاهب، أَشْهب، أَغْثم، أَرْسم، أَرْبد، أَرْمد، أَدْمَك، أَغْبث، أَوْرق، أَطْحَل، قَهْد، أَكْلَس، أَغْس، أَمْلَح، أَمْهق. . إلخ.
ونادرا ما يذكر العرب البنفسجى، فهذا اللفظ الأساسى مأخوذ من الفارسية. وثمة ألفاظ أخرى نصادفها مثل: خُبَّاذى، سَمَانغونى، فِرْفيرى، ومن الواضح أنها ليست ألفاظا عربية، وجميعها صفات تعبر عن النسبة لشئ ما. وهذا ينطبق على النيلى حيث توجد مادته الملونة فى نبات يسمى خِطْر، سَدُوس، مُسَيْطِر، عِظْلم، نُؤُور، نيل، نيلة، نِيلَجْ، وَسّمة.
والأزرق لون من الألوان الأساسية فى الطبيعة. والكلمات المعتادة التى تشير إليه هى "أزرق" وتعنى أيضا شاحب، هزيل. أما كلمة "زراقيم" -وهى جمع- فتعنى حيّات. وألفاظ هذا اللون محدودة إلى حد ما. وثمة كلمات مثل سماوى، كَحْل، أَشْهل، عَوْهَق، أَمْقه (وهذه الألفاظ الثلاثة تنطوى على ازدراء) أَمْلَه. وأخضر هو أساس الحياة، والصفة منه ترتبط بفكرة القتامة لأنها تعنى أحيانا أسود، غامق، رمادى. والخضراء لفظ يشير إلى السماء، وهذا يوضح أن ثمة علاقة بين الأزرق والأخضر، وهما محل خلط عند أبناء العصور القديمة. فالإغريق والصينيون والميلانيون وأهل كالدونيا الجديدة وآخرون كانوا يستخدمون نفس اللفظ للدلالة على اللونين. والألفاظ الدالة على الأخضر مجموعة كبيرة إلى حد ما بعد الألفاظ الداله على الأسود والأبيض. ولن نذكر منها سوى حانئ، أَحْوى، أَخْضب، أخْطَب، أَدْلس، دقيق، عَشْرَق، أَغْبَن.
ومما يلفت النظر أن اسم اللون الأصفر له علاقة باسم الزعفران (مأخوذ من الفارسية)، ويطلق المؤرخون العرب وصف "بنو الأصفر" على الإغريق والبيزنطيين. بينما يطلقون على أنفسهم وصف "السود" أما غير العرب عموما فهم "الحُمْر". ومجموعة الألفاظ الدالة على الأصفر كبيرة، أهمها: حبْر، ذِرْيَبْ، زَبْرَق، زَبْرَج، زرْياب، زَهْر، أَصْحَم، أَفْقَع، قَلَج، أَمْلَج، ناصَع، وادِس.
أما البرتقالى فشأنه شأن البنفسجى والنيلى له اسم يدل على النسبة لشئ يمثل هذا اللون هو "البرتقال"، فمنه جاءت الصفة "برتقالى".
والأحمر يذكرنا بالدم والبشرة والفاكهة والحياة. واللونان الأخضر والأحمر -وهما لونان متضادان ومتكاملان- هما أيضا لونا النبات والحيوان. وكان للون الأحمر دائما مكان ذو أهمية خاصة إذ يكاد يشمل كل قطاع من قطاعات الحياة. ولقد حظى بمكانة متميزة فى معجم الألفاظ -وتكاد كل اللغات تحتوى على ألفاظ تعبر عن كل درجة من درجاته- وتشكل الألوان، الأسود، والأحمر، والأبيض أفضل ثلاثية حظيت بالاعتراف، كما نالت أكبر قدر من معجم الألفاظ والرمزية. وكلمة "أحمر" العربية مشتقة من الجذر "اللغوى" الذى يعنى الحمية والشدة والقوة. وللون الأحمر معجم من الألفاظ العربية هو أكثرها ثراء. وسنكتفى بذكر بعضها: آدم (وقد سبق أن صادفناه ضمن الألفاظ الدالة على الأبيض)، وربما كان يدل على الأحمر فى اللغات السامية القديمة)، بَتَغ، أَبْقم، ثِقيب، جَوْن (وقد سبق أن صادفناه ضمن الألفاظ الدالة على الأبيض) أَحْلس، (وقد سبق أن صادفناه ضمن الألفاظ الدالة على الأبيض)، حائط، أَدْبَس، مدموم، أَدْهس، أَدْهن، أَرْبد، رَادِنى، زَبْرق، زاهر، أزهى، أسْلخ، أسْلغ، أَشْرق، صُباحى، أَصْحر، صَيْعرى، صِقْلاب (ذكر من قبل للدلالة على الأبيض) صَمْعَرى، أَصْهب، أُضْرج، عانِك، عَنَمى، غسيق، غَضْب، مَغْلوق، فَدْم، فَدْن، فِراس، فِرْصد، أَفْضح، فقيع (سبق ذكره للدلالة على الأصفر) قُراص، أَقْرف، قِرْمزى، قَشَر، قانئ (يدل بصفة خاصة على التشبع) أكْثع، كَرك، كلْف، كَمِت، مائع، أَمْعر، منكور، نَكَع، وَرَد، يانع.
أما اللونان البنى والأحمر فلهما مفردات محدودة العدد، ومن جهة أخرى يعد من المنطقى لقوم ترجع أصولهم إلى الصحراء أن يرصدوا بدقة لون الحمرة المائلة إلى بياض أو الحمرة إلى غبرة [الأبرص] ويميزونه عن غيره من الألوان. ولنا أن نذكر هذه المفردات: بَهْرم، أَحْسب، حِضَاد، أَشْقح، أَشْقر، أَصْحر، أَصْهب، أَعيس، أكلف، كُمْيت، وَرْد (سبق ذكرها للدلالة على الأحمر). والأرجوانى -فى اللغات