الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاعِلُهُ غَدًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُقَالُ افْعَلْ كَذَا فَيَقُولُ الْمُخَاطَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَيْ أَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ.
(وَكَوْنُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَرَبِيًّا) فَصِيحًا وَقَدْ قَالَ بِهِ فَيُتْبَعُ (مُعَارَضٌ بِعَلِيٍّ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ) الْمَقْطُوعِ بِعَرَبِيَّتِهِمْ وَفَصَاحَتِهِمْ وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ، وَإِلَّا لَنُقِلَ عَنْهُمْ كَمَا عَنْهُ ثُمَّ يَتَرَجَّحُ جَانِبُهُمْ بِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ مُرَادُهُ) أَيْ ابْنِ عَبَّاسِ بِجَوَازِ الِانْفِصَالِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاسْتِثْنَاءُ (الْمَأْمُورُ بِهِ)، وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا - إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} [الكهف: 23 - 24] بِأَنْ يَقُولَ أَوَّلًا أَفْعَلُ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ حِينٍ أَفْعَلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُمْتَثِلًا، وَإِنَّمَا كَانَ مَأْمُورًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى لَا تَقُولَنَّ ذَلِكَ إلَّا مُتَلَبِّسًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى قَائِلًا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَكُونُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَأْمُورًا بِهِ عِنْدَ قَوْلِ إنِّي فَاعِلٌ أَوْ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي قَوْلِهِ {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] إذَا فُسِّرَ بِاذْكُرْ مَشِيئَةَ رَبِّك بِأَنْ قُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ إذَا فَرَطَ مِنْك نِسْيَانٌ لِذَلِكَ وَالْمَعْنَى إذَا نَسِيت كَلِمَةَ الِاسْتِثْنَاءِ وَتَنَبَّهْت عَلَيْهَا فَتَدَارَكْهَا بِالذِّكْرِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا ظَاهِرُ مَا سَلَفَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ وَأَوْسَطِ الطَّبَرَانِيِّ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا نَسِيَ أَنْ يَقُولَ فِي كَلَامِهِ أَوْ حَلِفِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِيَكُونَ آتِيًا بِسُنَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ حَتَّى وَلَوْ بَعْدَ الْحِنْثِ لَا أَنَّهُ يَكُونُ رَافِعًا لِحِنْثِ الْيَمِينِ وَمُسْقِطًا لِلْكَفَّارَةِ. (وَقِيلَ لَمْ يَقُلْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ عَنْهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] قَالَ: إذَا نَسِيتَ الِاسْتِثْنَاءَ فَاسْتَثْنِ إذَا ذَكَرْت قَالَ هِيَ خَاصَّةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ لِأَحَدِنَا الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا فِي صِلَةٍ مِنْ يَمِينِهِ. نَعَمْ فِي سَنَدِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُصَيْنِ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَوَثَّقَهُ الْحَاكِمُ وَأَمَّا كَوْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ مُدَلِّسًا، وَهُوَ فِيهِ وَقَدْ عَنْعَنَ فَلَا ضَيْرَ عَلَى أُصُولِ مَشَايِخِنَا لِكَوْنِهِ ثِقَةً أَخْرَجَ لَهُ الْأَئِمَّةُ وَيَتَأَكَّدُ رُجْحَانُ هَذَا عَلَى ذَلِكَ فِي ذَاكَ لِمَا فِي ذَاكَ مِنْ الِاضْطِرَابِ وَمَا يَلْزَمُهُ الْبَاطِلُ الَّذِي يُجَلُّ عَنْهُ مَكَانَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي سَعَةِ الْعِلْمِ وَسَلَامَةِ الْفَهْمِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَحِكَايَةُ الْمَنْصُورِ تُبْعِدُهُمَا) أَيْ كَوْنَ مُرَادِ ابْنِ عَبَّاسٍ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَأْمُورَ بِهِ، وَكَوْنَهُ لَمْ يَقُلْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَحَدِهِمَا مَا كَانَ الْمَنْصُورُ مُعَاتِبًا لِلْإِمَامِ عَلَى اشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ وَلَا الْإِمَامُ مُجِيبًا لَهُ بِمَا أَجَابَهُ فَإِنَّمَا يَتِمُّ لَوْ ثَبَتَتْ الْحِكَايَةُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ نِسْبَةُ هَذَا الْقَوْلِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مُنْتَفٍ ثُمَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ الْمَنْصُورَ لَمْ يَعْلَمْ مُرَادَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِظَاهِرِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ هَذَا الَّذِي فِي أَوْسَطِ الطَّبَرَانِيِّ آخِرًا، وَأَنَّ الْإِمَامَ بَادَرَ بِدَفْعِهِ تَنَزُّلًا لِظُهُورِ أَنَّهُ أَدْفَعُ لِاعْتِرَاضِهِ وَأَقْطَعُ لِشَغَبِهِ وَصَوْلَتِهِ أَوْ لِعَدَمِ وُصُولِ هَذَا إلَيْهِ أَيْضًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (وَاعْلَمْ أَنَّ الْتِزَامَ الْجَوَابِ عَنْ فَصْلِهِ صلى الله عليه وسلم) إنْ شَاءَ اللَّهُ عَمَّا أَلْحَقَهُ بِهِ (بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى) أَيْ مَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ خِلَافُهُ فَهُوَ) حِينَئِذٍ اسْتِثْنَاءٌ (مِنْ الْأَحْوَالِ) حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ أَفْعَلُ كَذَا فِي كُلِّ حَالٍ لَهُ إلَّا فِي حَالِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لِعَدَمِ فِعْلِهِ (أَوْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ (لَا فَرْقَ) بَيْنَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الِاتِّصَالِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ التَّوْجِيهَيْنِ (فَلَيْسَ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (مِنْ مَفْهُومِ مَحَلِّ النِّزَاعِ) أَيْ مِنْ أَفْرَادِهِ، وَهُوَ الْفَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَظَنِّي أَنَّ أَحَدًا لَمْ يَذْهَبْ إلَى سِوَاهُمَا وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ مَا أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى» .
[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ]
(مَسْأَلَةٌ:) الِاسْتِثْنَاءُ (الْمُسْتَغْرِقُ بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى بَعْدَهُ شَيْءٌ يَصِيرُ مُتَكَلِّمًا بِهِ، وَتَرْكِيبُ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يُوضَعْ إلَّا لِلتَّكَلُّمِ
بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا لَا لِنَفْيِ الْكُلِّ وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ فِيهِ الِاتِّفَاقَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الصَّدْرِ أَوْ مُسَاوِيهِ لِقَوْلِهِ (وَفَصَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَغْرِقَ (الْحَنَفِيَّةُ إلَى مَا بِلَفْظِ الصَّدْرِ أَوْ مُسَاوِيهِ) فِي الْمَفْهُومِ كَعَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا عَبِيدِي أَوْ إلَّا مَمَالِيكِي (فَيَمْتَنِعُ وَمَا بِغَيْرِهِمَا) وَلَوْ مُسَاوِيًا فِي الْوُجُودِ وَأَخُصُّ فِي الْمَفْهُومِ (كَعَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا هَؤُلَاءِ أَوْ إلَّا سَالِمًا وَغَانِمًا وَرَاشِدًا، وَهُمْ الْكُلُّ وَكَذَا نِسَائِي) طَوَالِقُ (إلَّا فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَفُلَانَةَ) وَفُلَانَةَ أَوْ إلَّا هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ لَهُ نِسَاءٌ غَيْرُهُنَّ (فَلَا) يَمْتَنِعُ فَلَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ قَالُوا؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ فَيَنْبَنِي عَلَى صِحَّةِ اللَّفْظِ لَا عَلَى صِحَّةِ الْحُكْمِ أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْفًا إلَّا تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ طَلْقَةً كَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فَلَا يَقَعُ سِوَى وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَلْفُ لَا صِحَّةَ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا مَزِيدَ لَهُ عَلَى الثَّلَاثِ (وَالْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِ الْأَكْثَرِ وَالنِّصْفِ، وَمَنَعَهُمَا) أَيْ الْأَكْثَرَ وَالنِّصْفَ (الْحَنَابِلَةُ وَالْقَاضِي) أَوَّلًا وَنَقَلَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ خَصَّ الْقَاضِي آخَرَ أَوْ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ الْمَنْعَ بِالْأَكْثَرِ (وَقِيلَ إنْ كَانَ) الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (عَدَدًا صَرِيحًا) يَمْتَنِعُ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ وَالنِّصْفِ كَعَشَرَةٍ إلَّا سِتَّةٌ أَوْ إلَّا خَمْسَةٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَرِيحٍ لَا يَمْتَنِعَانِ فِيهِ كَأَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إلَّا الْجُهَّالَ، وَهُمْ أَلْفٌ، وَالْعَالِمُ فِيهِ النِّصْفُ فَمَا دُونَهُ إلَى الْوَاحِدِ، وَقَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ يَمْتَنِعُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْعَدَدِ مُطْلَقًا (لَنَا فِي غَيْرِ الْعَدَدَ {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ} [الحجر: 42] ، وَهُمْ) أَيْ مُتَّبِعُوهُ (أَكْثَرُ) مِمَّنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ (لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ} [يوسف: 103] الْآيَةَ) فَإِنْ قُلْت إمَّا أَنْ يُرَادَ بِعِبَادِي مَا يَعُمُّ الْمَلَكَ وَالْإِنْسَ وَالْجِنَّ، وَحِينَئِذٍ فَمُتَّبِعُوهُ أَقَلُّ أَوْ الْمُؤْمِنُونَ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ قُلْت الْمُرَادُ بِعِبَادِي هُنَا بِقَرِينَةِ سَوْقِ الْآيَةِ الْإِنْسُ خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِمْ مُؤْمِنِينَ وَمُتَّبِعُوهُ مِنْهُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ مِنْهُمْ لِلْآيَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ قُلْت اللَّامُ فِي النَّاسِ فِيهَا لِلْعَهْدِ، وَهُمْ الْمَوْجُودُونَ مِنْ حِينِ بَعْثِهِ صلى الله عليه وسلم إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمُتَّبِعِينَ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَنْ يَكُونُوا أَكْثَرَ مِنْ عَامَّةِ بَنِي آدَمَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ عليه السلام الْمُرَادِينَ بِقَوْلِهِ {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ.
قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ اللَّامَ فِي النَّاسِ لِلْعَهْدِ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَكَيْفَ وَمُلَاحَظَةُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ شَاهِدَةٌ بِإِرَادَةِ الْكُلِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ فَتَعَيَّنَ لِوُجُودِ الْمُقْتَضَى مَعَ مُؤَكِّدِهِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ «وَكُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَنْ أَطْعَمْته» ) كَمَا هُوَ بَعْضٌ مِنْ حَدِيثٍ قُدْسِيٍّ طَوِيلٍ رَوَيْنَاهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّ مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَكْثَرُ مِمَّنْ لَمْ يُطْعِمْهُ (وَمِنْ الْعَدَدِ إجْمَاعُ) فُقَهَاءِ (الْأَمْصَارِ عَلَى لُزُومِ دِرْهَمٍ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَّا تِسْعَةٌ قَالُوا عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ وَثُمُنُ دِرْهَمٍ مُسْتَقْبَحٌ عَادَةً أُجِيبَ اسْتِقْبَاحُهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الصِّحَّةِ كَعَشَرَةٍ إلَّا دَانَقًا وَدَانَقًا إلَى عِشْرِينَ) دَانَقًا، وَهُوَ سُدُسُ الدِّرْهَمِ فَإِنَّهُ مُسْتَقْبَحٌ وَلَيْسَ اسْتِقْبَاحُهُ لِأَجْلِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ ثُلُثُ الْكُلِّ بَلْ لِأَجْلِ التَّطْوِيلِ مَعَ إمْكَانِ الِاخْتِصَارِ.
(وَالْحَاصِلُ صَرْفُ الْقُبْحِ إلَى كَيْفِيَّةِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ لَا إلَى مَعْنَاهُ) وَاحْتَجَّ ابْنُ عُصْفُورٍ بِأَنَّ أَسْمَاءَ الْعَدَدِ نُصُوصٌ فَلَوْ جَازَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهَا لَخَرَجَتْ عَنْ نُصُوصِيَّتِهَا، وَإِنَّمَا جَازَ مِنْ الْأَلْفِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ اللَّبْسُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤْتَى بِهِ عَلَى جِهَةِ التَّكْثِيرِ فَيُقَالُ اُقْعُدْ أَلْفَ سَنَةٍ أَيْ زَمَنًا طَوِيلًا فَتَبَيَّنَ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ لِلتَّكْثِيرِ، وَكَذَا كُلُّ مَا جَاءَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْأَعْدَادِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تُسْتَعْمَلَ لِلتَّكْثِيرِ وَقَوَّاهُ قَوْلُ أَبِي حَيَّانَ لَا يَكَادُ يُوجَدُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عَدَدٍ فِي شَيْءٍ مِنْ