المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة إذا خص العام] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ١

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطْبَة الْكتاب]

- ‌[الْمُقَدِّمَةُ أَرْبَعَة أُمُور]

- ‌[الْأَمْرُ الْأَوَّل مَفْهُومُ اسْم هَذَا الْعِلْمِ وَهُوَ لَفْظُ أُصُولِ الْفِقْهِ]

- ‌[الْأَمْر الثَّانِي مَوْضُوع أُصُولِ الْفِقْهِ]

- ‌[الْأَمْر الثَّالِثُ الْمُقَدِّمَاتُ الْمَنْطِقِيَّةُ مَبَاحِثُ النَّظَرِ]

- ‌[الْأَمْرُ الرَّابِعُ اسْتِمْدَاد عِلْم أُصُولُ الْفِقْهِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الْأُولَى فِي الْمَبَادِئِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌[الْمَقَامُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَعْنَى اللُّغَةِ]

- ‌[الْمَقَامُ الثَّانِي فِي بَيَانِ سَبَبِ وَضْعِ لُغَاتِ الْأَنَاسِيِّ]

- ‌[الْمَقَامُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ وَاضِعِ اللُّغَةُ]

- ‌[الْمَقَامُ الرَّابِعُ هَلْ يُحْكَمُ بِاعْتِبَارِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ الْمَوْضُوعِ لَهُ]

- ‌[الْمَقَامُ الْخَامِسُ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعَ لَهُ اللَّفْظُ]

- ‌[الْمَقَامُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ طُرُقِ مَعْرِفَةِ اللُّغَاتِ]

- ‌[الْمَقَامُ السَّابِعُ الْقِيَاسَ هَلْ يَجْرِي فِي اللُّغَةِ]

- ‌[الْمَقَامُ الثَّامِنُ فِي تَقْسِيمِ اللَّفْظِ إلَى مهمل ومستعمل]

- ‌[بَيَانِ الْأَقْسَامِ اللَّاحِقَةِ لِلَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[أَقْسَام الْمُفْرَدِ وَالْمُرَكَّبِ]

- ‌[أَقِسَام اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي انْقِسَامِ اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي انْقِسَامِ اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهِ]

- ‌[انْقِسَامِ دَلَالَةُ اللَّفْظ إلَى الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ]

- ‌[أَقْسَام الْمَفْهُومُ]

- ‌[التَّقْسِيمُ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ ظُهُورِ دَلَالَتِهِ]

- ‌[التَّقْسِيمُ الثَّالِثُ لِلْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ الْخَفَاء فِي الدَّلَالَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ مُقَايَسَتِهِ إلَى مُفْرَدٍ آخَرَ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ مَدْلُولِهِ]

- ‌[التَّقْسِيمُ الْأَوَّلُ تَعَدَّى الْمُفْرَدِ إِلَيَّ كُلِّي وجزئي]

- ‌[التَّقْسِيمُ الثَّانِي مَدْلُولُ المفرد إمَّا لَفْظٌ كَالْجُمْلَةِ وَالْخَبَرِ أَوْ غَيْرُهُ]

- ‌[التَّقْسِيمُ الثَّالِثُ تَقْسِيم اللَّفْظَ بِحَسَبِ اللُّغَةِ وَالصِّيغَةِ]

- ‌[مباحث الْعَامُّ]

- ‌[الْبَحْثُ الْأَوَّلُ هَلْ يُوصَفُ بِالْعُمُومِ الْمَعَانِي الْمُسْتَقِلَّةُ كَالْمُقْتَضَى وَالْمَفْهُومِ]

- ‌[الْبَحْثُ الثَّانِي هَلْ الصِّيَغُ مِنْ أَسْمَاءِ الشَّرْطِ وَالِاسْتِفْهَامِ]

- ‌[الْبَحْثُ الثَّالِثُ لَيْسَ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ عَامًّا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَيْسَ الْعَامُّ مُجْمَلًا]

- ‌[الْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ صِيغَةِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ هَلْ يَشْمَلُ النِّسَاءَ وَضْعًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ الْمُشْتَرَكُ عَامٌّ اسْتِغْرَاقِيٌّ فِي مَفَاهِيمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ خِطَابِ الْوَاحِدِ لَا يَعُمُّ غَيْرَهُ لُغَةً]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْخِطَابِ الَّذِي يَعُمُّ الْعَبِيدَ لُغَةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى عُمُومِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ]

- ‌[الْبَحْثُ الرَّابِعُ الِاتِّفَاقُ عَلَى إطْلَاقِ قَطْعِيِّ الدَّلَالَةِ عَلَى الْخَاصِّ وَعَلَى احْتِمَالِهِ]

- ‌[الْبَحْثُ الْخَامِسُ يَرِدُ عَلَى الْعَامِّ التَّخْصِيصُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ]

- ‌[مَسْأَلَة شَرْطُ إخْرَاجِهِ أَيْ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَقَّبَ الِاسْتِثْنَاءُ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا خُصَّ الْعَامُّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ بِمُجْمَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالْمَفْهُومِ الْمُخَالِفِ خَصُّوا بِهِ الْعَامَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَادَةِ وَهِيَ الْأَمْرُ الْمُتَكَرِّرُ مِنْ غَيْرِ عَلَاقَةٍ عَقْلِيَّةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْرَادِ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ أَيْ الْعَامِّ]

- ‌[مَسْأَلَةُ رُجُوعِ الضَّمِيرِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْعَامِّ إلَى الْبَعْضِ مِنْ أَفْرَادِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ تَّخْصِيصُ الْعَامِّ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ إذَا اخْتَلَفَ حُكْمُ مُطْلَقٍ وَمُقَيَّدِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ صِيغَةُ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْوُجُوبِ لِصِيغَةِ الْأَمْرِ حَقِيقَةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَبَادُرِ كَوْنِ الصِّيغَةِ فِي الْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ مَجَازًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصِّيغَة أَيْ الْمَادَّة بِاعْتِبَارِ الْهَيْئَة الْخَاصَّةِ لِمُطْلَقِ الطَّلَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْفَوْر للأمر ضروري لِلْقَائِلِ بِالتَّكْرَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْآمِرُ لِشَخْصٍ بِالْأَمْرِ لِغَيْرِهِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ آمِرًا لِذَلِكَ الْمَأْمُورِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَاقَبَ أَمْرَانِ غَيْرُ مُتَعَاطِفَيْنِ بِمُتَمَاثِلَيْنِ فِي مَأْمُورٍ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالنَّفْسِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَلَّقَ النَّهْيُ بِالْفِعْلِ]

الفصل: ‌[مسألة إذا خص العام]

رَاجِحٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُمْ حَتَّى يَسْقُطَ بِعَفْوِهِ وَيُورَثَ عَنْهُ فَلَا يَسْقُطَ بِالتَّوْبَةِ فَيَنْدَفِعَ أَنْ يُقَالَ: فَيَنْتَفِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ أَيْضًا عِنْدَهُمْ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى هُوَ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا، وَمِنْ جُمْلَةِ الْإِصْلَاحِ الِاسْتِحْلَالُ وَطَلَبُ عَفْوِ الْمَقْذُوفِ وَعِنْدَ وُقُوعِ ذَلِكَ يَسْقُطُ الْجَلْدُ فَيَصِحُّ صَرْفُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْكُلِّ (ثُمَّ قِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ) قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ (لِأَنَّ الْفَاسِقِينَ لَمْ يَتَنَاوَلْ التَّائِبِينَ) لِيُخْرَجُوا مِنْهُمْ فَالْمَعْنَى لَكِنَّ الَّذِينَ تَابُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُمْ وَلَمْ يَرْحَمْهُمْ وَهَذَا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَمَنْ وَافَقَهُ أَوْ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الَّذِينَ يَرْمُونَ لَكِنْ لَمْ يَقْصِدْ إخْرَاجَ التَّائِبِينَ مِنْ حُكْمِ الرَّامِينَ بَلْ قَصَدَ إثْبَاتَ حُكْمٍ آخَرَ لِلتَّائِبِينَ وَهُوَ أَنَّ التَّائِبَ لَا يَبْقَى فَاسِقًا بَعْدَ التَّوْبَةِ وَهَذَا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ وَاخْتَارَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.

(وَالْأَوْجَهُ مُتَّصِلٌ مِنْ {أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: 19] (أَعْنِي الَّذِينَ يَرْمُونَ) لِتَنَاوُلِهِمْ إيَّاهُمْ ثُمَّ إخْرَاجِهِمْ مِنْ حُكْمِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَيْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَرْمُونَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِمْ بِالْفِسْقِ إلَّا التَّائِبِينَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَحْكُومٍ عَلَيْهِمْ بِهِ حَالَ اتِّصَافِهِمْ بِالتَّوْبَةِ لِلْإِجْمَاعِ الْقَاطِعِ عَلَى أَنْ لَا فِسْقَ مَعَ التَّوْبَةِ، وَكَيْفَ لَا؟ ، «وَالتَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِرِوَايَةِ الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا، وَالْفِسْقُ هُوَ الْمَعْصِيَةُ وَالْخُرُوجُ مِنْ الطَّاعَةِ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْمُرَادِ بِالْفَاسِقِ الْفَاسِقَ عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ، وَانْتَفَى كَوْنُ الْمُرَادِ بِالْفَاسِقِ الْفَاسِقَ فِي الْجُمْلَةِ لَكِنَّ التَّائِبَ لَمْ يُخْرَجْ مِنْ حُكْمِ الْقَاذِفِينَ الَّذِي هُوَ الْفِسْقُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا خُصَّ الْعَامُّ]

(مَسْأَلَةٌ إذَا خُصَّ الْعَامُّ كَانَ مَجَازًا فِي الْبَاقِي عِنْدَ الْجُمْهُورِ) مِنْ الْأَشَاعِرَةِ وَمَشَاهِيرِ الْمُعْتَزِلَةِ (وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ) كَصَاحِبِ الْبَدِيعِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ (إلَّا أَنَّهُ لَا تَخْصِيصَ لِأَكْثَرِهِمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (إلَّا بِمُسْتَقِلٍّ عَلَى مَا سَبَقَ) فَهُوَ بَعْدَ إخْرَاجِ بَعْضِهِ بِغَيْرِ مُسْتَقِلٍّ حَقِيقَةً عَلَى قَوْلِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ، وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ بِدُونِ هَذَا التَّقْيِيدِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْبَيْضَاوِيُّ (وَبَعْضُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (كَالسَّرَخْسِيِّ وَالْحَنَابِلَةِ) وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ بَلْ جَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا ذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ (حَقِيقَةٌ) فِي الْبَاقِي (وَبَعْضُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ حَقِيقَةٌ فِي الْبَاقِي مَجَازٌ فِي الِاقْتِصَارِ وَالشَّافِعِيَّةُ) نَقَلُوا (عَنْ الرَّازِيِّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ (الْجَصَّاصُ إنْ كَانَ الْبَاقِي كَثْرَةً يَعْسُرُ ضَبْطُهَا فَحَقِيقَةٌ وَإِلَّا) إنْ كَانَ الْبَاقِي لَيْسَ كَذَلِكَ (فَمَجَازٌ) وَالْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالرَّازِيِّ حَقِيقَةٌ إنْ كَانَ الْبَاقِي غَيْرَ مُنْحَصِرٍ وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ بِمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ زَادَ السُّبْكِيُّ عَلَى آحَادِ النَّاسِ كَذَا فَسَّرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ كُلُّ عَدَدٍ لَوْ اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ لَعَسُرَ عَلَى النَّاظِرِ عَدَدُهُمْ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ كَالْأَلْفِ فَهُوَ غَيْرُ مَحْصُورٍ وَإِنْ سَهُلَ كَالْعَشَرَةِ وَالْعِشْرِينَ فَمَحْصُورٌ وَبَيْنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْسَاطٌ تَلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا بِالظَّنِّ وَمَا وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ اُسْتُفْتِيَ فِيهِ الْقَلْبُ (وَالْحَنَفِيَّةُ) نَقَلُوا (عَنْهُ) أَيْ الْجَصَّاصِ (إنْ كَانَ جَمْعًا فَقَطْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْقَيْدِ السَّابِقِ فَحَقِيقَةٌ وَإِلَّا كَانَ مَجَازًا (أَبُو الْحُسَيْنِ إنْ خُصَّ بِمَا لَا يَسْتَقِلُّ) مِنْ شَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ غَايَةٍ (فَحَقِيقَةٌ) وَإِنْ خُصَّ بِمُسْتَقِلِّ مِنْ سَمْعٍ أَوْ عَقْلٍ فَمَجَازٌ، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيّ: قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الَّذِي رَأَيْته مَنْصُورًا فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَيْضًا الْمَازِرِيُّ وَذَكَرَ أَنَّهُ آخِرُ قَوْلَيْهِ وَأَنَّ أَوَّلَهُمَا كَوْنُهُ مَجَازًا مُطْلَقًا

وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ (الْقَاضِي: إنْ خُصَّ بِشَرْطٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ) فَحَقِيقَةٌ وَإِلَّا فَمَجَازٌ (عَبْدُ الْجَبَّارِ) إنْ

ص: 274

خُصَّ (بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ) فَحَقِيقَةٌ وَإِلَّا فَمَجَازٌ وَنَظَرَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ وَتَبِعَهُ التَّفْتَازَانِيُّ بِأَنَّهُ قَالَ فِي عُمْدَةِ الْأَدِلَّةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِيرُ مَجَازًا بِأَيِّ شَيْءٍ خُصَّ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ لِقَرِينَةٍ اتَّصَلَتْ أَوْ انْفَصَلَتْ اسْتَقَلَّتْ أَمْ لَا وَأَجَابَ الْأَبْهَرِيُّ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْعُمْدَةِ هُوَ قَوْلُهُ أَوَّلًا وَكَأَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْمُعْتَمَدِ لِأَبِي الْحُسَيْنِ مَا يُفِيدُ مُوَافَقَةَ مَا فِي الْكِتَابِ (وَقِيلَ إنْ خُصَّ بِلَفْظِيٍّ) مُتَّصِلٍ أَوْ مُنْفَصِلٍ فَحَقِيقَةٌ وَإِلَّا فَمَجَازٌ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ مَذَاهِبَ (لَنَا) عَلَى الْمُخْتَارِ وَهُوَ الْأَوَّلُ (الْفَرْضُ أَنَّهُ) أَيْ الْعَامَّ (حَقِيقَةٌ فِي الِاسْتِغْرَاقِ عَلَى الْخُصُوصِ فَلَوْ كَانَ لِلْبَاقِي فَقَطْ حَقِيقَةً) أَيْضًا (كَانَ مُشْتَرَكًا) لَفْظِيًّا (وَهُوَ) أَيْ كَوْنُهُ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا بَيْنَ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ (غَيْرُ الْمَفْرُوضِ وَدُفِعَ) هَذَا وَدَفَعَهُ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْعَامَّ (فِي صُورَةِ التَّخْصِيصِ لِلِاسْتِغْرَاقِ لِأَنَّ أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ الطِّوَالَ فِي تَقْدِيرِ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَيْ بَعْضَهُمْ) لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (فَلَزِمَ إرَادَةُ كُلِّهِمْ) مِنْ قَوْلِهِ بَنِي تَمِيمٍ ضَرُورَةً (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ هَذَا (كَانَ الْمَعْنَى) أَكْرِمْ (بَعْضَ بَعْضِهِمْ) لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ صِحَّةَ وَضْعِ بَعْضٍ مَكَانَهَا، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُرَادَ بِبَنِي تَمِيمٍ الْبَعْضُ أَيْضًا فَيَئُولُ الْمَعْنَى إلَى هَذَا وَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ (ثُمَّ عَرَضَ الْحُكْمُ) الَّذِي هُوَ إكْرَامُ الْمَوْصُوفِ مِنْهُمْ بِالطُّولِ (فَخَرَجَ الْآخَرُ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يُوصَفْ مِنْهُمْ بِهِ مِنْ طَلَبِ الْإِكْرَامِ

(وَهَذَا) التَّوْجِيهُ (لَازِمٌ فِي الْمُسْتَثْنَى عَلَى مَا قِيلَ) أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اخْتِيَارِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَعْنَاهُ حَقِيقَةً ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمُسْتَثْنَى ثُمَّ يُحْكَمُ عَلَى الْبَاقِي (وَيُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ) أَيْ هَذَا وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعَامِّ جَمِيعُ مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ ثُمَّ يَخْرُجُ غَيْرُ الْمُرَادِ مِنْهُ ثُمَّ يُحْكَمُ عَلَى الْبَاقِي (فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي سَائِرِ الْعُمُومَاتِ الْمُخَصَّصَةِ بِأَيِّ تَخْصِيصٍ كَأَنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ (غَيْرَ أَنَّ وَضْعَ الْمُفْرَدِ وَاسْتِعْمَالَهُ لَيْسَ إلَّا لِلتَّرْكِيبِ) لِمَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ وَضْعِ الْمُفْرَدَاتِ لَيْسَ إلَّا الْمَعَانِيَ التَّرْكِيبِيَّةَ (وَيَبْعُدُ أَنْ يُرَكِّبَهُ) أَيْ الْمُتَكَلِّمُ الْمُفْرَدَ مَعَ غَيْرِهِ (مُرِيدًا الْمَجْمُوعَ) مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ (لِيَحْكُمَ عَلَى الْبَعْضِ لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَصْدَ لِلْمَجْمُوعِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى بَعْضِهِ (بِلَا فَائِدَةٍ لِصِحَّةِ أَنْ يُرِيدَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اللَّفْظِ الْعَامِّ (لُغَةً الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ) الْعَامُّ (عَدَدًا) فَانْتَفَى الدَّفْعُ (وَقَوْلُ السَّرَخْسِيِّ صِيغَةُ الْعُمُومِ لِلْكُلِّ وَمَعَ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ فِيمَا وَرَاءَ الْمَخْصُوصِ لِأَنَّهَا) أَيْ صِيغَتَهُ (إنَّمَا تَتَنَاوَلُهُ) أَيْ مَا وَرَاءَ الْمَخْصُوصِ (وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ كُلٌّ لَا بَعْضٌ كَالِاسْتِثْنَاءِ يُصَيِّرُ الْكَلَامَ عِبَارَةً عَمَّا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى بِطَرِيقِ أَنَّهُ) أَيْ مَا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى (كُلٌّ لَا بَعْضٌ إنْ أَرَادَ) أَنَّ تَنَاوُلَهُ لِمَا وَرَاءَ الْمَخْصُوصِ (بِوَضْعٍ آخَرَ خَاصٍّ لَزِمَ الِاشْتِرَاكُ) اللَّفْظِيُّ وَالْمَفْرُوضُ خِلَافُهُ (أَوْ وُضِعَ الْمَجَازُ فَنَقِيضُ مَطْلُوبِهِ) لِأَنَّ مَطْلُوبَهُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِ.

(فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ تَحْمِلْهُ) أَيْ هَذَا مِنْ السَّرَخْسِيِّ (عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ الِاسْتِغْرَاقَ) فِي الْعَامِّ فَيَكُونُ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ مِنْ أَفْرَادِهِ مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى مَا دُونَ الثَّلَاثِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً (قُلْنَا الْكَلَامُ فِي الْعَامِّ إذَا خُصَّ) هَلْ يَكُونُ فِيمَا وَرَاءَ الْمَخْصُوصِ حَقِيقَةً (وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ) أَيْ التَّخْصِيصَ (الصِّيَغُ الْمُتَقَدِّمَةُ كَالْجَمْعِ الْمُحَلَّى وَنَحْوِهِ) مِنْ الْمَوْصُولَاتِ وَأَسْمَاءِ الشَّرْطِ وَالِاسْتِفْهَامِ وَنَحْوِهَا (مِمَّا اُتُّفِقَ عَلَى اسْتِغْرَاقِهِ وَالْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِهِ) أَيْ الِاسْتِغْرَاقِ إنَّمَا هُوَ (فِي مُسَمَّى لَفْظٍ عَامٍّ وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ) أَيْ الِاسْتِغْرَاقَ فِي مُسَمَّى لَفْظٍ عَامٍّ (وَإِنْ جَعَلَ مِنْ صِيَغِهِ) أَيْ الْعَامِّ (الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ لَا يُصَحِّحُ اعْتِبَارَهُ) أَيْ عَدَمِ شَرْطِهِ (هُنَا إذْ لَا يَقْبَلُ الْإِخْرَاجَ مِنْهُ وَلِذَا لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَحْثِهِ، وَلِقَائِلٍ

ص: 275

أَنْ يَقُولَ: لَا خَفَاءَ فِي أَنَّهُ يَتَعَدَّى مِنْ ثُبُوتِ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ فِي مُسَمَّى لَفْظٍ عَامٍّ ثُبُوتُهُ فِي صِيَغِهِ أَيْضًا ضَرُورَةَ اتِّصَافِهَا بِهِ، وَالْجَوَابُ الْمُحَقَّقُ فِي دَفْعِ قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّخْصِيصُ مِنْ صِيَغِهِ لَا كَلَامَ فِيهِ وَمَا يَصِحُّ التَّخْصِيصُ فِيهِ مِنْهَا تَنَاوَلَهُ إذَا قُصِرَ عَلَى الثَّلَاثِ فَصَاعِدًا، مَعْنَى الْعُمُومِ فِيهِ بَاقٍ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَشْرِطْ الِاسْتِغْرَاقَ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ تِلْكَ الصِّيغَةِ حَقِيقَةً فِي الْبَاقِي لِأَنَّهُ لَيْسَ تَمَامَ مَعْنَاهَا الْوَضْعِيِّ فَلَا يُجْدِي عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فِي مُسَمَّى الْعَامِّ وَلَا فِيمَا تَنَاوَلَتْهُ صِيغَتُهُ كَوْنُ الصِّيغَةِ حَقِيقَةً فِي الْبَاقِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(وَمَا قِيلَ) وَقَائِلُهُ عَضُدُ الدِّينِ (إرَادَتُهُ) أَيْ الْبَاقِي (لَيْسَ بِالْوَضْعِ الثَّانِي وَالِاسْتِعْمَالِ) الثَّانِي لَهُ فِيهِ (بَلْ) الْبَاقِي مُرَادٌ (بِالْأَوَّلِ) مِنْهُمَا وَإِنَّمَا طَرَأَ عَدَمُ إرَادَةِ بَعْضِ مَعْنَى اللَّفْظِ (مَمْنُوعٌ بَلْ الْحَقِيقَةُ إرَادَتُهُ) أَيْ الْبَاقِي (بِالْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ) أَيْ الْبَاقِي (دَاخِلٌ فِي تَمَامِ الْوَضْعِيِّ الْمُرَادِ) بِاللَّفْظِ (لَا) إرَادَاتُهُ (بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ تَمَامَ الْمُرَادِ بِالْحُكْمِ) أَمَّا إذَا أُرِيدَ هَذَا (فَهُوَ) أَيْ كَوْنُهُ مَوْضُوعًا لَهُ إنَّمَا هُوَ (بِالثَّانِي) وَلَيْسَتْ إرَادَةُ الْبَاقِي إلَّا بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ (الْحَنَابِلَةُ: تَنَاوُلُهُ) أَيْ الْعَامِّ لِلْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ (كَمَا كَانَ) قَبْلَهُ (وَكَوْنُهُ) أَيْ التَّنَاوُلِ لِلْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ (وَمَعَ قَرِينَةِ الِاقْتِصَارِ) عَلَيْهِ (لَا يُغَيِّرُهُ) أَيْ تَنَاوُلُهُ لَهُ (فَهُوَ حَقِيقَةٌ قُلْنَا الْحَقِيقَةُ بِالِاسْتِعْمَالِ فِي الْمَعْنَى) الْمَوْضُوعِ لَهُ (لَا التَّنَاوُلِ لِأَنَّهُ) أَيْ التَّنَاوُلَ (لِتَبَعِيَّتِهِ لِلْوَضْعِ ثَابِتٌ لِلْمُخْرَجِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ وَلِكُلٍّ وَضْعِيٌّ حَالَ التَّجَوُّزِ بِلَفْظَةِ الرَّازِيِّ إذَا بَقِيَ) مِنْ الْعَامِّ مِقْدَارٌ (غَيْرُ مُنْحَصِرٍ) فِي عَدَدٍ (فَهُوَ) أَيْ ذَلِكَ الْبَاقِي (مَعْنَى الْعُمُومِ) لِأَنَّهُ كَوْنُ اللَّفْظِ دَالًّا عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مُنْحَصِرٍ فِي عَدَدٍ فَيَكُونُ فِيهِ حَقِيقَةً (نَقَلَهُ الشَّافِعِيَّةُ عَنْهُ وَالْحَنَفِيَّةُ بِنَقْلِ مَذْهَبِهِ أَجْدَرُ) مِنْ الشَّافِعِيَّةِ بِهِ فَإِنَّهُ لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ هُمْ بِهِ أَعْرَفُ (وَهُوَ) أَيْ مَذْهَبُهُ (بِنَاءٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ) فِي الْعُمُومِ (وَغَلِطَ) الرَّازِيّ (بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ) أَيْ دَلِيلَهُ (كَوْنُ الْخِلَافِ فِي لَفْظِ الْعُمُومِ لَا فِي الصِّيغَةِ) وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَهُوَ مِنْ اشْتِبَاهِ الْعَارِضِ بِالْمَعْرُوضِ كَمَا وَقَعَ مِثْلُهُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ ثُمَّ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَنْعِ كَوْنِ مَعْنَى الْعُمُومِ ذَلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ تَنَاوُلُهُ لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ وَقَدْ كَانَ مُتَنَاوِلًا لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ فَصَارَ لِبَعْضِهِ فَكَانَ مَجَازًا (أَبُو الْحُسَيْنِ لَوْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِمَا لَا يَسْتَقِلُّ يُوجِبُ تَجَوُّزًا) فِي اللَّفْظِ (لَزِمَ كَوْنُ الْمُسْلِمِ لِلْمَعْهُودِ مَجَازًا) وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَزُومُ مِثْلُهُ

بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ مُسْلِمًا مُقَيَّدٌ بِمَا هُوَ كَالْجُزْءِ لَهُ وَهُوَ اللَّامُ وَقَدْ صَارَ بِهِ لِمَعْنًى غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا فَإِنَّهُ قَبْلَ دُخُولِ اللَّامِ كَانَ لِمَنْ قَامَ بِهِ الْإِسْلَامُ بِدُونِ عَهْدٍ وَقَدْ صَارَ لَهُ مَعَ الْعَهْدِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْجَوَابُ) عَنْهُ كَمَا فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ (بِأَنَّ الْمَجْمُوعَ) مِنْ مُسْلِمٍ وَاللَّامِ هُوَ (الدَّالُّ) عَلَى مَجْمُوعِ الْمَعْنَى لَا أَنَّ مُسْلِمًا لِلْجِنْسِ وَاللَّامَ لِلْقَيْدِ (مُنْدَفِعٌ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمَا) أَيْ اللَّامَ وَمُسْلِمًا (كَلِمَتَانِ بِوَضْعَيْنِ رُكِّبَتَا) وَجُعِلَ مَجْمُوعُهُمَا دَالًّا عَلَى الْمَعْنَى (مُجَرَّدُ اعْتِبَارٍ يُمْكِنُ مِثْلُهُ فِي الْعَامِّ الْمُقَيَّدِ بِمَا يَسْتَقِلُّ وَإِلَّا) إنْ اُعْتُبِرَ كَوْنُ الدَّالِّ فِي مِثْلِ الْمُسْلِمِ الْمَجْمُوعَ مِنْ اللَّامِ وَمَدْخُولِهَا وَلَمْ يُعْتَبَرْ كَوْنُ الدَّالِّ فِي الْعَامِّ وَالْمُقَيَّدِ بِهِ مِمَّا لَا يَسْتَقِلُّ الْمَجْمُوعَ مِنْهُمَا (فَتَحَكُّمٌ مَحْضٌ) لِكَوْنِهِ فَرْقًا بَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِلَا فَرْقٍ مُؤَثِّرٍ هَذَا وَفِي حَاشِيَةِ الْأَبْهَرِيِّ وَفِيمَا نَقَلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ - مِنْ أَنَّ الْعَامَّ الْمُخَصَّصَ بِغَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ حَقِيقَةٌ - نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَامَّ الْمُخَصَّصَ وَحْدَهُ لَيْسَ حَقِيقَةً عِنْدَهُ وَلَا مَجَازًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ تَلْخِيصَ دَلِيلِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ يَنْفِي كَوْنَهُ مَجَازًا وَيُنَافِي كَوْنَهُ حَقِيقَةً وَلِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَامَّ الْمُخَصَّصَ بِغَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ لَيْسَ

ص: 276

لَهُ دَلَالَةٌ وَحْدَهُ كَمَا أَنَّ مُسْلِمًا فِي مُسْلِمُونَ لَيْسَ دَالًّا فَلَا يَكُونُ حَقِيقَةً بَلْ الْمَجْمُوعُ هُوَ الْحَقِيقَةُ (الْقَاضِي وَعَبْدُ الْجَبَّارِ مِثْلُهُ) أَيْ أَبِي الْحُسَيْنِ (فِيمَا لَمْ يُخْرِجَاهُ) مِمَّا لَا يَسْتَقِلُّ وَهُوَ الصِّفَةُ وَالْغَايَةُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَالِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَ عَبْدِ الْجَبَّارِ دَلِيلًا وَهُوَ لُزُومُ كَوْنِ نَحْوِ الْمُسْلِمِ لِلْمَعْهُودِ مَجَازًا لَوْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْمُخْرِجَاتِ يُوجِبُ تَجَوُّزًا فِي اللَّفْظِ وُجُوبًا وَهُوَ مَنْعُ لُزُومِهِ ثُمَّ قَالُوا إنَّمَا اسْتَثْنَى الْقَاضِي الصِّفَةَ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ كَأَنَّهَا مُخَصِّصٌ مُسْتَقِلٌّ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ الِاسْتِثْنَاءَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَخْصِيصٍ عِنْدَهُ وَلَمْ يُوَجِّهُوا لِلْغَايَةِ وَجْهًا وَقَدْ عَرَفْت مَا فِي الْجَوَابِ

وَأَيْضًا ذَكَرَ عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي عُمْدَةِ الْأَدِلَّةِ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهَا عِنْدَهُ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَاقِيًا عَلَى عُمُومِهِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً، وَقَدْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ (الْمُخَصَّصُ بِاللَّفْظِ مِثْلُهُ) أَيْ أَبِي الْحُسَيْنِ أَيْضًا دَلِيلًا وَهُوَ لُزُومُ كَوْنِ نَحْوِ الْمُسْلِمِ لِلْمَعْهُودِ مَجَازًا لَوْ كَانَتْ الدَّلَائِلُ اللَّفْظِيَّةُ تُوجِبُ تَجَوُّزًا فِي اللَّفْظِ وَجَوَابًا وَهُوَ مَنْعُ لُزُومِهِ (وَهُوَ) أَيْ دَلِيلُ هَذَا (أَضْعَفُ) مِنْ دَلِيلِهِ لِشُمُولِ اللَّفْظِيِّ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ، وَقَدْ كَانَ عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ لِلْمُتَّصِلِ وَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ إيجَابِ التَّجَوُّزِ لَفْظًا، أَوَّلُهُ دَخَلَ فِي مَنْعِ إيجَابِهِ كَمَا فِي نَحْوِ الْمُسْلِمِ كَمَا ظَنَّ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُنْفَصِلِ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ قَطْعًا (الْإِمَامُ الْجَمْعُ كَتَعْدَادِ الْآحَادِ) قَالَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ مَعْنَى الرِّجَالِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ إلَى أَنْ يُسْتَوْعَبَ وَإِنَّمَا وُضِعَ الرِّجَالُ اخْتِصَارًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ (وَفِيهِ) أَيْ تَعْدَادِهَا (إذَا بَطَلَ إرَادَةُ الْبَعْضِ لَمْ يَصِرْ الْبَاقِي مَجَازًا) فَكَذَا الْجَمْعُ وَإِنَّمَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْعَامِّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ إلَى الْجَمْعِ كَمَا يُشِيرُ بِهِ تَقْرِيرُ الْقَاضِي عَضُدِ الدِّينِ، لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ هَذَا التَّوْجِيهُ وَإِنْ كَانَ قَاصِرًا عَلَى بَعْضِ الدَّعْوَى إذْ لَيْسَ كُلُّ عَامٍّ جَمْعًا (أُجِيبَ أَنَّ الْحَاصِلَ) مِنْ الْعَامِّ (وَاحِدٌ) وَهُوَ اسْتِغْرَاقُ مَا يَصْلُحُ لَهُ لِوَضْعِهِ (لِلِاسْتِغْرَاقِ) أَيْ لِاسْتِغْرَاقِهِ (فَفِي بَعْضِهِ) أَيْ فَاسْتِعْمَالُ الْعَامِّ مُرَادًا بِهِ بَعْضُهُ (فَقَطْ مَجَازٌ) بِخِلَافِ الْآحَادِ الْمُتَعَدِّدَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِلَفْظٍ مِنْهَا بَعْضُ مَا وُضِعَ لَهُ وَإِذَا بَطَلَتْ بَعْضُ الْحَقَائِقِ لَمْ يَلْزَمْ بُطْلَانُ حَقِيقَةٍ أُخْرَى عَلَى أَنَّهُ قَدْ مُنِعَ كَوْنُ الْجَمْعِ كَتَكْرَارِ الْآحَادِ، وَقَوْلُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ ذَلِكَ لَيْسَ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ بَلْ لِبَيَانِ الْحِكْمَةِ فِي وَضْعِهِ (وَمَا قِيلَ يُمْكِنُ اللَّفْظُ) الْوَاحِدُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً وَمَجَازًا (بِحَيْثِيَّتَيْنِ) فَلْيَكُنْ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ مَجَازًا - مِنْ حَيْثُ إنَّ الْبَاقِيَ لَيْسَ مَوْضُوعَهُ الْأَصْلِيَّ - وَحَقِيقَةً مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ وَضْعِهِ فَلَمْ يُنْقَلْ نَقْلًا كُلِّيًّا كَمَا هُوَ شُبْهَةُ اخْتِيَارِ السُّبْكِيّ إيَّاهُ (فَتَانِكَ) الْحَيْثِيَّتَانِ إنَّمَا هُمَا (بِاعْتِبَارِ وَضْعِيِّ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ)

قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي أَنَّ الْحَيْثِيَّتَيْنِ الْكَائِنَتَيْنِ لِلَّفْظِ إنَّمَا هُمَا كَوْنُهُ بِحَيْثُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي هَذَا كَانَ حَقِيقَةً لَهُ لِوَضْعِهِ لَهُ عَيْنًا وَهُوَ الْوَضْعُ الْحَقِيقِيُّ وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي ذَاكَ كَانَ مَجَازًا لِوَضْعِهِ بِالنَّوْعِ لَهُ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ وَضْعِ الْمَجَازِ فِي الْكِتَابِ لَا أَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ وَاحِدٌ يَكُونُ اللَّفْظُ فِيهِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا كَمَا ادَّعَاهُ الْإِمَامُ (وَلَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُهُمَا) أَيْ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ مَعًا فِي اسْتِعْمَالٍ وَاحِدٍ (عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ اتِّفَاقُ نَفْيِهِ) أَيْ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَنْعِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ حَقِيقَةً وَمَجَازًا فِي اسْتِعْمَالٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَالْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ مَعًا فِي اسْتِعْمَالٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَكُونَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا فِي ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى الْخِلَافِ (هَذَا) مَا ذُكِرَ (وَلَمْ يَسْتَدِلَّ) الْإِمَامُ (عَلَى شِقِّهِ الْآخَرِ وَهُوَ أَنَّهُ مَجَازٌ فِي الِاقْتِصَارِ لِظَنِّهِ ظُهُورَهُ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ) اللَّفْظُ الْعَامُّ (مَجَازًا بِاعْتِبَارِ الِاقْتِصَارِ إلَّا لَوْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَى الِاقْتِصَارِ، وَانْتِفَاؤُهُ) أَيْ

ص: 277