الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّلَاثَةِ مِنْ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ فَوَجَبَ جَعْلُهُ لِلْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا وَهُوَ الْإِذْنُ فِي الْفِعْلِ، وَالْجَوَابُ الْمَنْعُ بَلْ وُجِدَ وَهُوَ أَدِلَّتُنَا الدَّالَّةُ عَلَى الْوُجُوبِ.
[مَسْأَلَةُ الْوُجُوبِ لِصِيغَةِ الْأَمْرِ حَقِيقَةً]
(مَسْأَلَةٌ) لَيْسَتْ مَبْدَئِيَّةً لُغَوِيَّةً بَلْ شَرْعِيَّةً (مُسْتَطْرَدَةٌ: أَكْثَرُ الْمُتَّفِقِينَ عَلَى الْوُجُوبِ) لِصِيغَةِ الْأَمْرِ حَقِيقَةً كَمَا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الْبَدِيعِ وَمِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ (أَنَّهَا بَعْدَ الْحَظْرِ) أَيْ الْمَنْعِ (فِي لِسَانِ الشَّرْعِ لِلْإِبَاحَةِ بِاسْتِقْرَاءِ اسْتِعْمَالَاتِهِ) أَيْ الشَّرْعِ لَهَا (فَوَجَبَ الْحَمْلُ) أَيْ حَمْلُهَا (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَعْنَى الْإِبَاحِيِّ (عِنْدَ التَّجَرُّدِ) عَنْ الْمُوجِبِ لِغَيْرِهِ (لِوُجُوبِ الْحَمْلِ عَلَى الْغَالِبِ) لِصَيْرُورَتِهِ كَالْأَصْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ (مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ) أَيْ الْمَحْمُولَ (لَيْسَ مِنْهُ) أَيْ الْغَالِبِ (نَحْوُ {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] فَالْأَمْرُ هُنَا لِلْوُجُوبِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْعِلْمِ بِوُجُوبِ قَتْلِ الْمُشْرِكِ إلَّا لِمَانِعٍ وَالْفَرْضُ انْتِفَاؤُهُ (وَظَهَرَ) مِنْ الِاسْتِنَادِ فِي الْإِبَاحَةِ إلَى اسْتِقْرَاءِ اسْتِعْمَالَاتِ الشَّارِعِ الْأَمْرَ فِيهَا (ضَعْفُ قَوْلِهِمْ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ بَعْدَ الْحَظْرِ كَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَالْإِمَامِ الرَّازِيِّ وَالْبَيْضَاوِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَعَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ بَلْ عَزَاهُ صَاحِبُ الْكَشْفِ إلَى عَامَّةِ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ قَبْلَ الْحَظْرِ.
(وَلَوْ كَانَ) الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ بَعْدَ الْحَظْرِ (امْتَنَعَ التَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ) بَعْدَ الْحَظْرِ وَلَا يَمْتَنِعُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الشَّيْءِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ مُحَالٌ، وَوَجْهُ ظُهُورِ ضَعْفِهِ أَنَّ كَوْنَهُ لِلْإِبَاحَةِ بَعْدَ الْحَظْرِ وَقَعَ فَلَا مَعْنَى لِاسْتِبْعَادِهِ ثُمَّ الْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ فَإِنَّ قِيَامَ الدَّلِيلِ الظَّاهِرِ عَلَى مَعْنًى لَا يَمْنَعُ التَّصْرِيحَ بِخِلَافِهِ، وَيَكُونُ التَّصْرِيحُ قَرِينَةً صَارِفَةً عَمَّا يَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْهَا (وَلَا مُخَلِّصَ) مِنْ أَنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ لِلِاسْتِقْرَاءِ الْمَذْكُورِ (إلَّا بِمَنْعِ صِحَّةِ الِاسْتِقْرَاءِ إنْ تَمَّ) مَنْعُ صِحَّتِهِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ (وَمَا قِيلَ أَمْرُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ) بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِمَا عَلَيْهِمَا فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (بِخِلَافِهِ) أَيْ يُفِيدُ الْوُجُوبَ لَا الْإِبَاحَةَ (غَلَطٌ لِأَنَّهُ) أَيْ أَمْرَهُمَا بِهِمَا (مُطْلَقٌ) عَنْ التَّرْتِيبِ عَلَى سَبْقِ الْحَظْرِ (وَالْكَلَامُ) فِي أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْإِبَاحَةِ إنَّمَا هُوَ
(فِي الْمُتَّصِلِ بِالنَّهْيِ إخْبَارًا) كَمَا عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَدْ كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَ) فِي الْأَمْرِ (الْمُعَلَّقِ بِزَوَالِ سَبَبِهِ) أَيْ سَبَبِ الْحَظْرِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] فَالصَّيْدُ كَانَ حَلَالًا عَلَى الْإِطْلَاقِ ثُمَّ حَرُمَ بِسَبَبٍ هُوَ الْإِحْرَامُ ثُمَّ عُلِّقَ الْإِذْنُ فِيهِ بِالْحِلِّ وَهُوَ زَوَالُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْإِحْرَامُ (وَيُدْفَعُ) هَذَا التَّغْلِيظُ (بِوُرُودِهِ) أَيْ الْأَمْرِ لِلْحَائِضِ فِي الصَّلَاةِ (كَذَلِكَ) أَيْ مُعَلَّقًا بِزَوَالِ سَبَبِ الْحَظْرِ (فَفِي الْحَدِيثِ) الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «فَإِذَا أَدْبَرَتْ الْحَيْضَةُ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» ) إلَّا أَنَّ الْحَيْضَةَ لَمْ تُذْكَرْ بَعْدَ " أَدْبَرَتْ " اكْتِفَاءً بِضَمِيرِهَا الْمُسْتَتِرِ فِيهِ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهَا فِي قَوْلِهِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ فِي حَائِهَا وَهِيَ الْحَيْضُ فَعَلَّقَ الْأَمْرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى زَوَالِ سَبَبِ حُرْمَتِهَا وَهُوَ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ وَأَمَّا دَفْعُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَمْرِهَا بِالصَّوْمِ وَإِلَى أَمْرِ النُّفَسَاءِ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهِ.
هَذَا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى هَذَا الِاشْتِرَاطِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ اتِّفَاقٌ مُصَرَّحٌ بِهِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي الْأَمْرِ الْمَعْلُومِ وُرُودُهُ بَعْدَ الْحَظْرِ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّفْظِ مُتَّصِلًا بِالنَّهْيِ إخْبَارًا أَوْ مُعَلَّقًا عَلَى زَوَالِ سَبَبِ الْحَظْرِ؟ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْخِلَافِ مَحْكِيًّا فِي أَفْرَادٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَصْرُ فِيهِمَا
(وَالْحَقُّ أَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْأَمْرَ (بَعْدَ الْحَظْرِ لِمَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ) أَيْ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِهِ مِنْ الْحُكْمِ قَبْلَ الْمَنْعِ (فَإِنْ) اعْتَرَضَ الْحَظْرُ (عَلَى الْإِبَاحَةِ) ثُمَّ وَقَعَ الْأَمْرُ بِذَاكَ الْمُبَاحِ أَوْ لَا (كَ اصْطَادُوا فَلَهَا) أَيْ فَالْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ (أَوْ) اعْتَرَضَ (عَلَى الْوُجُوبِ كَ اغْسِلِي عَنْكِ وَصَلِّي فَلَهُ) أَيْ فَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ وَاجِبَةً ثُمَّ حَرُمَتْ عَلَيْهَا بِالْحَيْضِ (فَلْنَخْتَرْ ذَلِكَ) أَيْ هَذَا التَّفْصِيلَ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ بِلَفْظِ قِيلَ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ وَفِي الْكَشْفِ وَالتَّحْقِيقِ وَرَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ: الْفِعْلُ إنْ كَانَ مُبَاحًا فِي أَصْلِهِ ثُمَّ وَرَدَ حَظْرٌ مُعَلَّقٌ بِغَايَةٍ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ بِعِلَّةٍ عَرَضَتْ فَالْأَمْرُ الْوَارِدُ بَعْدَ زَوَالِ مَا عُلِّقَ الْحَظْرُ بِهِ يُفِيدُ الْإِبَاحَةَ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] لِأَنَّ الصَّيْدَ كَانَ حَلَالًا عَلَى الْإِطْلَاقِ ثُمَّ حَرُمَ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ فَكَانَ قَوْلُهُ " فَاصْطَادُوا " إعْلَامًا بِأَنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ قَدْ ارْتَفَعَ وَعَادَ الْأَمْرُ إلَى أَصْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْحَظْرُ وَارِدًا ابْتِدَاءً غَيْرَ مُعَلَّلٍ بِعِلَّةٍ عَارِضَةٍ وَلَا مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ وَلَا غَايَةٍ فَالْأَمْرُ الْوَارِدُ بَعْدَهُ هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ.
زَادَ فِي الْكَشْفِ وَذَكَرَ فِي الْمُعْتَمَدِ: الْأَمْرُ إذَا وَرَدَ بَعْدَ حَظْرٍ عَقْلِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَفَادَ مَا يُفِيدُهُ لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ حَظْرٌ مِنْ وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لِلْوُجُوبِ بَعْدَ الْحَظْرِ (الْإِبَاحَةُ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَأْمُورَاتِ مِنْ الِاصْطِيَادِ وَأَخَوَاتِهِ (لِأَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْمَأْمُورَاتِ (شُرِعَتْ لَنَا فَلَا تَصِيرُ) وَاجِبَةً (عَلَيْنَا) بِالْأَمْرِ لِئَلَّا يَعُودَ الْأَمْرُ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ (لَا يَدْفَعُ اسْتِقْرَاءَ أَنَّهَا) أَيْ صِيغَةَ الْأَمْرِ (لَهَا) أَيْ لِلْإِبَاحَةِ (فَإِنَّهُ) أَيْ الِاسْتِقْرَاءَ مَعَ الْقَرِينَةِ دَلِيلٌ (مُوجِبٌ لِلْحَمْلِ) أَيْ حَمْلِ الْأَمْرِ (عَلَى الْإِبَاحَةِ فِيمَا لَا قَرِينَةَ مَعَهُ) عَلَى مَا نُسِبَ إلَى اخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ أَوَّلًا (وَ) مُوجِبٌ لِحَمْلِهِ (عَلَى مَا اخْتَرْنَا عَلَى مَا اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ) مِنْ الْحُكْمِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا كُلَّمَا وَرَدَتْ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْإِبَاحَةِ كَانَتْ مُتَجَوَّزًا بِهَا فِي الْإِبَاحَةِ فَإِذَا غَلَبَ وَاسْتَمَرَّ وَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الْحَمْلِ عَلَى الْغَالِبِ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْهُ، وَمِنْ هُنَا قَالَ (ثُمَّ إنَّمَا يَلْزَمُ) هَذَا (مَنْ قَدَّمَ الْمَجَازَ الْمَشْهُورَ) عَلَى الْحَقِيقَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ وَهُوَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَمَنْ وَافَقَهُمَا (لَا أَبَا حَنِيفَةَ) لِأَنَّهُ لَا يُقَدِّمُهُ عَلَيْهَا بَلْ يُقَدِّمُهَا عَلَيْهِ (إلَّا أَنَّ تَمَامَ الْوَجْهِ) - أَيْ وَجْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ - ثَابِتٌ (عَلَيْهِ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (فِيهَا) كَمَا سَيَأْتِي فَيَلْزَمُ تَرَجُّحُ كَوْنِ الْأَمْرِ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْإِبَاحَةِ - حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ تَفْرِيعًا عَلَى تَرْجِيحِ قَوْلِهِمَا الْمَذْكُورِ - وَكَوْنِهِ لِلْوُجُوبِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تَصْرِفُهُ عَنْهُ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ، وَوَجْهُ اخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحَظْرَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى رَفْعِ الْحُكْمِ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِذَا زَالَ الْحَظْرُ انْتَفَى الْمَانِعُ فَبَقِيَ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ حَتَّى كَأَنَّ الْآمِرَ قَالَ: قَدْ كُنْت مَنَعْت مِنْ كَذَا وَقَدْ رَفَعْت ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ مَا كَانَ مَشْرُوعًا قَبْلَ الْمَنْعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ مَشْرُوعًا قَبْلَهُ فَإِنْ قُلْت لَكِنَّ كَوْنَهُ لِلْإِبَاحَةِ هُوَ الْأَغْلَبُ فَكَمَا يَكُونُ لَهَا عِنْدَ قَرِينَتِهَا يَكُونُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا حَمْلًا لَهُ عَلَى الْأَغْلَبِ كَمَا تَقَدَّمَ قُلْت لَا نُسَلِّمُ: كَوْنُهُ لِلْإِبَاحَةِ هُوَ الْأَغْلَبُ سَلَّمْنَاهُ، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَكُونُ لَهَا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ لَهَا بَلْ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ لَهَا وَلَا لِغَيْرِهَا وَهُوَ مُنْتَفٍ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ إحْدَى الْقَرِينَتَيْنِ فَإِذَا انْتَفَتْ قَرِينَتُهَا كَانَتْ قَرِينَةُ غَيْرِهَا مَوْجُودَةً فَيُعْمَلُ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوُجُوبَ - وَهُوَ ظَاهِرٌ - أَوْ غَيْرَهُ لِانْتِفَاءِ مُزَاحَمَةِ الْمَجَازِ الَّذِي لَا قَرِينَةَ لَهُ لِمَا لَهُ قَرِينَةٌ، وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ انْتِفَاءُ التَّوَقُّفِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا، وَفِي الْمَحْصُولِ وَالْأَمْرُ بَعْدَ الِاسْتِئْذَانِ كَالْأَمْرِ بَعْدَ التَّحْرِيمِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى التَّعَرُّضِ لَهُ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ