الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِمَا هُوَ مُخَالِفٌ لِلْعُمُومِ (كَعِلْمِهِ) صلى الله عليه وسلم (بِفِعْلٍ مُخَالِفٍ لِلْعَامِّ وَلَمْ يُنْكِرْهُ يَكُونُ الْفَاعِلُ مُخَصَّصًا) مِنْ ذَلِكَ الْعَامِّ (فَوَاجِبٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) وَمَنْ لَمْ يَشْرِطْ مُقَارَنَةَ الْمُخَصَّصِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِعْلُ الْفَاعِلِ عَقِبَ ذِكْرِ الْعَامِّ فِي مَجْلِسِ ذِكْرِهِ أَوْ لَا (لِأَنَّهُ) أَيْ التَّخْصِيصَ (أَسْهَلُ مِنْ النَّسْخِ وَأَكْثَرُ وَبِشَرْطِ كَوْنِ الْعِلْمِ) بِفِعْلِ الْفَاعِلِ الْمُخَالِفِ لِلْعُمُومِ (عَقِيبَ ذِكْرِ الْعَامِّ فِي مَجْلِسِهِ وَإِلَّا) فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ (فَنَسْخٌ) لِذَلِكَ الْعُمُومِ (عِنْدَ شَارِطِي الْمُقَارَنَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ) لِلتَّخْصِيصِ لِتَرَاخِيهِ ثُمَّ عَلَى كَوْنِهِ مُخَصَّصًا (فَإِنْ عَلَّلَ ذَلِكَ) أَيْ تَخْصِيصَ الْفَاعِلِ مِنْ الْعَامِّ بِمَعْنًى (تَعَدَّى) ذَلِكَ التَّخْصِيصُ (إلَى غَيْرِ الْفَاعِلِ) أَيْضًا إمَّا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَإِمَّا بِعُمُومٍ حُكْمِيٍّ عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِيٍّ عَلَى الْجَمَاعَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَوْعِبَ ذَلِكَ الْمَعْنَى جَمِيعَ أَفْرَادِ الْعَامِّ وَإِلَّا يَكُونُ نَسْخًا وَإِنْ لَمْ يُعَلِّلْ فَالْمُخْتَارُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهِ لِتَعَذُّرِ دَلِيلِ التَّعْدِيَةِ أَمَّا بِالْقِيَاسِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا بِحُكْمِيٍّ عَلَى الْوَاحِدِ فَلِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا عُلِمَ فِيهِ عَدَمُ الْفَارِقِ وَهُنَا لَمْ يُعْلَمْ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْأَحْكَامِ بِوَاسِطَةِ عُرُوضِ الْأَوْصَافِ وَالْأَعْذَارِ.
قَالَ السُّبْكِيُّ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إذَا ثَبَتَ حُكْمِيٌّ عَلَى الْوَاحِدِ لَمْ يُحْتَجْ إلَى الْعِلْمِ بِالْجَامِعِ بَلْ يَكْفِي عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْفَارِقِ، وَالْأَصْلُ بَعْدَ ثُبُوتِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَلْقَ فِي الشَّرْعِ شَرْعٌ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا التَّعْمِيمُ وَإِنَّمَا يَظْهَرْ الْمَعْنَى مَا لَمْ يَظْهَرْ مَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ ثُمَّ إنْ اسْتَوْعَبَ الْأَفْرَادَ كُلَّهَا فَهُوَ نَسْخٌ وَإِلَّا فَتَخْصِيصٌ، انْتَهَى.
(وَيَأْتِي تَمَامُهُ) فِي مَسْأَلَةٍ قَبْلَ فَصْلِ التَّعَارُضِ بِثَلَاثِ مَسَائِلَ.
(وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُ فِعْلِ الصَّحَابِيِّ) الْمُخَالِفِ لِلْعُمُومِ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُخَصِّصًا إذَا عُرِفَ عِلْمُهُ) أَيْ الصَّحَابِيِّ (بِالْعَامِّ إذْ قَالُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ وَوَافَقَهُمْ الْحَنَابِلَةُ (بِحُجِّيَّتِهِ) أَيْ فِعْلِ الصَّحَابِيِّ (حَمْلًا عَلَى عَمَلِهِ) الصَّحَابِيِّ (بِالْمُقَارِنِ) أَيْ بِالْمُخَصَّصِ الْمُقَارِنِ لِلْعَامِّ (وَهُوَ) أَيْ حَمْلُ فِعْلِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى الْعِلْمِ بِالْمُخَصَّصِ (أَسْهَلُ مِنْ حَمْلِهِمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (مَرْوِيَّهُ) أَيْ الصَّحَابِيِّ إذَا فَعَلَ بِخِلَافِهِ (عَلَى عِلْمِهِ بِالنَّاسِخِ) لِأَنَّ التَّخْصِيصَ أَخَفُّ مِنْ النَّسْخِ فَيَتَعَيَّنُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةُ مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ]
(مَسْأَلَةٌ الْأَكْثَرُ أَنَّ مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ) جَمْعُ كَثِيرٍ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُّ جَمْعًا كَالرِّجَالِ أَوْ غَيْرَ جَمْعٍ كَمَنْ وَمَا، غَيْرَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ فَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَهُوَ غَيْرُ الْمَحْصُورِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَخُصُوصًا إذَا كَانَ الْقَائِلُ بِهَذَا يَرَى الِاسْتِثْنَاءَ تَخْصِيصًا وَيُجِيزُ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ كَالْبَيْضَاوِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ مَا يَقْرُبُ مِنْ مَدْلُولِ الْعَامِّ وَقَالَ التَّفْتَازَانِيُّ قَدْ فَسَّرُوهُ بِمَا فَوْقَ النِّصْفِ، وَلَا خَفَاءَ فِي امْتِنَاعِ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا يُعْلِمُ عَدَدَ أَفْرَادِ الْعَامِّ وَهَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ (جَمْعٌ يَزِيدُ عَلَى نِصْفِهِ وَلَا يَسْتَقِيمُ إلَّا فِي نَحْوِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ مِمَّا يَنْحَصِرُ) لَكِنْ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْإِطْلَاقُ عَلَى النِّصْفِ فِيمَا لَمْ يُعْلِمْ عَدَدَ أَفْرَادِ الْعَامِّ فَمُسَلَّمٌ لَكِنْ لَا جَدْوَى لَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فَوْقَ النِّصْفِ فِيهِ فَظَاهِرُ الْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَهْلُ بَلَدٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ وَقِيلَ كُلُّ مَنْ فِي الْبَلَدِ مُؤْمِنٌ وَاسْتُثْنِيَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِهِ إلَى مِائَةٍ مَثَلًا عُلِمَ قَطْعًا أَنَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ التَّخْصِيصِ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ (وَقِيلَ) مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ (ثَلَاثَةٌ وَقِيلَ اثْنَانِ وَقِيلَ وَاحِدٌ) وَنَقَلَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ سَائِرِ الشَّافِعِيَّةِ (وَهُوَ مُخْتَارُ الْحَنَفِيَّةِ وَمَا قِيلَ) أَيْ وَأَمَّا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ كَصَاحِبِ الْمَنَارِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ (الْوَاحِدُ فِيمَا هُوَ جِنْسٌ وَالثَّلَاثَةُ فِيمَا هُوَ جَمْعٌ فَمُرَادُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ بِالْجَمْعِ الْجَمْعُ (الْمُنَكَّرُ صَرَّحَ بِهِ) حَيْثُ قَالُوا كَالْعَبِيدِ وَنِسَاءٍ (وَبِإِرَادَةِ نَحْوِ الرَّجُلِ وَالْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ وَالطَّائِفَةِ بِالْجِنْسِ) وَكَانَ
فِي الْأَصْلِ وَأَنَّ هَذِهِ مُفْرَدٌ دَلَالَةً فَنَسْخُهَا يَعْنِي وَصَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّجُلِ وَمَا بَعْدَهُ مُفْرَدٌ دَلَالَةً وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا جَمْعًا صِيغَةً كَالْعَبِيدِ (وَهُوَ) أَيْ الْجِنْسُ (مُعْظَمُ الِاسْتِغْرَاقِيِّ وَفِيهِ) أَيْ الْعَامِّ الِاسْتِغْرَاقِيِّ (الْكَلَامُ) أَيْ أَنَّ مُنْتَهَى تَخْصِيصِهِ كَذَا فَلَزِمَ أَنَّ مُنْتَهَى تَخْصِيصِ صِيَغِ الْعُمُومِ الِاسْتِغْرَاقِيِّ إلَى وَاحِدٍ لَيْسَ غَيْرُ
(وَأَمَّا) الْجَمْعُ (الْمُنَكَّرُ فَمِنْ الْخَاصِّ خُصُوصَ جِنْسٍ عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ) فِي أَوَّلِ التَّقْسِيمِ الثَّانِي مِنْ التَّقْسِيمِ الثَّالِثِ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ فَهُوَ (حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ لِأَنَّهَا) أَيْ كُلَّ مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِهِ (مَا صَدَقَاتُهُ كَرَجُلٍ فِي كُلِّ فَرْدٍ زَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ سُلِّمَ) كَوْنُهُ عَامًّا كَمَا هُوَ قَوْلُ مَنْ لَمْ يَشْرِطْ الِاسْتِغْرَاقَ فِي الْعُمُومِ (فَعُمُومُهُ لَا يَقْبَلُ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ كَعُمُومِ الْمَعْنَى وَالْمَفْهُومِ عَلَى مَا قِيلَ وَكَوْنُهُ) أَيْ الشَّأْنِ (قَدْ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (أَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ) فِي الْجَمْعِ الْمُحَلَّى (لَيْسَ مَسْلُوبًا مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ) إلَى الْجِنْسِيَّةِ (بِاللَّامِ بَلْ الْمَعْهُودُ الذِّهْنِيُّ) هُوَ الَّذِي يُسْلَبُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ إذَا كَانَ جَمْعًا إلَى الْجِنْسِيَّةِ بِاللَّامِ (شَيْءٌ آخَرُ) غَايَةُ مَا يَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً لَهُ فِي الْجَمْعِ الِاسْتِغْرَاقِيِّ وَلَا بَأْسَ ثُمَّ هُوَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي أَنَّ مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ فِي الْعَامِّ الِاسْتِغْرَاقِيِّ مُطْلَقًا إلَى الْوَاحِدِ لِثُبُوتِهِ فِي الْجَمْعِ الِاسْتِغْرَاقِيِّ بِغَيْرِهِ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ (وَاخْتَارَ بَعْضُ مَنْ يُجَوِّزُ التَّخْصِيصَ بِالْمُتَّصِلِ) وَهُوَ ابْنُ الْحَاجِبِ (أَنَّهُ) أَيْ مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ (بِالِاسْتِثْنَاءِ وَالْبَدَلِ وَاحِدٌ وَبِالصِّفَةِ وَالشَّرْطِ اثْنَانِ وَبِالْمُنْفَصِلِ فِي الْمَحْصُورِ الْقَلِيلِ إلَى اثْنَيْنِ كَ قَتَلْتُ كُلَّ زِنْدِيقٍ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ) وَقَدْ قَتَلَ اثْنَيْنِ وَعُلِمَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ أَوْ حِسٍّ (وَفِي غَيْرِ الْمَحْصُورِ وَالْعَدَدِ الْكَثِيرُ الْأَوَّلُ) أَيْ جَمْعٌ يَقْرُبُ مِنْ مَدْلُولِهِ (وَعَلِمْت أَنْ لَا ضَابِطَ لَهُ) وَعَلِمْت أَيْضًا مَا قِيلَ عَلَيْهِ وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُرَادَ كَثْرَةٌ كَثِيرَةٌ عُرْفًا) وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَوْ إلَى الْعَدَدِ الْكَثِيرِ (قَالُوا) أَيْ الْأَكْثَرُ (لَوْ قَالَ قَتَلْت كُلَّ مَنْ فِي الْمَدِينَةِ وَقَدْ قَتَلَ ثَلَاثَةً عُدَّ لَاغِيًا فَبَطَلَ) مَذْهَبُ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ (مَذْهَبُ الِاثْنَيْنِ وَالْوَاحِدِ) بِطَرِيقٍ أَوْلَى
(وَالْجَوَابُ أَنَّهُ) أَيْ عَدَّهُ لَاغِيًا (إذَا لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَ التَّخْصِيصِ مَعَهُ فَإِنْ ذَكَرَهُ) أَيْ دَلِيلَ التَّخْصِيصِ مَعَ الْعَامِّ (مَنَعْنَاهُ) أَيْ عَدَّهُ لَاغِيًا (إلَّا إنْ أَرَادَ انْحِطَاطَ رُتْبَةِ الْكَلَامِ) عَنْ دَرَجَةِ الْبَلَاغَةِ عَلَى مَا فِيهِ (وَلَيْسَ فِيهِ الْكَلَامُ وَتَعَيُّنُ الِاثْنَيْنِ فِي الْقَلِيلِ كَقَتَلْتُ كُلَّ زِنْدِيقٍ لِاثْنَيْنِ وَهُمْ أَرْبَعَةٌ حَتَّى امْتَنَعَ) كَوْنُهُ مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ (مَا دُونَهُمَا) أَيْ الِاثْنَيْنِ فِيهِ (وَفِي الصِّفَةِ وَالشَّرْطِ) قَوْلٌ (بِلَا دَلِيلٍ) وَكَيْفَ لَا (وَمِنْ الْبَيِّنِ صِحَّةُ أَكْرِمْ النَّاسَ الْعُلَمَاءَ أَوْ إنْ كَانُوا عُلَمَاءَ وَلَيْسَ فِي الْوُجُودِ إلَّا عَالِمٌ) وَاحِدٌ (لَزِمَ إكْرَامُهُ وَهُوَ مَعْنَى التَّخْصِيصِ وَمُعَيَّنُ الْجَمْعِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ (وَالِاثْنَيْنِ مَا قِيلَ فِي الْجَمْعِ) مِنْ أَنَّ أَقَلَّهُ ثَلَاثَةٌ أَوْ اثْنَانِ كَأَنَّهُ جَعَلَهُ فَرْعَ كَوْنِ الْجَمْعِ حَقِيقَةً فِي الثَّلَاثَةِ أَوْ الِاثْنَيْنِ (وَلَيْسَ بِشَيْءٍ) مُثْبِتٍ الْعَامُّ لَا فِي أَقَلِّ مَرْتَبَةٍ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الِاخْتِلَافُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَيْسَ بِعَامٍّ اسْتِغْرَاقِيٍّ، وَالْكَلَامُ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ الِاسْتِغْرَاقِيِّ وَأَنَّ عُمُومَ الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَشْرِطْ الِاسْتِغْرَاقَ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ (وَلَا تَلَازُمَ) أَيْضًا بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَقَلَّيْنِ فَلَا يَكُونُ الْمُثْبِتُ لِأَحَدِهِمَا مُثْبِتًا لِلْآخَرِ (وَلَنَا) عَلَى مَا هُوَ مُخْتَارُ الْحَنَفِيَّةِ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آل عمران: 173] وَالْمُرَادُ نُعَيْمُ) بْنُ مَسْعُودٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ وَجَزَمَ بِهِ السُّهَيْلِيُّ فِي الْمُبْهَمَاتِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَالثَّعْلَبِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُقَاتِلٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْوَاقِدِيِّ لَا بِاتِّفَاقِ
الْمُفَسِّرِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ (فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ النَّاسَ لِلْمَعْهُودِ فَلَا عُمُومَ) لِأَنَّ الْمَعْهُودَ لَيْسَ بِعَامٍّ كَمَا تَقَدَّمَ (فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّ كَوْنَ النَّاسِ الْمَعْهُودَ لِوَاحِدٍ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ النَّاسِ الْعَامِّ فَإِذَا جَازَ أَنْ يُرَادَ بِالنَّاسِ الْمَعْهُودُ وَاحِدٌ مِنْ مَعْنَاهُ الْكَثِيرُ جَازَ فِي النَّاسِ لِلْكَثِيرِ غَيْرِ الْمَعْهُودِ أَنْ يُرَادَ بِهِ ذَلِكَ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (وَأَيْضًا لَا مَانِعَ لُغَوِيٌّ مِنْ الْإِرَادَةِ) أَيْ إرَادَةِ وَاحِدٍ بِالْعَامِّ (بِالْقَرِينَةِ وَإِنَّمَا يُعَدُّ لَاغِيًا) بِإِرَادَةِ وَاحِدٍ بِهِ (إذَا لَمْ يَنْصِبْهَا وَنَحْنُ اشْتَرَطْنَا الْمُقَارَنَةَ فِي التَّخْصِيصِ) فَلَمْ يَرِدْ بِهِ إلَّا مَقْرُونًا بِالْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى إرَادَتِهِ فَلَا مَحْذُورَ هَذَا كُلُّهُ فِي الْعَامِّ.
(وَأَمَّا الْخَاصُّ فَعَلِمْت) فِي أَوَائِلِ هَذَا التَّقْسِيمِ (أَنَّهُ يَنْتَظِمُ الْمُطْلَقَ وَمَا بَعْدَهُ) مِنْ الْعَدَدِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَحَيْثُ كَانَ الْبَحْثُ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ مُهِمَّاتِ عِلْمِ الْأُصُولِ دُونَ الْعَدَدِ فَلَا بَأْسَ بِتَعْرِيفِ كُلٍّ وَذِكْرِ أَحْوَالِهِ الَّتِي يُبْحَثُ عَنْهَا فِي هَذَا الْعِلْمِ فَنَقُولُ (أَمَّا الْمُطْلَقُ فَمَا دَلَّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادٍ) وَهَذَا شَامِلٌ لِلْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ لَيْسَ بِأَحَدِهِمَا مِمَّا هُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ بَعْضٌ وَلَمْ يَقُلْ فَرْدٌ لِيَشْمَلَ الْوَاحِدَ وَالْأَكْثَرَ فَيَدْخُلَ فِي الْمُطْلَقِ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ فَإِنَّهُ حَيْثُ خَرَجَ مِنْ الْعَامِّ الِاسْتِغْرَاقِيِّ لَيْسَ لَهُ مَوْضِعٌ إلَّا الْمُطْلَقُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَرِجَالٍ إلَّا بِأَنَّ رَجُلًا مُطْلَقٌ فِي الْآحَادِ وَرِجَالًا فِي الْجُمُوعِ قَوْلُهُ (شَائِعٌ) صِفَةُ بَعْضِ مُخْرِجٌ لِلْعَامِّ وَلِلْمَعَارِفِ كُلِّهَا إلَّا الْمَعْهُودَ الذِّهْنِيَّ وَزَادَ (لَا قَيْدَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْبَعْضِ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى بَعْضٍ شَائِعٍ وَقَوْلُهُ (مُسْتَقِلًّا لَفْظًا) لِئَلَّا يَخْرُجَ الْمَعْهُودُ الذِّهْنِيُّ فَإِنَّهُ مِنْ الْمُطْلَقِ، وَاللَّامُ فِيهِ قَيْدٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ إذْ الْمُرَادُ بِالِاسْتِقْلَالِ اللَّفْظِيِّ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ اللَّفْظِيُّ لَهُ مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ لَا التَّمَامُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّمَا قَالَ (فَوَضْعُهُ) أَيْ الْمُطْلَقِ (لَهُ) أَيْ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِ شَائِعٍ إلَى آخِرِهِ تَمْهِيدًا لِدَفْعِ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَأَثْبَتَهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ الدَّلَالَةَ) أَيْ تَبَادُرَ الْبَعْضِ الشَّائِعِ مِنْ اللَّفْظِ (عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دَلِيلُهُ) أَيْ الْوَضْعُ لِلْمُتَبَادِرِ لِأَنَّ التَّبَادُرَ أَمَارَةُ الْحَقِيقَةِ (وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ) الْمُتَعَلِّقَةَ بِمُطْلَقٍ إنَّمَا هِيَ (عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْوَضْعُ لِلِاسْتِعْمَالِ) أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ وَضْعِ اللَّفْظِ لِمَعْنًى اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ وَالْفَرْضُ هُنَا أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمُطْلَقِ يُفِيدُ كَوْنَهُ لِلْأَفْرَادِ (فَكَانَتْ) الْأَحْكَامُ عَلَى الْأَفْرَادِ (دَلِيلَهُ) أَيْ وَضْعِ الْمُطْلَقِ لِلْبَعْضِ الشَّائِعِ لَا لِلْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَإِنْ قِيلَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ الْمُطْلَقِ وَيُرَادُ بِهِ الطَّبِيعِيَّةُ أَيْضًا قُلْنَا نَعَمْ فِي الْقَضَايَا الطَّبِيعِيَّةِ
(وَالْقَضَايَا الطَّبِيعِيَّةُ) غَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ فِي الْعُلُومِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْفُنُونِ وَإِنَّمَا قَدْ يَعْرِضُ إرَادَتُهَا بِهِ قَلِيلًا قِلَّةً (لَا نِسْبَةَ لَهَا بِمُقَابِلِهَا) أَيْ لَا يُنْسَبُ فِي الْقِلَّةِ إلَى اسْتِعْمَالِهَا لِلْأَفْرَادِ بِنِسْبَةٍ (فَاعْتِبَارُهَا) أَيْ الطَّبِيعِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ اللَّفْظَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ مُرَادًا بِهِ إيَّاهَا (دَلِيلُ الْوَضْعِ) لِلْمَاهِيَّةِ حِينَئِذٍ (عَكْسُ الْمَعْقُولِ وَالْأُصُولِ) لِأَنَّ الدَّلَالَةَ إنَّمَا تُنْسَبُ إلَى الْأَكْثَرِ لَا إلَى مَا لَا وُجُودَ لَهُ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ (فَالْمَاهِيَّةُ فِيهَا) أَيْ فِي الْقَضَايَا الطَّبِيعِيَّةِ (إرَادَةٌ لَا دَلَالَةُ قَرِينَتِهَا) أَيْ إرَادَتِهَا (خُصُوصَ الْمُسْنَدِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَا يَصِحُّ أَنْ يُسْنَدَ إلَّا إلَيْهَا، مِثْلُ الرَّجُلُ نَوْعٌ أَوْ صِنْفٌ وَنَحْوُهُ بِخِلَافِ تَبَادُرِ الْفَرْدِ فَإِنَّهُ قَبْلَ الْإِسْنَادِ وَغَيْرِهِ (فَلَا دَلِيلَ عَلَى وَضْعِ اللَّفْظِ لِلْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ إلَّا عَلَمَ الْجِنْسِ إنْ قُلْنَا بِالْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْمِ الْجِنْسِ وَالنَّكِرَةِ وَهُوَ) أَيْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (الْأَوْجَهُ إذْ اخْتِلَافُ أَحْكَامِ اللَّفْظَيْنِ يُؤْذِنُ بِفَرْقٍ فِي الْمَعْنَى) بَيْنَهُمَا وَقَدْ وُجِدَتْ فَإِنَّ عَلَمَ الْجِنْسِ كَأُسَامَةَ يَمْتَنِعُ مِنْ أَلْ وَالْإِضَافَةِ وَالصَّرْفِ وَيُوصَفُ بِالْمَعْرِفَةِ، وَيَجِيءُ الْحَالُ عَنْهُ مُتَأَخِّرَةً، وَاسْمُ
الْجِنْسِ كَأَسَدٍ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا جَرَمَ إنْ كَانَ عَلَمُ الْجِنْسِ مَوْضُوعًا لِلْحَقِيقَةِ الْمُتَّحِدَةِ فِي الذِّهْنِ وَاسْمُ الْجِنْسِ مَوْضُوعًا لِلْفَرْدِ الشَّائِعِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فِي الْمَعْنَى كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ مَالِكٍ وَهُوَ غَيْرُ الْأَوْجَهِ (فَلَا) وَضْعَ لِلْحَقِيقَةِ أَصْلًا (فَقَدْ سَاوَى) الْمُطْلَقُ (النَّكِرَةَ مَا لَمْ يَدْخُلْهَا عُمُومٌ وَالْمُعَرَّفُ لَفْظًا فَقَطْ) أَيْضًا نَحْوُ (اشْتَرِ اللَّحْمَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ دَالٌّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ لَا قَيْدَ مَعَهُ مُسْتَقِلًّا لَفْظًا وَلِكَوْنِ الْمُعَرَّفِ لَفْظًا لَا مَعْنًى بَاقِيًا عَلَى عَدَمِ التَّعَيُّنِ سَاغَ وَصْفُهُ بِالنَّكِرَةِ اعْتِبَارًا بِمَعْنَاهُ كَمَا سَاغَ وَصْفُهُ بِالْمَعْرِفَةِ اعْتِبَارًا بِلَفْظِهِ وَجَازَ فِي الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَهُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنْهُ مُلَاحَظَةً لِجَانِبِ اللَّفْظِ وَصِفَةً لَهُ مُلَاحَظَةً لِجَانِبِ الْمَعْنَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] وَرُبَّمَا يُرَجَّحُ الْوَصْفُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ كَمَا فِي قَوْلِ الْقَائِلِ
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي
فَتَأَمَّلْ.
(فَبَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ) لِصِدْقِهِمَا فِي نَحْوِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] وَانْفِرَادُ النَّكِرَةِ عَنْ الْمُطْلَقِ فِي نَكِرَةٍ عَامَّةٍ كَالنَّكِرَةِ فِي النَّفْيِ وَانْفِرَادِ الْمُطْلَقِ عَنْهَا فِي نَحْوِ اشْتَرِ اللَّحْمَ فَإِنَّهُ مَعْرِفَةٌ فِي الِاصْطِلَاحِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَانْتَفَى قَوْلُ صَاحِبِ التَّحْقِيقِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّكِرَةِ وَالْمُطْلَقِ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ إذْ تَمْثِيلُ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ الْمُطْلَقَ بِالنَّكِرَةِ فِي كُتُبِهِمْ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَقَوْلُ الْآمِدِيِّ الْمُطْلَقُ هُوَ النَّكِرَةُ فِي الْإِثْبَاتِ (وَدَخَلَ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ) فِي الْمُطْلَقِ لِصِدْقِ تَعْرِيفِهِ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ (وَمَنْ خَالَفَ الدَّلِيلَ) الدَّالَّ عَلَى أَنَّ أَسْمَاءَ الْأَجْنَاسِ النَّكِرَاتِ لَيْسَتْ إلَّا لِلْمَفَارِيدِ الشَّائِعَةِ لَا لِلْمَاهِيَّاتِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ الدَّلَالَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دَلِيلُهُ إلَخْ، وَهُوَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ ثُمَّ الْبَيْضَاوِيُّ ثُمَّ السُّبْكِيُّ (فَجَعَلَ النَّكِرَةَ لِلْمَاهِيَّةِ) احْتَاجَ إلَى فَرْقٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَعْلَامِ الْأَجْنَاسِ لِأَنَّهَا لِلْمَاهِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَكَلَّفَ اعْتِبَارَ قَيْدٍ زَائِدٍ عَلَى الْمَاهِيَّةِ فِي مَوْضُوعِهَا فَقَالَ مَعْنَى عَلَمِ الْجِنْسِ الْمَاهِيَّةُ بِاعْتِبَارِ حُضُورِهَا الذِّهْنِيِّ الَّذِي هُوَ نَوْعُ تَشَخُّصٍ لَهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ (أُخِذَ فِي عَلَمِ الْجِنْسِ حُضُورُهَا الذِّهْنِيُّ فَكَانَ) حُضُورُهَا الذِّهْنِيُّ (جُزْءَ مُسَمَّاهُ) أَيْ عَلَمِ الْجِنْسِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَمُقْتَضَاهُ) أَيْ هَذَا الْأَخْذِ (أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى أُسَامَةَ يَقَعُ عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ) أُسَامَةُ (مِنْ أَسَدٍ وَحُضُورٍ ذِهْنِيٍّ أَوْ) كَانَ الْحُضُورُ الذِّهْنِيُّ (مُقَيَّدًا بِهِ) الْمَاهِيَّةِ الَّتِي وُضِعَ لَهَا عَلَمُ الْجِنْسِ فَيَقَعُ الْحُكْمُ عَلَى أُسَامَةَ عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ مِنْ أَسَدٍ بِقَيْدِ الْحُضُورِ الذِّهْنِيِّ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ وَكَوْنُ الْحُكْمِ وَاقِعًا عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ مِنْ أَسَدٍ وَحُضُورٍ ذِهْنِيٍّ أَوْ مِنْ أَسَدٍ بِقَيْدِ حُضُورٍ ذِهْنِيٍّ فِيهِ (مُنْتَفٍ) فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى أُسَامَةَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ مِنْ أَسَدٍ فَقَطْ
(وَلَوْ سُلِّمَ) عَدَمُ انْتِفَاءِ هَذَا (فَقَدْ اسْتَقَلَّ مَا تَقَدَّمَ) مِنْ تَبَادُرِ الْبَعْضِ الشَّائِعِ مِنْ الْإِطْلَاقِ إلَى آخِرِهِ (بِنَفْيِهِ) أَيْ وَضْعِ الْمُطْلَقِ لِلْمَاهِيَّةِ (فَالْحَقُّ الْأَوَّلُ) أَيْ أَنْ لَا وَضْعَ لِلْحَقِيقَةِ أَصْلًا إلَّا عَلَمَ الْجِنْسِ (وَكَذَا) خَالَفَ الدَّلِيلَ (مَنْ جَعَلَهَا) أَيْ النَّكِرَةَ (قَسِيمَ الْمُطْلَقِ فَهِيَ) أَيْ النَّكِرَةُ (لِلْفَرْدِ) الشَّائِعِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُطْلَقُ (لِلْمَاهِيَّةِ) مِنْ حَيْثُ هِيَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَنْ بَعْضِهِمْ فَإِنَّهُ (مَعَ كَوْنِهِ بِلَا مُوجِبٍ يَنْفِيهِ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ مِنْ مِثْلِهِ) أَيْ الْمُطْلَقِ (رَقَبَةً) فِي {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92](وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ) أَيْ لَفْظَ رَقَبَةٍ (نَكِرَةٌ وَالْمُقَيَّدُ مَا) أَيْ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى بَعْضٍ شَائِعٍ (مَعَهُ) قَيْدَ مَلْفُوظٍ مُسْتَقِلٍّ كَرَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَالرَّقَبَةُ الْمُؤْمِنَةُ (فَالْمَعَارِفُ بِلَا قَيْدٍ) مَعَهَا مُسْتَقِلٌّ لَفْظًا (ثَالِثٌ) أَيْ لَا مُطْلَقَ وَلَا مُقَيَّدَ (وَقَدْ يُتْرَكُ) الْقَيْدُ فِي تَعْرِيفَيْهِمَا أَيْ لَا قَيْدَ مَعَهُ وَمَا مَعَهُ قَيْدٌ فَيُقَالُ فِي الْمُطْلَقِ مَا دَلَّ عَلَى بَعْضٍ شَائِعٍ وَبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ الْمُقَيَّدُ مَا دَلَّ لَا عَلَى شَائِعٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (فَتَدْخُلُ) الْمَعَارِفُ وَكَذَا الْعُمُومَاتُ