الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَةٌ تَبَادُرِ كَوْنِ الصِّيغَةِ فِي الْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ مَجَازًا]
(مَسْأَلَةٌ: لَا شَكَّ فِي تَبَادُرِ كَوْنِ الصِّيغَةِ فِي الْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ مَجَازًا بِتَقْدِيرِ أَنَّهَا خَاصٌّ فِي الْوُجُوبِ، وَحَكَى فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلَى التَّقْدِيرِ) أَيْ تَقْدِيرِ كَوْنِهَا خَاصًّا فِي الْوُجُوبِ (خِلَافًا فِي أَنَّهَا مَجَازٌ) فِيهِمَا (أَوْ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، فَقِيلَ أَرَادَ لَفْظَ أَمْرٍ وَبَعُدَ) كَوْنُهُ مُرَادَهُ (بِنَظْمِهِ الْإِبَاحَةَ) مَعَ النَّدْبِ فِي سِلْكٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ (وَالْمَعْرُوفُ كَوْنُ الْخِلَافِ فِي النَّدْبِ فَقَطْ هَلْ يَصْدُقُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ حَقِيقَةً وَسَيُذْكَرُ) فِي فَصْلِ الْمَحْكُومِ بِهِ (وَقِيلَ) أَرَادَ بِالْأَمْرِ (الصِّيغَةَ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ خَاصَّةٌ لِلْوُجُوبِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ) عَنْ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ لَهَا عَنْهُ (وَلِلنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ مَعَهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ الْمُفِيدَةِ أَنَّهَا لَهُمَا كَمَا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ حَقِيقَةٌ فِي الْكُلِّ خَاصَّةً بِدُونِ الِاسْتِثْنَاءِ وَفِي الْبَاقِي مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ (وَدُفِعَ) هَذَا الْقَوْلُ فِي التَّلْوِيحِ (بِاسْتِلْزَامِهِ رَفْعَ الْمَجَازِ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ اللَّفْظِ حَقِيقَةً فِي الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ (وَبِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ اللَّفْظِ (فِي الْوَضْعِيِّ بِلَا قَرِينَةٍ) تُفِيدُهُ وَهَذَا يُوجِبُهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ.
(وَقِيلَ بَلْ الْقِسْمَةُ) لِلَّفْظِ بِاعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَعْنَى (ثُلَاثِيَّةٌ) وَهِيَ أَنَّهُ إنْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنًى خَارِجٍ عَمَّا وُضِعَ لَهُ فَمَجَازٌ، وَإِلَّا فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي عَيْنِ مَا وُضِعَ لَهُ فَحَقِيقَةٌ، وَإِلَّا فَحَقِيقَةٌ قَاصِرَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَى هَذَا (بِإِثْبَاتِ الْحَقِيقَةِ الْقَاصِرَةِ وَهِيَ مَا) أَيْ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ (فِي الْجُزْءِ) أَيْ جُزْءِ مَا وُضِعَ لَهُ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَالْكَرْخِيُّ وَالرَّازِيُّ وَكَثِيرٌ) بَلْ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا فِي النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ (مَجَازٌ إذْ لَيْسَا) أَيْ النَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ (جُزْأَيْ الْوُجُوبِ لِمُنَافَاتِهِ) أَيْ الْوُجُوبِ (فَصْلَهُمَا) أَيْ النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ كَمَا يَظْهَرُ عَلَى الْأَثَرِ (وَإِنَّمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَبَيْنَ النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ، وَالْأَحْسَنُ بَيْنَهَا قَدْرٌ (مُشْتَرَكٌ هُوَ الْإِذْنُ) فِي الْفِعْلِ ثُمَّ امْتَازَ الْوُجُوبُ بِمَعَ امْتِنَاعَ التَّرْكِ، وَالنَّدْبُ بِمَعَ جَوَازَ التَّرْكِ مَرْجُوحًا، وَالْإِبَاحَةُ بِمَعَ جَوَازَ التَّرْكِ مُسَاوِيًا (وَالْقَائِلُ) بِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ فِيهِمَا (حَقِيقَةٌ) يَقُولُ (الْأَمْرُ فِي الْإِبَاحَةِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمُشْتَرَكِ الْإِذْنِ وَهُوَ) أَيْ الْمُشْتَرَكُ (الْجُزْءُ) مِنْ الْوُجُوبِ (فَحَقِيقَةٌ قَاصِرَةٌ) أَيْ فَهُوَ فِيهِمَا حَقِيقَةٌ قَاصِرَةٌ (وَثُبُوتُ إرَادَةِ مَا بِهِ الْمُبَايَنَةُ) لِلْوُجُوبِ أَوْ جَوَازِ التَّرْكِ مَرْجُوحًا وَمُسَاوِيًا (وَهُوَ) أَيْ مَا بِهِ الْمُبَايَنَةُ (فَصْلُهُمَا) أَيْ النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (بِالْقَرِينَةِ لَا بِلَفْظِ الْأَمْرِ) أَيْ صِيغَتِهِ (وَمَبْنَاهُ) أَيْ هَذَا الْكَلَامِ (عَلَى أَنَّ الْإِبَاحَةَ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ الطَّرَفَيْنِ) أَيْ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ (وَكَذَا النَّدْبُ) رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ الطَّرَفَيْنِ (مَعَ تَرْجِيحِ الْفِعْلِ، وَالْوُجُوبُ) رَفْعُ الْحَرَجِ (عَنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ الْفِعْلُ (وَمَنْ ظَنَّ جُزْئِيَّتَهُمَا) أَيْ النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ لِلْوُجُوبِ (فَبَنَى الْحَقِيقَةَ) أَيْ فَجَعَلَ كَوْنَهُ فِيهِمَا حَقِيقَةً قَاصِرَةً بِنَاءً (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كَوْنِهَا جُزْءًا مِنْهُ وَهُوَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (غَلِطَ لِتَرْكِ فَصْلِهِمَا) وَلَمَّا كَانَ حَاصِلُ تَقْرِيرِهِ كَمَا فِي التَّلْوِيحِ أَنَّ لَيْسَ مَعْنَى كَوْنِ الْأَمْرِ لِلنَّدَبِ أَوْ الْإِبَاحَةِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْفِعْلِ وَجَوَازِ التَّرْكِ مَرْجُوحًا أَوْ مُسَاوِيًا حَتَّى يَكُونَ الْمَجْمُوعُ مَدْلُولَ اللَّفْظِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الصِّيغَةَ لِطَلَبِ الْفِعْلِ، وَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى جَوَازِ التَّرْكِ أَصْلًا بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ النَّدْبِ أَوْ الْإِبَاحَةِ، أَعْنِي جَوَازَ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ لَهُمَا وَلِلْوُجُوبِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى جَوَازِ التَّرْكِ أَوْ امْتِنَاعِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ جَوَازُ التَّرْكِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى حُرْمَةِ التَّرْكِ، وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ جَوَازِ الْفِعْلِ جُزْءٌ مِنْ الْوُجُوبِ الْمُرَكَّبِ مِنْ جَوَازِ الْفِعْلِ مَعَ امْتِنَاعِ التَّرْكِ، فَيَكُونُ اسْتِعْمَالُ الصِّيغَةِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْوُجُوبِ فِي مُجَرَّدِ جَوَازِ الْفِعْلِ مِنْ قَبِيلِ اسْتِعْمَالِ الْكُلِّ فِي الْجُزْءِ، وَيَكُونُ مَعْنَى اسْتِعْمَالِهَا فِي الْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ هُوَ اسْتِعْمَالَهَا فِي جُزْئِهِمَا
الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ لَهُمَا وَيَثْبُتُ الْفَصْلُ الَّذِي هُوَ جَوَازُ التَّرْكِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ لَا بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ وَيَثْبُتُ رُجْحَانُ الْفِعْلِ فِي النَّدْبِ بِوَاسِطَةِ الْقَرِينَةِ.
أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى دَفْعِهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَخْفَى أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْمَعْنَى) الْوَضْعِيِّ بِتَمَامِهِ (وَعَدَمَهَا) أَيْ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ إمَّا بِأَنْ لَا يَكُونَ دَالًّا عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ بِأَنْ لَا يَكُونَ دَالًّا عَلَى جُزْئِهِ (لَا دَخْلَ لَهَا) وَالظَّاهِرُ لَهُمَا أَيْ لِلدَّلَالَةِ وَعَدَمِهَا (فِي كَوْنِ اللَّفْظِ مَجَازًا وَعَدَمِهِ) أَيْ وَعَدَمِ كَوْنِ اللَّفْظِ مَجَازًا (بَلْ) الَّذِي لَهُ دَخْلٌ فِي كَوْنِ اللَّفْظِ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ الْمَعْنَى الْوَضْعِيِّ لَهُ مَجَازًا (اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَعْنَى الْوَضْعِيِّ لَهُ (وَإِرَادَتُهُ) أَيْ غَيْرِ الْمَعْنَى الْوَضْعِيِّ (بِهِ) أَيْ بِاللَّفْظِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: يَعْنِي كَوْنَ اللَّفْظِ حَقِيقَةً مُطْلَقَةً بِاسْتِعْمَالِهِ فِي تَمَامِ مَعْنَاهُ الْوَضْعِيِّ، وَكَوْنَهُ حَقِيقَةً قَاصِرَةً بِاسْتِعْمَالِهِ فِي جُزْئِهِ فَقَطْ، وَكَوْنَهُ مَجَازًا بِاسْتِعْمَالِهِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي الْمُنَاسِبَةِ لِلْوَضْعِيِّ وَلَا دَخْلَ لِدَلَالَتِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَلِذَا ثَبَتَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْوَضْعِيِّ، وَيَنْتَفِي عَنْهُ كَوْنُهُ حَقِيقَةً إذَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيهِ بَلْ فِي مَعْنًى خَارِجٍ عَنْهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ مَجَازٌ وَلَهُ دَلَالَةٌ فِي تِلْكَ الْحَالِ عَلَى الْحَقِيقِيِّ وَلَيْسَ حَقِيقَةً إذْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْمَعْنَى مَعْلُومَةٌ بِوَضْعِ اللَّفْظِ لَهُ، فَإِذَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ وُجِدَ الْمَعْلُولُ وَهُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى الْوَضْعِيِّ فَثَبَتَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْوَضْعِيِّ وَهُوَ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ (وَلَا شَكَّ أَنَّهُ) أَيْ الْأَمْرَ (اُسْتُعْمِلَ فِي الْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ بِالْفَرْضِ فَيَكُونُ مَجَازًا وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ الْأَمْرُ حِينَئِذٍ إلَّا عَلَى جُزْئِهِ إطْلَاقُ الْفِعْلِ) أَيْ فَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ صِيغَةُ الْأَمْرِ فِي الْإِبَاحَةِ مَثَلًا - الَّتِي هِيَ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ الطَّرَفَيْنِ - وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً قَاصِرَةً، وَإِنْ دَلَّ اللَّفْظُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى جُزْءِ الْإِبَاحَةِ أَعْنِي رَفْعَ الْحَرَجِ عَنْ الْفِعْلِ بِسَبَبِ أَنَّهُ جُزْءُ مَعْنَاهُ الْوَضْعِيِّ، وَهُوَ الْوُجُوبُ بَلْ وَعَلَى جُزْئِهِ الْآخَرِ وَهُوَ إثْبَاتُهُ بِالتَّرْكِ، إذْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْوَضْعِيِّ لَا يَسْقُطُ فَدَلَّ تَضَمُّنًا عَلَيْهِ لِدَلَالَتِهِ فِي حَالِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْإِبَاحَةِ عَلَى رَفْعِ الْحَرَجِ عَنْ الْفِعْلِ وَإِثْبَاتِهِ عَلَى التَّرْكِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ أَحَدَ الْجُزْأَيْنِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي هَذَا الْجُزْءِ بِخُصُوصِهِ بَلْ لِلْمُرَكَّبِ مِنْهُ وَمِنْ رَفْعِ الْحَرَجِ عَنْ التَّرْكِ الَّذِي بِهِ يُبَايِنُ مَعْنَاهُ الْوَضْعِيَّ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا ثَمَّ فِي التَّلْوِيحِ فَإِنْ قُلْت: صَرَّحُوا بِاسْتِعْمَالِ الْأَمْرِ فِي النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَإِرَادَتِهِمَا مِنْهُ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَمْلِ كَلَامِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي جِنْسِ النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ عُدُولًا عَنْ الظَّاهِرِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّرْكِ أَصْلًا وَإِنْ أَرَادَ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ فَغَيْرُ مُفِيدٍ وَإِنْ أَرَادَ بِحَسَبِ الْمَجَازِ فَمَمْنُوعٌ.
لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِطَلَبِ الْفِعْلِ جَزْمًا فِي طَلَبِ الْفِعْلِ مَعَ إجَازَةِ التَّرْكِ وَالْإِذْنِ فِيهِ مَرْجُوحًا أَوْ مُسَاوِيًا بِجَامِعِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي جَوَازِ الْفِعْلِ وَالْإِذْنِ فِيهِ، قُلْت: هُوَ كَمَا صَرَّحُوا بِاسْتِعْمَالِ الْأَسَدِ فِي الْإِنْسَانِ الشُّجَاعِ وَإِرَادَتِهِ مِنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الشُّجَاعِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّ لَفْظَ الْأَسَدِ يَدُلُّ عَلَى ذَاتِيَّاتِ الْإِنْسَانِ كَالنَّاطِقِ مَثَلًا، فَإِذَا كَانَ الْجَامِعُ هَاهُنَا هُوَ جَوَازَ الْفِعْلِ وَالْإِذْنِ فِيهِ كَانَ اسْتِعْمَالُ صِيغَةِ الْأَمْرِ فِي النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا مِنْ أَفْرَادِ جَوَازِ الْفِعْلِ وَالْإِذْنِ، وَتَثْبُتُ خُصُوصِيَّةُ كَوْنِهِ مَعَ جَوَازِ التَّرْكِ أَوْ بِدُونِهِ بِالْقَرِينَةِ كَمَا أَنَّ الْأَسَدَ يُسْتَعْمَلُ فِي الشُّجَاعِ وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ إنْسَانًا بِالْقَرِينَةِ، اهـ.
وَقَدْ تَعَقَّبَ الْمُصَنِّفُ هَذَا بِقَوْلِهِ (وَكَوْنُ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْأَمْرِ (فِيهَا) أَيْ النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ (مِنْ حَيْثُ هُمَا) أَيْ النَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ (مِنْ أَفْرَادِ الْجَامِعِ) بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوُجُوبِ (وَهُوَ) أَيْ الْجَامِعُ (الْإِذْنُ) فِي الْفِعْلِ (كَاسْتِعْمَالِ الْأَسَدِ فِي الرَّجُلِ الشُّجَاعِ