الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.
(إلَّا أَنْ يَتَّحِدَ الْمَجْلِسُ) فَالْأَقْسَامُ الْعَقْلِيَّةُ أَرْبَعَةٌ فَفِي قَوْله تَعَالَى {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا} [المزمل: 15]{فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 16] أُعِيدَتْ النَّكِرَةُ مَعْرِفَةً، وَفِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6] أُعِيدَتْ النَّكِرَةُ نَكِرَةً، وَالْمَعْرِفَةُ مَعْرِفَةً، وَنَظِيرُ الْمَعْرِفَةِ الَّتِي تُعَادُ نَكِرَةً غَيْرُ مَذْكُورٍ
ــ
[التلويح]
فَأَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا تَأْكِيدٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ) يَعْنِي لَوْ أَدَارَ صَكًّا عَلَى الشُّهُودِ فَأَقَرَّ عِنْدَهُمْ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِأَلْفٍ فِي ذَلِكَ الصَّكِّ فَالْوَاجِبُ أَلْفٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوَّلُ لِكَوْنِهِ مُعْتَرَفًا بِالْمَالِ الثَّابِتِ فِي الصَّكِّ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالصَّكِّ بَلْ أَقَرَّ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ ثُمَّ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِلسَّبَبِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله يَلْزَمُهُ أَلْفَانِ بِشَرْطِ مُغَايَرَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِلْأَوَّلَيْنِ فِي رِوَايَةٍ، وَبِشَرْطِ عَدَمِ مُغَايَرَتِهِمَا لَهُمَا فِي رِوَايَةٍ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ كَمَا إذَا كُتِبَ لِكُلِّ أَلْفٍ صَكًّا، وَأَشْهَدَ عَلَى كُلِّ صَكٍّ شَاهِدَيْنِ، وَعِنْدَهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَلْفٌ وَاحِدٌ لِدَلَالَةِ الْعُرْفِ عَلَى أَنَّ تَكْرَارَ الْإِقْرَارِ لِتَأْكِيدِ الْحَقِّ بِالزِّيَادَةِ فِي الشُّهُودِ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ فَاللَّازِمُ أَلْفٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا عَلَى تَخْرِيجِ الْكَرْخِيِّ لِأَنَّ لِلْمَجْلِسِ تَأْثِيرًا فِي جَمْعِ الْكَلِمَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ، وَجَعْلِهَا فِي حُكْمِ كَلَامٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا كُلًّا مِنْ الْإِقْرَارَيْنِ بِكَوْنِهِ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ عِنْدَ شَاهِدٍ، وَبِأَلْفٍ عِنْدَ شَاهِدٍ آخَرَ أَوْ بِأَلْفٍ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ، وَأَلْفٍ عِنْدَ الْقَاضِي فَاللَّازِمُ أَلْفٌ، وَاحِدٌ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ بَقِيَ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يُقِرَّ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ مُنَكَّرٍ ثُمَّ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ مُقَيَّدٍ بِمَا فِي هَذَا الصَّكِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ أَلْفًا اتِّفَاقًا لِأَنَّ النَّكِرَةَ أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً، وَالْأُخْرَى أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفٍ مُقَيَّدٍ بِالصَّكِّ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِأَلْفٍ مُنَكَّرٍ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ، وَتَخْرِيجُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهَا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ اللَّازِمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَلْفَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مَعْرِفَةٌ أُعِيدَتْ نَكِرَةً فَيَكُونُ الثَّانِي مُغَايِرًا لِلْأَوَّلِ
[مِنْ أَلْفَاظِ الْعَامِّ نَكِرَةٌ تَعُمُّ بِالصِّفَةِ]
(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَيْ، وَهِيَ نَكِرَةٌ تَعُمُّ بِالصِّفَةِ) يُرِيدُ أَنَّهَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْوَضْعِ لِلْخُصُوصِ، وَالْقَصْدُ إلَى الْفَرْدِ كَسَائِرِ النَّكِرَاتِ، وَإِنَّمَا تَعُمُّ بِعُمُومِ الصِّفَةِ كَمَا سَبَقَ فِي لَا يُكَلِّمُ إلَّا رَجُلًا عَالِمًا، وَتَنْكِيرُهَا حَالَ الْإِضَافَةِ إلَى النَّكِرَةِ ظَاهِرٌ.
وَأَمَّا عِنْدَ الْإِضَافَةِ إلَى الْمَعْرِفَةِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ يَصْلُحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآحَادِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْرِفَةً بِحَسَبِ اللَّفْظِ، وَالْمُرَادُ بِوَصْفِهَا الْوَصْفُ الْمَعْنَوِيُّ لَا النَّعْتُ النَّحْوِيُّ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ بَعْدَهَا قَدْ تَكُونُ خَبَرًا أَوْ صِلَةً أَوْ شَرْطًا، وَقَدْ صَرَّحُوا فِي قَوْله تَعَالَى {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} [هود: 7] أَنَّهَا نَكِرَةٌ وُصِفَتْ بِحُسْنِ الْعَمَلِ، وَهُوَ عَامٌّ فَعَمَّتْ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا خَفَاءَ فِي أَنَّهَا مُبْتَدَأٌ، وَأَحْسَنُ عَمَلًا
وَهُوَ مَا إذَا أَقَرَّ بِأَلْفٍ مُقَيَّدٍ بِصَكٍّ ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِأَلْفٍ مُنَكَّرٍ لَا رِوَايَةَ لِهَذَا، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَلْفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(وَمِنْهَا أَيْ، وَهِيَ نَكِرَةٌ تَعُمُّ بِالصِّفَةِ فَإِنْ قَالَ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبُوهُ عَتَقُوا، وَإِنْ قَالَ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبْته لَا يَعْتِقُ إلَّا وَاحِدٌ قَالُوا لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ، وَصَفَهُ بِالضَّرْبِ فَصَارَ عَامًّا بِهِ، وَفِي الثَّانِي قَطَعَ الْوَصْفَ عَنْهُ، وَهَذَا الْفَرْقُ مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ النَّحْوِ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ، وَصَفَهُ بِالضَّارِبِيَّةِ، وَفِي الثَّانِي بِالضَّرُوبِيَّةِ، وَهُنَا فَرْقٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ أَيًّا لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْوَاحِدَ الْمُنَكَّرَ فَفِي الْأَوَّلِ) فِي قَوْلِهِ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك فَهُوَ حُرٌّ.
(لَمَا كَانَ عَتَقَهُ) أَيْ عَتَقَ الْوَاحِدَ الْمُنَكَّرَ.
(مُعَلَّقًا بِضَرْبِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ
ــ
[التلويح]
خَبَرُهُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ عُمُومَهَا بِحَسَبِ الْوَضْعِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ أَعْتِقُ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي دَخَلَ الدَّارَ، وَأَعْتِقُ عَبِيدِي دَخَلَ الدَّارَ، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى خُصُوصِهَا بِعَوْدِ الضَّمِيرِ الْمُفْرَدِ إلَيْهِ مِثْلُ أَيُّ الرَّجُلِ أَتَاكَ وَبِصِحَّةِ الْجَوَابِ بِالْوَاحِدِ مِثْلُ زَيْدٍ أَوْ عُمَرَ وَضُعِّفَ لِجَرَيَانِ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلِمَاتِ الْعُمُومِ مِثْلُ مَنْ، وَمَا، وَغَيْرِهِمَا.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبُوهُ) جَمِيعًا مَعًا أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ عَتَقُوا جَمِيعًا، وَإِنْ قَالَ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبْته فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُمْ جَمِيعًا لَا يُعْتَقُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ الْأَوَّلُ إنْ ضَرَبَهُمْ عَلَى التَّرْتِيبِ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ، وَإِلَّا فَالْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى لِأَنَّ نُزُولَ الْعِتْقِ مِنْ جِهَتِهِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهُ وَصَفَ فِي الْأَوَّلِ بِالضَّرْبِ، وَهُوَ عَامٌّ، وَفِي الثَّانِي قَطْعٌ عَنْ الْوَصْفِ لِأَنَّ الضَّرْبَ إنَّمَا أُضِيفَ إلَى الْمُخَاطَبِ لَا إلَى النَّكِرَةِ الَّتِي تَنَاوَلَهَا أَيْ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَقُوا جَمِيعًا، وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِيمَا إذَا قَالَ أَيُّكُمْ حَمَلَ هَذِهِ الْخَشَبَةَ فَهُوَ حُرٌّ، وَالْخَشَبَةُ مِمَّا يُطِيقُ حَمْلَهَا وَاحِدٌ فَحَمَلُوهَا مَعًا لِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ حَمْلُ الْخَشَبَةِ بِكَمَالِهَا وَلَمْ يَحْمِلْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى لَوْ حَمَلُوهَا عَلَى التَّعَاقُبِ يُعْتَقُ الْكُلُّ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْخَشَبَةُ مِمَّا لَا يُطِيقُ حَمْلَهَا وَاحِدٌ فَحَمَلُوهَا مَعًا عَتَقُوا جَمِيعًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا صَيْرُورَةُ الْخَشَبَةِ مَحْمُولَةً إلَى مَوْضِعِ حَاجَتِهِ، وَهَذَا يَحْصُلُ بِمُطْلَقِ فِعْلِ الْحَمْلِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ جَلَادَتِهِمْ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِحَمْلِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ تَمَامَ الْخَشَبَةِ لَا بِمُطْلَقِ الْحَمْلِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ الْكُلُّ إذَا حَمَلُوهَا عَلَى التَّعَاقُبِ كَمَا فِي أَيُّ ضَرَبَك.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا الْفَرْقُ مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ النَّحْوِ) لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْوَصْفِ النَّعْتُ النَّحْوِيُّ فَلَا نَعْتَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّورَتَيْنِ إذْ الْجُمْلَةُ صِلَةٌ أَوْ شَرْطٌ لِأَنَّ أَيًّا هُنَا مَوْصُولَةٌ، وَشَرْطِيَّةٌ بِاتِّفَاقِ النُّحَاةِ، وَإِنْ أُرِيدَ الْوَصْفُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَهِيَ مَوْصُوفَةٌ فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهَا كَمَا وُصِفَتْ فِي الْأُولَى بِالضَّارِبِيَّةِ لِلْمُخَاطِبِ وُصِفَتْ فِي الثَّانِيَةِ بالمضروبية لَهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ وَصْفٌ، وَالثَّانِيَ قَطْعٌ عَنْ الْوَصْفِ تَحَكُّمٌ أَلَا يُرَى أَنَّ يَوْمًا فِيمَا إذَا قَالَ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا إلَّا يَوْمًا أَقْرَبُكُمَا فِيهِ عَامٌّ بِعُمُومِ الْوَصْفِ مَعَ أَنَّهُ مُسْنَدٌ إلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ، وَأَجَابَ صَاحِبُ الْكَشْفِ بِأَنَّ الضَّرْبَ قَائِمٌ بِالضَّارِبِ فَلَا يَكُونُ بِالْمَضْرُوبِ لِامْتِنَاعِ قِيَامِ الْوَصْفِ الْوَاحِدِ بِشَخْصَيْنِ بِخِلَافِ الزَّمَانِ فَإِنَّ الْفِعْلَ مُتَّصِلٌ بِهِ حَقِيقَةً، وَيَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ الْيَوْمُ
عَنْ الْغَيْرِ) فَيُعْتَقُ كُلُّ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ وَاحِدٌ مُفْرَدٌ فَحِينَئِذٍ لَا تَبْطُلُ الْوَحْدَةُ، وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ هَذَا أَيْ عِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ.
(وَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ لَبَطَلَ) أَيْ الْكَلَامُ (بِالْكُلِّيَّةِ، وَفِي الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُهُ أَيْ عَبِيدِي ضَرَبْته يَثْبُتُ الْوَاحِدُ، وَيَتَخَيَّرُ فِيهِ الْفَاعِلُ) إذْ هُنَاكَ يُمْكِنُ التَّخْيِيرُ مِنْ الْفَاعِلِ الْمُخَاطَبِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (نَحْوُ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» ) هَذَا نَظِيرُ الْأَوَّلِ فَإِنَّ طَهَارَتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِدِبَاغَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فَاعِلٌ مُعَيَّنٌ يُمْكِنُ مِنْهُ التَّخْيِيرُ فَيَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ.
(وَنَحْوُ كُلِّ أَيُّ حِينَ تُرِيدُ) هَذَا نَظِيرُ الثَّانِي فَإِنَّ التَّخْيِيرَ مِنْ الْفَاعِلِ الْمُخَاطِبِ مُمْكِنٌ
ــ
[التلويح]
عَامًّا بِهِ، وَأَيْضًا الْمَفْعُولُ بِهِ فَضِلَةٌ يَثْبُتُ ضَرُورَةً فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَلَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي التَّعْمِيمِ بِخِلَافِ الْمَفْعُولِ فِيهِ فَإِنَّهُ صُرِّحَ بِهِ، وَقَصَدَ وَصْفَهُ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ مَعَ مَا بَيْنَ الْفِعْلِ وَالزَّمَانِ مِنْ التَّلَازُمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الضَّرْبَ صِفَةٌ إضَافِيَّةٌ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْفَاعِلِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ وَصْفٌ لَهُ، وَتَعَلُّقٌ بِالْمَفْعُولِ بِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ وَوَصْفٌ لَهُ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي قِيَامِ الْإِضَافِيَّاتِ الْمُضَافَيْنِ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّيَ يَحْتَاجُ إلَى الْمَفْعُولِ بِهِ فِي التَّعَقُّلِ، وَالْوُجُودِ جَمِيعًا، وَإِلَى الْمَفْعُولِ فِيهِ فِي الْوُجُودِ فَقَطْ فَاتِّصَالُهُ الْأَوَّلُ أَشَدُّ، وَأَثَرُ الْمَفْعُولِ بِهِ هَاهُنَا إنَّمَا هُوَ فِي رَبْطِ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ لَا فِي التَّعْمِيمِ، وَكَوْنُهُ ضَرُورِيًّا لَا يُنَافِي الرَّبْطَ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْفَاعِلُ أَيْضًا ضَرُورِيٌّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي التَّعْمِيمِ، وَكَوْنُهُ غَيْرَ فَضْلَةٍ لَا يُنَافِي الضَّرُورَةَ بَلْ يُؤَكِّدُهَا.
(قَوْلُهُ: وَهُنَا فَرْقٌ آخَرُ) تَفَرَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ حَاصِلُهُ أَنَّ أَيًّا لِوَاحِدٍ مُنْكَرٍ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى إنْ لَمْ يُعْتَقْ وَاحِدٌ يَلْزَمُ بُطْلَانُ الْكَلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ عَتَقَ وَاحِدٌ دُونَ وَاحِدٍ يَلْزَمُ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ إذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِلْبَعْضِ فَتَعَيَّنَ عِتْقُ الْكُلِّ، وَمَعْنَى الْوِحْدَةِ بَاقٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عِتْقَ كُلِّ وَاحِدٍ مُعَلَّقٌ بِضَرْبِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْغَيْرِ فَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَاحِدٌ مُنْفَرِدٌ عَنْ الْغَيْرِ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَتَعَيَّنُ الْوَاحِدُ بِاخْتِيَارِ الْمُخَاطَبِ ضَرْبَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ لِتَخْيِيرِ الْمُخَاطَبِ فِي تَعْيِينِهِ فَتَحْصُلُ الْأَوْلَوِيَّةُ، وَيَثْبُتُ الْوَاحِدُ مِنْ غَيْرِ عُمُومٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَخْيِيرِ الْفَاعِلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْقِلُ فِي مُتَعَدِّدٍ، وَلَا تَعَدُّدَ فِي الْمَفْعُولِ، وَهَذَا الْفَرْقُ أَيْضًا مُشْكِلٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ قَدْ تَكُونُ بِحَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّخْيِيرُ مِثْلُ أَيُّ عَبِيدِي، وَطِئَتْهُ دَابَّتُك أَوْ عَضَّهُ كَلْبُك فَهُوَ حُرٌّ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُخَاطَبِ اخْتِيَارُ الْبَعْضِ بَلْ ضَرَبَ الْجَمِيعَ مَعًا أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِعَدَمِ وُقُوعِ الشَّرْطِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَعْضِ أَوْ يُعْتَقُ كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بِعَيْنِهِ لِجَوَازِ أَنْ يُعْتَبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا بالمضروبية كَمَا فِي الضَّارِبِيَّةِ وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّا نُسَلِّمُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَدَمَ أَوْلَوِيَّةِ الْبَعْضِ مُطْلَقًا بَلْ إذَا ضَرَبُوهُ مَعًا، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ الْبَعْضِ عِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ لِجَوَازِ أَنْ يُعْتَقَ وَاحِدٌ مُبْهَمٌ، وَيَكُونُ