الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(، وَمِنْهَا كُلُّ، وَجَمِيعُ، وَهُمَا مُحْكَمَانِ فِي عُمُومِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ سَائِرِ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ فَإِنْ دَخَلَ الْكُلُّ عَلَى النَّكِرَةِ فَلِعُمُومِ الْأَفْرَادِ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَى الْمَعْرِفَةِ فَلِمَجْمُوعٍ قَالُوا عُمُومُهُ عَلَى سَبِيلِ الِانْفِرَادِ أَيْ يُرَادُ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ غَيْرِهِ) ، وَهَذَا إذَا دَخَلَ عَلَى النَّكِرَةِ.
(فَإِنْ قَالَ كُلُّ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا فَلَهُ كَذَا فَدَخَلَ عَشَرَةٌ مَعًا يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ إذْ فِي كُلِّ فَرْدٍ قُطِعَ النَّظَرُ عَنْ غَيْرِهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُتَخَلِّفِ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ، وَهَاهُنَا فَرْقٌ آخَرُ هُوَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ أَوَّلًا عَامٌّ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ فَإِذَا أَضَافَ الْكُلَّ إلَيْهِ اقْتَضَى عُمُومًا آخَرَ لِئَلَّا يَلْغُوَ فَيَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي الْأَوَّلِ فَيَتَعَدَّدُ الْأَوَّلُ) ، وَهَذَا الْفَرْقُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ أَيْضًا، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ عِبَارَةٌ عَنْ الْفَرْدِ السَّابِقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ هُوَ غَيْرُهُ فَفِي قَوْلِهِ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ أَمَّا فِي قَوْلِهِ كُلُّ مَنْ دَخَلَ أَوَّلًا فَلَفْظُ كُلٍّ دَخَلَ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ دَخَلَ أَوَّلًا فَاقْتَضَى التَّعَدُّدَ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ مَنْ دَخَلَ أَوَّلًا فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ لِأَنَّ الْأَوَّلَ الْحَقِيقِيَّ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّدًا فَيُرَادُ
ــ
[التلويح]
مَا شَاءَتْ بَعْضُ الثَّلَاثِ
[مِنْ أَلْفَاظِ الْعَامِّ كُلُّ وَجَمِيعُ]
(قَوْلُهُ: وَهُمَا مُحْكَمَانِ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ التَّخْصِيصَ أَصْلًا لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الأنعام: 101]، وَقَوْلُهُ {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] مَخْصُوصٍ عَلَى مَا سَبَقَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا لَا يَقَعَانِ خَاصَّيْنِ بِأَنْ يُقَالَ كُلُّ رَجُلٍ أَوْ جَمِيعُ الرِّجَالِ، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ بِخِلَافِ سَائِرِ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ، وَمَنْ، وَمَا وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّ كَلِمَةَ كُلٍّ تَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ نَحْوُ كَلِمَةِ مَنْ كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا فَلَهُ كَذَا فَدَخَلُوا عَلَى التَّعَاقُبِ فَالنَّفَلُ لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً لِاحْتِمَالِ الْخُصُوصِ فِي كَلِمَةِ كُلٍّ فَإِنَّ الْأَوَّلَ اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ، وَهَذَا الْوَصْفُ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ دُونَ مَنْ دَخَلَ بَعْدَهُ، وَقَدْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ الْعُمُومِ الَّذِي يَكُونُ تَنَاوُلُهُ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ دَخَلَ الْكُلُّ) يَعْنِي إذَا أُضِيفَ لَفْظُ كُلٍّ إلَى النَّكِرَةِ فَهُوَ لِعُمُومِ أَفْرَادِهَا، وَإِذَا أُضِيفَ إلَى الْمَعْرِفَةِ فَلِعُمُومِ أَجْزَائِهَا فَيَصِحُّ كُلُّ رَجُلٍ يُشْبِعُهُ هَذَا الرَّغِيفُ بِخِلَافِ كُلِّ الرِّجَالِ وَيَصِحُّ كُلُّ الرِّجَالِ يَحْمِلُ هَذَا الْحَجَرَ بِخِلَافِ كُلِّ رَجُلٍ.
(قَوْلُهُ: فَدَخَلَ عَشَرَةٌ مَعًا) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا مُتَعَاقِبِينَ فَالنَّفَلُ لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ بَعْدَهُ لَيْسَ دَاخِلًا أَوَّلًا لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا بِالْغَيْرِ، وَمَعْنَى الْأَوَّلِ السَّابِقُ الْغَيْرُ الْمَسْبُوقِ.
(قَوْلُهُ: فَكُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الدَّاخِلِينَ مَعًا أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُتَخَلِّفِ الَّذِي يَقْدِرُ دُخُولَهُ بَعْدَ فَتْحِ الْحِصْنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّاخِلَ أَوَّلًا يَجِبُ أَنْ تُعْتَبَرَ إضَافَتُهُ إلَى الدَّاخِلِ ثَانِيًا لَا إلَى مَنْ لَيْسَ بِدَاخِلٍ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ) أَيْ لَوْ قَالَ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا فَلَهُ أَلْفٌ فَدَخَلَهُ عَشَرَةٌ مَعًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ، وَلَا لِوَاحِدٍ
مَعْنَاهُ الْمَجَازِيُّ، وَهُوَ السَّابِقُ بِالنِّسْبَةِ إلَّا الْمُتَخَلِّفَ.
(وَجَمِيعُ عُمُومِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ فَإِنْ قَالَ جَمِيعُ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا فَلَهُ كَذَا فَدَخَلَ عَشَرَةٌ فَلَهُمْ نَفْلٌ وَاحِدٌ إنْ دَخَلُوا فُرَادَى يَسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ فَيَصِيرُ جَمِيعُ مُسْتَعَارِ الْكُلِّ) كَذَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أُصُولِهِ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ اتَّفَقَ الدُّخُولُ عَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ يُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِنْ اتَّفَقَ فُرَادَى يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ لِأَنَّهُ فِي حَالِ التَّكَلُّمِ لَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ أَحَدُهُمَا مُعَيَّنًا، وَإِرَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا تُنَافِي إرَادَةَ الْآخَرِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ فَأَقُولُ مَعْنَى قَوْلِهِ إنَّهُ مُسْتَعَارٌ لِكُلٍّ أَنَّ الْكُلَّ إلَّا فُرَادَى يَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا اسْتِحْقَاقُ الْأَوَّلِ النَّفَلَ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ وَاحِدًا أَوْ جَمْعًا، وَالثَّانِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ جَمْعًا يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَفْلًا تَامًّا فَهَاهُنَا يُرَادُ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْأَوَّلُ النَّفَلَ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يُرَادُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ، وَلَا الْأَمْرُ الثَّانِي حَتَّى لَوْ دَخَلَ
ــ
[التلويح]
مِنْهُمْ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ عُمُومٌ مِنْ عَلَى سَبِيلِ الِانْفِرَادِ بَلْ عُمُومُ الْجِنْسِ، وَهُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَحَدٌ دَخَلَ أَوَّلًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ مَنْ اسْتِعَارَةً عَنْ الْكُلِّ أَوْ الْجَمِيعِ لِيَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ لِمَجْمُوعِهِمْ نَفْلٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ عُمُومَ الْكُلِّ عَلَى سَبِيلِ الِانْفِرَادِ، وَعُمُومَ الْجَمِيعِ عَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ قَصْدُ، أَوْ عُمُومُ مَنْ إنَّمَا يَثْبُتُ ضَرُورَةَ إبْهَامِهِ كَالنَّكِرَةِ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ فَلَا مُشَارَكَةَ تُصَحِّحُ الِاسْتِعَارَةَ.
(قَوْلُهُ: وَهَاهُنَا فَرْقٌ آخَرُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ السَّابِقُ عَلَى جَمِيعِ مَا عَدَاهُ، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَعَدَّدُ فَعِنْدَ إضَافَةِ الْكُلِّ إلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا لِلسَّابِقِ عَلَى الْغَيْرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ جَمِيعُ مَا عَدَاهُ أَوْ بَعْضُهُ كَالْمُتَخَلِّفِ لِيَجْرِيَ فِيهِ التَّعَدُّدُ فَتَصِحُّ إضَافَةُ الْكُلِّ الْإِفْرَادِيِّ إلَيْهِ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَنْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً إذْ لَوْ كَانَتْ مَوْصُولَةً، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ لَكَانَ كُلٌّ لِشُمُولِ الْأَجْزَاءِ بِمَعْنَى كُلِّ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا فَلَهُمْ كَذَا فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَجْمُوعِ نَفْلٌ وَاحِدٌ، وَفِي هَذَا الْفَرْقِ نَظَرٌ، وَهُوَ أَنَّهُ يَقْتَضِي فِي صُورَةِ الدُّخُولِ فُرَادَى أَنْ يَسْتَحِقَّ النَّفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ غَيْرَ الْأَخِيرِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ عُمُومِ هَذَا الْمَجَازِ أَعْنِي السَّابِقَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُتَخَلِّفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ النَّفَلَ لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَيْدَ عَدِّهِ الْمَسْبُوقِيَّةَ بِالْغَيْرِ مُرَادٌ فَلَا يَصْدُقُ إلَّا عَلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَمِمَّا يَجِبُ التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّ أَوَّلًا هَاهُنَا ظَرْفٌ بِمَعْنَى قَبْلَ، وَلَيْسَ مِنْ أَوْصَافِ الدَّاخِلِينَ فَكَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْأَوَّلُ اسْمٌ لِلْفَرْدِ السَّابِقِ أَنَّ الدَّاخِلَ أَوَّلًا مَثَلًا اسْمٌ لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ جَمِيعُ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا) اعْلَمْ أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّفَلُ فِي مَسَائِلِ تَقْيِيدِ دُخُولِ الْحِصْنِ بِقَيْدِ الْأَوَّلِيَّةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَذْكُورًا بِمُجَرَّدِ لَفْظِ مَنْ أَوْ مَعَ إضَافَةِ الْكُلِّ أَوْ الْجَمِيعِ إلَيْهِ، وَعَلَى التَّقَادِيرِ الثَّلَاثِ إمَّا
جَمَاعَةٌ يَسْتَحِقُّ الْجَمِيعُ نَفْلًا وَاحِدًا أَوْ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لِلتَّحْرِيضِ، وَالْحَثِّ عَلَى دُخُولِ الْحِصْنِ أَوَّلًا فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَحِقَّ السَّابِقُ النَّفَلَ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ مُجْتَمِعًا، وَلَا يُشْتَرَطُ الِاجْتِمَاعُ لِأَنَّهُ إذَا أَقْدَمَ الْأَوَّلُ عَلَى الدُّخُولِ فَتَخَلَّفَ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسَابِقَةِ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ الْأَوَّلِ عَنْ اسْتِحْقَاقِ النَّفْلِ فَالْقَرِينَةُ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاجْتِمَاعِ فَلَا يُرَادُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ، وَأَيْضًا لَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّهُ إذَا دَخَلَ جَمَاعَةٌ يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ نَفْلًا تَامًّا بَلْ الْكَلَامُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ لِلْمَجْمُوعِ نَفْلًا وَاحِدًا فَصَارَ الْكَلَامُ مَجَازًا عَنْ قَوْلِهِ إنَّ السَّابِقَ يَسْتَحِقُّ النَّفَلَ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ مُجْتَمِعًا فَإِنْ دَخَلَ مُنْفَرِدًا أَوْ مُجْتَمِعًا يَسْتَحِقُّ لِعُمُومِ الْمَجَازِ فَالِاسْتِحْقَاقُ
ــ
[التلويح]
أَنْ يَكُونَ الدَّاخِلُ أَوَّلًا وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا مَعًا أَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّعَاقُبِ يَصِيرُ تِسْعَةً فَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ وَاحِدًا فَقَطْ فَلَهُ كَمَالُ النَّفْلِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَمَّا فِي مَنْ دَخَلَ، وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ فَظَاهِرٌ.
وَأَمَّا فِي جَمِيعِ مَنْ دَخَلَ فَلِأَنَّ هَذَا التَّنْفِيلَ لِلتَّشْجِيعِ، وَإِظْهَارِ الْجَلَادَةِ فَلَمَّا اسْتَحَقَّهُ الْجَمَاعَةُ بِالدُّخُولِ أَوَّلًا قَالُوا حَدٌّ أَوْلَى لِأَنَّ الْجَلَادَةَ فِي ذَلِكَ أَقْوَى، وَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ مُتَعَدِّدًا فَإِنْ دَخَلُوا مَعًا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِي صُورَةِ مَنْ دَخَلَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ نَفْلٌ تَامٌّ فِي صُورَةِ كُلِّ مَنْ دَخَلَ، وَلِلْمَجْمُوعِ نَفْلٌ وَاحِدٌ فِي صُورَةِ جَمِيعِ مَنْ دَخَلَ لِأَنَّ لَفْظَ جَمِيعٍ لِلْإِحَاطَةِ عَلَى صِفَةِ الِاجْتِمَاعِ فَالْعَشَرَةُ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ سَابِقٍ بِالدُّخُولِ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ بِخِلَافِ كُلٍّ فَإِنَّ عُمُومَهُ عَلَى سَبِيلِ الِانْفِرَادِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ دَخَلُوا عَلَى سَبِيلِ التَّعَاقُبِ فَالنَّفَلُ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَمَّا فِي مَنْ، وَكُلٍّ فَظَاهِرٌ.
وَأَمَّا فِي الْجَمِيعِ فَلِأَنَّهُ يَجْعَلُ مُسْتَعَارَ الْكُلِّ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْوَاحِدِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَلَادَةَ فِي دُخُولِهِ، وَحْدَهُ أَقْوَى فَهُوَ بِالنَّفْلِ أَحْرَى كَذَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ، وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ لِأَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا مَعًا اسْتَحَقُّوا النَّفَلَ عَمَلًا بِعُمُومِ الْجَمِيعِ، وَلَوْ دَخَلُوا فُرَادَى اسْتَحَقَّهُ الْأَوَّلُ مِنْهُمْ عَمَلًا بِمَجَازِهِ كَمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَّا وَاحِدٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ إنْ دَخَلُوا مَعًا يُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِنْ دَخَلُوا فُرَادَى أَوْ دَخَلَ وَاحِدٌ فَقَطْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ، وَرَدَّهُ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ امْتِنَاعَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ، إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الْإِرَادَةِ دُونَ الْوُقُوعِ، وَهَاهُنَا قَدْ تَحَقَّقَ الْجَمْعُ فِي الْإِرَادَةِ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ تَارَةً عَلَى حَقِيقَةِ الْجَمْعِ، وَأُخْرَى عَلَى مَجَازِهِ كَمَا يُقَالُ اُقْتُلْ أَسَدًا، وَيُرَادُ بِهِ سَبُعٌ أَوْ رَجُلٌ شُجَاعٌ حَتَّى يُعَدَّ مُمْتَثِلًا بِأَيِّهِمَا كَانَ إذْ لَوْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ الْجَمْعِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْفَرْدُ، وَلَوْ أُرِيدَ مَجَازٌ، لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَمْعُ نَفْلًا وَاحِدًا بَلْ يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ نَفْلًا تَامًّا كَمَا إذَا صَرَّحَ بِلَفْظِ كُلٍّ فَلِدَفْعِ هَذَا الْإِشْكَالِ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ كَلَامًا حَاصِلُهُ أَنَّ الْجَمِيعَ هَاهُنَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ حَتَّى يَتَوَقَّفَ اسْتِحْقَاقُ النَّفْلِ عَلَى صِفَةِ الِاجْتِمَاعِ لِلْقَرِينَةِ