الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب البيع
وهو: مبادلة المال بالمال لغرض التملك. وله صورتان:
إِحداهما الإِيجاب والقبول، فيقول البائع: بعتك أو ملكتك ونحوهما، ويقول المشتري: ابتعت أو قبلت أو ما في معناهما، فإِن تقدم القبول الإِيجاب جاز في إِحدى الروايتين، وإِن تراخى القبول عن الإِيجاب صح ما دام في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه وإِلا فلا.
والثانية المعاطاة مثل أن يقول أعطني بهذا الدينار خبزاً فيعطيه ما يرضيه، أو يقول البائع خذ هذا بدرهم فيأخذه. وقال القاضي: لا يصح هذا إِلا في الشيء اليسير.
فصل
ولا يصح إِلا بشروط سبعة:
أحدها: التراضي به، وهو أن يأتيا به اختياراً، فإِن كان أحدهما مكرهاً لم يصح إِلا أن يكره بحق كالذي يكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه.
فصل
الثاني: أن يكون العاقد جائز التصرف، وهو المكلف الرشيد، إِلا الصبي المميز والسفيه فإِنه يصح تصرفهما بإِذن وليهما في إِحدى الروايتين (1)، ولا يصح بغير إِذنه إِلا في الشيء اليسير.
(1) قوله في إِحدى الروايتين سقط من "ط".
فصل
الثالث: أن يكون المبيع مالًا، وهو ما فيه منفعة مباحة لغير ضرورة (1)، فيجوز: بيع البغل، والحمار، ودود القز وبزره، والنحل منفرداً وفي كواراته، ويجوز بيع الهر والفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد في إِحدى الروايتين إِلا الكلب اختارها الخرقي، والأخرى لا يجوز اختارها أبو بكر.
ويجوز بيع العبد المرتد والمريض، وفي بيع الجاني والقاتل في المحاربة ولبن الآدميات وجهان، وفي جواز بيع المصحف وكراهة شرائه وإِبداله روايتان.
ولا يجوز بيع الحشرات والميتة ولا شيء منها ولا سباع البهائم التي لا تصلح للصيد ولا الكلب ولا السرجين النجس، ولا الأدهان النجسة، وعنه يجوز بيعها لكافر يعلم نجاستها، وفي جواز الاستصباح بها روايتان، ويُخَرَّج على ذلك جواز بيعها.
فصل
الرابع: أن يكون مملوكاً له أو مأذوناً له في بيعه، فإِن باع مُلْكَ غيره بغير إِذنه أو اشترى بعين ماله شيئاً بغير إِذنه لم يصح، وعنه يصح ويقف على إِجازة المالك، وإِن اشترى له في ذمته بغير إِذنه صح، فإِن أجازه من اشترى له ملكه وإِلا لزم من اشتراه، ولا يجوز أن يبيع ما لا يملكه ليمضي ويشتريه ويسلمه، ولا يصح بيع ما فتح عنوة ولم يقسم: كأرض الشام والعراق ومصر ونحوها إِلا المساكن وأرضاً من العراق فتحت صلحاً وهي
(1) لغير ضرورة: كذا في "ش" و"ط" وفي "م": من غير ضرورة.
الحيرة وألليس وبانقيا وأرض بني صلوبا، لأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام ولم يقدر مدتها لعموم المصلحة فيها، وتجوز إِجارتها، وعن أحمد رحمه الله تعالى أنه كره بيعها وأجاز شراءها، ولا يجوز بيع رباع مكة ولا إِجارتها، وعنه يجوز ذلك، ولا يجوز بيع كل ماء عد كمياه العيون ونقع البئر ولا ما في المعادن الجارية كالملح والقار والنفط ولا ما ينبت في أرضه من الكلأ والشوك، ومن أخذ منه شيئاً ملكه إِلا أنه لا يجوز له دخول ملك غيره بغير إِذنه، وعنه يجوز بيع ذلك.
فصل
الخامس: أن يكون مقدوراً على تسليمه، فلا يجوز بيع الآبق، ولا الشارد، ولا الطير في الهواء، ولا السمك في الماء، ولا المغصوب إِلا من غاصبه أو من يقدر عليه (1).
فصل
السادس: أن يكون معلوماً برؤية أو صفة تحصل بها معرفته، فإِن اشترى ما لم يَرَه ولم يوصف له أو رآه ولم يعلم ما هو أو ذكر له من صفته ما لا يكفي في السَّلم لم يصح البيع، وعنه يصح وللمشتري خيار الرؤية، وإِن ذكر له من صفته ما يكفي في السَّلم أو رآه ثم عقد بعد ذلك بزمن لا يتغير فيه ظاهراً صح في أصح الروايتين، ثم إِن وجده لم يتغير فلا خيار له، وإِن وجده متغيراً فله الفسخ، والقول في ذلك قول المشتري مع يمينه.
(1) كذا في "ش" و"م" وفي "ط": "على أخذه".
ولا يجوز بيع الحمل في البطن، واللبن في الضرع، والمسك في الفأر، والنوى في التمر، ولا الصوف على الظهر، وعنه يجوز بشرط جزه في الحال.
ولا يجوز بيع الملامسة: وهو أن يقول: بعتك ثوبي هذا على أنك متى لمسته فهو عليك بكذا، أو يقول أي ثوب لمسته فهو لك بكذا.
ولا بيع المنابذة، وهو أن يقول: أي ثوب نبذته إِلي فهو علي بكذا.
ولا بيع الحصاة، وهو أن يقول: ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا، أو يقول: بعتك من هذه الأرض بقدر ما تبلغ هذه الحصاة إِذا رميتها بكذا.
ولا يجوز أن يبيع عبداً من عبيده، ولا شاة من قطيع، ولا شجرة من بستان، ولا هؤلاء العبيد إِلا واحداً غير معين، ولا هذا القطيع إِلا شاة، وإِن استثنى معيناً من ذلك جاز، وإِن باعه قفيزاً من هذه الصبرة صح، وإِن باعه الصبرة إِلا قفيزاً أو ثمرة الشجر إِلا صاعاً لم يصح، وعنه يصح.
وإِن باعه أرضاً إِلا جريباً أو جريباً من أرض يعلمان جربانها صح، وكان مشاعاً فيها، وإِلا لم يصح. (2) وإِن باعه حيواناً مأكولاً إِلا رأسه وجلده وأطرافه صح، وإِن استثنى حمله أو شحمه (1) لم يصح، ويصح بيع ما مأكوله في جوفه وبيع الباقلاء والجوز واللوز في قشريه والحب المشتد في سنبله.
فصل
السابع: أن يكون الثمن معلوماً، فإِن باعه السلعة برقمها أو بألف ذهباً وفضة أو بما ينقطع به السعر، أو بما باع به فلان. أو بدينار مطلق وفي البلد نقود لم يصح، وإِن كان فيه نقد واحد انصرف إِليه، وإِن قال بعتك
(1) ما بين الرقمين مستدرك على الهامش في "ش".
بعشرة صحاحاً، أو إِحدى عشرة مكسرة، أو بعشرة نقداً أو عشرين نسيئة لم يصح، ويحتمل أن يصح.
وإِن باعه الصبرة كل قفيز بدرهم والقطيع كل شاة بدرهم والثوب كل ذراع بدرهم صح. وإِن باعه من الصبرة كل قفيز بدرهم لم يصح، وإِن باعه بمائة درهم إِلا ديناراً لم يصح ذكره القاضي، ويجيء على قول الخرقي أنه يصح.
فصل في تفريق الصَّفْقَة
وهو أن يجمع بين ما يجوز بيعه وما لا يجوز بيعه، وله ثلاث صور:
إِحداها: باع معلوماً ومجهولاً فلا يصح.
الثانية: باع مشاعاً بينه وبين غيره كعبد مشترك بينهما أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء: كقفيزين متساويين لهما فيصح في نصيبه بقسطه في الصحيح من المذهب، وللمشتري الخيار إِذا لم يكن عالماً.
الثالثة: باع عبده وعبد غيره بغير إِذنه أو عبداً وحراً أو خلاً وخمراً ففيه روايتان: أولاهما لا يصح، والأخرى يصح في عبده وفي الخل بقسطه، وإِن باع عبده وعبد غيره بإِذنه بثمن واحد فهل يصح؟ على وجهين، وإِن جمع بين بيع وإِجارة وصرف صح فيهما، ويقسط العوض عليهما في أحد الوجهين، وإِن جمع بين كتابة وبيع فكاتب عبده وباعه شيئاً صفقة واحدة بطل البيع وفي الكتابة وجهان.
فصل
ولا يصح البيع ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها، ويصح النكاح وسائر العقود في أصح الوجهين.
ولا يصح بيع العصير لمن يتخذه خمراً، ولا بيع السلاح في الفتنة، ولا لأهل الحرب ويحتمل أن يصح مع التحريم.
ولا يصح بيع عبد مسلم لكافر إِلا أن يكون ممن يعتق عليه فيصح في إِحدى الروايتين. وإِن أسلم عبد الذمي أجبر على إِزالة ملكه عنه وليس له كتابته، وقال القاضي: له ذلك.
ولا يجوز بيع الرجل على بيع أخيه وهو أن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة أنا أعطيك مثلها بتسعة، ولا شراؤه على شراء أخيه وهو أن يقول لمن بَاعَ سلعة بتسعة عندي فيها عشرة ليفسخ البيع (ويعقد معه)(1)، فإِن فعل فهل يصح البيع؟ على وجهين.
وفي بيع الحاضر للبادي روايتان: إِحداهما يصح، والأخرى لا يصح بخمسة شروط:
أن يحضر البادي لبيع سلعته، بسعر يومها، جاهلاً بسعرها، ويقصده الحاضر، وبالناس حاجة إِليها (2)، فإِن اختل شرط منها صح البيع، وأما شراؤه له فيصح رواية واحدة.
ومن باع سلعة: بنسيئة لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها نقداً إِلا أن تكون قد تغيرت صفتها. وإِن اشتراها أبوه أو ابنه جاز. وإِن باع ما يجري فيه الربا نسيئة ثم اشترى منه بثمنه قبل قبضه من جنسه أو ما لا يجوز بيعه به نسيئة لم يجز.
(1) ويعقد معه: زيادة من "م".
(2)
في "م": وأن يكون بالمسلمين حاجة إِليها.