الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الغَصْبِ
وهو الاستيلاء على مال الغير قهراً بغير حق. وتضمن أم الولد والعقار بالغصب، وعنه ما يدل على أن العقار لا يضمن بالغصب، وإِن غصب كلباً فيه نفع أو خمر ذمي لزمه رده، وإِن أتلفه لم تلزمه قيمته، وإِن غصب جلد ميتة فهل يلزمه رده؟ على وجهين. فإِن دبغه وقلنا بطهارته لزمه رده. وإِن استولى على حر لم يضمنه بذلك إِلا أن يكون صغيراً ففيه وجهان، فإِن قلنا لا يضمنه فهل يضمن ثيابه وحليه؟ على وجهين. وإِن استعمل الحر كرهاً فعليه أجرته، وإِن حبسه مدة فهل تلزمه أجرته؟ على وجهين.
فصل
ويلزمُهُ (1) رد المغصوب إِن قدر على رده وإِن غرم عليه أضعاف قيمته، وإِن خلطه بما يتميز منه لزمه تخليصه ورده، وإِن بنى عليه لزمه رده إِلا أن يكون قد بلي، وإِن سمر بالمسامير باباً لزمه قلعها وردها.
وإِن زرع الأرض فردها بعد أخذ الزرع فعليه أجرتها، وإِن أدركها ربها والزرع قائم خير بين تركه إِلى الحصاد بأجرته وبين أخذه بعوضه، وهل ذلك قيمته أو نفقته؟ على وجهين. ويحتمل أن يكون الزرع للغاصب وعليه الأجرة، وإِن غرسها أو بنى فيها أخذ بقلع غرسه وبنائه وتسوية الأرض وأَرْش نقصها وأجرتها.
(1) ويلزمه: كذا في "ش" و"م" وفي "ط": يلزم.
وإِن غصب لوحاً فرقع به سفينة لم يقلع حتى ترسي، وإِن غصب خيطاً فخاط به جرح حيوان وخيف عليه من قلعه فعليه قيمته، إِلا أن يكون الحيوان مأكولاً للغاصب فهل يلزمه رده ويذبح الحيوان؟ على وجهين. وإِن مات الحيوان لزمه رده إِلا أن يكون آدمياً.
فصل
وإِن زاد لزمه رده بزيادته سواء كانت متصلة كالسِّمَن وتعلم صنعة، أو منفصلة كالولد والكسب، ولو غصب جارحاً فصاد به أو شبكة أو شركاً فأمسك شيئاً أو فرساً فصاد عليه (1) أو غنم فهو لمالكه، وإِن غصب ثوباً فقصره، أو غزلاً فنسجه، أو فضة أو حديداً فضربه، أو خشباً فنجره، أو شاة فذبحها وشواها رد ذلك بزيادته وأَرْش نقصه ولا شيء له، وعنه يكون شريكاً بالزيادة، وقال أبو بكر يملكه وعليه قيمته.
وإِن غصب أرضاً فحفر فيها بئراً ووضع ترابها في أرض مالكها لم يملك طمها إِذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف بها في أحد الوجهين.
وإِن غصب حباً فزرعه أو بيضاً فصار فراخاً، أو نوىً فصار غَرْساً رده ولاشيء له، ويتخرج فيه مثل الذي قبله.
فصل
وإِن نقص لزمه ضمان نقصه بقيمته رقيقاً كان أو غيره، وعنه أن الرقيق يضمن مما يضمن به في الإِتلاف، ويتخرج أن يضمنه بأكثر الأمرين منهما، وإِن غصبه وجنى عليه ضمنه بأكثر الأمرين، وإِن جنى عليه غير الغاصب فله تضمين الغاصب بأكثر الأمرين ويرجع الغاصب على الجاني
(1) في "م": به.
بأرش الجناية، وله تضمين الجاني أَرْش الجناية وتضمين الغاصب ما بقي من النقص.
وإِن غصب عبداً فخصاه لزمه رده ورد قيمته، وعنه في عين الدابة من الخيل والبغال والحمير ربع قيمتها والأول أصح، وإِن نقصت العين لتغير الأسعار لم يضمن نص عليه، وإِن نقصت القيمة لمرض ثم عادت ببرئه لم يلزمه شيء. وإِن زاد من جهة أخرى مثل إِن تعلم صنعة فعادت القيمة ضمن النقص، وإِن زادت القيمة لسِمَن أو نحوه ثم نقصت ضمن الزيادة، وإِن عاد مثل الزيادة الأولى من جنسها لم يضمنها في أحد الوجهين، وإِن كانت من غير جنس الأولى لم يسقط ضمانها، وإِن غصب عبداً مفرطاً في السمن فهزل فزادت قيمته رده ولا شيء عليه، وإِن نقص المغصوب نقصاً غير مستقر [كحنطة ابتلت وعفنت (1)] خُيِّر بين أخذ مثلها وبين تركها حتى يستقر فسادها ويأخذها وأَرْش نقصها؛ وإِن جنى المغصوب فعليه أَرْش جنايته سواء أجنى على سيده أو غيره، وجنايته على الغاصب وعلى ماله هدر. ويضمن زوائد الغصب كالولد والثمرة إِذا تلفت أو نقصت كالأصل.
فصل
وإِن خلط المغصوب بماله على وجه لا يتميز منه مثل إِن خلط حنطة أو زيتاً بمثله لزمه مثله منه في أحد الوجهين، وفي الآخر يلزمه مثله من حيث شاء، وإِن خلطه بدونه أو خير منه أو بغير جنسه لزمه مثله في قياس التي قبلها، وظاهر كلامه أنهما شريكان بقدر ملكيهما.
وإِن غصب ثوباً فصبغه أو سويقاً فلته بزيت فنقصت قيمتها أو قيمة
(1) ما بين الرقمين مستدرك على الهامش في "م".
أحدهما ضمن النقص، فإِن لم تنقص (ولم تزد)(1) أو زادت قيمتها فهما شريكان بقدر ملكيهما (2)، وإِن زادت قيمة أحدهما فالزيادة لصاحبه، فإِن أراد أحدهما قلع الصبغ لم يجبر الآخر عليه ويحتمل أن يجبر إِذا ضمن الغاصب النقص، وإِن وهب الصبغ للمالك أو وهبه تزويق الدار ونحوها فهل يلزم المالك قبولها؟ على وجهين.
وإِن غصب صبغاً فصبغ به ثوباً أو زيتاً فلتَّ به سويقاً احتمل أن يكون كذلك واحتمل أن يلزمه قيمته أو مثله إِن كان مثلياً.
وإِن غصب ثوباً وصبغاً فصبغه به رده وأَرْش نقصه ولا شيء له في زيادته (ويتخرج فيه مثل الذي قبله)(3).
فصل
وإِن وطئ الجارية فعليه الحد والمهر -وإِن كانت مطاوعة- وأرش البكارة، وعنه لا يلزمه مهر الثيب، وإِن ولدت فالولد رقيق للسيد ويضمن نقص الولادة، وإِن باعها [أو وهبها (4)] لعالم بالغصب فوطئها فللمالك تضمين أيهما شاء نقصها ومهرها وأجرتها وقيمة ولدها إِن تلف، فإِن ضُمِّن الغاصب رجع على الآخر، ولا يرجع الآخر عليه، وإِن لم يعلما بالغصب فضمنهما رجعا على الغاصب، وإِن ولدت من أحدهما فالولد حر ويفديه بمثله في صفاته تقريباً ويحتمل أن يعتبر مثله في القيمة، وعنه يضمنه بقيمته (في صفاته)(5) ويرجع به على الغاصب وإِن تلفت فعليه قيمتها، ولا
(1) زيادة من "م".
(2)
في "م": ماليهما.
(3)
ما بين قوسين زيادة من "ط".
(4)
ما بين الرقمين مستدرك على الهامش في "ش".
(5)
ما بين قوسين زيادة من "م".
يرجع بها إِن كان مشترياً، ويرجع بها المنتهب وعنه أنّ ما حصلت له به منفعة كالأجرة والمهر وأرش البكارة لا يرجع به، وإِن ضمن الغاصب رجع على المشتري بما لا يرجع المشتري عليه (1)، وإِن ولدت من زوج فمات الولد ضَمِنَهُ بقيمته، وهل يرجعُ بها على الغاصب؟ على روايتين. وإِن أعارها فتلفت عند المستعير استقر ضمان قيمتها عليه وضمان الأجرة على الغاصب.
وإذا اشترى أرضاً فغرسها أو بنى فيها فخرجت مستحقه وقَلَعَ غرسَهُ وبناءه رجع المشتري على البائع بما غرمه. ذكره القاضي في القسمة.
وإِن أُطعم المغصوب لعالم بالغصب استقر الضمان عليه، وإِن لم يعلم وقال له الغاصب كله فإِنه طعامي استقر الضمان على الغاصب، وإِن لم يقل ففي أيِّهِمَا يستقر الضمان عليه؟ وجهان. وإِن أطعمه لمالكه ولم يعلم لم يبرأ، نص عليه في رجل له عند رجل تبعة فأوصلها إِليه على أنها صلة أو هدية ولم يعلم كيف هذا؟ يعني أنه لا يبرأ، وإِن رهنه عند مالكه أو أودعه إِياه أو أجره أو استأجره على قصارته وخياطته لم يبرأ إِلا أن يعلم، وإِن أعاره إِياه برئ علم أو لم يعلم.
ومن اشترى عبداً فأعتقه فادعى رجل أن البائع غصبه منه فصدَّقه أحدهما لم يقبل على الآخر، وإِن صدَّقاه مع العبد لم يبطل العتق ويستقر الضمان على المشتري، ويحتمل أن يبطل العتق إِذا صدقوه كلهم.
فصل
وإِن تلف المغصوب ضمنه بمثله إِن كان مكيلاً أو موزوناً إِلا الفاكهة الرطبة واللبن والصوف والشعر ونحوه فإِنه يضمنه بقيمته، وإِن أعوز المثل
(1) كذا في "ش" و"ط" وفي "م": به عليه.
فعليه قيمة مثله يوم إِعوازه، وقال القاضي يضمنه بقيمته يوم القبض، وعنه تلزمه قيمته يوم تلفه وإِن لم يكن مثلياً ضمنه بقيمته يوم تلفه في بلده من نقده، ويتخرج أن يضمنه بقيمته يوم غصبه، فإِن كان مصوغاً أو تبراً تخالف قيمته وزنه قومه بغير جنسه، فإِن كان محلى بالنقدين معاً قومه بما شاء منهما [وأعطاه بالقيمة عَرَضَاً (1)]، وإِن تلف بعض المغصوب فنقصت قيمة باقيه كزوجي خف تلف أحدهما فعليه رد الباقي وقيمة التالف وأَرْش النقص، وقيل لا يلزمه أَرْش النقص.
وإن غصب عبداً فأبِق أو فرساً فشرد أو شيئاً تعذر رّدُّه مع بقائه ضَمِنَ قيمته، فإِن قدر عليه بعدُ ردَّه وأخذ القيمة.
وإِن غصب عصيراً فتخمر فعليه قيمته، فإِن انقلب خلاً رده وما نقص من قيمة العصير.
فصل
وإِن كانت للمغصوب أجرة فعلى الغاصب أجرة مثله مدة مقامه في يده؛ وعنه التوقف عَنْ ذلك، وقال أبو بكر: هذا قول قديم رجع عنه.
وإِن تلف المغصوب فعليه أجرته إِلى وقت تلفه، وإِن غصب شيئاً فعجز عن رده فأدى قيمته فعليه أجرته إِلى وقت أداء القيمة، وفيما بعده وجهان.
فصل
وتصرفات الغاصب الحكمية كالحج وسائر العبادات والعقود كالبيع والنكاح ونحوها باطلة في إِحدى الروايتين، والأخرى صحيحة.
(1) ما بين الرقمين مستدرك على الهامش في "ش".
فإِن اتجر بالدراهم فالربح لمالكها، وإِن اشترى في ذمته ثم نقدها فكذلك، وعنه أنَّ الربح للمشتري، وإِن اختلفا في قيمة المغصوب أو قدره أو صناعة فيه فالقول قول الغاصب، وإِن اختلفا في رده أو عيب فالقول قول المالك، وإِن بقيت في يده غُصُوبٌ لا يعرف أربابها تصدق بها عنهم بشرط الضمان كاللقطة.
فصل
ومن أتلف مالاً محترماً لغيره ضمنه، وإِن فتح قفصاً عن طائره أو حل قيد عبده أو رباط فرسه أو وكاء زق مائع أو جامد فأذابته الشمس أو بقي بعد حله قاعداً فألقته الريح فاندفق ضمنه، وقال القاضي: لا يضمن ما ألقته الريح.
وإِن ربط دابة في طريق فأتلفت، أو اقتنى كلباً عقوراً فعقر، أو خرق ثوباً ضمن إِلا أن يكون دخل منزله بغير إِذنه، وقيل في الكلب روايتان في الجملة.
وإِن أجج ناراً في ملكه أو سقى أرضه فتعدى إِلى ملك غيره فأتلفه ضمن إِذا كان قد أسرف فيه أو فرط وإِلا فلا، وإِن حفر في فنائه بئراً لنفسه ضمن ما تلف بها، وإِن حفرها في سابلة لنفع المسلمين لم يضمن في أصح الروايتين، وإِن بسط في مسجد حصيراً أو علق فيه قنديلاً لم يضمن ما تلف به.
وإِن جلس في مسجد أو طريق واسع فعثر به حيوان لم يضمن في أحد الوجهين، وإِن أخرج جناحاً أو ميزاباً إِلى الطريق فسقط على شيء أتلفه ضمن.
وإِن مال حائطه فلم يهدمه حتى أتلف شيئاً لم يضمنه نصق عليه، وأومأ